حكم وزواجر من خطب البلغاء (خطبة)


حِكمٌ وزواجر من خُطَب البُلغاء

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلَا يُنَازَعُ فِي أَمْرِهِ، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، من أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار، من اتَّبع سنته اهتدى، ومن رغب عن سنته ضل وغوى، أما بعد:

فإنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَحْسَنَ الْقَصَصِ قَصَصُ الْقُرْآنِ، وَأَحْسَنَ السُّنَنِ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَخَيْرَ الْعَمَلِ مَا نَفَعَ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ مَا اتُّبِعَ، وَشَرَّ الْعَمَى عَمَى الْقَلْبِ، وَمَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى، وَشَرَّ الْمَعْذِرَةِ عِنْدَ حُضُورِ الْمَوْتِ، وَشَرَّ النَّدَامَةِ نَدَامَةُ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَأَكْثَرَ الْخَطَايَا خَطَايَا اللِّسَانِ، وَرُبَّ شَهْوَةِ سَاعَةٍ تُورِثُ حُزْنًا طَوِيلًا، وَخَيْرَ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ، وَخَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى، وَرَأْسَ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ اللَّهِ، وَخَيْرَ مَا فِي الْقُلُوبِ الْيَقِينُ، وَشَرَّ الْمَكَاسِبِ كَسْبُ الرِّبَا، وَشَرَّ الْمَآكِلِ أَكَلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالسَّعِيدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ، وإنما الأعمالُ بالخواتيم، وَكُلَّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ، ﴿ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾ [الأنعام: 134].

 

أيها المسلمون، خلق اللهُ الليلَ والنهار بقدرته، وجعل كُلًّا منهما يخلف الآخر بتقديره؛ ليتذكر فيهما المتذكر، ويعبد الله فيهما الشاكر، فيا حسرةً على من كان فيهما غافلًا!

 

اعْبُدُوا اللَّهَ كَأَنَّكُمْ تَرَوْنَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الْبِرَّ لَا يَبْلَى، وثوابَه عند الله لا يفنى، وَأَنَّ الْإِثْمَ لَا يُنْسَى، ﴿ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].

 

عَجَبًا لِمَنْ يُؤْمِنُ بِدَارِ الْخُلُودِ كَيْفَ يَرضَى بِدَارِ الْغُرُورِ! ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا * أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ﴾ [النساء: 77، 78].

 

الدنيا أَمَد، والآخرةُ أَبَد، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ.

 

أيها المسلمون، إِنَّ الْجَنَّةَ لَا تُنَالُ إِلَّا بِالأَعْمَالِ الصَّالِحةِ، فَأَخْلِصُوا لِلَّهِ أَعْمَالَكُم، واتَّقُوْا اللهَ فِي سِرِّكُمْ وجَهْرِكُم، وَالْقوا اللَّهَ بِقُلُوبٍ سَلِيمَةٍ، وَأَعْمَالٍ صَادِقَةٍ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأً سَارَ إِلَى رِزْقِهِ سَيْرًا جَمِيلًا، فَإِنَّهُ لَنْ تَمُوتَ نَفْسٌ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا، فَاتَّقُوا اللهَ وأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، وَلَا يَحْمِلَنَّكُمُ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِالظُّلمِ والمَعَاصِي، فَاقنَعُوا بِالحَلالِ وإن كان قليلًا، ففيه الخير والبركة، فإيَّاكُم وَأَكْلَ أَمْوالِ النَّاسِ بِالبَاطِل، فالظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة، والظالمُ يظلمُ نفسَه قبل أنْ يَظلمَ غيرَه، وما أخذه بالحرام فلن يبقى معه، فليس له من مالِه إلا ما أكله فأفناه، أو لبِسَه فأبلاه، أو تمتَّعَ به فنسيه، أو بناه فتركه بعد موته لغيره.

 

أيها المسلمون، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ، وَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِ مِنْ أَخِيهِ إِلَّا مَا أَعْطَاهُ مِنْ طِيبِ نَفْسِه، وإياكم والغشَّ والخِيانَةَ ومنعَ الحقوق، وظلمَ النِّساءِ والأيتامِ والضعفاءِ.

 

أيها الناس، أَلَا وَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَرْضَى مِنْكُمْ بِالْمُحَقَّرَاتِ مِنْ الذنوب، فَإِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ، فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الإِنْسَانِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ، وَاعْلَمْوا أنَّ مُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ لَهَا مِنَ اللهِ طَالِب، فلا تَنظُر إلى صِغَرِ المعْصِية، وانظرْ إلى عظمةِ من عَصَيت، وطُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا.


 

أيها المسلمون، يقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق: 4]، ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ﴾ [الطلاق: 5].

 

أيها المسلم، مِنَ الْيَقِينِ أَنْ لَا تُرْضِي النَّاسَ بِسَخَطِ اللَّهِ، وَلَا تَحْمَدَنَّ أَحَدًا عَلَى رِزْقِ اللَّهِ، وَلَا تَلُومَنَّ أَحَدًا عَلَى مَا لَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ، المؤمنُ مطمئنٌّ بذكر الله، راضٍ عن الله فيما قدَّره وشرعه، رضي بالله ربًّا يعبدُه وحده لا شريك له، ورضي بحكم الله ولو على نفسه وولده، لا يرضى بحكمٍ يخالفُ شرعَ الله، رضي بالله ربًّا مُدَبِّرًا، ورضي بقَدَرِ اللهِ وتقْديرِهِ، لا يحسُدُ أحدًا، ولا يَسخَطُ على ما كتب الله له وعليه، واللهُ يرضى عن هذا العبدِ الذي رضي عن ربِّه، وتقول له الملائكة عند موته: ﴿ يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 – 30].

 

أيها المسلمون، الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْآخِرَةُ أَجَلٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، ﴿ فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 17].

 

أيها المسلم، أفضلُ أوقاتِ حياتِك حين تكونُ في صلاتِك، فحافِظْ عَليها أعظمَ المحافظةَ، واهتمَّ بها أعظمَ الاهتمام، فهي رأسُ مالِك في حياتِك، فأقمها بشروطِها وأركانِها وواجباتِها في أوقاتها، ولا تتهاونْ بِأيِّ صلاةٍ منها، فهيَ نورٌ لك في حياتِك وفي قبرِك وعلى الصراطِ يوم القيامة، وهي خيرُ عونٍ لكَ على متاعِبِ الدنيا، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].

 

﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ * وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المنافقون: 9 – 11].

 

تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، تَصَدَّقُوا، ﴿ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 280]، اللَّهَ اللَّهَ فِي يَتَامَاكُمْ وَضُعَفَائِكُمْ، اللَّهَ اللَّهَ فِي أَرَامِلِكُمْ وأَرْحَامِكُم، اللَّهَ اللَّهَ فِيمَنْ لَا أَحَدَ لَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ، خَيرُ النَّاسِ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ، ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56].

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ)).

 

أيها المسلم، اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاءَكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ.

 

أيها المسلمون، الدُّنْيَا حَلَالُهَا حِسَابٌ، وَحَرَامُهَا عَذَابٌ، فطُوبى لِمنْ أفنى عُمْرَه فِي طَاعَةِ ربِّه، وقَنِعَ بِالرِّزقِ الحَلال، إنْ أَصَابتْه سَرَّاءُ شَكَر، وإنْ أَصَابتْه ضرَّاءُ صَبَر، وإِنْ أذنبَ اسْتَغْفَر، وطُوبى لِمنْ عَمِل بِعِلْمِه، وخشِيَ ربَّه، وإن وقَعَ في معصيةٍ سَارَعَ إلى التَّوبة، ولم يَطْمَئِنَّ إلا بِذْكرِ ربِّه، ونِعمَ المالُ الصَّالحُ لِلْرَّجُلِ الصَّالح، الذي اكتسبه مِنَ الحَلال، وأنْفقَهُ فيما أباحَ اللهُ لَه، لم يَنسْ نَصِيبَه مِنْ مَتاعِ الدُّنيا المباح، بِلا إِسرافٍ ولا تَبْذير، ولا فَخْرٍ ولا خُيَلاء، وقدَّم من مالِه لآخرتِه، وأحْسَنَ بمالِه كما أحْسَنَ اللهُ إليه، وطُوبى لِمنِ اغْتَنَمَ صِحَّتَه وأوقاتَ فراغِه في عبادةِ ربه، وفي تلاوةِ القُرآنِ وتَدَبُّرِه، وفي طلبِ العِلمِ النافع، وفي الإحسانِ إلى والِدَيهِ وأهْلِهِ وجِيرانِه وأصْحَابِه، وفي نفعِ المسلمين، والإصلاحِ بينَهم، وكلُّ معروفٍ صدقة، والكلمةُ الطيبةُ صدقة، وتُمِيطُ الأذى عنِ الطريقِ صدقة، وتَعدِلُ بينَ اثنينِ صدقة، ومِنْ أَحَبِّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ إِدْخَالُ السُّرُورِ عَلَى الْمُسْلِمِ، وَخَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ))، ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ﴾ [الأنفال: 1]، ﴿ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ﴾ [النساء: 128]، ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 40]، وَمَنْ يَغْفِرْ يَغْفِرِ اللَّهُ لَهُ، وَمَنْ يَعْفُ يَعْفُ اللَّهُ عَنْهُ، ومن يُسَامِحِ الناسَ يُسامِحْهُ الله، ومنْ يَغْفِرْ لهم أخْطَاءَهم وتَقْصِيرَهُم يَغفِرِ اللهُ لَهُ ذُنوبَه وتَقصِيرَه في حَقِّه، وكما تَدِينُ تُدان.

 

أيها المسلمون، اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا عَاهَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا ائْتُمِنْتُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عَنِ الْحَرَامِ، قدْ أَفْلَحَ مَنْ حَفِظَ نَفْسَهُ مِنَ الْهَوَى وَالطَّمَعِ وَالْغَضَبِ.

 

أيها الناس، تُوشِكُونَ أَنْ تَخْرُجُوا مِنَ الدُّنْيَا الْعَرِيضَةِ إِلَى ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ عَاقِلًا مَنْ آثَرَ دُنْيَاهُ عَلَى آخِرَتِهِ؟!

 

أيُّها المسلم، خُذْ مَا تَعْرِفُ مِنَ الحَلالِ، وَدَعْ مَا تُنْكِرُ مِنَ الحَرَام، وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ، فاحرِصْ على ما يَنْفَعُكَ في دِينِكَ ودُنْياك، وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ الْمُسَارِعِينَ في الفِتَنِ والشَّهَوات، اللَّاهِينَ بِالْمُغْرياتِ، ولا تَغْترَّ بِكثرةِ الهَالِكين، ولا تَسْتَوحِشْ مِنْ قِلَّةِ الصَّالِحين، ﴿ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ﴾ [الأعراف: 205]، ﴿ بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الزمر: 66].

 

أَلَا وَإِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ قَدِ اقْتَرَبَتْ، ومَنْ عَاشَ مَات، ومَنْ مَاتَ فَات، وما هُو آتٍ آت، وَإِنَّ السَّابِقَ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ، وأَكثرُ النَّاسِ في غُرُورٍ وغَفْلَة، وفي خُسْرٍ وضَلالَة، ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ * إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 116، 117].

 

أيها المسلمون، التفكرُ عبادة ٌعظيمة، قال بعض الصحابة: (تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيرٌ مِنْ قِيامِ لَيلَة)، فبالتفكرِ يزدادُ الإيمانُ، ويحصلُ اليقينُ، ويرسخُ العلمُ، وتنفعُ العِبرةُ والموعظة، تَفَكَّرْ في عظمةِ الخالقِ الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وتَفَكَّرْ في كَثرةِ نِعَمِه عَليكَ وعلى جَمِيعِ خَلْقِه، وتَفَكَّرْ في القُرآنِ والسُّنَّة، وتَفَكَّرْ في حقيقةِ الدنيا الفانية، وتَفَكَّرْ في سرعة انقضاء عمرك، وتَفَكَّرْ في موتك، وتَفَكَّرْ في وحدتك في قبرك، وتَفَكَّرْ في الآخرةِ الباقية، وتَفَكَّرْ في مخلوقاتِ اللهِ الدالةِ على رحمته وعظمتِه وحِكمتِه، وتَفَكَّرْ في الخيرِ ومنفعَتِه، وتَفَكَّرْ في الشَّرِّ ومَضَرَّتِه، تَفَكَّرْ في كلِّ ما تراهُ وتَسْمَعُهُ وتَقرَؤه، تَفَكَّرْ في حالِكَ بعد موتِك، وعسى أن يكونَ قدِ اقتربَ أَجَلُك، فَمَنْ تَفَكَّرَ عَرفَ الحَقَائِقَ الصَّادِقَة، ولم يغترَّ بالمظَاهِرِ والْمُغْرِيات الخَادِعَة، بدايةُ الهدايةِ التفكرُ في النِّهاية، اعمل بعلمك، فإنك تعلم أن الله ربك، وأنه خلقك لتعبده وتشكره، وأنه وعد من أطاعه بالجنة، وتوعَّد من عصاه بالنار، واعلم أن الله شديد العقاب، وأنه الغفور لمن تاب، ومن نوى الخير يسَّره له، ومن تاب فَرِحَ بتوبته وأحبَّه، وبدَّل سيئاتِه حسناتٍ برحمتِه، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11].

 

وإنَّ أقربَ الناسِ إلى التوبةِ همُ العُصاةُ الذينَ أضاعُوا أعمارَهُم في الشَّهواتِ إذا تفكَّروا في حقيقة المعصية وحقارتها، فهم أعرفُ الناسِ بضررِ المعاصي وشرِّها وتشتِيتِها القلب، وإذا تابوا حسُنت توبتُهم أكثرَ من غيرهم؛ لأنهم يجدون بعد التوبة لذةَ الإيمان، وبركةَ الطاعة، وطُمَأنِينةَ القلب، ورضا الرحمنِ الذي يفرحُ بتوبة العبد، والله يحب التوَّابين.

 

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، وللمسلمين والمسلمات.

 

الخطبة الثانية

﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ [النمل: 59]، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ خَبَرًا، وَفِي الْأَرْضِ عِبَرًا، كَفَى بِالْمَوْتِ وَاعِظًا، فَمَنْ سَبَقَنا بالموتِ فإنَّا بعده لاحِقون، ومَنْ يَدفِنُ ميتًا فسيأتِي يومًا يُدفَنُ فيه، ﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن: 26، 27].

 

خطبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: ((إِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ، وَإِنَّ اللهَ مُسْتَخْلِفُكُمْ فِيهَا، فَيَنْظُرُ كَيْفَ تَعْمَلُونَ، فَاتَّقُوا الدُّنْيَا، وَاتَّقُوا النِّسَاءَ، فَإِنَّ أَوَّلَ فِتْنَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتْ فِي النِّسَاءِ)).

 

وخَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومًا فقَالَ: ((لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا، وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا)).

 

أيها المسلم، لَيْسَ الْخَيْرُ أَنْ يَكْثُرَ مَالُكَ وَوَلَدُكَ، وَلَكِنَّ الْخَيْرَ أَنْ يَكْثُرَ عَمَلُكَ، وَأَنْ تُبَادِرَ فِي عِبَادَةِ رَبِّكَ، فَرَحِمَ اللَّهُ عَبْدًا اسْتَعَانَ بِنِعْمَتِهِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ بِنِعْمَتِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، اطْلُبُوا الْخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وَاهْربُوا مِنَ النَّارِ جُهْدَكُمْ، وَإِنَّ الجَنَّةَ حُفَّتْ بِالْمَكَارِهِ، وَإِنَّ النَّارَ حُفَّتْ بِالشَّهَوَاتِ، فَلَا تُلْهِيَنَّكُمْ شَهَوَاتُ الدُّنْيَا وَلَذَّاتُهَا عَنِ الْآخِرَةِ، إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْلَغَ فِي الْمَعْذِرَةِ، وَبَلَّغَ الْمَوْعِظَةَ، وقَدْ أَحَلَّ اللهُ كَثِيرًا طَيِّبًا لَكُمْ فِيهِ سَعَةٌ، وَحَرَّمَ الخَبَائِثَ، فَاجْتَنِبُوا مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ، وَاقْنَعُوا بِمَا أحَلَّ اللهُ لَكُمْ.

 

أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ الدُّنْيَا غَرَّارَةٌ، أَهْلَكَتْ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ مِنَ الْأُمَمِ السَّالِفَةِ، أَلَا وَهِيَ مُهْلِكَةٌ مَنْ بَقِيَ، فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الدُّنْيَا، مَنْ صَحَّ فِيهَا أَمِنَ، وَمَنْ سَقِمَ فِيهَا نَدِمَ، وَمَنِ افْتَقَرَ فِيهَا حَزِنَ، وَمَنِ اسْتَغْنَى فِيهَا فُتِنَ، إِيَّاكُمْ وَهَوًى مُتَّبَعًا، وَقَرِينَ السُّوءِ، وَإِعْجَابَ الْمَرْءِ بِرَأْيِهِ.

 

العَاقِلُ مَنْ لَمْ يَنْسَ الْقَبْرَ وَالْبِلَى، ولَمْ تَغُرُّه زِينَةُ الدُّنْيَا، وَآثَرَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى، وَعَدَّ نَفْسَهُ فِي الْمَوْتَى، مَنْ زَهِدَ فِي الدُّنْيَا هَانَتْ عَلَيْهِ الْمُصِيبَاتُ، وَمَنِ ارْتَقَبَ الْمَوْتَ سَارَعَ فِي الْخَيْرَاتِ.

 

أيها الإنسانُ، كَانَتِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ تَكُونَ فِيهَا، وَهِيَ كَائِنَةٌ بَعْدَك لِغَيرِك، وَإِنَّمَا لكَ فِيهَا أَيَّامٌ مَعْدُودَةٌ، فأحسِنِ العمل، فالدنيا مزرعةُ الآخرة، وما زرعتَ في الدنيا من عملٍ صالحٍ أو فاسدٍ حصدته في الآخرة، الدُّنْيَا غَنِيمَةُ الْصَّالِحِينَ، وَغَفْلَةُ الجَاهِلِينَ، لَمْ يَعْرِفُوهَا حَتَّى أُخْرِجُوا مِنْهَا، فَسَأَلُوا الرَّجْعَةَ فَلَمْ يَرْجِعُوا، ﴿ أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ* مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ ﴾ [الشعراء: 205 – 207].

 

أيها المسلم العاقل، تُبِ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْدَمَ، فالْمَوْتُ مِنَ الْإِنْسَانِ قَرِيبٌ، فَبَادِرْ بِالْعَمَلِ قَبْلَ أَنْ يُنَادَى بِالرَّحِيلِ، إِنَّ أَخَاكَ مَنْ نَصَحَكَ، وَمَنْ نَصَحَكَ خَيْرٌ لَكَ مِمَّنْ يُمَنِّيكَ ويَخْدَعَك.

 

أيها المسلمون، الدينُ النصيحة، فأصلِحوا نيَّاتِكم، فإن الله ينظرُ إلى قلوبكم وأعمالِكم، وإذا صلَح القلبُ صلَحتِ الجوارحُ والأعمال، ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]، فإذا أردت التوفيق من الله والهداية فغيِّر ما في نفسك من الشر والنية الفاسدة، ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 235]، فالله غفورٌ لمن تاب، وهو حليمٌ لا يعاجلُ بالعقوبة من عصاه، ويُمهله حتى يعذرَه، فإن تاب قَبِله، وإن أصَرَّ على باطله أخذه أخْذَ عزيزٍ مقتدرٍ متى شاء.

 

أيها المسلمُ الناصحُ لنفسه، إن استطعت ألَّا يسبقك أحدٌ إلى الله فافعل، ولا ترضى بالقليل من الطاعات مع إمكان الكثير، واتركِ المعاصي تكن أعبد الناس، ولا تهُمَّ بمعصية، وطهِّر قلبك من المخالفة، فالخواطرُ السيئة تؤدي إلى الأعمالِ المنكرة!

 

يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ أَحْسَنَ مِنْكُمْ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ أَسَاءَ فَلْيَسْتَغْفِرِ اللَّهَ، ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31]، وطوبى لمن يلقى الله وهو راضٍ عنه، ذلك الفوز العظيم.

 

عباد الله، سمعنا مِنَ الآياتِ القرآنية، والخطبِ النبوية، ومواعظِ الصحابةِ والتابعين ما فيه كفايةٌ لمن يتفَكَّر، ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق: 37].

 

أيها المسلمون، أكثِروا مِنَ الصلاةِ والسلامِ على مَنْ أمركمُ اللهُ بالصلاةِ والسلامِ عليه فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ على نبينا محمدٍ وسَلِّم تسليمًا كثيرًا، اللهم اغفرْ لنا ذنوبنا كلَّها، دِقَّها وجِلَّها، أوَّلها وآخرها، علانيتها وسرها، وارزقنا توبة نصوحًا.

 

يا ربنا إنا ضعفاءٌ فقوِّنا على فعلِ الخيرات، وترك المنكرات، يا مَنْ تحولُ بين المرءِ وقلبِه أصلِحْ قلوبَنا ونيَّاتِنا بفضلِك ورحمتِك، اللهم حبِّب إلينا الإيمان، وزيِّنه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين، اللهم إنا في زمنِ الفتن والشهوات والشبهات، وإن لم تهدِنا نضِلُّ ونَغفلُ بالملهيات والمغريات، والبدعِ والمنكرات، اللهم يا مُصرِّف القلوب صَرِّف قلوبنا على طاعتك، يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، اللهم قلوبُنا مريضةٌ بالمعاصي فأصلِحها، وأنفسُنا كسِلةٌ عن الطاعات فزكِّها، وأعِنَّا على مخالفة هواها ومجاهدتها، اللهم اجعل قلوبنا سليمة، وأعمالنا خالصة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 – 182].





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
خطبة الشائعات والكبار
من أشراط الساعة الصغرى (1) رفع العلم (خطبة)