خصائص العبادات في الإسلام (خطبة)


خصائص العبادات في الإسلام

 


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِهِ الْكَرِيمِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، أَمَّا بَعْدُ: عَرَّفَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْعِبَادَةَ بِأَنَّهَا: (اسْمٌ ‌جَامِعٌ ‌لِكُلِّ ‌مَا ‌يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ: مِنَ الْأَقْوَالِ، وَالْأَعْمَالِ الْبَاطِنَةِ وَالظَّاهِرَةِ). وَمِنْ أَهَمِّ خَصَائِصِ الْعِبَادَاتِ فِي الْإِسْلَامِ، أَنَّهَا:

1- عِبَادَاتٌ خَالِصَةٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ تُصْرَفَ الْعِبَادَةُ إِلَّا لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ﴾[الْبَيِّنَةِ:5]. فَالْإِخْلَاصُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ، وَكُلُّ عِبَادَةٍ تَفْتَقِدُ الْإِخْلَاصَ فَغَيْرُ مَقْبُولَةٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» حَسَنٌ – رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.

 

2- عِبَادَاتٌ تَوْقِيفِيَّةٌ: لَا تُشْرَعُ الْعِبَادَةُ إِلَّا عَنْ طَرِيقِ الْوَحْيِ – كِتَابًا وَسُنَّةً، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَذَّرَنَا مِنَ الْبِدَعِ بِقَوْلِهِ: «إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» صَحِيحٌ – رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَالْعِبَادَةُ الْمُبْتَدَعَةُ مَرْدُودَةٌ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهْوَ رَدٌّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: (إِنَّا نَقْتَدِي وَلَا نَبْتَدِي، وَنَتَّبِعُ وَلَا نَبْتَدِعُ، وَلَنْ نَضِلَّ مَا تَمَسَّكْنَا بِالْأَثَرِ).

 

فَالْأَصْلُ فِي الْعِبَادَةِ الْحَظْرُ وَالتَّوَقُّفُ حَتَّى يَرِدَ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ؛ فَمُسْتَنَدُ الْمَشْرُوعِيَّةِ مُوَافَقَةُ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ، بِفَهْمِ وَتَطْبِيقِ الصَّحَابَةِ الْبَرَرَةِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ الْمَهَرَةِ. وَلَا تَسْلَمُ الْعِبَادَةُ مِنَ الِابْتِدَاعِ حَتَّى تُوَافِقَ الشَّرْعَ فِي أُمُورٍ سِتَّةٍ: السَّبَبِ، وَالْقَدْرِ، وَالْجِنْسِ، وَالصِّفَةِ، وَالزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ.

 

3- عِبَادَاتٌ مُبَاشِرَةٌ: لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَرَبِّهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [الْبَقَرَةِ:186]؛ وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غَافِرٍ:60]. فَاللَّهُ تَعَالَى خَاطَبَ عِبَادَهُ مُبَاشَرَةً، وَطَلَبَ مِنْهُمُ التَّوَجُّهَ إِلَيْهِ مُبَاشَرَةً فِي الْعِبَادَاتِ بِلَا وَاسِطَةٍ، وَحَتَّى لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْوَاسِطَةُ فِي الْعِبَادَةِ هُمُ الْأَنْبِيَاءَ.

 

وَلِذَا أَنْكَرَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وُسَطَاءَ لِيُقَرِّبُوهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ﴾ [الزُّمَرِ: 3].

 

4- عِبَادَاتٌ شَامِلَةٌ: فَالْعِبَادَةُ تَسْتَوْعِبُ كُلَّ عَمَلٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَيَرْضَاهُ، وَتُحَوِّلُ كُلَّ مُبَاحٍ – يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ – إِلَى طَاعَةٍ يُثَابُ عَلَيْهَا الْمُسْلِمُ بِنِيَّتِهِ؛ فَهِيَ بِهَذَا تَشْمَلُ كُلَّ وَاجِبٍ وَمَنْدُوبٍ أَمَرَ بِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى، كَمَا تَشْمَلُ كُلَّ مُبَاحٍ يَتَحَوَّلُ بِالنِّيَّةِ إِلَى عِبَادَةٍ، كَمَا تَشْمَلُ تَرْكَ كُلِّ مَنْهِيٍّ عَنْهُ – تَحْرِيمًا أَوْ كَرَاهَةً – بِنِيَّةِ التَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ بِتَرْكِ الْمَنْهِيَّاتِ.

 

قَالَ تَعَالَى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الْأَنْعَامِ: 163]. وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَالْبُضْعُ: الْمُبَاشَرَةُ وَالْجِمَاعُ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

فَالْعِبَادَةُ تَسَعُ الْحَيَاةَ بِأَنْشِطَتِهَا الْمُخْتَلِفَةِ، وَجَوَانِبِهَا الْمُتَنَوِّعَةِ؛ كَشَعَائِرِ النُّسُكِ وَالْأَخْلَاقِ، وَالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ التَّعَبُّدِيَّةِ، وَأَعْمَالِ الْقَلْبِ التَّعَبُّدِيَّةِ، فَالدِّينُ كُلُّهُ عِبَادَةٌ؛ مَتَى مَا قُصِدَ بِذَلِكَ وَجْهُ اللَّهِ، وَكَانَ الْعَمَلُ مِنْ أَصْلِهِ مَشْرُوعًا، وَأُدِّيَ عَلَى وَجْهِ الِاتِّبَاعِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُشْغَلْ عَمَّا هُوَ أَوْجَبُ أَوْ أَلْزَمُ.

 

5- عِبَادَاتٌ مُسْتَمِرَّةٌ: الْعِبَادَةُ وَظِيفَةُ الْعُمْرِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾[الْحِجْرِ:99]. فَلَا غَايَةَ زَمَنِيَّةً تَنْتَهِي إِلَيْهَا حَتَّى تَبْلُغَ الرُّوحُ مُنْتَهَاهَا، وَقَدْ وُصِفَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ «كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا، وَإِنْ قَلَّ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

 

فَالْعِبَادَاتُ لَا تَنْقَطِعُ بِالْقَلْبِ؛ تَوْحِيدًا وَتَعْظِيمًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَنْقَطِعُ بِاللِّسَانِ؛ ذِكْرًا وَدُعَاءً وَصَلَاةً وَتِلَاوَةً، وَلَا تَنْقَطِعُ بِالْجَوَارِحِ؛ صَلَاةً فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ لِلْفَرَائِضِ، وَمَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النَّوَافِلِ الرَّوَاتِبِ وَغَيْرِهَا، وَهَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الشَّعَائِرِ التَّعَبُّدِيَّةِ، فَهِيَ مُسْتَمِرَّةٌ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ عَنِ الْفَرَائِضِ، أَوْ تَهَاوُنٍ بِالْوَاجِبَاتِ، وَتَرَاجُعٍ عَنْ فِعْلِ النَّوَافِلِ وَالْمُسْتَحَبَّاتِ، وَفِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ: «وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 


الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ… أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ..

وَمِنْ أَهَمِّ خَصَائِصِ الْعِبَادَاتِ فِي الْإِسْلَامِ، أَنَّهَا:

6- عِبَادَاتٌ مُتَوَازِنَةٌ: فَالْوَسَطِيَّةُ فِي الْعِبَادَةِ هِيَ الْحَقُّ الْمَحْمُودُ بَيْنَ طَرَفَيْنِ مَذْمُومَيْنِ، وَهِيَ التَّوَازُنُ الْمَنْشُودُ بَيْنَ إِفْرَاطٍ فِي الْعِبَادَةِ يَنْتَهِي إِلَى غُلُوٍّ، وَتَفْرِيطٍ فِيهَا يُفْضِي إِلَى تَسَيُّبٍ وَانْحِلَالٍ.

 

فَالْعِبَادَةُ فِي الْإِسْلَامِ وَسَطٌ: بَيْنَ مَنْ يَغْلُو فِيهَا غُلُوَّ الرَّهْبَانِيَّةِ الْمُبْتَدَعَةِ عِنْدَ النَّصَارَى، فَتَتَعَطَّلُ مَعَهُ الْحَيَاةُ، وَتَفْسُدُ الْفِطْرَةُ، وَبَيْنَ مَنْ يَجْعَلُ الشَّعَائِرَ التَّعَبُّدِيَّةَ هَمَلًا لَا الْتِفَاتَ إِلَيْهِ، اعْتِمَادًا عَلَى الْجَانِبِ الْأَخْلَاقِيِّ أَوِ الْفَلْسَفِيِّ، فَتَتَعَطَّلُ الْقُلُوبُ عَنِ التَّأَلُّهِ لِلَّهِ بِهَا، وَالْأَبْدَانُ عَنِ الْقِيَامِ بِوَاجِبَاتِ عِبَادَةِ رَبِّهَا.

 

وَالْعَبَادَةُ فِي الْإِسْلَامِ وَسَطٌ: فَهِيَ تُقَدِّمُ الْعِبَادَةَ فِي أَوْقَاتِهَا مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ أَوْ تَعْطِيلٍ: ﴿ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾[النِّسَاءِ: 103]؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 9]، وَهِيَ تُقِرُّ بِحَاجَاتِ الْإِنْسَانِ وَتَرْعَاهَا: ﴿ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ﴾ [الْجُمُعَةِ: 10].

 

وَوَازَنَتِ الْعِبَادَةُ فِي أَدَائِهَا: بَيْنَ مَا يُعْمَلُ فَرْدِيًّا لَا اطِّلَاعَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ كَالصِّيَامِ، وَبَيْنَ مَا يُعْمَلُ جَمَاعِيًّا بِحَضْرَةِ النَّاسِ كَصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ. وَوَازَنَتْ أَيْضًا بَيْنَ إِقَامَةِ الْعِبَادَاتِ الْقَلْبِيَّةِ، وَإِقَامَةِ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْعَمَلِيَّةِ. وَهِيَ عِبَادَةٌ تَعْتَرِفُ بِحَاجَاتِ الْإِنْسَانِ الْغَرِيزِيَّةِ الْمُتَنَوِّعَةِ؛ فَتَشْرَعُ النِّكَاحَ، وَتُثِيبُ عَلَيْهِ، وَتَفْتَحُ بَابَ التَّعَدُّدِ لِمَنِ احْتَاجَهُ، وَقَدَرَ عَلَيْهِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.

 

7- عِبَادَاتٌ مُيَسَّرَةٌ: رُوحُ الْعِبَادَةِ فِي الْإِسْلَامِ الْيُسْرُ، وَرَفْعُ الْحَرَجِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ﴾ [الْبَقَرَةِ: 185]؛ ﴿ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ﴾ [النِّسَاءِ: 28]؛ ﴿ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ﴾[الْحَجِّ: 78]. وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَمِنْ تَيْسِيرِهِ: رَبْطُ الْعِبَادَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالتَّكَالِيفِ بِالْقُدْرَةِ وَالِاسْتِطَاعَةِ. قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آلِ عِمْرَانَ:97]؛ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

 

وَعِنْدَ الْمَشَقَّاتِ تُشْرَعُ الرُّخَصُ: كَالْقَصْرِ فِي الصَّلَوَاتِ، وَالْفِطْرِ فِي السَّفَرِ، وَحَالَ الْمَرَضِ. وَيُرَخَّصُ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَاتِ عِنْدَ الْخَوْفِ، وَالْمَطَرِ الشَّدِيدِ، وَالْوَحْلِ. وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْبَدَائِلِ الشَّرْعِيَّةِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ فِي أَحْوَالٍ عِدَّةٍ؛ فَالتَّيَمُّمُ بَدَلَ الْوُضُوءِ، وَالْإِطْعَامُ بَدَلَ الصِّيَامِ. وَلِهَذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الشَّرِيعَةِ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ كُبْرَى؛ بِأَنَّ “الْمَشَقَّةَ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ”، وَتَفَرَّعُ عَنْهَا قَاعِدَةُ: “إِذَا ضَاقَ الْأَمْرُ اتَّسَعَ”. وَتُرْفَعُ آثَامُ الْأَخْطَاءِ فِي الْأَعْذَارِ الْقَهْرِيَّةِ؛ كَالنَّوْمِ، وَالصِّغَرِ، وَالْجَهْلِ، وَالنِّسْيَانِ، وَالْخَطَأِ.



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
وصف نسخة خطية لكتاب “درر الحكام في شرح غرر الأحكام” لملا خسرو، محمد بن فراموز بن علي الرومي الحنفي (ت: 885هـ)
مخطوطات كتاب: “كفاية اللبيب في حل شرح أبي شجاع للخطيب” للمدابغي (ت: 1170هــ) في المكتبة الأزهرية