حكم التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، البدائل الإسلامية للمعاملات المصرفية نموذجا


حكم التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية،

البدائل الإسلامية للمعاملات المصرفية نموذجًا

 

كما ترددت البدائل المصرفية – في مقاصدها – بين أن تحقق المقاصد الشرعية، أو الصور الشكلية، ترددت كذلك في مقاصد صانعيها بين أن يتخففوا من الضوابط الشرعية؛ طلبًا للتدرج فيها، أو قصدًا للتحايل عليها، ونبسط ذلك في مطلبين:

المطلب الأول: العلاقة بين البدائل والتدرج:

لم ينـزل القرآن الكريم جملةً واحدةً، وإنما نزل مفرّقًا على ضوء الحكمة الإلهية، وبحسب الوقائع والمناسبات، فبدأت الآيات القرآنية بتقرير عقيدة التوحيد، ونبذ الشرك بالله، وتوضيح حقائق اليوم الآخر، وبيان أصول الأخلاق الإسلامية، يلخص ذلك جواب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه لما سأله في بداية الإسلام: ما أنت؟ قال: “أنا نبي”، فقلت: وما نبي؟ قال: “أرسلني الله”، فقلت: وبأيِّ شيءٍ أرسلك؟، قال: “أرسلني بصلة الأرحام، وكسر الأوثان، وأن يوحد الله لا يشرك به شيء”.[1]

وهذا التدرج في إنزال الأحكام الشرعية كان له سببان بارزان:

الأول: ما بيّنه الله تعالى في قوله: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا * وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾،[2] قال الرازي: “وثالثها: أنه تعالى لو أنزل الكتاب جملةً واحدةً على الخلق، لنـزلت الشرائع بأسرها دفعةً واحدةً على الخلق، فكان يثقل عليهم ذلك، أما لما نزل مفرّقًا منجّمًا – لا جرم – نزلت التكاليف قليلاً قليلاً، فكان تحملها أسهل”.[3]

والثاني: ما بيّنته عائشة الصديقة رضي الله عنها فيما أخرجه البخاري أنها قالت: “إنما نزل أول ما نزل منه سورةٌ من المفصل، فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام، نزل الحلال والحرام، ولو نزل أول شيءٍ لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندع الخمر أبدًا، ولو نزل لا تزنوا، لقالوا: لا ندع الزنا أبدًا”.[4]

قال ابن حجر: “أشارت إلى الحكمة الإلهية في ترتيب التنـزيل، وأن أول ما نزل من القرآن الدعاء إلى التوحيد، والتبشير للمؤمن والمطيع بالجنة، وللكافر والعاصي بالنار، فلما اطمأنت النفوس على ذلك أُنزلت الأحكام، ولهذا قالت: (ولو نزل أول شيءٍ لا تشربوا الخمر، لقالوا: لا ندعها)، وذلك لما طبعت عليه النفوس من النفرة عن ترك المألوف”.[5]

ولم يكن تدرج الأحكام الشرعية خاصًا بتشريع الحكم فقط، بل شمل ذلك أيضًا تبليغه للناس،[6] يدلّ على ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذًا إلى اليمن، قال: “إنك تقدم على قومٍ أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله عز وجل، فإذا عرفوا الله، فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاةً تؤخذ من أغنيائهم، فترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها، فخذ منهم، وتوق كرائم أموالهم”.[7]

وهل يشمل التدرج كذلك ما يتعلق بأمر التطبيق – وخصوصًا في هذا العصر -؟.

اختلف المعاصرون في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: المنع من التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية، وإنما تطبق الشريعة جميعها جملةً واحدةً.

وهو قول عددٍ من المعاصرين.

واستدلوا من الكتاب، والأثر، والمعقول:

(1) استدلوا من الكتاب بثلاثة أدلة:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا[8].

ووجه الدلالة: أن الإسلام كلٌ لا يتجزأ، أتمّه الله تعالى، وارتضاه لنا في العبادات والمعاملات والقضـاء وسائر الأحكام، فيجب العمل بجميعه.

ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال: أن سنة التدرج سنتها النصوص الشرعية من الكتاب والسنة، فالأخذ بها أخذٌ بسنن هذا الدين.

الدليل الثاني: قوله تعالى: ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ [9].

ووجه الدلالة: أن اليهود كانوا يطبقون بعض الأحكام التي جاءت بها شريعتهم، ويتركون بعضها، فأنكر الله ذلك عليهم، قال أبو السعود[10] في تفسيره: “أتفعلون ذلك فتؤمنون ببعض الكتاب، وهو المفاداة، (وتكفرون ببعض)، وهو حرمة القتال والإخراج، مع أن من قضية الإيمان ببعضه الإيمان بالباقي؛ لكون الكل من عند الله تعالى، داخلاً في الميثاق، فمناط التوبيخ كفرهم بالبعض، مع إيمانهم بالبعض”[11].

ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال: بأن ترك اليهود للإيمان ببعض شرائع دينهم إنما كان عن هوىً وكبر، لا عن اتباعٍ لمسالك شرعهم.

الدليل الثالث: قول الله عزوجل: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ.[12]

ووجه الدلالة: أنه لا يجوز ترك بعض الشرع، ومن فعل ذلك فقد وقع في الفتنة التي حذّر الله رسوله صلى الله عليه وسلم منها.[13]

ويمكن أن يناقش هذا الدليل، وكذلك ما سبقه: أن محل الخلاف في هذه المسألة ليس في ترك العمل ببعض الشرع بالكلية، وإنما هو في التدرج في التطبيق، شيئًا فشيئًا، فالساعي في التدرج ساعٍ في العمل بالدين كله، كلما تحققت له القدرة على ذلك.

(2) واستدلوا من الأثر بنقلين:

الأول: حرص أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم – وقد وافقه على ذلك الصحابة رضي الله عنهم– على المبادرة بقتال مانعي الزكاة،[14] مع صعوبة الموقف، والحاجة للتدرج، والترفق بهم، لو كان ذلك سائغًا.

ويمكن أن يناقش: أن الموقف كذلك كان يحتاج إلى الحزم؛ خصوصًا وهو يتعلق بركنٍ من أركان الدين، فرأى الصديق رضي الله عنه أنه ليس بحاجة إلى التدرج معهم، وإنما أخذهم بالقوة والحزم على إقامة الدين، ومسائل التدرج إنما ترجع إلى شرط القدرة، وتقدير المصالح والمفاسد.

والثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم، ومن بعدهم التابعون لما فتحوا البلدان والأمصار لم يتدرجوا مع أهلها، بل حكموا فيهم بحكم الله تعالى دون تدرج.

ويمكن أن يناقش: أن الصحابة رضي الله عنهم لم يحتاجوا إلى ذلك، وقد يحتاج إليه غيرهم، وقد عمل بالتدرج بعض التابعين؛ كما سيأتي. [15]

القول الثاني: يسمح بالتدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية بحسب المصلحة الشرعية.

وذهب إليه جمعٌ من العلماء المعاصرين[16].

واستدلوا من الكتاب، والسنة، والأثر، والمعقول:

(1) استدلوا من الكتاب بدليلين:

الدليل الأول: قوله تعـالى: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا،[17] وقوله تعـالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ[18].

ووجه الدلالة: أن تطبيق الشرع إنما يكون بحسب الوسع والاستطاعة، للفرد والجماعة، وهذا يعني التفاوت في التطبيق.

ويمكن أن يناقش: أن ترك الفرد أو الجماعة لتنفيذ الحكم لعدم الاستطاعة، إنما يرجع لمسلك الأعذار الشرعية، لا لمنهجية التدرج.

والدليل الثاني: الآيات التي تدرجت في تشريع بعض الأحكام؛ كفرض الجهاد، وتحريم الخمر[19].

ويمكن أن يناقش هذا الاستدلال: بأن هذا التدرج كان في بداية الإسلام؛ لابتداء التشريع، ثم نَسخ آخر الأحكام أولها، وأُقرت الشريعة على آخر ما نزلت عليه.

(2) واستدلوا من السنة بدليلين:

الأول: ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ليُنقَضنَّ عرا الإسلام عروةً عروة، فكلما انتقضت عروةٌ تشبث الناس بالتي تليها، وأولهنَّ نقضًا الحكم، وآخرهنَّ الصلاة”[20].

ووجه الدلالة:أن الهدم إذا كان يحصل بالتدريج، مع أنه أسهل، فالبناء أولى بالاحتياج إلى التدرج[21].

 

والثاني: فعل النجاشي[22] ملك الحبشة، وقد أسلم، وبقي ملكًا على قومه، ولم يحملهم على الإسلام؛ خوفًا على نفسه، وعلى المسلمين معه، وعلِم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولم ينكره عليه.

 

ويناقش: أن النجاشي كان يحكم قومًا كافرين، لم يدخلوا في الإسلام أصلاً، فليسوا في موضع تطبيق أحكام الإسلام لا كلاّ، ولا جزءًا حتى يسلموا.

 

(3) واستدلوا من الأثر: بسيرة الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز – رحمه الله -، وقد كان يحمل الناس في عصره على أحكام الشرع شيئًا فشيئًا؛[23] فدلّ ذلك على أن التدرج سنةٌ متبعةٌ عند الحاجة إليها، وليست بمنسوخة.

ويمكن أن يناقش من وجهين:

الأول: أن تدرج عمر بن عبد العزيز إنما كان في ردّ مظالم بني أمية إلى مصالح المسلمين، ولم يكن في تعطيل شرع الله تعالى، يدلّ عليه قوله لابنه: “يا بني، إن قومك قد شدّوا هذا الأمر عقدة عقدة، وعروة عروة، ومتى ما أريد مكايدتهم على انتزاع ما في أيديهم لم آمن أن يفتقوا عليّ فتقًا،[24] تكثر فيه الدماء”[25].

والثاني: أنه أثرٌ، لم يُنقل لنا بإسناده، فليس فيه حجة.

(4) واستدلوا من المعقول: بقاعدة: يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام[26].

ووجه الدلالة: أنه يتسامح في ابتداء تطبيق الشريعة على المجتمعات التي بُعدت عن شرع الله تعالى، ما لا يتسامح فيه في مجتمعات عاشت على نهج الشريعة.

ويمكن أن يناقش: بأن هذه القاعدة كالاستثناء من الأصل؛ لذا يعبر عنها بعضهم بقوله: قد يغتفر في الابتداء ما لا يغتفر في الدوام، ومسائلها معدودة،[27] وعكسها أشهر منها[28].

القول المخـتار:

الناظر في تطبيقات النبي صلى الله عليه وسلموإلى آخر عهده – يجد أنه عليه الصلاة والسلام ترك تنفيذ بعض الأحكام، ترفقًا وتدرجًا بمن حوله، فمن ذلك: ترك نقض الكعبة، وبنائها على قواعد إسماعيل عليه السلام؛ رفقًا بقريش،[29] وترك قتل المنافقين، مراعاةً للصالح العام، ومنعًا للقالة بين الناس؛ “لا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه”[30].

وفي المقابل: أقام الحد على المرأة المخزومية، ولم يراعِ غضب قريش،[31] وأمر بتأمير أسامة رضي الله عنه على جيش سيّره، غير مكترث بالقالة بين أصحابه، بل قال: “إن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه من قبله، وايمُ الله، لقد كان خليقًا[32] بالإمارة”[33].

فعُلم من ذلك أن حكم التدرج باقٍ، لكنه يختلف باختلاف الوقائع والأحوال والأشخاص، ويضبط ذلك، ويؤطره النظر في النصوص الشرعية وكلام أهل العلم:

أ‌- النصوص الشرعية الموجِهة لفقه التدرج:

من استعرض النصوص من الكتاب والسنة، فيما يتعلق بالتدرج في تطبيق الحكم تأليفًا، وتهيئةً للقلوب، وجدها ترشد إلى بيان هذا الجانب من خلال اتجاهين:

الاتجاه الأول: النصوص التي تدرجت في تشريع بعض الأحكام في جانب الإيجاب، أو التحريم:

ففي جانب الإيجاب: جاء التدرج في الأمر بالجهاد متوازيًا مع اتساع قدرة المسلمين،[34] وجاء الأمر بتطبيق الزكاة كذلك؛ بحسب قدرة الدولة الإسلامية. [35]

قال القرطبي[36]: “قال بعض المفسرين: إن الله تعالى لم يدع شيئًا من الكرامة والبر إلا أعطاه هذه الأمّة، ومن كرامته وإحسانه أنه لم يوجب عليهم الشرائع دفعةً واحدةً، ولكن أوجب عليهم مرةً بعد مرة”. [37]

والتدرج المشروع هنا هو تدرج التطبيق بحسب الاستطاعة، والقدرة للفرد والجماعة.

وفي جانب التحريم جاء التدرج على وجهين:

الأول: تأخير الحكم حتى يستقر الإيمان في النفوس، ثم ينـزل دفعةً واحدةً؛ كتحريم التبني، وتشريع عقوبة الزنا، والقذف.[38]

الثاني: تهيئة النفوس بالتدرج في تشريع الحكم، ومنه تحريم الخمر، والربا، والميسر، وغيرها من العوائد المتمكنة في نفوس المدمنين عليها. [39]

والتدرج المشروع هنا ما تعلق بالتطبيق لا بالتشريع، فلا يُتدرج في تحريم الخمر مثلاً، لكن قد يؤخر الإنكار على الفاعل بحسب الأصلح والأنسب،[40] ويشهد لذلك:

أ‌- على مستوى الأمة: تركه صلى الله عليه وسلم لنقض الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم عليه السلام.[41]

ب‌- وعلى مستوى الفرد: تركه صلى الله عليه وسلم للإنكار على النائحة، فقد أخرج البخاري عن أم عطية رضي الله عنها قالت: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقرأ علينا: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا ﴾،[42] ونهانا عن النياحة، فقبضت امرأةٌ يدها، فقالت: أسعدتني فلانة، أريد أن أَجزيها، فما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فانطلقت، ورجعت، فبايعها.[43]

وقد استعان عمر بن عبد العزيز – رحمه الله – بهذا الفهم في سياسة أمر رعيته، وفي هذا يقول لابنه عبد الملك لما قال له: ما لك لا تنفذ الأمور؟ فوالله، ما أبالي لو أن القدور غلت بي وبك في الحق، فقال: لا تعجل يا بُني، فإن الله ذمّ الخمر في القرآن مرتين، وحرمها في الثالثة، وإني أخاف أن أحمل الحق على الناس جملةً، فيدفعوه جملةً، ويكون من ذا فتنة.[44]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “فالعالم في البيان والبلاغ كذلك؛ قد يؤخر البيان، والبلاغ لأشياء إلى وقت التمكن؛ كما أخرَّ الله سبحانه إنزال آيات، وبيان أحكامٍ إلى وقت تمكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليمًا إلى بيانها”،[45] وقال في موضعٍ آخر: “فينبغي للعالم أن يتدبر أنواع هذه المسائل، وقد يكون الواجب في بعضها كما بيّنته، فيما تقدم، العفو عند الأمر والنهي في بعض الأشياء، لا التحليل والإسقاط”.[46]

الاتجاه الثاني: ما ثبت من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع المسلمين الجدد من الأفراد والقبائل:

ومن شواهد ذلك مع الأفراد: ما أخرجه الشيخان عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس، نسمع دَوِيّ صوته،[47] ولا نفقه ما يقول، حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو يسأل عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خمس صلواتٍ في اليوم، والليلة”، فقال: هل عليَّ غيرهنّ؟ قال: “لا، إلا أن تطوع، وصيام شهر رمضان”، فقال: هل عليَّ غيره؟ فقال: “لا، إلا أن تطوع”، وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة، فقال: هل عليَّ غيرها؟ قال: “لا، إلا أن تطوع”، قال: فأدبر الرجل، وهو يقول: والله، لا أزيد على هذا، ولا أنقص منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفلح إن صدق”.[48]

فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالفرائض دون المندوبات، وكأنّ “القصد من القصّة بيان أن المتمسك بالفرائض ناجٍ، وإن لم يفعل النوافل”،[49] وهذا نوع تدرجٍ بالبدء بالواجبات من الضروريات والحاجيات، قبل الأمر بالمندوبات من التحسينيات، و”ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، وهذا جارٍ على الأصل أنه لا إثم على تارك غير الفرائض، فهو مفلحٌ، وإن كان غيره أكثر فلاحًا منه”. [50]

قال النووي عند حديث أنس رضي الله عنه: “يسروا ولا تعسروا، وسَكِّنوا ولا تنفروا”[51]: “وفيه تأليف من قرب إسلامه، وترك التشديد عليهم، وكذلك من قارب البلوغ من الصبيان، ومن بلغ، ومن تاب من المعاصي، كلهم يتلطف بهم، ويدرجون في أنواع الطاعة قليلاً قليلاً، وقد كانت أمور الإسلام في التكليف على التدريج، فمتى يُسّر على الداخل في الطاعة، أو المريد للدخول فيها سهلت عليه، وكانت عاقبته غالبًا التزايد منها، ومتى عُسّرت عليه أوشك أن لا يدخل فيها، وإن دخل أوشك أن لا يدوم، أو لا يستحليها”. [52]

ويبرز هنا تساؤل: هل يتدرج في صنع البدائل الإسلامية بالبدء بما يرفع الحرج، ويجنب المسلم الإثم، وإن لم يحقق المصالح الاقتصادية العليا للأمة؟.

وأقول – بعد ما سجلته سالفًا – أن هذا تدرجٌ يحمد عليه سالكه، ما دام يسلك به مسلكه الصحيح،[53] وقد قررته النصوص السابقة، ويقرره كذلك فقه الأولويات، وتزاحم المصالح.[54]

ومن شواهد التدرج في التعامل مع المسلمين الجدد من القبائل: ما أخرجه أبو داود عن جابر رضي الله عنه، لما سئل عن شأن ثقيف إذ بايعت، قال: اشترطت على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها، ولا جهاد، وأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقول: “سيتصدقون، ويجاهدون إذا أسلموا”،[55] مع أن مجىء ثقيف كان مع عزة الإسلام، وقوته.

وفي المقابل فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن بشير بن الخصاصية السدوسي رضي الله عنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لأبايعه، قال: فاشترط عليَّ شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا عبده ورسوله، وأن أقيم الصلاة، وأن أؤدي الزكاة، وأن أحجّ حجة الإسلام، وأن أصوم شهر رمضان، وأن أجاهد في سبيل الله، فقلت: يا رسول الله، أما اثنتان، فوالله ما أطيقهما: الجهاد والصدقة، فإنهم زعموا أنه من ولى الدّبر، فقد باء بغضبٍ من الله، فأخاف إن حضرت تلك جَشِعَت[56] نفسي، وكرهت الموت، والصدقة فوالله ما لي إلا غُنَيْمَة وعشر ذَوْدٍ،[57] هنَّ رَسَل أهلي وحَمُولتهم،[58] قال: فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم حرّك يده، ثم قال: “فلا جهاد ولا صدقة، فبمَ تدخل الجنة إذًا؟” قال: قلت: يا رسول الله، أنا أبايعك، قال: فبايعته عليهنَّ كلهنَّ. [59]

وفي الأمثلة السابقة ما يبين هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في التدرج على حمل بعض الأفراد، أو القبائل على أحكام الإسلام شيئًا فشيئًا، فكان صلى الله عليه وسلم يراعي ما يعلمه من حال الداخل في الدين؛ من قدرته على تحمل التكاليف دفعةً واحدةً، أو عدم تحمله لذلك، وما يعلمه، أو يغلب على ظنه من مآله في الأخذ بها.[60]

ب- القواعد الفقهية الحاكمة لفقه التدرج:

وأكثر ما يناسب أن يناط الحكم به – استنباطًا من الأمثلة السابقة، واسترشادًا به في غيره – مسلكان:

المسلك الأول: قاعدة عموم البلوى؛ حيث عمّت البلوى بإدمان بعض المحرمات، وبتفشي جذورها المتشعبة في اقتصاديات الناس، وحياتهم الاجتماعية؛ وقد أشارت لهذا الملحظ في فقه التدرج عائشة رضي الله عنها؛ كما سبق. [61]

واعتبار عموم البلوى في الحكم الشرعي مسلكٌ معتبرٌ في الفقه الإسلامي،[62] له أمثلته، وضوابطه، فمن ذلك:

أ‌- العفو عن الشيء؛ لنـزارته وقلته، ومنه: العفو عن الأثر الذي يبقى بعد الاستجمار في محله،[63] والعفو عما لا يدركه الطرف من النجاسات. [64]

ب‌- العفو عن الشيء؛ لكثرته وشيوعه وانتشاره، ومنه: إسقاط الصلاة عن المرأة الحائض،[65] والحكم بطهارة الهرة، وقد علّل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: “إنها ليست بنجس؛ إنها من الطوّافين والطوّافات عليكم”. [66]

المسلك الثاني: قاعدة الواجبات منوطة بالاستطاعة؛[67] وقد أرشدت إليه أمثلة التدرج في فرض الواجبات.

واعتبار تعلق التكليف بالاستطاعة، دلت عليه أدلةٌ شرعيةٌ كثـيرة؛ منها: قول الله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ،[68] وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم”.[69]

وهل سيختلف الأخذ بتطبيق الضوابط الشرعية للبدائل المصرفية، بالنسبة للأقليات المسلمة في المجتمعات الكافرة عنها في ديار الإسلام؟.

من القاعدتين السابقتين يتبين أن لعموم البلوى بالمحرمات، ولعدم القدرة على تنفيذ الواجبات أثرًا، قد ينسحب على الأخذ بها، بالضوابط الشرعية لفقه التدرج.

ونخلص مما سبق أن التدرج هو السير وفق خطوات مرحلية، توصل إلى الهدف،[70] وأن أهم الضوابط الحاكمة للتدرج في صنع البدائل المصرفية: [71]

1- إبراز الهدف، وبيان أن القصور الحاصل مؤقت ومرحلي.

 

2- أن ترسم مرحلية التدرج بحسب القدرة على التطبيق، وبالموازنة بين المصالح والمفاسد المتعارضة؛ لتقديم الأهم على غيره، وتأخير ما يحسن تأخيره، ويراعى في ذلك اختلاف الحال والزمان والمكان، ثم إنّ ما أمكن تطبيقه لا يجوز أن يُتأخر فيه.[72]

3- الأخذ بمنهج التسلسل المنطقي، والبعد الزمني للتغـيير، بعيدًا عن القفزات المحطمة؛ أخذًا بتوجيه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: “إن هذا الدين متين، فأوغلوا فيه برفق”.[73]

4- وإنما يتحدد ما سبق بنظر العلماء الراسخين، وبصدور قرارٍ جماعيٍّ منهم، ولا يترك ذلك للمؤسسات المالية ذاتها.

 

ويحدث الخطأ في استخدام هذه المنهجية من جهاتٍ، أبرزها:

1- إذا لم يرسم الهدف أصلاً، أو كان الهدف ليس هو الغاية التي أرادها الشارع.

 

2- إذا كانت الخطوات لا توصل إلى الهدف.

 

3- إذا تأخر تنفيذ الخطوة التالية مع توفر أسباب نجاحها، أو اُستعجل في ذلك مع عدمها.

 

4- إذا بدأ التراجع في تنفيذ الخطوات، بعد تحقق النتائج الإيجابية.

 

كل تلك الأطر العامة، والمعايير الضابطة تنبغي مراعاتها، حتى لا يخرج بنا سلوك التدرج إلى هاوية التدحرج، وحتى تبقى مسيرة العمل المصرفي قريبة من التطور، بعيدة عن التدهور، بإذن الله تعالى. [74]


[1] أخرجه مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب إسلام عمرو بن عبسة، (1/ 569)، برقم 832.

[2] ] الفرقان: 32- 33 [.

[3] مفاتيح الغيب، (24/ 69).

[4] في كتاب فضائل القرآن، باب تأليف القرآن، (6/ 228)، برقم 4993.

[5] فتح الباري، (9/ 40).

[6] ينظر: فتاوى اللجنة الدائمة، (12/ 237)، برقم 12087.

[7] أخرجه البخاري في كتاب التوحيد، باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى، (9/ 140)، برقم 7372، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام، (1/ 51)، برقم 31.

[10] هو محمد بن محمد بن مصطفى العمادي الحنفي، أبو السعود، فقيه، وأصولي، ومفسر، تقلد قضاء بروسة، ثم قضاء قسطنطينية، من تصانيفه: إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم في تفسير القرآن، وتوفي سنة 982هـ، ينظر: شذرات الذهب، لابن العماد، (8/ 398)، البدر الطالع، للشوكاني، (1/ 261).

[11] إرشاد العقل السليم، (1/ 125)، وينظر: فتح القدير، للشوكاني، (1/ 109).

[12] [المائدة: 49].

[13] ينظر: تفسير الطبري، (6/ 273).

[14] ينظر: صحيح البخاري، (9/ 115)، صحيح مسلم، (1/ 51).

[16] وممن رأى هذا القول: خليل الميس، ينظر: سبل الاستفادة من النوازل، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الحادية عشرة، (2/ 422)، ود. وهبة الزحيلي، ينظر: المشاركة المتناقصة وصورها، منشور في المصدر السابق، الدورة الثالثة عشرة، (2/ 483)، ود. محمد البورنو، ينظر: قدوة الحكام والمصلحين، ص(202)، وإبراهيم المطلق، ينظر: التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ص(155)، ود. محمد شابرا، ينظر: مستقبل علم الاقتصاد، ص(425)، ود. محمد الشريف، ينظر: بحوث فقهية، ص(155)، ود. محمد الزحيلي، ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، ص(99)، ود. محمد كمال الدين إمام في مقال: التدرج في تطبيق الشريعة على موقع مجلة المسلم المعاصر، ود. حسام الدين عفانة في فتوى منشورة في موقع صحيفة أخبار الخليل الإلكترونية، وتنظر: فتوى هيئة الفتيا في الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بمصر، منشورة في موقع الهيئة على الانترنت.

[17] [البقرة: 286].

[18] [التغابن: 16].

[19] ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، لمحمد الزحيلي، ص(6-67).

[20] أخرجه في مسنده، (36/ 485)، برقم 22160، وصححه البوصيري في إتحاف الخيرة، (8/ 35)، برقم 7424.

[21] ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، للزحيلي، ص(89).

[22] هو النجاشي ملك الحبشة، واسمه: أَصْحَمَةُ، من التابعين، أسلم وحسن إسلامه، لكنه لم يهاجر، ولا له رؤية، توفي في رجب سنة تسع للهجرة، فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، ينظر: أسد الغابة، لعز الدين ابن الأثير، (1/ 189)، سير أعلام النبلاء، للذهبي، (1/ 428-443).

[23] ينظر: حلية الأولياء، لأبي نعيم، (5/ 354)، العقد الفريد، لابن عبد ربه، (1/ 50).

[24] الفتق: أصله الشق والفتح، وقد يراد بالفتق نقض العهد، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (3/ 408).

[25] سيرة عمر بن عبد العزيز، لابن الجوزي، ص(261).

[26] ينظر: المنثور، للزركشي، (3/ 372).

[27] ينظر: الإبهاج، لعلي السبكي، (3/ 154).

[28] ينظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص(186)، حاشية الجمل، (2/ 322).

[29] سبق تخريجه، ص(103).

[30] أخرجه البخاري في كتاب المناقب، باب ما ينهى من دعوى الجاهلية، (4/ 223)، برقم 3518، ومسلم في كتاب البر والصلة والآداب، باب نصر الأخ ظالمًا أو مظلومًا، (4/ 1998)، برقم 2584.

[31] أخرجه البخاري في كتاب الحدود، باب كراهية الشفاعة في الحد إذا رفع إلى السلطان، (8/ 199)، برقم 6788، ومسلم في كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره، والنهي عن الشفاعة في الحدود، (3/ 1315)، برقم 1688.

[32] أيّ جديرًا بها، ينظر: مختار الصحاح، للرازي، ص(78).

[33] أخرجه البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة زيد بن حارثة، (5/ 179)، برقم 4250، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، باب فضائل زيد بن حارثة، وأسامة بن زيد رضي الله عنهما، (4/ 1884)، برقم 2426.

[34] ينظر: زاد المعاد، لابن القيم، (3/ 64).

[35] ينظر: التطبيقات التاريخية والمعاصرة لفريضة الزكاة، لمحمد الإبراهيم، ص(60- 64).

[36] هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري الخزرجي، شمس الدين، أبو عبد الله الأندلسي القرطبي المالكي، مفسر وعالم باللغة، من تصانيفه: الجامع لأحكام القرآن، والتذكرة بأحوال الموتى والآخرة، توفي سنة 671هـ، مترجم له في طبقات المفسرين، لأدنه وي، (246)، الديباج المذهب، لابن فرحون، (317-318).

[37] تفسير القرطبي، (3/ 52).

[38] ينظر: تاريخ الفقه الإسلامي، لعمر الأشقر، ص(52)، فقه التدرج في التشريع الإسلامي، لمعاوية أحمد، ص(140)، معالم الشريعة الإسلامية، لصبحي الصالح، ص(139).

[39] ينظر: تفسير الطبري، (2/ 363)، تفسير القرطبي، (3/ 52)، تفسير المراغي، (3/ 60)، حكمة التشريع الإسلامي في تحريم الربا، ليوسف العالم، ص(12).

[40] ينظر: مقابلة علمية مسجلة مع فضيلة الشيخ ابن عثيمين في يوم الجمعة الموافق 21/ 4/ 1414هـ، نقلها إبراهيم المطلق في كتابه التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ص(143-144)، التدرج في تطبيق الشريعة، المفهوم والرؤية، لأحمد سالم، مقال منشور على موقع مجلة البيان، العدد 297.

[41] سبق تخريجه، ص(103).

[42] [الممتحنة: 12].

[43] أخرجه البخاري في كتاب التفسير، باب (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك)، (6/ 187)، برقم 4892.

[44] ينظر: العقد الفريد، لابن عبد ربه، (1/ 50)، الموافقات، للشاطبي، (2/ 94)، قضايا في الاقتصاد، للسويلم، ص(472).

[45] مجموع الفتاوى، (20/ 59).

[46] مجموع الفتاوى، (20/ 58).

[47] دَوِيّ: بفتح الدال، وكسر الواو، وتشديد الياء، بعد الصوت في الهواء، وشدته حتى لا يفهم؛ كصوت النحل، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (2/ 143)، شرح النووي على مسلم، (1/ 166).

[48] أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، (1/ 18)، برقم 46، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، (1/ 40)، برقم 11.

[49] فتح الباري، لابن حجر، (1/ 107)، وينظر: الاستذكار، لابن عبد البر، (2/ 373)، جامع العلوم والحكم، لابن رجب، ص(208).

[50] شرح السيوطي لسنن النسائي، (1/ 228).

[51] أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولهم بالموعظة والعلم؛ كي لا ينفروا، (1/ 27)، برقم 69، ومسلم في كتاب الجهاد والسير، باب في الأمر بالتيسير، وترك التنفير، (3/ 1359)، برقم 1734.

[52] شرح النووي على مسلم، (12/ 41).

[53] انظر ما سيأتي من ذكر ضوابط التدرج في صناعة البدائل المصرفية، ص(138-139)، وانظر كذلك: المشاركة المتناقصة وصورها، لوهبة الزحيلي، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثالثة عشرة، (2/ 483).

[54] انظر مثالاً في فتوى الهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية بخصوص موضوع يتعلق بالمرابحة في السلع الدولية، جاء في نصّ الفتوى بعد الحكم بجواز هذه المعاملة: “على أن يكون تعامل الشركة في هذه المعاملة بصفة مؤقتة، ريثما تستكمل استثمار أموالها بطرق وعقود أقرب إلى السلامة الشرعية من هذه المعاملة”، فتوى رقم (30)، ضمن موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (1-2/ 736).

[55] في كتاب الخراج، والإمارة والفيء، باب ما جاء في خبر الطائف، (3/ 163)، برقم 3025، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، (4/ 387)، برقم1888.

[56] الجشع: الجزع؛ لفراق الإلف، ينظر: النهاية، لابن الأثير، (1/ 274).

[57] الذود: القطيع من الإبل ما بين اثنتين إلى تسع، وقيل: ما بين ثلاث إلى عشر، ينظر: غريب الحديث، لابن الجوزي، (1/ 366)، النهاية، لابن الأثير، (2/ 171).

[58] الرسل من الإبل والغنم: ما بين عشر إلى خمس وعشرين، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (11/ 281)، والحمولة: ما يحتمل عليه الناس من الدواب، سواء كانت عليها الأحمال، أو لم تكن؛ كالركوبة، وقال الأزهري: الحمولة: ما أطاق العمل والحمل، ينظر: لسان العرب، لابن منظور، (11/ 182).

[59] (36/ 284)، برقم 21952، ووثق الهيثمي رجال الإسناد، في مجمع الزوائد، (1/ 47).

[60] ينظر: فتوى الشيخين عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين في قبول إسلام من اشترط ارتكاب بعض المخالفات الشرعية مقابل إسلامه، مثل شرب الخمر، فيقبل منه الإسلام، ويبين له التحريم؛ لأن شرب الخمر أسهل من بقائه على الكفر، مقابلة مسجلة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في يوم الجمعة الموافق 29/ 4/ 1414هـ، وأخرى مع فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين في يوم الجمعة الموافق 21/ 4/ 1414هـ، نقلها إبراهيم المطلق في كتابه التدرج في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ص(145).

[61] ينظر: ص(123-124).

[62] ينظر: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية، لصالح بن حميد، ص(261-276)، عموم البلوى، دراسة نظرية تطبيقية، لمسلم الدوسري.

[63] ينظر: مغني المحتاج، للشربيني، (1/ 407)، المغني، لابن قدامة، (1/ 118).

[64] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (1/ 83)، روضة الطالبين، للنووي، (1/ 282)، الإنصاف، للمرداوي، (1/ 56).

[65] بالإجماع، ينظر: المجموع، للنووي، (2/ 354)، مطالب أولي النهي، للرحيباني، (1/ 240)، وينظر تعليل ترك الحائض قضاء الصلاة؛ لأجل كثرة ذلك واستمراره: شرح البخاري، لابن بطال، (4/ 97)، نيل الأوطار، للشوكاني، (1/ 354).

[66] أخرجه أحمد، (37/ 316)، برقم 22636، وأبو داود في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، (1/ 19)، برقم 75، والترمذي في كتاب أبواب الطهارة، باب ما جاء في سؤر الهرة، (1/ 151)، برقم 92، والنسائي في كتاب الطهارة، باب سؤر الهرة، (1/ 58)، برقم 68، وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها، باب الوضوء بسؤر الهرة، والرخصة في ذلك، (1/ 131)، برقم 367، عن أبي قتادة رضي الله عنه، وقد جوّد إسناده الإمام مالك، نقله عنه الترمذي في جامعه، (1/ 152).

[67] ينظر: المستصفى، للغزالي، ص(208)، الموافقات، للشاطبي، (4/ 272).

[68] ] التغابن: 16 [.

[69] أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (9/ 117)، برقم 7288، ومسلم في كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف، وما لا يقع ونحو ذلك، (4/ 1830)، برقم 1337.

[70] ويراجع في تعريف التدرج: البدائل المشروعة وأهميتها في نجاح الدعوة، للبيابوني، ص(52)، التدرج في التشريع والتطبيق في الشريعة الإسلامية، لمحمد الزحيلي، ص(28).

[71] ينظر: قضايا في الاقتصاد، للسويلم، (500-507)، التدرج في التشريع والتطبيق في الشريعة الإسلامية، لمحمد الزحيلي، ص(99-126)، التدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية، للشريف، ص(174).

[72] ينظر: التدرج في التشريع والتطبيق، للزحيلي، ص(103)، التدرج في تطبيق الشريعة، للشريف، ص(174)، مستقبل علم الاقتصاد، لمحمد شابرا، ص(425).

[73] أخرجه أحمد في مسنده، (20/ 346)، برقم، 13052، من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الألباني في صحيح الجامع، برقم2246.

[74] وأذكّر هاهنا بمثالٍ سبق نقله في التمهيد، وموضع الشاهد منه قول الشيخ محمد تقي العثماني، رئيس المجلس الشرعي في هيئة المحاسبة العامة للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية:” لا شك أن هيئات الرقابة الشرعية والمجامع والندوات الفقهية أجازت للمصارف الإسلامية بعض العمليات التي هي بالحيل أشبه منها بالعمليات الحقيقية، ولكن هذه الإجازة كانت؛ لتسيير عجلتها في ظروف صعبة، عدد المصارف الإسلامية فيها قليل جدًا، وكان من المفروض أن تتقدم المصارف الإسلامية إلى العمليات الحقيقية، المؤسسة على أساس أهداف الاقتصاد الإسلامي، وإلى الابتعاد عن مشابهة الأعمال الربوية، ولو خطوة فخطوة، ولكن الذي يحدث الآن هو عكس ذلك، فإن المؤسسات المالية الإسلامية أصبحت تتنافس في أن تتقدم بجميع خصائص السوق الربوية بعجرها وبجرها، وتأتي بمنتجات جديدة ترجع القهقرى إلى الاقتراب من العمليات الربوية، بدلاً من أن تبتعد عنها، وكثيرًا ما تبدر هذه المنتجات بالحيل التي يمجها الفكر السليم، ويضحك عليها الأعداء”، الصكوك وتطبيقاتها المعاصرة، ص(15-16).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب خربشات خارجة عن القانون
The 7 Best Motivational Books, According to Mental Health Experts – Verywell Mind