حديث: سرية إلى نجد
حديث: سرية إلى نجد
عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سرية إلى نجد، فخرجت فيها فأصبنا إبلًا وغنمًا، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرًا، ونفلنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعيرًا بعيرًا.
قوله: (بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سرية إلى نجد)؛ أي جهتها.
قوله: (فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرًا) في رواية: فكانت سهامهم اثني عشر بعيرًا، أو أحد عشر بعيرًا، ونفلوا بعيرًا بعيرًا.
وعند أبي داود ولفظه، فخرجت فيها فأصبنا نعمًا كثيرًا، وأعطانا أميرنا بعيرًا بعيرًا لكل إنسان، ثم قدمنا على النبي – صلى الله عليه وسلم – فقسَّم بيننا غنيمتنا، فأصاب كل رجل منا اثني عشر بعيرًا بعد الخمس، قال النووي: معناه أن أمير السرية نفلهم، فأجازه النبي – صلى الله عليه وسلم – فجازت نسبته لكلٍّ منهما.
قال الحافظ: والنفل زيادة يزيدها الغازي على نصيبه من الغنيمة، ومنه نفل الصلاة، وهو ما عدا الفرض، قال: وفي الحديث أن الجيش إذا انفرد منه قطعة، فغنموا شيئًا كانت الغنيمة للجميع، قال ابن عبد البر: لا يختلف الفقهاء في ذلك؛ أي إذا خرج الجيش جميعه، ثم انفردت منه قطعة.
قال الحافظ: وليس المراد الجيش القاعد في بلاد الإسلام، فإنه لا يشارك الجيش الخارج إلى بلاد العدو، بل قال ابن دقيق العيد: إن الحديث يُستدل به على أن المنقطع من الجيش عن الجيش الذي فيه الإمام، ينفرد بما يغنمه، قال: وإنما قالوا بمشاركة الجيش لهم إذا كانوا قريبًا منهم يلحقهم عونه وغوثه لو احتاجوا.
قال الحافظ: وهذا القيد في مذهب مالك، وقال إبراهيم النخعي: للإمام أن ينفل السرية جميع ما غنمته دون بقية الجيش مطلقًا، وقيل: إنه انفرد بذلك، وفيه مشروعية التنفيل، ومعناه تخصيص من له أثر في الحرب بشيء من المال، لكنه خصَّه عمرو بن شعيب بالنبي – صلى الله عليه وسلم – دون من بعده، قال: وقد اختلف العلماء هل هو من أصل الغنيمة، أو من الخمس، أو من خمس الخمس، أو مما عدا الخمس، على أقوال، وقال ابن عبد البر: إن أراد الإمام تفضيل بعض الجيش لمعنى فيه، فذلك من الخمس لا من رأس الغنيمة، وإن انفردت قطعة، فأراد أن ينفلها مما غنمت دون سائر الجيش، فذلك من غير الخمس، بشرط ألا يزيد على الثلث.
قال الحافظ: وهذا الشرط قال به الجمهور، وقال الشافعي: لا يتحدد، بل هو راجع إلى ما يراه الإمام من المصلحة، ويدل له قوله تعالى: ﴿ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ [الأنفال: 1]، ففوَّض إليه أمرها، والله أعلم، قال: وفيه أن أمير الجيش إذا فعل مصلحة لم ينقضها الإمام[1].
[1] فتح الباري: (6/ 239، 241).