خصم الأوراق التجارية، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل


خصم الأوراق التجارية، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل

 

المبحث الأول: تحرير المسألة الممنوعة:

عرفت البشرية نواة الأوراق التجارية في وقت مبكر،[1] لكنها في هذا العصر تميزت أنواعها، وقُننت أحكامها، وشاعت استخداماتها المختلفة، وكان أبرز استخدامٍ للأوراق التجارية المعاصرة وقع في الإشكال الفقهي، وتجاذبه الفقهاء المعاصرون، هو عملية خصم الأوراق التجارية، وسنتناولها في مطلبين:

المطلب الأول: صورة المسألة:

أولاً: تعريف عملية خصم[2] الأوراق التجارية:

تعددت تعريفات الأوراق التجارية، ودارت في جملتها على ذكر خصائصها، وتباينت في ذلك، وأجمعها: أنها “صكوك قابلة للتداول، تمثل حقًا نقديًا، وتستحق الدفع بمجرد الاطلاع، أو بعد أجل قصير، ويجري العرف على قبولها كأداةٍ للوفاء “[3].

 

وأشهر الأوراق التجارية ثلاثة[4]:

(1) الكمبيالة: وهي صكٌ يتضمن أمرًا من شخصٍ إلى آخر؛ بأن يدفع مبلغًا معينًا، أو قابلاً للتعيين، بمجرد الاطلاع، أو في تاريخ معين إلى شخصٍ ثالث .

(2) والسند لأمر: وهو صكٌ يتعهد بموجبه محرره؛ بأن يدفع مبلغًا معينًا، أو قابلاً للتعيين، بمجرد الاطلاع، أو في تاريخ معين إلى شخص آخر.

 

(3) والشيك: وهو صكٌ يتضمن أمرًا من شخص إلى آخر؛ بأن يدفع مبلغًا معينًا، بمجرد الاطلاع إلى شخص ثالث.

 

ولما كانت الكمبيالة والسند لأمر قد تتضمن أجلاً للوفاء بالدين، وذلك إذا كانت مستحقة الدفع بعد مدّة من تاريخ تحريرها، أمكن للدائن فيهما أن يحصل على قيمتهما نقدًا في الحال، دون أن ينتظر حلول ميعاد الاستحقاق، وذلك من خلال خصمهما لدى أحد المصارف، وقد يعاد الخصم لدى مصرف آخر، وهكذا، إلى أن يحين ميعاد استحقاقها، فيقدمها حاملها الأخير إلى المدين للوفاء بقيمته[5].

 

وعليه فعملية خصم الأوراق التجارية تعني: “عملية مصرفية يقوم بموجبها حامل الورقة، بنقل ملكيتها عن طريق التظهير[6] إلى المصرف، قبل موعد الاستحقاق، مقابل تعجيل المصرف قيمتها له، مخصومًا منه مبلغًا معينًا”،[7]“يتناسب مع المدّة الباقية حتى استيفاء قيمة الحق عند حلول أجل الورقة”[8].

 

وليتمّ التصور الصحيح لهذه العملية، لا بدّ علينا من تأمل مقصد العاقدين من هذه المعاملة، والصورة الأساسية المكوّنة لها:

أ- فأما مقصد صاحب الورقة التجارية من خصمها فهو الحصول على مبلغ نقدي في الحال.[9]

 

بينما يقصد المصرف الخاصم لها الحصول على عائد، يتمثل في الآتي[10]:

(1) سعر الخصم، ويساوي مقدار الفوائد الربوية المستحقة عن قيمة الورقة التجارية، من موعد الخصم إلى موعد الاستحقاق .

 

(2) عمولة الخصم، وتقدر بحسب قيمة الورقة التجارية، ومقدار الأجل المتبقي على موعد استحقاقها، ومقدار المخاطرة التي قد يتعرض لها المصرف عند المطالبة بوفائها .

 

(3) مصاريف التحصيل، وهي المبالغ التي سينفقها المصرف للمطالبة بقيمة الورقة من المدين.

ب- ولهذه العملية ثلاثة أركان أساسية: [11]

أ‌- ورقة تجارية في يد طالب الخصم، مستحقة للوفاء بعد أجل معين.

 

ب‌- تظهير ناقل للملكية إلى المصرف نظير عوض له.

 

ج- تعهد من طالب الخصم بضمان القيمة، في حال امتناع المدين عن الوفاء.

 

ثانيًا: التخريج الفقهي لخصم الأوراق التجارية:

لمعرفة التخريج الفقهي لعملية خصم الورقة التجارية لا بدّ من معرفة التخريج الفقهي للورقة محل الخصم؛ وهي الكمبيالة، والسند لأمر:

أ‌- فأما الكمبيالة، فدار الخلاف في تخريجها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها حوالة[12].


ووجه التخريج (من جهة حقيقة العقد): أن المصدِر للكمبيالة – الآمر بالدفع – قد أحال الطرف الثالث على المأمور بالدفع، وهذه صورة الحوالة .

 

ونوقش (من جهة حال العاقد): بأن هذا التخريج إنما يصح إذا كان المأمور بالدفع مدينًا للآمر؛ لاشتراط الدين المستقر على المحال عليه في الحوالة، أما إذا لم يكن كذلك لم يستقم هذا التخريج[13].



القول الثاني: أنها قرض[14].


ووجه التخريج (من جهة شكل العقد): أن الآمر بالدفع طلب الاقتراض من المأمور بالدفع، وأمره أن يؤدي القرض إلى الطرف الثالث، فتركبت عملية الخصم من عقدين؛ أحدهما اقتراض، والآخر وكالة.

 

ونوقش (من جهة حال العاقد): بأن هذا التخريج إنما يصح إذا لم يكن الآمر دائناً للمأمور بالدفع، ولا يستقيم إذا كان دائنًا له[15].

 

القول الثالث: أنها سفتجة[16].


ولا يخرج عن القولين السابقين؛ إذ السفتجة قيل: هي قرض،[17] وقيل: هي حوالة .[18]

 

القول المخـتار:

أن الكمبيالة إن صدرت من دائنٍ للمأمور بالدفع فهي حوالة، وإن صدرت من غير دائن فهي اقتراض.

ب‌- وأما السند لأمر، فهو لا يخرج عن كونه وثيقة بدين، يتعهد فيها محررها بسداده في وقت معين[19] .


وظهر مما سبق أن عنصر الدين واضح في أيّ ورقة تجارية، قابلة للخصم .

 

وقد اختلف الفقهـاء المعاصرون في التخريج الفقهي لعملية الخصـم على أربعة أقوال، – ومحل الخلاف في أخذ العمولة على عملية الخصم، وأما سعر الخصم فلا شك في تحريمه؛ لكونه فائدة ربوية، وأما مصاريف التحصيل فلا حرج فيها، إذا كانت بمقدار التكلفة الفعلية للخدمات المقدّمة -:

القول الأول: أنها تخرّج على مسألة ضع وتعجل[20] . [21]

ووجه التخريج (من جهة حقيقة العقد): أن طالب الخصم (الدائن) يضع عن المصرف (المدين) بعض الدين، مقابل تعجيله .

 

ونوقش (من جهة حال العاقد): أن المصرف قد لا يكون مدينًا لطالب الخصم؛ إذ قد يخصم صاحب الورقة التجارية ورقته عند مصرفٍ آخر، غير المصرف المطالَب بوفائها، والخصم في مسألة ضع وتعجل يكون على المدين الأصلي، وتحصل به براءة الذمم . [22]

 

القول الثاني: أنها تخرّج على عقد البيع . [23]

 

ووجه التخريج (من جهة القصد من العقد): أن طالب الخصم باع الدين – قبل حلول أجله – على المصرف بأقل من قيمته، وقصد الاعتياض عن دينه بالنقد الحال . [24]

 

ونوقش (من جهة التفريق بين العقود): أن طالب الخصم يضمن للمصرف قيمة الورقة التجارية إذا لم يوفِ المدين بها، وليس هذا من مقتضى عقد البيع . [25]

 

القول الثالث: أنها تخرّج على عقد القرض، مع الحوالة والضمان . [26]

 

ووجه التخريج (من جهة اجتماع عدّة عقود): أن طالب الخصم اقترض من المصرف مبلغًا من المال، وأحاله على مدينه في الورقة التجارية، وأخذ المصرف أجرًا نظير تحوله من طالب الخصم إلى مدينه، مع ضمان طالب الخصم للوفاء، فإذا نكل المدين عن الوفاء، رجع المصرف على طالب الخصم .

 

ونوقش من وجهين:

الأول (من جهة أخصّ أحكام العقد): أن ملكية الورقة انتقلت إلى المصرف الخاصم، بدليل أنه يجوز له خصمها، وتظهيرها إلى غيره، والتخريج السابق لا يثمر انتقال ملكية الورقة للمصرف[27].

 

وأجيب: أن المصرف يعود على طالب الخصم إذا حلّ ميعاد استحقاق الورقة، ولم تدفع له قيمتها، مما يدل على أن ملكية الورقة لم تنتقل عن طالب الخصم[28].

 

والثاني (من جهة مقصد العقد): أن طلب الزيادة على القرض، يخرجه من عقود الإرفاق إلى عقود المعاوضة[29].

 

القول الرابع: أنها تخرّج على عقد وكالة بجعل، مع قرضٍ[30] .

ووجه التخريج (اجتماع عدّة عقود): أن طالب الخصم وكّل المصرف أن يقوم بتحصيل الدين الذي تضمنته الورقة مقابل جعل محدد، على أن يقرض المصرفُ طالبَ الخصم مبلغاً من المال، يساوي قيمة الورقة مخصومًا منها قيمة الجعل، فإذا استوفى المصرف الدين الذي تضمنته الورقة أخذه سدادًا لدينه.

 

ونوقش من وجهين:

الأول (من جهة أخصّ أحكام العقد): بأن الورقة التجارية في عملية الخصم تنتقل ملكيتها إلى المصرف بالتظهير، وهذا يخالف تخريجها على أنها مجرد وكالة؛ باستيفاء الحق لطالب الخصم[31].

 

والثاني (من جهة التفريق بين العقود): أن المصرف يرجع على طالب الخصم – في حالة عدم وفاء المدين بالورقة – بقيمة الورقة التجارية كاملة، دون أن يخصم عليه مبلغ الخصم، ولو كانت وكالة لعاد عليه بمثل ما دفع، لا بأكثر[32] .

 

القول المختـار:

لخصم الورقة التجارية حالتان:

الأولى: أن يطلب حامل الورقة التجارية خصمها من المدين بها، المطالَب بوفائها، فهذه تنطبق عليها صورة مسألة ضع وتعجل، كما سبق.

 

والثانية: أن يطلب خصمها من غير المدين بها، فأقرب ما تخرّج عليه أنها بيع للدين لغير من هو عليه، بشرط ضمان البائع الوفاء بالدين.

 

يؤيده:

(1) أن عمولة الخصم تفوق كثيرًا تكلفة تحصيل الأوراق النقدية، وأجرة الوكالة على ذلك،[33] بل وتختلف باختلاف قيمة الورقة التجارية، وموعد استحقاقها، والمخاطرة التي قد تعرض للمصرف عند المطالبة بوفائها[34] .

 

(2) أن المصارف تعتبر هذه العملية من عمليات الاستثمار القصير، القائمة على الاتجار بالنقود [35].

 

(3) وبهذا التخريج، تجتمع أبرز خصائص خصم الأوراق التجارية، فسعر الخصم هو ربح المصرف من شراء الدين، وقد انتقلت ملكية الورقة للمصرف، وله خصمها من غيره، مع ضمان البائع سداد المدين بالورقة للقيمة، فإن نكل رجع المصرف عليه .


المطلب الثاني: بيان محل المنع (طلب الربح من خلال شراء الدين) :

ذكرنا – فيما سبق – أن تخريج خصم الأوراق التجارية له حالان:

أ- فإذا خُصمت الورقة التجارية على المدين الأصلي، المطالَب بوفائها، فحكمها حكم مسألة ضع وتعجل، وقد اُختلف فيها على قولين:

القول الأول: عدم جواز الصلح على الدين ببعضه حالاً (ضع وتعجل) .


وروي عن زيد بن ثابت، وابن عمر y،[36] وسعيد بن المسيب،[37] والحسن البصري،[38] وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[39] والمالكية،[40] والشافعية،[41] والصحيح من مذهب الحنابلة . [42]

 

ففي المبسوط: “وإذا كان لرجلٍ على رجلٍ دين إلى أجل، وهو من ثمن مبيع، فحطّ عنه شيئًا على أن يعجل له ما بقي فلا خير فيه” . [43]

 

وفي الموطأ: “قال مالك: والأمر المكروه الذي لا اختلاف فيه عندنا أن يكون للرجل على الرجل الدين إلى أجل، فيضع عنه الطالب، ويعجله المطلوب” . [44]

 

وفي فتح العزيز: “ولو صالح من ألف مؤجل على خمسمائة حالة، فهذا الصلح فاسد” .[45]

 

وفي الإنصاف: “ولو صالح عن المؤجل ببعضه حالاً لم يصح، هذا المذهب، نقله الجماعة عن الإمام أحمد، وعليه جماهير الأصحاب”.[46]

 

واستدلوا من السنة، والمعقول:

(1) استدلوا من السنة: بما أخرجه البيهقي من حديث المقداد بن الأسود t قال: أسلفتُ رجلاً مائة دينار، ثم خرج سهمي في بعثٍ، بعثه رسول الله r، فقلت له: عجّل لي تسعين دينارًا، وأحطّ عشرة دنانير، فقال: نعم، فذكر ذلك لرسول الله r، فقال: “أكلت ربا، يا مقداد، وأطعمته” . [47]

 

ونوقش: بأن الحديث ضعيف الإسناد، ففيه يحيى بن يعلى الأسلمي، وهو ضعيف . [48]

 

(2) واستدلوا من المعقول (من جهة التخريج على الفروع): بأن وضع بعض الدين في مقابل تعجيله، في معنى زيادة الدين في مقابل تأخيره؛ حيث جُعل للأجل أثر في الدين بعد ثبوته، وهذا هو معنى الربا . [49]

 

ونوقش من وجهين:

الأول (من جهة التفريق بين العقود باعتبار الشكل والقصد): أن وضع بعض الدين مقابل التعجيل يخالف الربا صورةً ومعنى، فصورة الربا الزيادة في أحد العوضين مقابل الأجل، ومفسدته إشغال الذمّة بغير نفع، وصورة ضع وتعجل وضع بعض الدين، ومقصدها التعجيل بإبراء ذمّة الغريم من الدين، وهو مقصد تُرغب فيه الشريعة .[50]

 

والثاني (من جهة التخريج على الفروع): بأنه ليس كل زيادة لأجل الأجل محرّمة، فالبيع بالنسيئة تصاحبه الزيادة لأجل الأجل،[51] وإذا جازت الزيادة، جاز إسقاط بعض الدين من باب أولى .

 

القول الثاني: جواز الصلح على الدين ببعضه حالاً (ضع وتعجل).


وهو قول عبد الله بن عباس t،[52] ورواية للحنابلة،[53] اختارها ابن تيمية،[54] وابن القيم.[55]

 

ففي الإنصاف: “ولو صالح عن المؤجل ببعضه حالاً لم يصح، هذا المذهب … وفي الإرشاد،[56] والمبهج: رواية يصح، واختاره الشيخ تقي الدين”.[57]

 

واستدلوا من السنة، والمعقول:

(1) استدلوا من السنة: بما أخرجه الطحاوي وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي r لما أمر بإخراج بني النضير، جاءه ناسٌ منهم، فقالوا: يا نبي الله، إنك أمرت بإخراجنا، ولنا على الناس ديون لم تحل، فقال رسول الله r: “ضعوا، وتعجلوا”.[58]

 

ونوقش: بأنه ضعيف الإسناد، ففي سنده مسلم بن خالد الزنجي، وهو ضعيف، وقد اضطرب فيه . [59]

 

(2) واستدلوا من المعقول (من جهة التخريج على الأصول): أن كلا الطرفين حصل له الانتفاع دون أن يوقع ضررًا بالطرف الآخر، فالمعجّل حصل له وضع جزء من الدين، والواضع حصل له التعجيل، والشريعة لا تنهى عن المصالح السالمة من المفاسد . [60]

 

ونوقش (من جهة المآل): بأن المدين استغلّ حاجة الدائن، فأنقصه حقه، كما أن المرابي يستغل حاجة المدين، ويأخذ أكثر من حقه . [61]

 

ويجاب: بأن كلا الطرفين قد انتفع بهذه المعاملة، فلم يستغل طرفٌ آخر .

 

القول المختـار:

جواز الصلح على الدين ببعضه حالاً (ضع وتعجل)؛ لحصول النفع للطرفين بدون ضرر، ولأن الأصل في المعاملات الحلّ، وعليه فيجوز خصم الورقة التجارية على المدين بها .

 

واعترض على تخريج خصم الورقة التجارية من المدين بها على مسألة ضع وتعجل بأن الورقة تنتقل ملكيتها بعد هذا الخصم للمدين بها، ويبقى له حق تظهيرها لمن شاء، وهكذا يتمّ تداولها من قبل المظهِرين لها، حتى يحين موعد سدادها، ومقصد (ضع وتعجل) إبراء الذمم قبل حلول أجل الدين، ولم يحدث ذلك، بل بقي الدين في ذمّة المدين به . [62]

 

ويجاب من وجهين:

الأول: أن الدائن استوفى حقه معجّلاً، وهذه هي إحدى غايات مسألة ضع وتعجل .

 

والثاني: أن المدين برئت ذمّته من دين الدائن المتعجل، وهذه هي الغاية الثانية لمسألة ضع وتعجل.

 

أما كون المدين بعد أن برئت ذمّته، يقوم بتظهير الورقة التجارية إلى غيره، فهذا التظهير الجديد تحرير التزامٍ منه بالسداد إلى آخر، وهي مسألةٌ أخرى، لها حكمها، وحقيقتها أنه يبيع التزامًا على نفسه بدفع هذا المبلغ لمن ظهّر له الورقة إلى نفس الأجل السابق، وبنقد أقل، وهو عين ربا النسيئة والفضل، فيُمنع الخصم الثاني، ولا يَمنع ذلك جواز الخصم الأول، وتخريجه على مسألة ضع وتعجل .

 

ب- وإذا خُصمت الورقة التجارية على غير المدين بها، فهي من باب بيع الدين لغير من هو عليه، وبيع الدين لغير المدين له صور وأحكام كثيرة، ومحل البحث هنا في بيع الدين المؤجل بثمن حال لغير المدين، وقد اختلف أهل العلم في هذه الصورة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: عدم جواز بيع الدين المؤجل بثمن حال، لغير من هو عليه مطلقًا .


وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[63] والأظهر عند الشافعية،[64] والصحيح عند الحنابلة.[65]

 

ففي المبسوط: “وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم من قرض أو غيره، فباع دينه من رجل آخر بمائة دينار، وقبض الدنانير لم يجز” . [66]

 

وفي نهاية المحتاج: “وبيع الدين غير المسلم فيه بعين لغير من هو عليه باطل في الأظهر” . [67]

 

وفي المبدع: “ولا يجوز لغيره أيّ: لغير من هو في ذمته”.[68]

 

واستدلوا (من جهة منع أسباب الغرر): بانتفاء شرط القدرة على تسليم المبيع، وهو من شروط صحة البيع؛ حيث إن البائع لا يقدر على تسليم المبيع؛ لأن الدين يتعلق بالذمّة، وقبض ما في ذمّة الغير لا يتصور، بل ربما جحده المدين، أو منعه، وذلك غرر . [69]

 

ونوقش: أن ما في الذمّة كالحاضر، وقد يغلب على الظن القدرة على تسليم الدين متى ما وضعت بعض الشروط والضمانات . [70]

 

القول الثاني: جواز بيع الدين المؤجل بثمن حال، لغير من هو عليه، إذا لم يؤدِ ذلك إلى الربا.


وهو رواية لأحمد،[71] اختارها ابن تيمية،[72] وابن القيم . [73]

 

ففي المبدع بعد نقل المذهب: “وفي المبهج وغيره رواية: يصح فيه، واختاره الشيخ تقي الدين، وهو قول ابن عباس، لكن بقدر القيمة فقط؛ لئلا يربح فيما لم يضمن “.[74]

 

واستدلوا بدليلين:

الأول (من جهة التخريج على الأصول): بأن الأصل في المعاملات الإباحة، ما لم توقع في منهيٍّ عنه. [75]

 

ونوقش: أن المحظور موجود في هذا البيع، ويتمثل في بيع ما لا يُقدر عليه .

 

والثاني (من جهة التخريج على الفروع): أن في هذا شبهًا بالحوالة، فإذا جاز للدائن أن يحيل طرفًا ثالثًا على دينه، جاز له أن يبيعه كذلك . [76]

 

القول الثالث: جواز بيع الدين المؤجل بثمن حال، لغير من هو عليه، بشروط .


وهو مذهب المالكية،[77] ووجه عند الشافعية .[78]

 

ففي شرح الخرشي: “لا يجوز للشخص بيع ماله على الغير من دين؛ سواء كان حيًا، أو ميتًا … إلا أن يكون من هو عليه حاضرًا بالبلد، مقرّاً، والدين مما يباع قبل قبضه، لا طعامًا من بيع، وبيع بغير جنسه، وليس ذهبًا بفضة، ولا عكسه، وأن لا يكون بين المشتري والمدين عداوة، وأن لا يقصد المشتري إعنات المدين” . [79]

 

وفي نهاية المحتاج: “وبيع الدين غير المسلم فيه بعين لغير من هو عليه باطل في الأظهر … والثاني: يصح … ومحله إن كان الدين حالاً، مستقرًا، والمدين مقرًا مليًا، أو عليه بينة، وإلا لم يصح لتحقق العجز حينئذ، ويشترط قبض العوضين في المجلس” . [80]

 

فاشترط المالكية:

1- أن يكون المدين حاضرًا في البلد، وأن يكون مقرّاً بالدين؛ بحيث يغلب على الظن تمكن المشتري من الحصول عليه .

 

2- وأن لا يكون بين المشتري والمدين عداوة، وأن لا يقصد المشتري إعنات المدين، والإضرار به؛ دفعًا للضرر .

 

وفصّلوا في أنواع الديون:

أ- فإن كان دين سلم، جاز بعوضٍ من غير جنسه، إذا لم يكن طعامًا .

 

ب- وإن كان دينًا غير سلم:

فإن بيع بعوضٍ من غير جنسه: اُشترط أن لا يكون طعامًا، ولا ذهبًا بفضة، ولا عكسه .

 

وإن بيع بعوضٍ من جنسه: اُشترط أن يكون مساويًا له، وأن يكون عرضًا غير نقد.

 

واشترط الشافعية أن يكون المدين مليئًا، مقرّاً بما عليه، أو عليه بينة، وأن يكون الدين مستقرًا؛ مأمونًا من سقوطه، وأن يُقبض العوضان في المجلس .

 

واستدلوا (من جهة التخريج على الأصول): بأن الأصل في المعاملات الإباحة، وصورة بيع الدين بالشروط السابقة، ليست داخلة في المنهي عنه، فليست من بيع الدين بالدين، ولا من بيع الطعام قبل قبضه، ولا من بيع ما يُشترط له تقابض العوضين، ولا من بيع الغرر؛ لانتفاء المخاطرة الممنوعة.

القول المختـار:

جواز بيع الدين المؤجل بثمن حال لغير المدين؛ لأن الأصل في المعاملات الحلّ، ما لم يوقع ذلك في شيء من المحظورات التي ذكرها أهل العلم في هذه المسألة، كأن يؤدي إلى الغرر؛ كبيع ما لا يُقدر على تسليمه، أو إلى الربا، أو ذرائعه، أو إلى بيع الدين بالدين في صورته المنهي عنها، وهي بيع الدين المؤخر الذي لم يقبض بالدين المؤخر الذي لم يقبض . [81]

 

ولما كانت الأوراق التجارية وثائق بأوراق نقـدية، صارت ممثلة للأوراق النقدية، وتقوم بوظائفها – كما سبق في تعريفها -،[82] وفي بيعها بأقل من قيمتها بيعٌ لنقدٍ آجل بنقدٍ حاضر أقل منه، وهو ممنوع؛ لأنه من ربا النسيئة، فإن بيع بجنسه اجتمع مع ربا النسيئة ربا الفضل . [83]

 

وقد قال ابن رجب في مسألة شبيهة بهذه: “بيع الصكاك قبل قبضها، وهي الديون الثابتة على الناس، وتسمى صكاكًا؛ لأنها تكتب في صكاك، وهي ما يكتب فيه من الرق ونحوه، فيباع ما في الصكّ، فإن كان الدين نقدًا، وبيع بنقدٍ لم يجز بلا خلاف؛ لأنه صرفٌ بنسيئة”. [84]

 

ونوقش (من جهة دليل الحاجة): بأن ربا الفضل مُنع سدًا للذريعة، ويباح للحاجة؛ كبيع العرايا، والحاجة لخصم الأوراق التجارية قائمة .[85]

 



ويمكن أن يجاب من وجهين: [86]

الأول: أن الحاجة لم تتأكد لإباحة هذه المعاملة الربوية .

والثاني: أن صورة خصم الأوراق التجارية لغير المدين تضمنت ربا النسيئة، وربا النسيئة لا تبيحه الحاجة .


المبحث الثاني: البدائل الإسلامية لخصم الأوراق التجارية، وتقويمها:

لما كانت أغلب الأوراق التجارية في المعاملات الشائعة تخصم من غير المدين بها، وكان حكم هذه الصورة المنع، اُضطر عدد كبير من المصارف الإسلامية للامتناع عن تقديم هذه الخدمة،[87] لتبدأ بعدها رحلة النظر في البدائل الشرعية للصورة الممنوعة الغالبة في المعاملات التجارية، ونتعرف عليها في خمسة مطالب:

 

المطلب الأول: عرض البديل الأول: خصم الورقة التجارية عن طريق القرض الحسن، وتقويمه:

أولاً: عرض فكرة هذا البديل، وذكر من قال به:

يقوم هذا البديل على أساس البعد بعملية خصم الأوراق التجارية عن مجال الاسترباح، وتتلخص فكرته في التالي:

(1) أن يخصم المصرف الورقة التجارية من باب القرض الحسن، فيسدد لحاملها قيمتها كاملة، دون أن يحصل على أيّة فوائد .


(2) ثم تُظهّر الورقة التجارية تظهيرًا تأمينيًا[88] لصالح المصرف؛ ضمانًا للوفاء بالقرض .

 

ويُرغّب في سلوك هذا البديل؛ خصوصًا إذا كان حامل الورقة عميلاً للمصرف، له حساب جارٍ فيه، وكان أجل الورقة قصيرًا، لا يتجاوز بضعة أشهر .

 

وقد عرض هذا البديل الدكتور أحمد النجار،[89] وتبنى هذا الإجراء عملياً البنك الإسلامي الأردني . [90]

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

ليس هناك مانع شرعي، يمنع من سلوك هذا البديل من الناحية الشرعية، بل هو من باب ردّ المعروف بمثله؛ إذ المصرف الإسلامي يستثمر الحسابات الجارية للعملاء دون أن يدفع لهم أيّة عوائد .

 

ثم إن هذا البديل كذلك يدعم المبدأ الأساسي الذي قامت عليه المصارف الإسلامية من إبعاد المسلمين عن الوقوع في الحرام، وفيه أيضاً جذب للعملاء، وترغيبهم في التعاملات المصرفية الإسلامية .

 

واعترض على هذا البديل: بأنه من قبيل القرض الذي يجرّ نفعًا؛ لأن المصرف ما كان ليُقرض العميل لولا أنه أقرضه مبلغًا من المال؛ كحساب جارٍ .[91]

 

ويندفع هذا الإشكال بوجهين:

الوجه الأول: أنه لم يوجد نفع مباشر للمقرض من هذا الإجراء، وليس كل نفع من القرض يُمنع منه المقرض، بل المنع متصل بما كان نفعًا ماليًا مباشرًا بسبب القرض، وإلا فـ”ليس في العالم سلف، إلا وهو يجرّ منفعة، وذلك انتفاع المسلف بتضمين ماله، فيكون مضموناً – تلف أو لم يتلف -، مع شكر المستقرض إيّاه” . [92]

 

والوجه الثاني: أنه لم يكن هناك اشتراط عند فتح الحساب الجاري بين المصرف والعميل على تقديم هذه المنفعة، بل جاءت من باب المروءة وحسن القضاء، وعلى ما جرت به عوائد الناس في أنهم لا يقرضون إلا من يعرفون، بل إنهم قد يخصّون بذلك من أحسن إليهم بجميل ومعروف، ولو مُنع الناس من هذا الإحسان لانسدّ باب القرض فيما بينهم.[93]

 

المطلب الثاني: عرض البديل الثاني: خصم الورقة التجارية عن طريق القرض المتبادل، وتقويمه:

أولاً: عرض فكرة هذا البديل، وذكر من قال به:

يتلخص هذا البديل في أمرين:

(1) أن يعطي المصرف قيمة الورقة التجارية لحاملها من باب القرض الحسن .

 

(2) ويشترط عليه أن يقدّم له قرضًا طويل الأجل، يقوم المصرف باستثماره؛ بحيث يحقق من هذا الاستثمار عائدًا؛ كالفائدة الملغاة من خصم الورقة التجارية .

وقد عرض هذا البديل محمد باقر الصدر في أطروحته البنك اللاربوي في الإسلام . [94]

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

الصيغة المقترحة تدخل في باب القرض الذي يجرّ نفعًا؛ لأنها من باب قرض بشرط قرض، وسبق عرض هذه المسألة، وأن المنع هو قول الفقهاء المتقدمين، ولم يخالف في ذلك إلا بعض المعاصرين، وسبق أنه لا يجوز استخدام صيغة القروض المتبادلة ككل، أو جزء في صناعة البدائل المصرفية . [95]

 

ثم إنه متى كان حامل الورقة قادرًا على تقديم قرض إلى المصرف، فما حاجته لخصم ورقته بأقل من قيمتها ؟ .



المطلب الثالث: عرض البديل الثالث: خصم الورقة التجارية بعوض غير نقدي، وتقويمه :

أولاً: عرض فكرة هذا البديل، وذكر من قال به:

صورة هذا البديل تعتمد على بيع طالب الخصم ورقته على المصرف بعوض غير نقدي، يستلمه في الحال، فيحصل بذلك المصرف على ربح مناسب، ويحصل العميل على سلعة، يمكنه بيعها، والاستفادة من ثمنها .

 

وقد يتمّ هذا البيع عن طريق صيغة المرابحة للآمر بالشراء:

(1) بأن يتمّ التواعد بين المصرف والعميل على بيع الورقة التجارية بسلعة، لا يملكها المصرف حالاً .

 

(2) ثم يقوم المصرف بشراء السلعة .

 

(3) وبعد أن يقبضها، يقوم ببيعها على العميل مقابل الورقة التجارية التي يطلب خصمها.

 

– وقد عرض هذا البديل جمعٌ من الباحثين[96].

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

ينبني هذا البديل على مسألة: حكم بيع الدين لغير من هو عليه بالعين، والخلاف في هذه المسألة هو عين الخلاف في المسألة السابقة بيع الدين لغير من هو عليه، وقد سبق اختيار جواز بيع الدين المؤجل لغير المدين بعوض حال، ما لم يؤدِ ذلك إلى الغرر؛ أو الربا، أو بيع الدين بالدين في صورته المنهيّ عنها، وعليه خلص الباحث إلى منع بيع الأوراق التجارية بثمن نقدي، لما كانت هذه الأوراق ممثلة للأوراق النقدية، وفي بيعها بنقد أقل من قيمتها وقوع في الربا.[97]

 

أما إذا بيعت بعوض غير نقدي فإن علة المنع تنتفي، ولا حرج في استخدام هذا البديل في خصم الأوراق التجارية؛ خصوصًا أنها محاطة بضمانات كبيرة للوفاء بها، بحكم قانون الصرف،[98] مما يجعل القدرة على تسليم ما تتضمنه من دين مقدورًا عليها .

 

ويعترض هذا البديل سؤال: هل هذه الصيغة من صور التحايل على الربا؛ إذ وجدنا أن العوض غير النقدي دخل ثم خرج، وبقيت النتيجة بيع نقد مؤجل بنقد معجل أقل، أو أنها مخرج شرعي؛ حيث غيّرت مسلك الاتجار بالنقود والديون إلى الاتجار بالسلع والخدمات؟.

 

والجواب عن هذا السؤال جاء فيما سبق، عند الحديث عن الفارق بين الحيل المحرّمة والمخارج الشرعية،[99] وبين التمويل التجاري والتمويل الربوي،[100] وعند استعراض حديث أبي سعيد الخدري، وقصة بلال – رضي الله عنهما – والتمر البرني،[101] وقول النبي r لبلال: “أوِّه أوِّه، عين الربا عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردتَ أن تشتري فبع التمر ببيع آخر، ثم اشتره”.[102]

 

وكان ملخص ذلك؛ أن بيع المصرف للسلعة إن كان بيعًا يتحمل فيه المصرف مخاطر التّجارة المعتادة؛ كاحتمالات الخسارة، وبقاء السلع عند التجار، وردّ السلع المعيبة، وتحمل تبعات التسليم، دون أن يُلتف على إسقاطها، وكان الهدف من هذا البيع هو حصول السلعة لطرف والربح لآخر، بغضّ النظر عن كون مالك السلعة بعد ذلك سينتفع بها، أو سيبيعها لطرف ثالث لقضاء حاجته، وكان ربح المصرف قد نتج من تقليب المال، من نقدٍ إلى عروضٍ، ثم إلى نقدٍ، وتحمُّلِ المصرف القيام بمهام التّجّار في العادة؛ من اختيار السلعة، ثم جلبها، ثم بيعها، وجَني ربحها، وأثمر ذلك بدوره تنشيط التّجارة، وتبادل السلع، وتحريك دورة الاقتصاد في المجتمع إلى الإنتاج، كان ذلك كله شاهدًا بقرب المعاملة من التّجارة المشروعة، وابتعادها عن التمويل الربوي المحرم .

 

المطلب الرابع: عرض البديل الرابع: خصم الورقة التجارية عن طريق تمويل حاملها برأس مال استثماري، وتقويمه :

أولاً: عرض فكرة هذا البديل، وذكر من قال به:

لكي يحصل المصرف على ربحية من خصم الأوراق التجارية – تلك العملية الرائجة في التجارة المحلية والدولية، والتي تدرّ دخلاً وفيرًا على البنوك الربوية – جاء هذا البديل ليجعل من عملية الخصم عملية استثمارية بين المصرف وطالب الخصم، الذي عادةً ما يكون تاجرًا، باع سلعته بثمن مؤجل، ووثّقه بهذه الورقة التجارية، وجاء إلى المصرف طالبًا خصمها؛ ليتمكن من الوفاء بالتزاماته تجاه المصدِّرين، أو الصناع الذين اشترى منهم، فيقوم المصرف حينئذٍ بتقديم تمويل للعميل بمبلغ الورقة التجارية، ويكون هذا التمويل:

أ‌- بمثابة المشاركة بين المصرف والتاجر في ربح هذه العملية، ثم يقتسمان الربح بحسب الاتفاق .

 

ب‌- أو بمثابة رأس سلم؛ ليُسلّم العميل بعد ذلك السلعة المسلم فيها للمصرف، وللمصرف أن يرهن في هذه الحالة الورقة التجارية حتى يقبض سلعته .

 

–  وقد عرض هذا البديل الدكتور أحمد النجار،[103] وتبعه جمعٌ من الباحثين . [104]

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

الصيغة المذكورة لا تلبي الهدف من خصم الورقة التجارية، فالعميل حصل على قيمتها من المصرف الذي دخل معه كشريك، لكن لماذا ظُهِرت الورقة، وانتقلت ملكيتها للمصرف؟.

 

فإن كان المصرف ينوي استيفاء المبلغ الذي دفعه من خلال تحصيل الورقة التجارية في وقتها، فبأيّ شيء شارك العميل ؟، وإن كانت ملكية الورقة لم تتنقل للمصرف، فليس هذا بخصم للأوراق التجارية !.

 

وقد يكون المقصود من عرض هذا البديل أنه يغني عن الخصم، فلا يحتاج حامل الورقة لخصمها، وتبقى ملكيتها له،[105] لكن تبقى صعوبة أن يشارك المصرف الأعداد الكثيرة التي تبحث عن خصم ما معها من أوراق تجارية، وقد لا يكون سببها محلاً للمشاركة، ثم قد لا يرغب كثير من التجار طالبي الخصم أن يشاركهم غيرهم في عملياتهم التجارية، فيظل هذا البديل في منأى عن التطبيق العملي، لا تناوشه الأيدي إلا من بعيد.

 

المطلب الخامس: عرض البديل الخامس: أخذ قرض من المصرف وتوكيله بتحصيل الدين بأجر، وتقويمه :

أولاً: عرض فكرة هذا البديل، وذكر من قال به:

تهدف الفكرة إلى الاستفادة من منظومة العقود المركبة في صناعة بديل لعملية خصم الأوراق التجارية الممنوعة، وتعتمد على الآتي:

(1) أن يوكل حامل الورقة التجارية المصرف بتحصيل قيمتها من مصدِرها، في مقابل أجر معلوم .

 

(2) ثم يقرض المصرفُ العميلَ قرضًا دون فائدة، بقدر مبلغ الورقة التجارية ناقصاً منه أجرة وكالته بالتحصيل .

 

(3) فإذا حصل المصرف على مبلغ الورقة التجارية من مصدِرها أمسك منه قدر المبلغ الذي أقرضه للعميل، وأمسك الباقي أجرة له على تحصيل المبلغ .

 

وقد عرض هذا البديل القاضي محمد تقي العثماني في إحدى دورات مجمع الفقه الإسلامي بجدة . [106]

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

اعتمدت هذه الصيغة على تركيب العقود بشرط؛ سواء كان هذا الشرط مصرّحًا به، أو متواطئًا عليه ضمنًا، وقد سبق أن التواطؤ كالتصريح إذا ظهرت على ذلك قرائن واضحة،[107] ومن المعلوم أن المصرف لم يكن ليقرض حامل الورقة التجارية هذا القرض إلا لأجل أنه وكّله في تحصيل المبلغ بأجرة .

 

وصيغة تركيب القرض مع عقد معاوضة (وكالة بأجرة) سبق بيان منعها،[108] ولا تُصحَح هذه الصيغة بمجرد اشتراط أن أجرة الوكالة لا تتأثر بأجل الورقة التجارية، ولا بمبلغ القرض، ما دام أن القرض المصرفي ما كان ليحصل إلا بسبب الوكالة بأجر، حتى يتأكد الانفصال التامّ بين العقدين، وأنّى ذلك وهو مصمم أصلاً ليكون بديلاً عن عملية الخصم!.

 

خلاصة الرأي في البدائل المقترحة لخصم الأوراق التجارية:

دارت البدائل السابقة حول مسلكين:

الأول: أن لا يستربح المصرف من عملية خصم الأوراق التجارية، بل يقدم هذه الخدمة كقرض حسن لعملائه .

 

والثاني: أن يستربح من وراء عملية الخصم، وخلصت إلى هذا عدّة بدائل، ولم يسلم منها إلا أن يبيع المصرف على طالب الخصم عوضًا غير نقدي، مقابل انتقال ملكية الورقة إليه .

 

ولا بدّ ههنا من التنبيه أن على المصارف أن لا تشجع عمليات خصم الأوراق التجارية، من خلال ما تقدمه من تسهيلات على الخصم، ذلك أن توسع المصارف في شراء الديون المستحقّة للتجار، سيؤدي إلى توسع هؤلاء في التعامل بالدين، وهو ما يخالف مقصد الشريعة في محاصرة الدين، ومنع انتشاره في المعاملات المالية . [109]

 

وقد عرض بعض الباحثين[110] إمكانية استخدام الوسيلة الثانية كبديل شرعي لتوريق الديون؛ بأن تبيع المؤسسة الدائنة ديونها لمؤسسة مالية، بعوض غير نقدي تستلمه في الحال، وللمؤسسة أن تنشئ محفظة لغرض شراء هذه الديون، وتطرح صكوكها للاكتتاب؛ لتجمع من النقود ما تشتري به هذه السلعة، وهذا البديل – كما هو ظاهر – أشدّ في تقصد مخالفة مقصد الشارع من الأول .


[1] ينظر: الأوراق التجارية، لمحمود بابللي، ص (13-14)، الأوراق التجارية في الشريعة الإسلامية، لمحمد سراج، ص (20-32).

[2] وقد اختار جمع من الباحثين استعمال كلمة حسم؛ لكونها أقرب في معناها اللغوي من المقصود بهذه العملية، واستخدام كلمة خصم استعمالٌ للفظ الدارج، بل هو ما جرى عليه الاصطلاح المصرفي، ينظر: الموسوعة العربية الميسرة، (1/757).

[3] الوجيز في القانون التجاري، لمصطفى كمال، ص (6).

[4] ينظر: الوجيز في النظام التجـاري السعودي، لسعيد يحيى، ص (45-46)، الأوراق التجارية في النظام التجاري السعودي، لإلياس حداد، ص (22)، الأوراق التجارية في النظام السعودي، للعمران، ص (29-30)، الأوراق التجارية، لسميحة القليوبي، ص (14-15).

[5] ينظر: الأوراق التجارية، لعبد الحميد الشواربي، ص (315)، الخدمات المصرفية، للزعتري، ص (466)، الحكم الشرعي للاستثمارات، لمحمد رامز، ص (446).

[6] عملية التظهير هي تصرف قانوني تنتقل به ملكية الورقة التجارية إلى حامل جديد، ينظر: الأوراق التجارية، لمحمد حسني عباس، ص (75)، الأوراق التجارية، لمحمد سراج، ص (36-37) .

[7] أحكام الأوراق التجارية، لسعد الخثلان، ص (225) .

[8] عمليات البنوك من الوجهة القانونية، لعلي جمال الدين عوض، ص (624).

[9] ينظر: الأوراق التجارية، لمحمد سراج، ص (102)، الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/577).

[10] ينظر: الأعمال المصرفية والإسلام، للهمشري، ص (133)، المصارف الإسلامية، للهيتي، ص (319)، البنوك الإسلامية بين النظرية والتطبيق، لعبد الله الطيار، ص (139) .

[11] ينظر: الخدمات المصرفية، للزعتري، ص (466)، حسم الدين، لحسام أبو رمح، ص (95) .

[12] ينظر: الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص (395)، الخدمات المصرفية، للزعتري، ص (412) .

[13] ينظر: أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (120) .

[14] ينظر: تكملة المجموع، للمطيعي، (13/172) .

[15] ينظر: المعاملات المالية، للدبيان، (13/575-587) .

[16] ينظر: المصارف والأعمال المصرفية، لغريب الجمال، ص (270)، أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (116-117).

[17] وعليه جمهور الفقهاء، ينظر: المبسوط، للسرخسي، (14/37)، التفريع، لابن الجلاب، (2/139)، التنبيه، للشيرازي، ص (99)، المغني، لابن قدامة، (4/240) .

[18] وعليه أكثر فقهاء الحنفية، ينظر: البناية، للعيني، (8/492)، حاشية ابن عابدين، (5/350) .

[19] ينظر: الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص (395)، الأوراق التجارية، لمحمد سراج، ص (81)، البنوك الإسلامية، للطيار، ص (136) .

[20] وصورتها: أن يتفق الدائن والمدين على أن يقوم الأول بوضع جزء من الدين الذي لم يحل سداده، مقابل أن يقوم الثاني بتعجيل سداد الباقي، ينظر: الاستذكار، لابن عبد البر، (6/489) .

[21] ينظر: الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص (396)، المعاملات المصرفية، وموقف الشريعة الإسلامية منها، لسعود الدريب، ص (66) .

[22] ينظر: أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه الإسلامي، لستر الجعيد، ص (410)، المصارف الإسلامية، للهيتي، ص (323)، الخدمات المصرفية، للزعتري، ص (462)، المنفعة في القرض، للعمراني، ص (535)، الجامع في أصول الربا، للمصري، ص (324) .

[23] وعزي هذا القول في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة إلى معظم العلماء المعاصرين، الدورة الحادية عشرة، (1/355)، وهو ما خرجت به الندوة الاقتصادية الإسلامية بالمدينة المنورة، ينظر: فتاوى شرعية في الأعمال المصرفية، لبنك دبي الإسلامي، (1/53)، وبه صدرت فتوى الهيئة الشرعية للبنك الإسلامي الأردني للتمويل والاستثمار، ينظر: الفتاوى الشرعية، (2/31)، وينظر: نظرات في أصول البيوع الممنوعة، لعبد السميع إمام، ص (191)، البنك اللاربوي في الإسلام، للصدر، ص (158، 160)، المصارف والأعمال المصرفية، لغريب الجمال، ص (99)، الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/665)، بحوث في المصارف الإسلامية، لرفيق المصري، ص (132)، بيع الدين في الشريعة الإسلامية، لوهبة الزحيلي، ص (45)، بيع الدين، للصديق الضرير، منشور ضمن بحوث الدورة السادسة عشرة للمجمع الفقهي بمكة المكرمة، ص (126)، المعاملات المالية، للدبيان، (13/645) .

[24] ينظر: البنك اللاربوي في الإسلام، للصدر، ص (158) .

[25] ينظر: الخدمات المصرفية، للزعتري، ص (471) .

[26] ينظر: قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، برقم 66/2/7، الدورة السابعة، (2/217-218)، البنك اللاربوي في الإسلام، للصدر، وهو رأي ثانٍ له، ص (156)، تطوير الأعمال المصرفية، لسامي حمود، ص (312-314)، الاقتصاد الإسلامي والقضايا المعاصرة، للسالوس، (1/200)، موقف الشريعة من المصارف، للعبادي، ص (38)، الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/639)، مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية، للصاوي، ص (462-463)، الأعمال المصرفية والإسلام، للهمشري، ص (144-145)، المعاملات الربوية، لأحمد ملحم، ص (52)، أحكام التعامل في الأسواق المالية، لمبارك آل سليمان، (1/355)، بحوث في المصارف الإسلامية، لرفيق المصري، وهو رأي ثان له، ص (132)، دراسة شرعية لأهم العقود المالية المستحدثة، لمحمد الشنقيطي، (1/354-355)، أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (229)، ويراجع: الوسيط، للسنهوري، (5/435)، القانون التجاري، لعلي البارودي، ص (644)، عمليات البنوك من الوجهة القانونية، لعلي جمال الدين عوض، ص (629-630)، أصول المصرفية الإسلامية، للغريب ناصر، ص (213)، موقف الشريعة من عملية الخصم، للنشوي، ص (44، 147) .

[27] ينظر: عمليات البنوك من الوجهة القانونية، لعلي جمال الدين عوض، ص (630)، الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/641)، موسوعة أعمال البنوك من الناحيتين القانونية والعملية، لمحي الدين علم الدين، (2/1569).

[28] ينظر: تطوير الأعمال المصرفية، لسامي حمود، ص (312-313) .

[29] ينظر: أحكام التعامل في الأسواق المالية المعاصرة، لمبارك آل سليمان، (1/356) .

[30] ينظر: البنك اللاربوي في الإسلام، للصدر، وهو رأي ثالث له، ص (158)، الأوراق التجارية، لمحمد سراج، ص (102)، المصارف الإسلامية، للهيتي، ص (325)، بنوك تجارية بدون ربا، للشباني، ص (87)، صور التحايل على الربا، لأحمد حوى، ص (328) .

[31] ينظر: أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (254) .

[32] ينظر: الخدمات المصرفية، للزعتري، ص (478، 485) .

[33] ينظر: أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (256) .

[34] ينظر: الاقتصاد الإسلامي والقضايا المعاصرة، للسالوس، (1/200) .

[35] ينظر: تطوير الأعمال المصرفية، لسامي حمود، ص (310)، النظام المصرفي الإسلامي، لمحمد سراج، ص (134) .

[36] ينظر: الموطأ، لمالك، (4/970)، المصنف، لعبد الرزاق، (8/71)، مشكل الآثار، للطحاوي، (11/61).

[37] ينظر: المصنف، لعبد الرزاق، (8/71)، الاستذكار، لابن عبد البر، (20/263)، ونقل الخلاف عنه في هذه المسألة .

[38] ينظر: المصنف، لابن أبي شيبة، (5/264) .

[39] ينظر: الاختيار، للموصلي، (3/9)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (5/42)، الفتاوى الهندية، (4/232) .

[40] ينظر: الموطأ، لمالك، (4/971) الكافي، لابن عبد البر، (1/322)، بداية المجتهد، لابن رشد، (2/108)، بلغة السالك، للصاوي، (3/259) .

[41] ينظر: الحاوي، للماوردي، (18/233)، فتح العزيز، للرافعي، (10/300)، روضة الطالبين، للنووي، (4/196) .

[42] ينظر: المغني، لابن قدامة، (4/39)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/201)، الإنصاف، للمرداوي، (5/236)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/140) .

[47] في السنن الكبرى، باب لا خير في أن يعجّله بشرط أن يضع عنه، (6/28)، برقم 11471 .

[48] ينظر: ميزان الاعتدال، للذهبي، (4/415)، تهذيب التهذيب، لابن حجر، (11/305)، وقد ضعفه البيهقي في السنن، (6/28)، وابن القيم في إغاثة اللهفان، (2/12) .

[49] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (13/126)، الاستذكار، لابن عبد البر، (20/259-260)، الحاوي، للماوردي، (18/233)، المغني، لابن قدامة، (4/39) .

[50] ينظر: إغاثة اللهفان، لابن القيم، (2/13) .

[51] ينظر: ص (384-490) .

[52] ينظر: المصنف، لعبد الرزاق، (8/72)، مشكل الآثار، للطحاوي، (11/61)، الاستذكار، لابن عبد البر، (20/261) .

[53] ينظر: الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/201)، الإنصاف، للمرداوي، (5/236) .

[54] ينظر: المستدرك على مجموع الفتاوى، (4/23)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/201) .

[55] ينظر: إغاثة اللهفان، (2/13)، أحكام أهل الذمة، لابن القيم، (1/395) .

[56] هو كتاب الإرشاد في فروع الفقه الحنبلي، للقاضي أبي علي محمد بن أحمد بن أبي موسى، المتوفى سنة 428هـ، ينظر: طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى، (2/182-186)، كشف الظنون، لحاجي خليفة، (1/1).

[58] أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار، باب بيان مشكل ما روي عن رسول الله r من قوله لبني النضير لما أمر بإجلائهم من المدينة عند قولهم له: إن لنا ديونًا لم تحل: “ضعوا وتعجلوا”، (11/56)، برقم 4277، والطبراني في المعجم الأوسط، (1/249)، برقم 817، والدارقطني، في كتاب البيوع، (3/465)، برقم 2980، والحاكم في المستدرك، (2/61)، برقم 2325، والبيهقي في السنن الكبرى، باب من عجّل له أدنى من حقه قبل محله فقبله، ووضع عنه طيبة به أنفسهما، (6/28)، برقم 11467، وضعفه الذهبي في التلخيص، (2/52)، متعقبًا تصحيح الحاكم له .

[59] ينظر: سنن الدارقطني، (3/466)، ميزان الاعتدال، للذهبي، (4/103)، تهذيب التهذيب، لابن حجر، (10/128-130) .

[60] ينظر: إغاثة اللهفان، لابن القيم، (2/13) .

[61] ينظر: مسألة ضع وتعجل، لمحمد عبد الغفار الشريف، منشور في مجلة الشريعة والدراسات الإسلامية، العدد34، ص (118) .

[62] ينظر: تداول الأوراق التجارية بالتظهير، لعبد الله الناصر، ص (167) .

[63] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (2/43)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/83)، حاشية ابن عابدين، (5/152) .

[64] ينظر: البيان، للعمراني، (5/71)، المجموع، للنووي، (9/275)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري، (2/85)، نهاية المحتاج، للرملي، (4/92) .

[65] ينظر: المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/198)، الإنصاف، للمرداوي، (5/112)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/307) .

[69] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (14/22)، البيان، للعمراني، (5/71)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/307) .

[70] ينظر: بيع الدين، لخالد تربان، ص (37) .

[71] ينظر: المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/199)، الإنصاف، للمرداوي، (5/112)، القواعد، لابن رجب، ص (84) .

[72] ينظر: مجموع الفتاوى، (29/506) .

[73] ينظر: إعلام الموقعين، (4/3) .

[75] سبق عزوها، ص (258) .

[76] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/403)، القواعد، لابن رجب، ص (84) .

[77] ينظر: موطأ مالك، (4/974)، شرح ميارة، (1/319)، حاشية الدسوقي، (3/63) .

[78] ينظر: البيان، للعمراني، (5/71)، المجموع، للنووي، (9/275)، نهاية المحتاج، للرملي، (4/92) .

[81] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (20/512)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (1/293) .

[82] ينظر: ص (577) .

[83] وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، رقم (66/2/7)، ينظر: مجلة المجمع، الدورة السابعة، (2/217-218)، وفتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي المصري، ينظر: الأوراق التجارية، لمحمد سراج، ص (106)، وينظر أيضًا: الأوراق التجارية، لمحمد سراج، ص (103)، أحكام الأوراق النقدية والتجارية، لستر الجعيد، ص (414)، الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص (396-397)، المصارف الإسلامية، للهيتي، ص (328-329)، الموسوعة الفقهية الكويتية، الطبعة التمهيدية، ص (243)، بيع الدين، أحكامه، تطبيقاته المعاصرة، لنزيه حماد، ص (211) .

[84] القواعد، ص (84) .

[85] ينظر: أعمال البنوك والشريعة الإسلامية، لمحمد مصلح الدين، ص (148) .

[86] يراجع: أحكام الأوراق النقدية والتجارية، لستر الجعيد، ص (421)، المصارف الإسلامية، للهيتي، ص (331) .

[87] كبنك فيصل الإسلامي المصري، والسوداني، وبنك دبي الإسلامي، ينظر: الترشـيد الشرعي للبنـوك القائمة، لجـهاد أبو عويمر، ص (238-239)، الكفالة، لعلي السيد، ص (184).

[88] التظهير التأميني هو رهن الحق الثابت في الورقة التجارية؛ لضمان دين في ذمّة المظهِّر للمظهر إليه، ينظر: أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (208-209) .

[89] ينظر: في المدخل إلى النظرية الاقتصادية في المنهج الإسلامي، لأحمد النجار، ص (167-168)، وينظر أيضًا: معاملات البنوك الحديثة، للسالوس، ص (84)، المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص (247)، التصرفات في الديون بالبيع وغيره، لوهبة الزحيلي، ص (178)، النقود والمصارف، لعوف الكفراوي، ص (75)، البنوك الإسلامية، لشوقي شحاتة، ص (22)، دراسة شرعية اقتصادية لصور من الإقراض المصرفي، لأحمد الحسني، منشور ضمن مجلة مركز صالح كامل للاقتصاد الإسلامي، العدد 20، ص (49) .

[90] للعملاء الممتازين للبنك، وظل دور هذا البديل متواضعًا جدًا، ولم يترك أثرًا يذكر، ينظر: حسم الدين في الفقه الإسلامي، لحسام أبو رمح، ص (119-120)، وينظر أيضًا: الفتاوى الشرعية للمصارف السودانية، ص (116)، الكفالة، لعلي السيد، ص (184) .

[91] ينظر: أحكام الأوراق النقدية والتجارية، لستر الجعيد، ص (401) .

[92] المحلى، لابن حزم، (8/87) .

[93] ينظر: أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (308-309) .

[94] ينظر: ص (157) .

[95] ينظر: ص (306-311) .

[96] ينظر: نظرات في أصول البيوع الممنوعة، لعبد السميع إمام، ص (191)، البنوك الإسلامية، للطيار، ص (146)، المصارف الإسلامية، للهيتي، ص (332)، أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (310) .

[97] ينظر: ص (592-593) .

[98] ينظر: أحكام الأوراق التجارية، للخثلان، ص (314)، تحول المصرف الربوي إلى مصرف إسلامي، للربيعة، ص (263) .

[99] ينظر: ص (147-149) .

[100] ينظر: ص (118-122) .

[101] ينظر: ص (158) .

[102] سبق تخريجه، ص (62) .

[103] ينظر: في المدخل إلى النظرية الاقتصادية في المنهج الإسلامي، ص (167) .

[104] ينظر: النقود والمصارف، لعوف الكفراوي، ص (75)، النظام المصرفي الإسلامي، لمحمد سراج، ص (136)، المصارف الإسلامية، لشوقي شحاتة، ص (22)، بيع الدين، للنشوي، ص (283-284)، المصارف الإسلامية، للخوالدة، ص (199)، وقد أشارت إدارة الفتوى والبحوث ببنك التضامن الإسلامي السوداني إلى كراهة استخدام هذا البديل؛ لما فيه من استغلال لحاجة طالب الخصم، وعدم تحقق رضاه بهذا العقد، ينظر: الفتاوى الشرعية للمصارف السودانية، ص (115) .

[105] ينظر: فتوى ندوة البركة التاسعة، رقم (13)، قرارات وتوصيات ندوات البركة، ص (166) .

[106] ينظر: بيع الدين، والأوراق المالية وبدائلها الشرعية، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الحادية عشرة، (1/87-88)، وينظر أيضًا: بيع الدين، للنشوي، ص (284-285) .

[107] ينظر: ص (111-117) .

[108] ينظر: ص (88-93) .

[109] ينظر: موقف الشريعة الإسلامية من الدين، للسويلم، منشور في قضايا في الاقتصاد، ص (29-35)، بيع الدين، لللاحم، (2/98) .

[110] ينظر: الصكوك الإسلامية، للقره داغي، ص (13)، التوريق والتصكيك، لعجيل النشمي، ص (9) .

طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
مكتبه السلطان – أفضل 10 كتب ممتعة لابد أن تقرأها
الشهادتان وما يتعلق بهما: الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر (PDF)