حال السلف في رمضان
حال السلف في رمضان
السلف كانوا أشد الناس حرصًا على رمضان:
فلقد عرَف سلفنا الصالح فضلَ رمضان، وقدَروه حقَّ قدره، وجاهدوا فيه واجتهدوا، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون الله قبل رمضان بستة أشهر أن يبلِّغهم رمضان، ثم يدعون ستة أشهر بعده أن يتقبل الله منهم رمضان.
وقد كانوا يذرون كلَّ شيء في رمضان ويَنْكَبُّون على العبادة، فكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا أقبل رمضان يقول: مرحبًا بمطهِّرنا من الذنوب، وقال الإمام ابن رجب: قال ابن عبد الحكم: كان مالك بن أنس إذا دخل رمضان يَفِرُّ من قراءة الحديث ومجالسة أهل العلم، ويُقبل على تلاوة القرآن من المصحف، وكان قتادة يختم القرآن في سبع، وإذا جاء رمضان ختم في كل ثلاث، وكان سفيان الثوري إذا دخل رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن، وكان الزهري إذا دخل رمضان قال: إنما هو قراءة القرآن وإطعام الطعام، لقد عرَفوا قيمة الوقت الثمين، وقدروا رمضان قدره، فتاجروا تجارة رابحة.
وقد كانوا على عملهم الكثير وحرصهم الشديد، وإقبالهم الكامل على طاعة ربِّهم – يخافون عدم القبول، ويدعون الله بقلوب وجلةٍ أن يتقبَّل منهم، فكان من دعائهم: “اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلِّم لي رمضان، وتسلَّمه مني متقبلًا”، وقال عبد العزيز بن أبي رواد: “أدركتُهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم.. أيقبل منهم أم لا”.
لقد كانوا نموذجًا يحتذى وسراجًا ينير الطريق وأعلامًا يُهتدى بها، فأنَّى لنا اليوم من مثل أعمالهم، وأنَّى لنا بمثل قلوبهم الحية!