خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل


خطابات الضمان، تحرير التخريج، وبيان الحكم، ومناقشة البدائل



المبحث الأول: تحرير المسألة الممنوعة:

لتحرير المسألة الممنوعة نحتاج أن نستعرض أمرين: صورة المسألة، ثم محل المنع فيها، ونبسطهما في مطلبين:

المطلب الأول: صورة المسألة:

أولاً: تعريف خطاب الضمان:

خطاب الضمان هو تعهدٌ يصدره المصرف – بناءً على طلب عميله، وبمناسبة التزام ملقى عليه – بدفع مبلغ نقدي معين، أو قابل للتعيين، بمجرد طلب طرف ثالث (المستفيد)، خلال مدّة محددة.[1]


وصورته:

(1) أن يرغب العميل في الدخول في التزام – كمناقصة مثلاً – مع جهة معينة (المستفيد).

 

(2) فيتوجه إلى المصرف لتقوية مركزه المالي، ويطلب منه إصدار تعهد بدفع مبلغ مالي، بمجرد طلب الجهة المستفيدة؛ سواء كان طلبًا مجردًا، أو مبررًا، أو مصحوبًا بتقديم مستندات محددة، تثبت عجز العميل عن الوفاء بالتزاماته، ويصدر التعهد بدفع المبلغ مع غضّ النظر عن معارضة العميل، أو موافقته.

 

(3) ويحدد المصرف مع العميل أجل هذا التعهد، ويطالبه في العادة بتقديم بعض الضمانات النقدية أو العينية.

 

(4) يتقاضى المصرف من العميل على إصدار هذا التعهد عمولة محددة، بحسب ما يتفقان عليه.

 

وخطاب الضمان ينقسم – باعتبار الضمانات المقدَّمة من العميل – إلى قسمين:

(1) خطاب مغطى تغطية كاملة: متى كان الضمان العيني، أو النقدي يغطي قيمة خطاب الضمان بالكامل.

 

(2) خطاب مغطى تغطية جزئية: متى ما كانت هذه الضمانات تغطي جزءاً من قيمة خطاب الضمان.

 

ويودع مبلغ الضمان في حساب خاص، يسمى احتياطي خطاب الضمان، ولا يجوز للعميل أن يتصرف فيه، حتى ينتهي التزام المصرف الناشئ عن خطاب الضمان. [2]


ثانيًا: التخريج الفقهي لخطاب الضمان:

اختلف الفقهاء المعاصرون في التخريج الفقهي لخطاب الضمان على خمسة تخريجات:

التخريج الأول: أن خطاب الضمان عقد ضمان.[3]


ووجهه (من جهة حقيقة العقد): أن المصرف يلتزم بدفع مالٍ واجبٍ في ذمّة غيره لشخصٍ ثالث، وهذه حقيقة الضمان، أن تُضمّ ذمّة إلى أخرى في المطالبة بالحق. [4]


ونوقش: أن بين عقد الضمان وخطاب الضمان فروقًا: [5]


أ‌- في أحكامه:

(1) أن خطاب الضمان ينعقد بغير إذن المضمون له (المستفيد)، ولا رضاه.

 

وأجيب: أن المالكية والحنابلة قد أجازوا ذلك، وهو كذلك أحد قولي الشافعية، وقول لأبي يوسف من الحنفية،[6] وقد دلّ عليه ما أخرجه البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وفيه أن أبا قتادة رضي الله عنه ضمن رجلاً مات، وعليه دين، بغير قبول المضمون له، وأقرَّه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.[7]


ثم إن رضا المضمون له موجود بحسب العرف المصرفي، القاضي بقبول خطابات الضمان من المصارف المعتمدة في الدولة. [8]


(2) أن خطاب الضمان مؤقت بمدّة محددة.

 

وأجيب: أن الحنفية أجازوا توقيت الضمان،[9] والتوقيت شرط من الشروط الصحيحة التي فيها منفعة للطرفين، وضبط المعاملات. [10]


(3) أن خطاب الضمان كفالة في حقوق بعضها لم يجب بعد.

 

وأجيب: أن جمهور العلماء – خلافًا للشافعية – أجازوا الكفالة بما لم يجب؛ لأنها من باب توثقة الحقوق،[11] وباب التوثيقات أوسع من باب المعاوضات. [12]


ب‌- في حقيقته:

(1) أن حقيقة الضمان ضمّ ذمّة إلى أخرى في المطالبة بالدين، والمستفيد إنما يطالب المصرف دون العميل، فلم تتوجه المطالبة للاثنين.

 

ويمكن أن يجاب من وجوه:

الأول: أن هذا الإجراء مما يسوغ اتخاذه على أساس التوسع في مشروعية الشروط التعاقدية الجعلية.

 

والثاني: أن المستفيد يطالب العميل بالوفاء بالتزاماته، ويطالب المصرف بدفع مبلغ خطاب الضمان، فتوجهت مطالبته للاثنين.

 

والثالث: أن يقال: إنه شرط يخالف مقتضى العقد وحقيقته، فيلغى شرعًا، وتصحح صيغة خطاب الضمان؛ لتتوافق مع الصياغة الشرعية، وهو في ذلك لا يخرج في تخريجه عن كونه عقد ضمان؛ إذ هذا هو مقصوده.

 

(2) أن خطاب الضمان يضمن للمستفيد ما يدَّعيه بدون أيّ إثبات، وبغضّ النظر عن أيّة معارضة يبديها العميل، بخلاف عقد الضمان المسمّى في الشريعة؛ إذ لا يلتزم الضامن بالوفاء إلا إذا ثبت دين المضمون عنه. [13]


ويمكن أن يجاب من وجهين:

الأول: أن من أنواع خطاب الضمان ما يُشترط فيه تقديم المستندات المثبِتة للحق.

 

والثاني: أن إصدار خطاب الضمان أساسًا قام بمناسبة الالتزام بين العميل والمستفيد، وجاء الضمان تابعًا لهذا الالتزام، وليس مستقلاً عنه.

 

التخريج الثاني: أن خطاب الضمان عقد جعالة. [14]

وجهه (من جهة أثر العقد): أن المصرف يقوم بتعزيز المركز المالي للعميل، وهذا عمل منه، ومنفعة يقدمها لعميله، يستحق عليها جعلاً؛ فكأنّ العميل قال: أيّ مصرف تعهد بوفائي بشرطي، فله كذا. [15]


ويمكن أن يناقش: أن تعزيز المركز المالي جاء من خلال عقد الضمان، فرجع تخريج العقد إليه.

 

التخريج الثالث: أن خطاب الضمان عقد وكالة. [16]

وجهه (من جهة ما يترتب على العقد): أن مآل التزام المصرف – بموجب خطاب الضمان – أن يقوم بسداد الالتزامات المستقبلية على عميله؛ نيابةً عنه، والكفالة بالأمر وكالة بالأداء.

 

ويمكن أن يناقش من وجهين:

الأول: أن عقد الوكالة من العقود العامة، وتندرج تحته عدّة عقود؛ فإن كانت الوكالة تُنشئ على الوكيل مستلزمات مالية، كما هو الحال في خطاب الضمان غير المغطى؛ حيث يغرم المصرف مالاً، ثم يستوفيه من العميل؛ فإن هذا العقد بمعناه الخاص هو عقد ضمان.

 

والثاني: أن حقيقة عقد الوكالة تفويض الوكيل بالأداء عن موكله، دون أن يتحمل عنه، ويشغل ذمّته بدينه.

 

التخريج الرابع: إن كان خطاب الضمان مغطى بالكامل فهو عقد وكالة، وإن كان مغطى تغطيةً جزئيةً فهو عقد ضمان في الجزء غير المغطى، وعقد وكالة في الجزء المغطى.[17]


وجهه (من جهة ما يترتب على العقد): أن عمل المصرف في حالة خطاب الضمان المغطى لا يتعدى كونه وكالةً بالأداء عن العميل من ماله؛ إذ لا كفالة بين الطرفين، بخلاف إذا ما كان جزء من الخطاب غير مغطى.

 

ويمكن أن يناقش من وجهين:

الأول: أن الطرف الثالث إنما يطلب ضمانة المصرف للعميل في الحالين، وهذا ما يطلبه العميل من المصرف؛ لتقوية مركزه المالي، وليطمئن المستفيد أن حقه لن يضيع، فهو المقصود من خطاب الضمان، لا أن يكون المصرف مجرد وكيلٍ عن العميل.

 

ويمكن أن يجاب من وجهين:

الأول: أن المصرف له صفتان في حالة خطاب الضمان المغطى كلياً، فهو وكيل بالنسبة للعميل، وهو كفيل في علاقته مع العميل، ومع الطرف الثالث. [18]


والثاني: أن طالب خطاب الضمان قد لا يقصد منه تقوية مركزه المالي، بل توفير السيولة، وعدم تجميد مبلغ التأمين.

 

ويمكن أن يجاب: أن هذا قصد تابع للقصد الأساسي، والمستفيد إنما يطالبه بالضمانة.

 

والوجه الثاني من المناقشات: أن المصرف ملتزم للمستفيد بغضّ النظر عن وجود الغطاء، أو عدمه، ثم إن غطاء خطاب الضمان قد يكون نقدًا، وقد يكون غير نقد، فإن كان غير نقد، فإن المصرف سيسدد من عنده، والغطاء رهن عنده، فهو ضامن ومرتهن، وإن كان الغطاء نقدًا، وانتفع به المصرف، فهو قرضٌ عنده، وهو ضامن للمبلغ، وليس – في الحالين- وكيلاً فيه.[19]


التخريج الخامس: أنه عقد من العقود المستحدثة، وليس له مثال في العقود الشرعية المسمّاة. [20]

وجهه (من جهة أحكام العقد): أن الضمان المصرفي أصبح خدمة حديثة تخصصت فيها المصارف، وتنفق عليها أموالاً طائلة، وتقدمها لكبار رجال الأعمال والمستثمرين في المشاريع ذات الربح الوفير، وقد أصبحت مطلبًا يوميّاً في أسواق التجارة والاستثمار، وليس في العرف التجاري أن هذه الخدمة تقدم تبرعاً، وهذا كله بخلاف مفهوم الضمان الفقهي الذي أساسه عقد تبرع لمحتاج، تقتضيه الأخوة الإسلامية. [21]


ونوقش من ثلاثة وجوه:

الأول: أن التبرع حكم من أحكام عقد الضمان، وتخريج العقد إنما ينبني على حقيقته ومقصده، ثم إن من الأهداف التي أُسست لأجلها المصارف الإسلامية تحقيق معاني التكافل، والأخوة الإسلامية، وهي في ذلك تفارق المصارف الربوية.

 

الثاني: أن عقد الضمان لم يكن بعيدًا عن النشاط التجاري من قبل، بل كانت بعض صوره مرتبطة به؛ كضمان الدرك،[22] وضمان السوق،[23] ولم يبح عالمٌ من قبل تحول هذه الضمانات إلى عقود معاوضات. [24]


والثالث: لو صحّ هذا الاستدلال لقيل مثله في تجويز إقراض رجال الأعمال بزيادة؛ لأجل تمويل أعمالهم الاستثمارية. [25]


القول المخـتار:

لم يخرج خطاب الضمان المصرفي في حقيقته، ومقصد عاقديه، وشكله، واسمه، وأخصّ أحكامه عن كونه عقد ضمان، في صورتيه المغطاة وغير المغطاة:

أ‌) فحقيقته: ضمّ ذمّة إلى ذمّة في المطالبة بالدين، وهي حقيقة عقد الضمان، ويختار المستفيد – بالشرط – من يوجّه خطابه له، ولا يُبرئ هذا الضمان العميل من الوفاء بالتزاماته.

 

لذا نجد أن القانون الفرنسي خرّج خطاب الضمان على عقد الضمان.[26]


ب‌) ومقصد عاقديه أساسًا: تقوية المركز المالي للعميل، والتوثق من وفائه بالتزاماته، بضميمة تعهد شخص ملئ، وإن صادف ذلك بعض المصالح التابعة؛ كتوفير السيولة.

 

ج‌) وشكل العقد: ثلاثي، وترتبط الأطراف الثلاثة بعقد الضمان، ولم تخرج العلاقات المصاحبة للعقد عن متمّمات عقد الضمان، فالعلاقة بين العميل والمستفيد ترتب عليها دين الضمان، والعلاقة بين العميل والمصرف ترتب عليها تقديم رهنٍ لسداد هذا الدين.

 

د‌) وكلاهما يطلق عليه اسم الضمان.

 

هـ) والمصرف يده على الغطاء الذي قدّمه العميل يد ضمان، وهذا حكم من الأحكام المختصّة بعقود الضمان، ولو كان العقد وكالة لكانت يده يد أمانة، لا يضمن فيه المال إلا إذا تعدّى أو فرّط.

 

أما كون التبرع من أخصّ أحكام عقد الضمان، وخطابات الضمان المصرفية لا تقوم على التبرعات، فهذا هو الحكم المترتب على التخريج، ونناقشه في المطلب الثاني.

 

وقد جاء في كلام أهل العلم ما يدل على أن الضمان المغطى بالكامل لا يخرج عن كونه عقد ضمان، ومن ذلك:

ما ذكره ابن عابدين في حاشيته: “إذا دفع الأصيل – وهو المديون – إلى الكفيل المال المكفول به، ليس للأصيل أن يسترده من الكفيل، وإن لم يعطه الكفيل إلى الطالب، قال في النهر: لأنه – أيّ الكفيل – ملكه بالاقتضاء… واعلم أن ما مرّ من أن الكفيل ملك المؤدى، فذلك فيما إذا دفعه إليه الأصيل على وجه القضاء، بأن قال له: إني لا آمن أن يأخذ منك الطالب حقه، فأنا أقضيك المال قبل أن تؤديه… تنبيه: لو قضى المطلوب الدين إلى الطالب، فللمطلوب أن يرجع على الكفيل بما أعطاه”. [27]


وفي المهذب للشيرازي[28]: “فإن دفع المضمون عنه مالاً إلى الضامن، وقال: خذ هذا بدلاً عما يجب لك بالقضاء، ففيه وجهان: أحدهما: يملكه؛ لأن الرجوع يتعلق بسببين: الضمان والغرم، وقد وجد أحدهما، فجاز تقديمه على الآخر؛ كإخراج الزكاة قبل الحول، وإخراج الكفارة قبل الحنث، فإن قضى عنه الدين استقرّ ملكه على ما قبض، وإن أُبرىء من الدين قبل القضاء، وجب ردّ ما أخذ؛ كما يجب ردّ ما عجّل من الزكاة إذا هلك النصاب قبل الحول.

 

والثاني: لا يملك؛ لأنه أخذه بدلاً عما يجب في الثاني، فلا يملكه؛ كما لو دفع إليه شيئًا عن بيعٍ لم يعقده، فعلى هذا يجب ردّه، فإن هلك ضمنه؛ لأنه قبضه على وجه البدل، فضمنه؛ كالمقبوض بسوم البيع”. [29]


وقال ابن قدامة: “وإذا دفع المضمون عنه قدر الدين إلى الضامن، عوضًا عما يقضيه في الثاني…”، ثم ذكر الوجهين السابقين في كلام الشيرازي، ثم قال: “فإن قضى الدين استقرّ ملكه على ما قبض، وإن برئ قبل القضاء وجب ردّ ما أخذ؛ كما يجب ردّ الثمن إذا لم يتمّ البيع”. [30]

 

المطلب الثاني: بيان محل المنع (طلب الربح من خلال الضمان):

لما كان خطاب الضمان المصرفي في حقيقته عقد ضمان، وكان يرتبط – في صورته التقليدية – بأخذ الأجر عليه، كان هذا الارتباط هو محل الخلاف والتجاذب.

 

مسألة: حكم أخذ الأجر على الضمان:

اختلف الفقهاء في حكم أخذ الأجر على الضمان على ثلاثة أقوال:

القول الأول: منع أخذ الأجر على الضمان.

وهو قول الجمهور؛ من الحنفية، [31] والمالكية،[32] والشافعية،[33] والحنابلة،[34] ونقل ابن المنذر[35] فيه الإجماع، ثم ذكر خلاف ابن راهويه،[36] واختارته بعض الهيئات الشرعية،[37] وجمعٌ من الفقهاء المعاصرين. [38]


قال السرخسي: “ولو كفل رجل عن رجلٍ بمال على أن يجعل له جعلاً، فالجعل باطل”.[39]


وقال الإمام مالك: “الحمالة بالجعل حرام”. [40]


وقال الإمام الشافعي: “الكفالة استهلاك مال، لا كسب مال”. [41]


وقال ابن قدامة عن الضمان: “التزام مالٍ، لا فائدة له فيه”،[42] وقال أيضًا: “والضمين والكفيل على بصيرة أنه لا حظّ لهما”. [43]


واستدلوا من السنة، والمعقول:

(1) استدلوا من السنة: بما أخرجه الخمسة إلا النسائي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “الزعيم غارم، والدين مقضي”،[44] والزعيم: الكفيل والضمين، وغرامته: إعطاؤه ما ضمنه، وتكفل به. [45]


ووجه الدلالة: أن الضمان عقد غرم، فلا يجوز صرفه إلى عقد غنم، واسترباح. [46]


(1) واستدلوا من المعقول بأربعة أدلة:

الدليل الأول (من جهة الاستدلال بأصل منع الربا): أن الضمان بالطلب يعتبر استقراضًا، والزيادة في القرض ربا.[47]


ونوقش من وجهين:

الوجه الأول:أن الأجر في الضمان عوض عن محض الالتزام بالدين؛ سواء أدّاه الضامن فيما بعد، أم لا، والأجر على هذا الالتزام لا على أداء الدين وإقراض المضمون عنه. [48]


ويجاب: أن الالتزام في الضمان التزامٌ بالوفاء إذا لم يوفِ المضمون عنه، ثم رجوع الملتزِم عليه، فحقيقته الالتزام بالإقراض.

 

ومن وجهٍ آخر: أنه لا يمكن القول بانفكاك الالتزام بالدين عن الدين؛ إذ لا يوجد التزام بالدين دون وجود دين، فأخذ العوض عن الالتزام بالدين هو عين أخذ العوض عن أداء الدين؛ لأن الالتزام فرع الدين. [49]


والوجه الثاني: أن الضامن بعد وفائه يكون دائنًا للمضمون عنه، وليس مقرضاً له؛ إذ ليس هذا الدين ناشئًا عن قرض، والدين أعمّ من القرض، وأحكامه تختلف عنه. [50]


وأجيب من وجهين:

الأول: أنه لا فرق بين أن يعطي الضامن المضمون عنه المال؛ ليسدد دينه، وبين أن يسدد دينه مباشرة بإذنه، ثم يرجع عليه. [51]


والثاني: وعلى التسليم بالفرق بينهما، فإن الربا يجري في الديون كما يجري في القروض، وتسويغ الزيادة بهذه الحجة يفتح باب الربا على مصراعيه؛ إذ لا يعجز المرابي – بدلاً من أن يقرض المحتاج – أن يكفله، ثم يؤدي عنه، ويأخذ الزيادة. [52]


والدليل الثاني (من جهة منع أسباب الغرر): أن الضمان بأجر يتضمن الغرر؛ إذ لا يدري المضمون عنه الباذل للأجرة؛ هل سيحتاج إلى وفاء الضامن لدينه، أم لا؟.[53]


ونوقش: أن الغرر حاصل لو كان الأجر مقابل الإقراض، لكنه هنا مقابل محض الالتزام، وهو حاصل جزمًا.[54]


ويجاب: كما سبق، بأن الالتزام إنما هو التزام بالإقراض، وأداء الدين عن المضمون عنه؛ فبقيت علة المنع.

 

الدليل الثالث (من جهة الاستدلال بمسلك النظر في المقاصد): أن الضمان من القُرب والتبرعات، وأخذ الأجر عليه يخرجه عن موضوعه.[55]


ونوقش من ثلاثة وجوه:

الأول: أن العرف الجاري بالتبرع بالضمان قد تغير، فليس في العرف المصرفي أن تُقدم هذه الخدمة من باب المروءة والشهامة، بل أصبحت مهنة تمتهن بعوض. [56]


وأجيب: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: “الزعيم غارم”،[57] هو الذي دلّ على منع أخذ الأجر على عقود الضمان، وليس مجرد العرف. [58]


والثاني: عدم التسليم بأن كل أبواب المعروف والقُرب لا يجوز أخذ الأجر عليها، بل يجوز أخذ الأجر على تعليم القرآن وعلى الشهادة. [59]


وأجيب: أن أخذ الأجر على تعليم القرآن والشهادة لا يترتب عليه ما يترتب على أخذ الأجر على الضمان من مفسدة الانجرار إلى الربا، والوقوع في الغرر، ثم إن في الأمثلة السابقة عملاً يؤديه الإنسان، ويُشغل وقته، وليس كذلك الضمان المجرد. [60]


والثالث: على التسليم بأن عقد الضمان عقد تبرع، فلا يمتنع أن ينقلب بالتراضي إلى عقد معاوضة، فالهبة تنقلب بالتراضي على العوض إلى هبة الثواب، والعارية إلى إجارة. [61]


ويجاب: بأن الضمان مع العوض ينقلب إلى قرضٍ بمنفعة، فيترتب عليه المحظور، بخلاف ما سبق.

 

والدليل الرابع (من جهة الاستدلال بمسلك الفروق بين العقود): أن الأجر إنما يُستحق في مقابل عملٍ، وليس الضمان كذلك، فيكون من أكل المال بالباطل،[62] ويوضحه أن المضمون عنه إذا أدّى الدين لم يحصل على شيء من الضامن يستحق العوض. [63]


ونوقش: أن الالتزام بالضمان منفعة مبذولة متقومة في العرف المصرفي، فتقابل بأجرة؛ كالعمل. [64]


وأجيب: أن منفعة الالتزام بالضمان ليست محلاً للمعاوضة، كمنفعة الإقراض؛ لأن حقيقتها استعداد للإقراض، ومقصودها تعزيز مركز طالبها؛ كمقصود الإقراض. [65]



القول الثاني: جواز أخذ الأجر على الضمان.

وهو قول إسحاق بن راهويه،[66] واختاره البنك الإسلامي الأردني،[67] وجمعٌ من المعاصرين.[68]


ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل وابن راهويه: “قال سفيان: [69] إذا قال رجلٌ لرجلٍ: اكفل عنّي، ولك ألف درهم؛ الكفالة جائزةٌ، ويرد عليه ألف درهم، قال أحمد: ما أرى هذا يأخذ شيئًا بحق، قال إسحاق: ما أعطاه من شيءٍ فهو حسن”. [70]


واستدلوا بأربعة أدلةٍ:

الدليل الأول (من جهة الاستدلال بمسلك التخريج على الفروع): قياس مشروعية أخذ الأجر على الضمان على مشروعية أخذ الأجر على الجاه.[71]


ونوقش من وجهين:

الأول: أن من أجاز أخذ الأجرة على الجاه، قيّد ذلك بأن يصاحب بذل الجاه كلفة وتعب، يقابل بأجر عرفًا،[72] والأجر إنما هو لبذل هذا الجهد، لا للجاه، الذي يجب عليه بذله.[73]


وأجيب: أن من أهل العلم من أجاز أخذ الأجرة على الجاه مطلقًا،[74] ثم إن الضمان المصرفي اليوم تُنفق عليه أموال طائلة، وتُخصص لأجله قطاعات بشرية مدرّبة، وتقنيات فنية حديثة، ففيه كلفة، وبذل مال وعمل.

 

والثاني: أن الضمان مؤداه القرض – بخلاف بذل الجاه -؛ فتمنع فيه الزيادة. [75]


ويجاب: أن هذا مانع من الصور التي يؤول فيها خطاب الضمان إلى القرض، دون أن يمنع ذلك كل صوره.

 

الدليل الثاني (من جهة الاستدلال بمسلك التخريج على القواعد): فيُخرّج أخذ الأجر على الضمان على قاعدة الخراج بالضمان،[76] فمن ضمن مالاً فله من ربحه ومنافعه؛ إذ الضمان نوع عملٍ يستحق عليه باذله أجرًا، أو ربحًا. [77]


ونوقش من وجهين:

الأول: أن المخاطرة التي يتعرض لها الضامن من جنس المخاطرة التي يتعرض لها المقرض، بل هي في المقرض أكبر، ومع ذلك لم يحل له أخذ الزيادة على قرضه. [78]


ثم إنّ المخاطرة في خطاب الضمان تكاد تكون معدومة؛ لشدة استيثاق المصارف لحقها، من خلال الغطاء النقدي، والرهون، والضمانات الأخرى التي تشترطها. [79]


والثاني: أن مقتضى قاعدة الخراج بالضمان المشاركة في الأرباح والخسائر، وهذا جارٍ في عقود المعاوضات والمشاركات، ولا علاقة له بضمان الديون؛ إذ موضوع القاعدة ما كان الضمان فيه تبعاً، لا أصلاً. [80]


الدليل الثالث (من جهة الاستدلال بمسلك التفريق بين العقود): أن الضمان ليس من الخير الواجب على فاعله، فلا يُمنع من أخذ الأجر عليه.[81]


ويمكن أن يناقش: أن الضمان لا يجب على فاعله، لكنه متى ما بذله وجب كونه بغير مقابل؛ كالقرض.

 

الدليل الرابع (من جهة الاستدلال بدليل دفع الحاجة): تجويز أخذ الأجر على الضمان استحسانًا؛ للمصلحة العامة المتحققة من خلال تقوية منافسة المصارف الإسلامية للمصارف الربوية، وللمصلحة الخاصة المتحققة للأفراد.[82]


ويناقش: بأنه يشترط للأخذ بالاستحسان واعتبار المصلحة أن لا يخالفهما الدليل الأقوى، وهما هنا في مخالفة حديث: “الزعيم غارم”.




القول الثالث: جواز أخذ الأجر على الضمان إذا كان لا يؤول إلى قرضٍ بمنفعة.

واختارته بعض الهيئات الشرعية،[83] وبعض الفقهاء المعاصرين. [84]


ويتصور الضمان الذي لا يؤول إلى قرضٍ بمنفعة في الحالات التالية:

1- إذا أدّى المضمون عنه الدين، فلم ينشأ عقد قرض بينه وبين الضامن أصلاً.

 

2- إذا أدّى الضامن الدين، وكان مدينًا بمثله للمضمون عنه، فوقعت المقاصّة بين الدينين، وانقضت المداينة حالاً. [85]


3- إذا أدّى الضامن الدين، وبادر المضمون عنه بوفاء الدين حالاً، أو في يومه؛ لانقضاء المداينة بينهما في الحال، دون تأخير. [86]


4- إذا أدّى الضامن الدين، وردّ الأجر الذي أخذه إلى المضمون عنه، فوقع القرض بلا منفعة.[87]


واستدلوا: أن الأجر إذا كان على ضمانٍ لا يؤول إلى قرضٍ بمنفعة لم تقو علة على منعه، والأصل في المعاملات الإباحة. [88]


ونوقش من وجهين:

الأول: أن الضمان بأجر إن سلم من الربا، لم يسلم من الغرر، وإخراج العقد عن موضوعه.

 

والثاني: أن وفاء المضمون عنه بمثل ما أدّى عنه الضامن فورًا، أو في يومه، لا يدفع علة القرض الذي جرّ نفعًا؛ لبقاء الزيادة مقابل القرض،[89] ثم إن تطبيق ذلك يصعب في الواقع العملي.[90]


سبب الخـلاف:

أن منفعة خطاب الضمان منفعة مبذولة، لا غرر في حصولها؛ لانتفاع طالب الخطاب به بمجرد استصداره، وهي متقومة في العرف المصرفي، لكن هل لها قيمة في النظر الشرعي؟.

 

وللاقتراب من الجواب لا بدّ من مناقشة تساؤلين:

الأول: هل منفعة الضمان كمنفعة الجاه، يجوز أن تقابل بأجر؟، أم كمنفعة القرض، لا يجوز أن تقابل بأجر؟، أم تشمل أن تكون كالاثنين، فيُفصّل فيها؟.

 

والثاني: هل النظر إلى الضمان غير المغطى ينبغي أن يكون نظرًا إلى مبتدئه (وقد استعدّ لئن يقرض)، أو نظرًا إلى ما يؤول إليه (هل سيقرضه فعلاً، أم لا)؟، وهل الاستعداد كالفعل؟.

 

القول المخـتار:

بإمعان النظر في التساؤلات السابقة على ضوء ما عُرض من مناقشات، يقوى – والله أعلم – القول بالتفصيل:

فإن كان خطاب الضمان غير مغطى، فحقيقة هذه المسألة تشبه حقيقة ما تقدمه بطاقات الائتمان من خدمة الاستعداد للإقراض، اللهم هناك لا ينتفع كثيرًا حامل البطاقة من مجرد الاستعداد، وهنا قد يتحقق مقصوده من ذلك.

 

والذي أؤيده في هذه الحالة هو القول بالمنع من أخذ الأجر مطلقًا؛[91] للاعتبارات التالية:

الأول: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: “الزعيم غارم”؛[92] دلّ على أن الضامن الذي سيغرم ما تكفل به، ليس له إلا هذه الغرامة، دون أن يكسب من ضمانته شيئًا.

 

والثاني: أن الضمان الذي معناه الاستعداد للإقراض شقيق القـرض، في حقيقته ومقصوده -كما سبق-،[93] وفيه شغل الذمّة بالدين، بل وقد يغرم فيه الضامن؛ بخلاف الجاه.

 

يوضحه قول السرخسي في المبسوط: “الكفالة بمنـزلة الإقراض، فإنه ]أي الكفيل[ متبرع في الالتزام، وإن كان عند الأداء يرجع، كما أن المقرض تبرع بأداء المال، وإن كان له حق الرجوع في المال”. [94]


وفي الشرح الصغير للدردير عند الحديث عن الضامن، قال: “لأنه كالمُسَلِّف، يرجع بمثل ما أدّى حتى في المقوّم، لا بقيمته”. [95]


وفي روضة الطالبين: “الضمان تبرع، وإنما يظهر هذا حيث لا رجوع، وأما حيث ثبت الرجوع فهو قرض محض”. [96]


وفي الكافي لابن قدامة: “وإن قال: اقترض لي مائة، ولك عشرة صحّ؛ لأنها جعالة على ما بذله من جاهه، وإن قال: تكفل عني بمائة، ولك عشرة لم يجز؛ لأنه يلزمه أداء ما كفل به، فيصير له على المكفول، فيصير بمنـزلة من أقرضه مائة، فيصير قرضًا جرّ نفعًا”. [97]


والثالث: أننا إذا كنا نمنع مَن أقرض إنسانًا أن ينتفع منه بزيادة على قرضه، فأولى منه أن نمنع من استعدَّ لإقراضه؛ إذ المنفعة في الأول أعظم.

 

وأما إن كان خطاب الضمان مغطى بالكامل، فليس ههنا إقراض، ولا استعداد للإقراض، بل الضامن هو المقترض من المضمون عنه، وقد تملك مال الغطاء لصالحه؛ كما تبين في كلام الفقهاء الذي سبق عرضه،[98] وكما هو حال الواقع المصرفي.

 

وهو في هذه الحال كصاحب الجاه، الذي تُقبل وجاهته عند الطرف الآخر، أو كمن يوضع عنده حق للطرف الآخر؛ ليؤديه في حالة استحقاقه، ولا حرج عليه في أن يأخذ أجرةً على ذلك، وأن يقدّرها بحسب مصلحته؛ خصوصاً أن العرف المصرفي والتجاري جارٍ بذلك، وأن المضمون عنه ليس بمحتاج؛ ليُمنع المصرف من أن يتاجر بحاجته، وليؤمر بفعل المعروف له تبرعًا.

 

المبحث الثاني: البدائل الإسلامية لخطابات الضمان غير المغطاة، وتقويمها:

تنوعت مجالات خطابات الضمان، وتعددت أشكالها، حتى أصبحت جزءًا من حياة الناس، وفشا استخدامها في مشاريع الأشغال والمقاولات، وعقود التوريد، والشراء بالآجل، واستفيد منها في مجال القضاء؛ لتأمين تنفيذ بعض الأحكام، أو عودة بعض المسافرين، وفي الدوائر الجمركية والضريبية؛ لـتأمين ما هو مستحق، أو ما قد يستحق؛ خصوصًا عند سفر الأجانب عن البلاد بصفة نهائية.[99]


ومع إباحة أخذ الأجر على خطاب الضمان المغطى بالكامل، ومع ما يترتب على هذا الحصر من مصالح كبيرة، تتمثل في عدم إفساح المجال لمن ليس لهم القدرة على الوفاء بالتزاماتهم من أن يتوسعوا بالدخول في مشاريع لا قدرة لهم على تحمل تبعاتها،[100] إلا أن أغلب طالبي خطابات الضمان يبحثون عن الخطابات غير المغطاة، الأمر الذي جعل بعض المصارف الإسلامية تمتنع من إصدار خطابات الضمان،[101] ودفع بعضها الآخر في طريق البحث عن بدائل مشروعة، تُحقق للناس مصالحهم، وتحول بينهم وبين اللجوء للبنوك الربوية، وتحقق كذلك للمصرف عائدًا لقاء ما عليه من التزامات مالية.

 

ولقيام الحاجة إلى هذه البدائل، رأينا أحد الفقهاء المعاصرين – وهو الشيخ مصطفى الزرقا – يعلق الحكم بحرمة أخذ الأجر على الضمان على وجود البديل الإسلامي، ويلخص رأيه في هذه المسألة بقوله: “أقول بالحرمة متى وجد البديل، وإذا لم يوجد، فأنا متوقف، لا أقول بإطلاق الجواز، ولا أثبت على الحرمة”. [102]


وقد أوجد الباحثون المصرفيون عددًا من البدائل الإسلامية لخطابات الضمان غير المغطاة، نناقشها في المطالب الأربعة التالية:

المطلب الأول: عرض البديل الأول: إصدار خطاب الضمان بعقد مضاربة، وتقويمه:

أولاً: عرض فكرة البديل، وذكر من قال به:

يعتمد هذا البديل على تقديم المصرف الإسلامي لخطاب الضمان غير المغطى على أساس عقد المضاربة، بحيث يكون المصرف رب المال، والعميل رب العمل، ويشتركان في العملية التي هي محل خطاب الضمان.

 

وقد أشار إلى هذا البديل الدكتور الغريب الناصر،[103] والدكتور محمد رامز.[104]


وقدّم أحد الباحثين نموذجًا لهذا البديل، تتلخص فكرته في التالي: [105]


يقوم المصرف بتمويل كافة العمليات التي ينفذها العميل منذ بدايتها إلى نهايتها، وهو في هذا بمثابة رب المال، ويصدر خطاب الضمان دون أيّ غطاء، أو مقابل للضمان، أو للمصروفات الإدارية.

 

ويعتبر العميل رب العمل، ويقوم بتنفيذ الالتزامات تجاه المستفيد.

 

ثم يقتسمان الربح بحسب الاتفاق بينهما، وفي حالة حصول الخسارة، أو مصادرة المستفيد لقيمة خطاب الضمان لا يحل للمصرف أن يرجع بها على العميل، ما لم يتعدّ أو يفرّط في أداء التزاماته؛ كحال المضارب في عقد المضاربة.

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

يُخرّج هذا البديل على عقد المضاربة متى ما كان خطاب الضمان غير مغطى بالكامل؛ أي كان التمويل كليًا مقدمًا من المصرف.

 

وتُشكل على هذا البديل عدّة أمور:

الإشكال الأول: أن مجال عمليات خطاب الضمان في غير التجارة غالبًا؛ كالمقاولات، فهل يصح عقد المضاربة على ذلك؟.

 

مسألة: حكم عقد المضاربة على غير التجارة:

اختلف أهل العلم هل يلزم أن يكون عمل المضاربة من جنس التجارة، أم لا يلزم على قولين؟.

 

القول الأول: لا تجوز المضاربة إلا على عمل التجارة؛ أي البيع والشراء.

وهو مذهب الشافعية.[106]


قال النووي: “الركن الثاني: العمل، وله شروط، الأول: أن يكون تجارة، ويتعلق بهذا الشرط مسائل: الأولى: لو قارضه على أن يشتري الحنطة، فيطحنها ويخبزها، والطعام ليطبخه ويبيعه، والغزل لينسجه، والثوب ليقصره، أو يصبغه، والربح بينهما، فهو فاسد”.[107]


واستدلوا: بأن المضاربة شُرعت رخصةً للحاجة، والتجارة لا ينضبط قدرها، وتمس الحاجة للعقد عليها، فاحتُمل فيها جهالة العوضين، وأما غيرها من الأعمال فهو منضبطٌ، ويمكن الاستئجار عليه، فلا تشمله الرخصة. [108]


القول الثاني: تجوز المضاربة على كل ما من شأنه تثمير المال؛ سواء كان تجارة، أو صناعة، أو زراعة، أو غيرها.

وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[109] والحنابلة،[110] والمالكية إذا لم يشترط عمل يدّ العامل.[111]


قال السرخسي: “وإذا دفع مالاً مضاربة، وأمر المضارب أن يعمل في ذلك برأيه، أو لم يأمره، فاستأجر المضارب ببعضه أرضًا بيضاء، واشترى ببعضه طعامًا، فزرعه في الأرض، فهو جائز على المضاربة؛ بمنـزلة التجارة”. [112]


وقال ابن قدامة: “وإن دفع رجل دابته إلى آخر ليعمل عليها، وما يرزق الله بينهما نصفين، أو أثلاثًا، أو كيفما شرطا صحّ”. [113]


وقال الدردير: “لو شرط عليه أن ينفقه في الزرع، من غير أن يعمل بيده، فلا يمنع”. [114]


واستدلوا: أن كل عملٍ يؤدي إلى تثمير المال وتنميته، فحكمه كحكم التجارة. [115]


القول المختـار:

جواز المضاربة على عمل غير التجارة؛ لأنه لم يثبت كون المضاربة شُرعت رخصةً على خلاف القياس، بل هي من جنس المشاركات،[116] فسقطت الدعوى، وكل عمل يحقق غاية المضاربة من تثمير المال، وحصول الربح منه، تصح فيه.

 

والإشكال الثاني: أن المصرف سيقدم رأس المال وخطاب الضمان، وإذا خسرت العمليـة – محل خطاب الضمان – فمعنى ذلك أن المصرف سيخسر رأس المال، وقيمة خطاب الضمان، وإذا ربحت فمعنى ذلك أن المصرف دفع رأس المال فقط، واحتفظ بقيمة خطاب الضمان، ومنه يلوح أن رأس المال في مجموعه غير معلوم، وقد اتفق أهل العلم على اشتراط أن يكون رأس المال في المضاربة معلومًا؛ لأجل أن يكون الربح معلومًا كذلك. [117]


وإذا نظرنا من زاوية أخرى، فإن المصرف سيضمن رأس المال، وما ينتج من تصرفات العامل، ومنها تغريمه قيمة خطاب الضمان؛ بمعنى أنه سيلتزم بخسارة هي أكبر من رأس المال الذي قدّمه، فهل يصح ذلك؟.

 

فإذا اعتبرنا أن قيمة خطاب الضمان من رأس المال، كان رأس المال غير معلوم تحديدًا، وإذا اعتبرنا أن قيمة خطاب الضمان ليست من رأس المال، فإن المصرف في هذه الحالة قد يغرم أكثر من رأس المال الذي قدّمه.

 

وهذه المسألة – والتي قبلها – تُخرّج على حكم استدانة العامل دينًا على المضاربة بإذن رب المال؟.

 

ووجه التخريج: أن قيمة خطاب الضمان التي سيتحملها المصرف في حال إخلال العامل بالعمل تعتبر زيادة على رأس المال بعد ثبوته، وكأنه دفع إلى العامل رأس المال، وأذن له إن احتاج أن يستدين عليه، ثم هو قد يحتاج، وقد لا يحتاج، فهل يصحّ ذلك؟.

 

توافقت كلمة الفقهاء على جواز استدانة العامل على المضاربة، إذا كان الضمان على رب المال، وقد أذن له،[118] فيتحمله رب المال، وينفرد برأس المال كله.[119]


واستدلوا: بأن الاستدانة إذا لم تكن بإذن رب المال، كان في ذلك إثبات زيادة في رأس المال من غير رضا رب المال، فيوجب ذلك زيادة ضمان عليه من غير رضاه، وهو لا يجوز، فإن أذن جاز؛ لأن المنع لحقه، وقد زال بإذنه، ولما كان ضمان المال على ربه، طاب له ربحه. [120]


وعليه فيجوز لرب المال أن يدفع رأس المال، ويأذن للعامل في التصرف، ولو بأن يُحمّل الشركة ديناً بقدر معين، ثم يتحمّل رب المال تبعة ذلك، فإن وقعت الخسارة كانت على رب المال في ماله الذي دفعه، وفي الدين الذي أذن فيه؛ كمسألتنا.

 

والإشكال الثالث: هل حقيقة هذا البديل أن المصرف قال للعامل: أضمنك، بشرط أن أضارب معك، فيكون قد تركب من ضمان ومضاربة؟، أو أن حقيقته عقد مضاربة، والضمان تابعٌ له، تقرر على رب المال؛ كحكمٍ من أحكام عقد المضاربة؟.

 

الصحيح الثاني لأمرين:

الأول: أن محل التـزام المصرف في الضمان هو ذات محل التزام المصرف والعامل بعمل المضاربة،[121] فلم يكن المصرف ضامنًا للعامل في محل، على أن يضارب معه في محل آخر.

 

والثاني: أن تحقق الربح حصل بسبب اجتماع المال والعمل، ولم يكن الضمان سببًا أساسيًا فيه، ثم اشترك الطرفان في الربح والخسارة.

 

وقد أجاز الحنفية صورة تشبه الصورة الأولى؛ وهي اجتماع القرض مع المضاربة، والقرض أشدّ من الضمان؛ إذ غاية الضمان أن يؤول إلى القرض، ففي المبسوط: “لو دفع ألف درهم إلى رجل على أن يكون نصفها قرضًا عليه، ويعمل في النصف الآخر بشركته يجوز ذلك”. [122]


وذلك لأن النفع مشترك بين الاثنين، ولم يقصد المقرض تمحض النفع له، ونحوها ما ذكره ابن القيم، قال: “ونظير هذا: ما لو أفلس غريمه، فأقرضه دراهم، يوفيه كل شهر شيئًا معلوماً من ربحها، جاز؛ لأن المقترض لم ينفرد بالمنفعة… ونظير ذلك أيضًا: إذا أقرض فلاحه ما يشتري به بقرًا، يعمل بها في أرضه، أو بذرًا يبذره فيها… وذلك لأن المستقرض إنما يقصد نفع نفسه، ويحصل انتفاع المقرض ضمنًا، فأشبه أخذ السفتجة به، وإيفاءه إيّاه في بلد آخر، من حيث إنه مصلحة لهما جميعًا، والمنفعة التي تجرّ إلى الربا في القرض هي التي تخص المقرض؛ كسكنى دار المقترض، وركوب دوابه، واستعماله، وقبول هديته، فإنه لا مصلحة له في ذلك، بخلاف هذه المسائل فإن المنفعة مشتركة بينهما، وهما متعاونان عليها، فهي من جنس التعاون والمشاركة”.[123]


ومما سبق، يظهر جواز هذا البديل على الصورة المذكورة آنفًا؛ إذ لا محذور يترتب عليه، ولا مخالفة فيه لشروط عقد المضاربة، والله تعالى أعلى وأعلم.

 

المطلب الثاني: عرض البديل الثاني: إصدار خطاب الضمان بعقد شركة، وتقويمه:

أولاً: عرض فكرة البديل، وذكر من قال به:

(أ‌) تعتمد أصل فكرة هذا البديل على أن يشترك المصرف مع العميل في العملية موضوع الضمان، ويصدر المصرف خطاب الضمان للمستفيد باعتباره شريكًا للعميل، لهما في الغنم، وعليهما من الغرم، وهما ضامنان لمال الشركة، وللتصرفات المالية المتعلقة بذمّتها.

 

وممن عرض هذا البديل الدكتور الصديق الضرير، وبيّنه بقوله: “اشتراك البنك مع طالب خطاب الضمان في العملية، إذا كانت قابلة للمشاركة، ويصدر البنك خطاب الضمان في هذه الحالة باعتباره شريكًا أصيلاً، لا ضامنًا “.[124]


(ب‌) وقد حوّر في هذه الفكرة الدكتور محمد الصاوي، وعلق عليها بعبارة في هامش أحد كتبه، فكتب ما نصّه: “يعتبر البنك من تاريخ وفائه بقيمة الخطاب شريكًا في العملية الاستثمارية، التي صدر من أجلها هذا الخطاب”.[125]


(ج) وتبنت هذا البديل واقعًا هيئة الرقابة الشرعية ببنك فيصل الإسلامي المصري، فأصدرت قرارها: “ترى الهيئة أنه يمكن للبنك، حينما يطلب منه العميل إصدار خطاب أن يشارك هذا العميل في العملية المطلوب من أجلها الضمان، وذلك بعد دراستها، والاطمئنان إلى ظروف مباشرتها”. [126]


وقدّم البنك نموذجًا، تقوم فكرته على تغطية المصرف احتياجات العملية موضوع الضمان، عن طريق فتح حساب مشاركة على النحو التالي:

(1) يقدم المصرف للعميل رأس المال التمويلي للعملية، ويقدم كذلك خطاب الضمان، ويحتسب قيمة 25% من قيمة الخطاب؛ كتمويل (رأس مال في العملية)، ويحتسب كذلك قيمة الخدمات المصرفية، التي ينفذها لصالح العملية كأجر مقطوع، أو كنسبة من الأرباح.

 

(2) بينما يقوم العميل بإدارة العمل، ويحصل على 30% من الأرباح قبل توزيعها؛ كأجر مقابل إدارته.

 

(3) وفي نهاية العملية يتم ردّ أصل خطاب الضمان، ثم تقسم الأرباح بحسب الاتفاق. [127]


ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

أ- حكم أصل الفكرة:

إذا كان التمويل من المصرف جزئيًا فالشركة شركة عنان، وإن كان كليًا فالشركة شركة مضاربة،[128] وكلا الشركتين مشروعة بالإجماع،[129] وقد سبق الحديث عن بعض الإشكالات، والجواب عنها. [130]


ب- حكم التحوير الداخل على هذا البديل:

تبرع المصرف ابتداءً بخطاب الضمان، ثم اعتباره من تاريخ الوفاء بقيمته شريكًا في العملية الاستثمارية، التي صدر من أجلها هذا الخطاب تعليقٌ لعقد الشركة بين العميل والمصرف على وفاء الطرف الأخير بقيمة الخطاب للمستفيد.

 

وتتخرّج هذه المسألة على حكم تعليق إنشاء عقد الشركة ؟.

 

ووجه التخريج: أن تعليق العقد هو ربط حصول مضمون جملة، بحصول مضمون جملة أخرى، بأداة من أدوات الشرط،[131] ومنه قول المصرف: إذا سددتُ عنك قيمة الضمان، فأنا شريكك في محله، قال في الإنصاف: “لو قال: إذا قبضت الدين الذي على زيد، فقد ضاربتك به، لم يصح، وله أجرة تصرفه، قال في الرعاية: قلت: يحتمل صحة المضاربة؛ إذ يصح عندنا تعليقها على شرط”.[132]


مسألة: حكم تعليق عقد المضاربة والشركة:

اختلف أهل العلم في حكم تعليق عقد المضاربة – ومثلها الشركة – على قولين:

القول الأول: لا يصح تعليق عقد المضاربة.

وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[133] والمالكية،[134] والشافعية. [135]


قال ابن عابدين: “لم أر من صرح بصحة التعليق في المضاربة”.[136]


وقال الدردير: “أو قراض أُجّل؛ كاعمل به سنة، أو سنة من الآن، أو إذا جاء الوقت الفلاني فاعمل به فيه، ففاسد”. [137]


وقال الشربيني[138]: “فإن علقه على شرط؛ كأن قال: إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك، أو علق تصرفه؛ كأن قال: قارضتك الآن، ولا تتصرف حتى ينقضي الشهر، لم يصح”. [139]


واستدلوا بثلاثة أدلة:

الدليل الأول (من جهة بيان حقيقة العقد): أن الرضا ركن في إنشاء العقد، ولا يتمّ الرضا إلا بشرط الجزم، ولا جزم في التعليق.[140]


ويناقش: بأن الجزم يحصل مع التعليق؛ كالوصية.

 

والدليل الثاني (من جهة التخريج على الفروع): أنه عقدٌ يبطل بالجهالة، فلا يصح تعليقه؛ كالبيع والإجارة. [141]


ونوقش: أن البيع والإجارة لم يدل الدليل الصحيح على منع تعليقهما، بل قد صحّ تعليق كثير من المعاملات بالأدلة الصحيحة؛ فقد عُلّق الضمان في القرآن بالشرط، قال تعالى: ﴿ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ ﴾،[142] وعُلّق مهر تزويج موسى – عليه الصلاة والسلام – بابنة صاحب مدين، قال تعالى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ ﴾،[143] وعلّق عمر رضي الله عنه ربحه في المزارعة بالشرط، فكان يدفع الأرض إلى من يعمل فيها على أنه إن جاء عمر بالبذر من عنده فله الشطر، وإن جاؤوا بالبذر فلهم كذا.[144]


والدليل الثالث (من جهة منع أسباب الغرر): أن التعليق فيه معنى القمار والمخاطرة؛ حيث يتردد العقد بين الوجود إذا وُجد الشرط، أو العدم إذا لم يوجد.

 

ويناقش: أن القمار الممنوع ما يترتب عليه أكلٌ لمال الغير بالباطل، أما تردد العقد ههنا فلا يترتب عليه محظور.



القول الثاني: يصح تعليق عقد المضاربة.

وهو مذهب الحنابلة. [145]


قال البهوتي: “ويصح تعليقها؛ أيّ المضاربة، ولو على شرط مستقبل”. [146]


واستدلوا بدليلين:

الدليل الأول (من جهة التخريج على الفروع): أن المضاربة إذنٌ بالتصرف، فيصح تعليقها على شرطٍ مستقبل؛ كالوصية.[147]


ونوقش: أن الوصية لا يؤثر فيها غرر الجهالة، فلا يؤثر فيها غرر الشرط؛ بخلاف المضاربة.[148]


والدليل الثاني (من جهة التخريج على الأصول): أن الأصل في العقود والشروط الإباحة، وقد تدعو الحاجة إلى التعليق. [149]


القول المخـتار:

صحة تعليق المضاربة؛ لعدم ترتب المحظور عليه، ولأنه قد توجد الحاجة إلى ذلك، واستئناسًا بتعليق عمر رضي الله عنه الربح في المزارعة بالشرط، مع كونه ركنًا فيها؛ والمضاربة والمزارعة كلاهما من جنس المشاركات.

 

ج- حكم نموذج خطاب الضمان الصادر من بنك فيصل الإسلامي المصري:

وتتعلق به ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: احتساب قيمة خطاب الضمان، أو بعضها ضمن رأس مال الشركة:

ويلاحظ على هذه الصيغة:

(1)  أن فيها مخاطرةً وغررًا من وجهين:

(أ‌) أن نسبة 75% من قيمة خطاب الضمان ليس لها مقابل من الربح، فهي مخاطرة بغير نفع.

 

(ب‌) وأن نسبة 25% من قيمة الخطاب تحتسب ضمن قيمة المشاركة، مع أن المصرف قد لا يسدد قيمة الخطاب فعلاً إلى المستفيد، فيحصل بذلك على أرباح أموالٍ قد لا يدفعها. [150]


ويناقش هذا الاعتراض: بأن رصد رأس المال، أو جزء منه تحت طلب العامل كافٍ في صحة عقد الشركة والمضاربة؛ كما سيأتي. [151]


(2) أن اعتبار خطاب الضمان، أو جزء منه تمويلاً مقدّمًا من المصرف؛ كرأس مال في الشركة، يظهر المنع منه لوجوه:

الأول: أن خطاب الضمان يُعدّ استعدادًا للإقراض – كما سبق في تخريحه -،[152] وإذا كان القرض الفعلي لا يصح أن يكون رأس مال للمشاركة؛ لأنه دين، والدين لا يكون رأس مال في المشاركات،[153] فالاستعداد للإقراض من باب أولى.

 

والثاني: لما يترتب على ذلك من أخذ الأجر على الضمان، وسبق منعه. [154]


والثالث: أن التزام المصرف في هذا الجزء من رأس المال سيصبح التزاماً تابعاً لالتزام العميل، وليس التزامًا أصليًا، فعاد إلى كونه ضامناً للعميل، لا شريكًا معه، واستتر الضمان تحت عباءة المشاركة. [155]


والرابع: أن احتساب قيمة خطاب الضمان من رأس المال سيؤدي إلى عدم تسليم رأس المال، أو جزء منه للعامل، فهل يصح هذا الإجراء؟.

 

والجواب: فيه تفصيل، ويتّضح في الآتي:

(أ‌) إن كانت الشركة بين المصرف والعميل شركة عنان، فقد اختلف أهل العلم في اشتراط تسليم رأس مال الشركة على ثلاثة أقوال:

القول الأول: يشترط حضور المالين حال عقد الشركة.

وهو مذهب الشافعية،[156] والحنابلة. [157]


ففي مغني المحتاج: “ويشترط خلط المالين بحيث لا يتميزان… ولا بدّ من كون الخلط قبل العقد، فإن وقع بعده في المجلس لم يكفِ على الأصح، أو بعد مفارقته لم يكفِ جزمًا”. [158]


وفي كشاف القناع: “ومنها؛ أيّ شروط الشركة: حضور المالين… فلا تصح الشركة على مال غائب، ولا على مال في الذمّة”. [159]


واستدلوا بدليلين:

الدليل الأول (من جهة مقصود العقد): أن المقصود من الشركة الربح، ولا يحصل إلا بالتصرف، ولا يمكن التصرف في المال الغائب. [160]


ويناقش: أنهما قد يعملان ببعض المال، مع تأخر مال أحدهما، أو بعضه، فيحصل التصرف لصالح الشركة.

 

والدليل الثاني (من جهة أخصّ أحكام العقد): أنه لا يتصور خلط المالين قبل عقد الشركة مع غيابهما، أو غياب أحدهما، والخلط شرطٌ لصحة الشركة. [161]


ويناقش: أنه وقع الخلاف في اشتراط خلط مالي الشركة؛ إذ مقتضى الشركة الإذن بالتصرف، والمشاركة في الربح، والخلط شرط زائد عليهما، فلا يجب.[162]


القول الثاني: لا يشترط تسليم المالين حال العقد، ويكفي تسليمهما عند الحاجة إليهما.

وهو مذهب الحنفية. [163]


ففي درر الحكام: “يشترط أن يكون رأس المال حين عقد الشراء حاضرًا؛ أيّ غير غائب، ولا يشترط حضوره عند عقد الشركة”. [164]


واستدلوا (من جهة حقيقة العقد): أن الشركة انعقدت على العمل من الجانبين، فشرط زوال يد رب المال عن ماله، يناقض مقتضى العقد. [165]


ويناقش: أن مقتضى العقد أن يشتركا في التصرف في المالين، ولا بدّ من حضورهما.

 

القول الثالث: يكفي حضور أحد المالين، بشرط أن لا يتاجر بالحاضر إلا بعد قبض المال الغائب، وأن تكون غيبته قريبة؛ كاليومين.

وهو مذهب المالكية،[166] واختاره أبو يعلى،[167] ولم يشترط الشرطين. [168]


ففي الشرح الكبير للدردير: “وشرط جوازها مع غيبة نقد أحدهما؛ كلاً، أو بعضاً أمران: الأول: إن لم يبعد؛ بأن قرب كاليومين، والثاني: إن لم يتجر بالحاضر”.[169]


وفي الإنصاف: “ومن شرط صحتها أيضًا: حضور المالين على الصحيح من المذهب… وعليه أكثر الأصحاب، وقيل: أو حضور مال أحدهما، اختاره القاضي في المجرد[170]“. [171]


واستدلوا بدليلين:

الدليل الأول (من جهة التخريج على الفروع): أن غياب النقدين مبطل للشركة؛ كبيع الدين بالدين، ويكفي حضور أحدهما؛ كبيع الغائب، والسلم، مع شرط تأخر التصرف حتى يحضر المال الغائب؛ ليحصل التكافؤ والمساواة.

 

ويناقش: بأن باب المشاركات أوسع من باب المعاوضات؛[172] فلا يصح القياس عليه.

 

والثاني (من جهة التخريج على القواعد): أن تغيّب المال لمدّة قريبة يجعله في حكم الحاضر؛ لأن ما قرب من الشيء أعطي حكمه. [173]


القول المخـتار:

أن الشركة تنعقد مع تأخر تسليم المالين، ويشترط لصحة نفاذها توفر المال عند الحاجة إليه؛ لأن الأصل في التصرفات والشروط الإباحة، ما لم يترتب عليها محظورٌ شرعي، أو مانعٌ من تحقق مقتضى العقد، ولم يحصل أيّ منهما.

 

(ب‌) وإن كانت الشركة بين العميل والمصرف مضاربة، فقد اختلف أهل العلم في اشتراط تسليم رأس مال المضاربة للعامل على قولين:

القول الأول: لا تصح المضاربة إلا إذا تسلّم العامل مال المضاربة.

وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية،[174] والمالكية،[175] والشافعية،[176] واختاره بعض الحنابلة.[177]


ففي بدائع الصنائع: “ومنها ]أيّ من شروط صحة المضاربة[ تسليم رأس المال إلى المضارب؛ لأنه أمانة فلا يصح إلا بالتسليم، وهو التخلية كالوديعة، ولا يصح مع بقاء يد الدافع على المال؛ لعدم التسليم مع بقاء يده، حتى لو شرط بقاء يد المالك على المال فسدت المضاربة”. [178]


وفي المدونة: “قلت: هل يجوز لرب المال أن يحبسه عنده، ويقول للعامل: اذهب واشتر، وأنا أنقد عنك، واقبض أنت السلع، فإذا بعتَ، قبضتُ الثمن، وإذا اشتريتَ نقدتُ الثمن؟ قال: لا يجوز هذا القراض عند مالك، وإنما القراض عند مالك أن يسلم المال إليه”. [179]


وفي روضة الطالبين: “الشرط الرابع: أن يكون رأس المال مسلّمًا إلى العامل، ويستقل باليد عليه، والتصرف فيه”. [180]


واستدلوا بدليلين:

الدليل الأول (من جهة شكل العقد، وأخصّ أحكامه): أن صورة المضاربة أن يكون المال بيد العامل، ومعناها أن يكون مؤتمنًا عليه، فما أخرج المضاربة عن صورتها، ومعناها منع من صحتها. [181]


ونوقش: أن مقتضى عقد المضاربة الإذن بالتصرف في المال، فإذا حصل فهو كافٍ. [182]


والثاني (من جهة حقيقة العقد، واعتبار محله): أن المضاربة انعقدت على رأس مالٍ من طرف، وعملٍ من طرف آخر، والمال هو محل عمل العامل، فيجب تسليمه؛ ليتحقق العمل.[183]


ويناقش: أنه قد يعمل العامل ببعض المال، ويؤخر له بعضه الآخر، وقد يشتري نسيئة ويبيع، ويتأخر وقت السداد، فلا يمنع ذلك من صحة المضاربة.



القول الثاني: أنه لا يشترط في المضاربة تسلّم العامل لرأس المال.

وهو مذهب الحنابلة. [184]


ففي مطالب أولي النهى: “ولا يعتبر لمضاربةٍ قبض عامل رأس مال، فتصحّ، وإن كان بيد ربّه”. [185]


واستدلوا بدليلين:

الدليل الأول (من جهة حقيقة العقد): أن مقتضى المضاربة إطلاق الإذن في التصرف، والمشاركة في الربح، وقد يحصل ذلك بغير تسلّم المال، فلا يشترط. [186]


ونوقش: أن في بقاء المال في يد ربّه تضييقًا على العامل،[187] فقد لا يجد ربَ المال عند الحاجة إلى المال، أو لا يساعده على رأيه؛ فيفوت التصرف الرابح. [188]


ويجاب: بأنه قد يكون مع رب المال من الدراية والخبرة ما يحتاج إليه العامل، وما يكون أنفع للمضاربة.

 

والدليل الثاني (من جهة التخريج على الفروع): أن رب المال لو دفع ماله إلى اثنين مضاربة صحّ، مع أنه لم يحصل تسليم المال إلى أحدهما.[189]


ويناقش: أنه قد حصل تسليم المال لهما بالمجموع.

 

القول المختـار:

إن كان العامل يقدر على التصرف في مال المضاربة، والعمل فيه دون تسلّمه، صحّ ذلك، فالمراد بالتسليم هنا التخلية؛ بحيث لا يمنعه منه رب المال إن احتاج إليه، ولا يضيق عليه في ذلك، قال في مغني المحتاج: “وأن يكون مسلّمًا إلى العامل، وليس المراد اشتراط تسليم المال إليه حال العقد، أو في مجلسه، وإنما المراد أن يستقل العامل باليد عليه، والتصرف فيه”. [190]


وصورة مسألتنا كذلك، فيصحّ بقاء المال بيد المصرف على أن يحجزه عن الأموال التي يتصرف فيها، ومتى ما احتاجه العامل لتسديد قيمة الخطاب دفعه له.

 

وإن كان الاختيار قد وافق القول بالجواز في المسألتين الأخيرتين، إلا أن الوجوه الثلاثة السابقة كافية في المنع، ومع منع أن يكون خطاب الضمان رأس مال المشاركة، أو جزءًا منه، فلا مانع أن يجعل لخطاب الضمان قيمة اعتبارية، لها أثر في رفع حصّة المصرف من ربح العملية موضوع الضمان؛[191] كاعتبار سائر الخصائص التي تخوّل لأحد الشريكين زيادة في حصته من الربح؛ كالخبرة مثلاً، أو السمعة التجارية، والضمان في هذه الحالة تابع للمال والعمل، لا أصليّ، فلا يرتبط به منع أخذ الأجر على الضمان.

 

المسألة الثانية: أن تكون أجرة العامل نسبة من الربح:

جعلت الهيئة الشرعية لبنك فيصل المصري الإسلامي في نموذجها لخطابات الضمان للعامل مقابل إدارته للمشروع، وللمصرف مقابل تقديم خدماته أجرةً، وقدرتها بنسبة مئوية، تؤخذ قبل توزيع الأرباح، فما حكم ذلك؟.

 

والجواب: أنه لا حرج في هذا الإجراء، وقد سبق اختيار جواز أن تكون الأجرة نسبةً مما ينتج عن عمل الأجير. [192]


المسألة الثالثة: اجتماع الأجر والربح:

حيث جعلت هذه الصيغة للعامل أجرًا، يستحقه قبل توزيع الأرباح، ثم هو -بعد ذلك- يقتسم مع المصرف الأرباح، ولهذه المسألة حالتان:

 

الحالة الأولى: أن تكون الشركة بينهما شركة مضاربة:

فاستحق العامل الأجر والربح لأجل عمله في المضاربة، واجتماع الربح والأجر في هذه الحالة ممنوع لثلاثة أمور:

(1) أن الأجر إن كان مقطوعًا قد يستغرق الربح كله، ويؤدي إلى انقطاع الشركة في الربح، وهو خلاف مقتضى العقد. [193]


(2) أن العامل قد يتوانى عن العمل، لما كان له أجر مقطوع على عمله، فيتضرر ربّ المال، وقد نبّه ابن قدامة على هذين المسلكين في المنع: “متى جعل نصيب أحد الشركاء دراهم معلومة، أو جعل مع نصيبه دراهم، مثل أن يشترط لنفسه جزءًا، وعشرة دراهم، بطلت الشركة، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على إبطال القراض، إذا شرط أحدهما، أو كلاهما لنفسه دراهم معلومة… وإنما لم يصح ذلك لمعنيين: أحدهما: أنه إذا شرط دراهم معلومة، احتمل أن لا يربح غيرها، فيحصل على جميع الربح، واحتمل أن لا يربحها، فيأخذ من رأس المال جزءًا، وقد يربح كثيرًا، فيستضرّ من شُرطت له الدراهم…. ولأن العامل متى شرط لنفسه دراهم معلومة، ربما توانى في طلب الربح؛ لعدم فائدته فيه، وحصول نفعه لغيره، بخلاف ما إذا كان له جزء من الربح”. [194]


(3) وإن كان الأجر نسبة من الربح (وليس مبلغًا مقطوعًا) – كصورة المسألة – مُنع منه أيضًا؛ لأن العامل قدّم عمله في عقد المضاربة كركن فيه، إن ربح ربح بعمله، وإن خسر خسر عمله، فلا يحل له أن يأخذ على عمله أجرًا، بل اشتراط ذلك مخالف لمقتضى عقد المضاربة، قال السرخسي: “وإذا دفع إلى رجل ألف درهم مضاربة بالنصف، على أن للمضارب بما عمل في المال أجر؛ عشرة دراهم كل شهر، فهذا شرط فاسد، ولا ينبغي له أن يشترط مع الربح أجرًا؛ لأنه شريك في المال بحصته من الربح، وكل من كان شريكًا في مالٍ، فليس ينبغي له أن يشترط أجرًا فيما عمل؛ لأن المضارب يستوجب حصة من الربح على رب المال باعتبار عمله له، فلا يجوز أن يستوجب باعتبار عمله أيضًا أجرًا مسمّى عليه، إذ يلزم عوضان لسلامة عمل واحد له، وإن اعتبرنا معنى الشركة في المضاربة كان رأس مال المضاربة عمله، ورأس ماله، فلا يجوز أن يستوجب باعتبار عمله على رب المال أجرًا”. [195]


الحالة الثانية: أن تكون الشركة بينهما شركة عنان:

فيأخذ الشريك الربح لقاء حصته من رأس المال، ويأخذ الأجرة لقاء عمله وإدارته، وهو أولى بالعمل والأجرة من الأجير الأجنبي،[196] فحقيقة اجتماع الأجر والضمان في هذه الحالة عقدٌ مركبٌ من اجتماع شركة وإجارة، وحيث إنه لا يترتب على ذلك محظور من غرر، أو ربا، ولا يوجد تنافٍ بين أحكام العقدين؛ إذ يمكن اجتماع أحكامهما، فلا حرج في ذلك.[197]


وفي حاشية القليوبي: “ولو جمع في صفقة مختلفي الحكم؛ كالإجارة وبيع، أو إجارة وسلم؛ كقوله: بعتك عبدي، وآجرتك داري سنة بكذا، وكقوله: آجرتك داري شهرًا، وبعتك صاع قمح في ذمّتي سلمًا بكذا، صحّا في الأظهر، قال القليوبي: أفاد أنه لا بدّ أن يكونا في عينين بعوض واحد، فإن كانا في عين واحدة بطل جزمًا، وبعوضين صحّ جزمًا”. [198]


خلاصة الرأي في هذا البديل المقترح:

ومما سبق يظهر جواز هذا البديل في أصل فكرته، وجوازه كذلك في صورته المعلقة، وأما ما طرحه بنك فيصل المصري الإسلامي كنموذج لهذا البديل فلم يسلم من الإشكالات؛ كما تبين، والله تعالى أعلى وأعلم.



المطلب الثالث: عرض البديل الثالث: إصدار خطاب الضمان مقابل إيداع وديعة استثمارية في المصرف، وتقويمه:

أولاً: عرض فكرة البديل، وذكر من قال به:

تقوم فكرة هذا البديل على أن يودع العميل مبلغًا من المال في المصرف، دون أن يطالب بأيّة عوائد، أو أرباح، مقابل إعطائه خطاب ضمان في حدود مبلغ الوديعة، وزيادة محددة؛ كـ 15% مثلاً، ولا يحتسب المصرف مصروفات إصدار خطاب الضمان على العميل.

 

فيكون العميل بذلك قد حصل على خطاب الضمان، وبدون أيّة مصروفات، مقابل إيداع وديعة استثمارية في المصرف، بدون أيّة عوائد.

 

وقد جاء ذكر هذا البديل ضمن فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي،[199] وفتاوى هيئة الرقابة الشرعية لمصرف قطر الإسلامي،[200] وأشير إليه في فتاوى ندوة دلة البركة الثانية.[201]


ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

خطاب الضمان غير المغطى بمنـزلة الضمان – كما سبق -،[202] وتنازل المصرف عن حقه في أجرة المصاريف الفعلية لخطاب الضمان هبة منه.

 

وأما دفع العميل ماله للمصرف مضاربة (وديعة استثمارية)، بشرط أن يكون الربح كله للعامل، فله حالان:

الحالة الأولى: أن يدفع العميل ماله للمصرف، ولا يصرح بكونه مضاربة؛ كأن يقول: خذه، أو تصرف فيه، أو اتجّر به، أو اعمل فيه، ففي هذه الحال ينقلب عقد المضاربة (الوديعة الاستثمارية) إلى قرض؛ كما جرى على ذلك كلام الفقهاء:

أ‌)  ففي بدائع الصنائع: ” ولو شرط جميع الربح للمضارب، فهو قرض”. [203]


ب‌) وفي بلغة السالك: ” وضمنه العامل: أيّ يضمن مال القراض لربه، لو تلف أو ضاع، بلا تفريط، في اشتراط الربح له: أيّ للعامل، بأن قال له ربّه اعمل فيه، والربح لك؛ لأنه حينئذٍ صار قرضًا، وانتقل من الأمانة إلى الذمّة”. [204]


ج‌) وفي المهذب: ” وإن دفع إليه ألفاً، وقال: تصرف فيه، والربح كله لك؛ فهو قرض”. [205]


د‌) وفي المغني: ” وإن قال: خذ هذا المال فاتجّر به، وربحه كله لك، كان قرضًا، لا قراضًا”.[206]


واستدلوا: بأن هذه الألفاظ مشتركة بين المضاربة والقرض، وقد قُرن بها حكم القرض، فانعقد القرض بذلك؛ كلفظ التمليك، إذا قُرن به الثمن كان بيعاً؛ لأنه مشترك بين البيع والهبة.

 

الحالة الثانية: أن يصرح بلفظ المضاربة؛ بأن قال المصرف مثلاً: ادفعها لنا، نضارب لك فيها، ولا ربح لك، فقد اختلف في ذلك أهل العلم على ثلاثة أقوال:

القول الأول: أنها مضاربة فاسدة.

وهو قول الشافعية، [207] والحنابلة. [208]


واستدلوا: أن موضوع عقد المضاربة الاشتراك في الربح، فإذا شُرط الربح لأحدهما، فقد شُرط في العقد ما ينافي مقتضاه، فبطل العقد.

 

القول الثاني: أنها تصح قرضًا.

وهو قول الحنفية. [209]


واستدلوا: أنه إذا لم يمكن تصحيح العقد مضاربة، فيُصحح قرضًا؛ لأنه أتى بمعنى القرض، والعبرة في العقود بمعانيها.

 

القول الثالث: أنها تصح مضاربة، ولا يضمن.

وهو قول المالكية. [210]


واستدلوا: أنهما صرحا بأن العقد بينهما عقد مضاربة، فيبقى على ما صرحا به، فإذا شرط أحدهما الربح للآخر، فكأنه وهبه نصيبه، فلم يمنع صحة العقد.

 

ونوقش: أن للتمليك ههنا طريقين؛ فإما أن يكون ملّكه الربح هبةً، أو قرضًا، وعند التردد لا يثبت إلا أدنى الوجهين؛ لأنه متيقن به، وأدناهما القرض. [211]


وسبب الخلاف:

النظر إلى لفظ العاقد: أضارب في مالك، والربح لي، هل تصحح أضارب في مالك إلى أقرضني؛ فيكون الربح لي؛ لأجل أني اقترضتُ منك أصل المال؛ كما هو القول الثاني، أو لا تصحح أصلاً، ويبطل العقد؛ لأنه أتى بلفظٍ صريح، واشترط ضدّه، كما هو القول الأول، أو تبقى أضارب في مالك على معناها، ويكون الربح لي من باب الهبة؛ كما هو القول الثالث؟.

 

القول المخـتار:

إن قاعدة تصحيح العقود ما أمكن،[212] واحترام ألفاظ العاقد،[213] ما دام أن لها وجهاً صحيحاً يقتضي القول بصحة القول الثالث، وعليه فتكون هذه العبارة أفضل للمصرف؛ من جهة كونها ترفع عنه ضمان المال، والله أعلم.

 

خلاصة الرأي في هذا البديل المقترح:

قام هذا البديل على التركيب بين العقود؛ ففي الحال الأولى رُكّب بين عقد الضمان والهبة، بشرط عقد القرض، وقد سبق نقل الإجماع على تحريم ذلك؛[214] لأنه قرض جرّ نفعاً للمقرض (العميل)، ولم يقابله إلا انتفاع المقترض (المصرف) بالقرض.

 

وفي الحال الثانية رُكّب بين عقد الضمان والهبة، بشرط عقد المضاربة وهبة الربح، وفي ذلك عدّة محاذير:

أ‌) أن الضمان غير المغطى قد يؤول إلى القرض، فتكون زيادة في مقابل القرض، قال الحطاب عن الشركة والقراض: “لا يجوز مقارنتهما للسلف، إلا إن كان النفع في ذلك للمتسلف؛ فيكون حينئذٍ كعقود المعروف”.[215]


ب‌) أن لعقد المضاربة أثرًا في إنشاء التبرع، فخرج التبرع بذلك عن مقصوده من ابتغاء الأجر والمثوبة من الله تعالى، وهذا سبب من الأسباب السالفة لمنع التركيب بين العقود، قال ابن تيمية: “فجماع معنى الحديث: أن لا يجمع بين معاوضة وتبرع… وهكذا من أكرى الأرض التي تساوي مائة بألف، وأعراه الشجر، أو رضي من ثمرها بجزء من ألف جزء، فمعلوم بالاضطرار أنه إنما تبرع بالثمرة؛ لأجل الألف التي أخذها، وأن المستأجر إنما بذل الألف لأجل الثمرة، فالثمرة هي جلّ المقصود، المعقود عليه، أو بعضه “. [216]


ج‌) أن في هذه المعاملة هبة بشرط هبة، وحقيقتها البيع،[217] وأحد العوضين مجهول، فدخلت في الغرر، وهو سبب ثالث من أسباب منع التركيب بين العقود.

 

والأسلم في ذلك أن يتبرع المصرف بخطاب الضمان، في مقابل المضاربة في وديعة طالب الخطاب، مع بقاء الأرباح بينهما،[218] ويقصد المصرف بذلك نفع طالب الضمان؛ كما في كلام الحطاب السابق، وفي مثله يقول ابن قدامة: “ولو قال: أقرضني ألفًا، وادفع إليّ أرضك أزرعها بالثلث، كان خبيثاً، والأولى جواز ذلك، إذا لم يكن مشروطًا؛ لأن الحاجة داعية إليه، والمستقرض إنما يقصد نفع نفسه، وإنما يحصل انتفاع المقرض ضمنًا؛ فأشبه أخذ السفتجة به، وإيفاءه في بلد آخر، ولأنه مصلحة لهما جميعًا، فأشبه ما ذكرنا”. [219]


فإذا قصد المصرف من المضاربة نفع المقترض انتفت أسباب المنع؛ إذ لم تكن المنفعة من القرض متمحضة للمقرض، ولم يخرج التبرع عن مقصوده من نفع الغير، ولم تكن هذه المعاملة معاوضة محضة، فسُمح فيها بالغرر، والله تعالى أعلى وأعلم.

 

المطلب الرابع: عرض البديل الرابع: إصدار خطاب الضمان تبرعًا، وتقويمه:

أولاً: عرض فكرة البديل، وذكر من قال به:

تقوم فكرة هذا البديل على أساس أن يُصدر المصرف خطاب الضمان غير المغطى لعميله، دون أن يأخذ مقابلاً على ذلك.

 

وقد أشار إلى هذا البديل الدكتور الصديق الضرير،[220] وفضّلته الندوة الفقهية الأولى لبيت التمويل الكويتي على غيره،[221] في خصوص خطابات الضمان الصادرة للمعاهد العلمية، والوزارات.

 

ثانيًا: الحكم الشرعي لهذا البديل:

الأصل أن الضمان في الشريعة من عقود التبرعات، لكن لما كانت إدارة المصرف تضارب بمال الغير، دخلت هذه المسألة في حكم تبرع المضارب من مال المضاربة، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة:

مسألة: حكم تبرع المضارب من مال المضاربة:

محل الخـلاف:

إذا أذن رب المال للمضارب بالتبرع جاز له ذلك في حدود الإذن،[222] واختلف أهل العلم إذا أطلق له التصرف، ولم يأذن له بالتبرع نصّاً على قولين:

القول الأول: منع المضارب من التبرع بمال المضاربة، ولو كان يسيرًا.


وهو مذهب الشافعية،[223] والمذهب عند الحنابلة. [224]


قال في أسنى المطالب: “ليس للعامل التصدق من مال القراض؛ ولو بكسرة”. [225]


وفي الإنصاف: “ولا يقرض، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب”. [226]


واستدلوا: أن عقد المضاربة – المتضمن للإذن بالتصرف – لا يتناول التبرعات. [227]


ويناقش: بأن الإذن قد يحصل بغير دلالة لفظ العقد؛ كدلالة العرف، ومصلحة العمل.

 

القول الثاني: جواز أن يتبرع المضارب بمال المضاربة إذا كان تبرعه يسيرًا، أو فيه مصلحة للمضاربة.

وهو مذهب الحنفية،[228] والمالكية،[229] ورواية للحنابلة. [230]


ففي الاختيار لتعليل المختار: “ولا يكاتب، ولا يعتق، ولا يقرض، ولا يهب، ولا يتصدق، ولا يتكفل، ويهدي القليل من الطعام، ويضيف معامليه… لأنه من صنيع التجار، وفيه استمالة قلوب المعاملين”. [231]


وفي شرح الخرشي: “وله أن يتبرع إن استألف به، أو خفّ… بشرط أن يفعل ذلك استئلافًا للشركة؛ ليرغب الناس في الشراء منه، وكذلك يجوز له أن يتبرع بشيء خفيف من مال الشركة، ولو كان بغير استئلاف؛ كإعارة آلة؛ كماعون، ودفع كسرة لسائل، أو شربة ماء، أو غلام لسقي دابّة، والكثرة والقلة بالنسبة لمال الشركة”. [232]


وفي شرح منتهى الإرادات: “ولا أن يهب من مال الشركة إلا بإذن، ونقل حنبل: يتبرع ببعض الثمن لمصلحة، أو يقرض منه”. [233]


واستدلوا: بأن التبرع اليسير مأذون به عرفًا، وبأن المضارب مأذون له بالتصرف في كل ما هو من مصلحة المضاربة. [234]


ونوقش: أن الإذن الذي تضمنه العقد إنما هو إذن بما هو من أعمال التجارة، والتبرع ليس منها.[235]


القول المخـتار:

هو القول الثاني؛ لأن المضارب شريك ووكيل في نفس الوقت،[236] والوكيل يتحدد تصرفه بدلالة لفظ العقد، مع مراعاة قرائن الأحوال، وعرف الخطاب، ودلالة العرف الجاري بين التجار، وما تتحقق به مصلحة طرفي العقد.

 

وبما أن إدارة المصرف تضمن في خطابات الضمان مبالغ ليست باليسيرة، فإن تبرعها مرهونٌ بحصول المصلحة للمساهمين والمستثمرين، ويتّجه ذلك في اتجاهين:

الأول: تحقيق المقصد الذي قامت لأجله المصارف؛ من تقديم الخدمات المصرفية للمسلمين، وتجنيبهم الوقوع في الإثم والربا، وخدمة عملاء المصرف المودعين فيه، وردّ إحسانهم بالإحسان؛ لمصلحة تشجيعهم، وغيرهم على إجراء تعاملاتهم المالية من خلال المصرف.

 

والثاني: أن تصدر هذه الخطابات للعملاء الذين تثق إدارة المصرف في أنهم سيوفون بالتزاماتهم، ممن توفرت فيهم الضمانات الكفيلة بذلك؛ كقوة مراكزهم المالية، وملاءتهم، وسيرتهم الحسنة.

 

خلاصة الرأي في البدائل المطروحة لخطابات الضمان غير المغطاة:

من خلال استعراض البدائل السابقة، يتبين أنها دارت حول قضيتين:

الأولى: مشاركة المصرف للعميل في العملية موضوع الضمان، وإذا أدركنا أن العملاء – في كثير من الأحيان – لا يرغبون في مشاركة المصرف لهم،[237] وأدركنا كذلك أن المصرف لا يمكن أن يدخل كشريك في كل عملية تتطلب منه خطاب ضمان؛ لأن ظروفه ومبالغه قد لا تسمح له بذلك،[238] أدركنا في ذات الوقت أن هذا البديل لن يسعفنا في كثير من الحالات.

 

والثانية: التبرع من المصرف؛ إما بإصدار خطاب الضمان تبرعًا، أو اشتراط وجود وديعة استثمارية للعميل في المصرف، مع بقاء حقه في حصته من الأرباح، وقصْد المصرف لنفعه بذلك، وهذا البديل قد لا ترغب المصارف في تبنيه؛ لأنها لم تنشأ أصلاً للتبرعات.

 

من كل ما سبق، يتجلّى أن أسلم الطرق شرعًا، وأجداها واقعًا أن يُصدر المصرف خطاب الضمان بعد تغطيته بشكل كامل من العميل، وعندها لن يفسح المجال “لمن ليس لهم المقدرة على الوفاء بالتزاماتهم، في الدخول في المناقصات والعطاءات”،[239] فتسلم المصارف من الخسارة، ويسلم المجتمع من جشع بعض المتهورين، بل ويسلمون هم كذلك؛ من عواقب عدم الوفاء بالتزاماتهم.


[1] ينظر: أصول المصرفية، للغريب ناصر، ص(203-204)، مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لمحمد قلعجي، ص(150).

[2] ينظر: النظام المصرفي الإٍسلامي، لمحمد سراج، ص (12-120)، الوكالة في الفقه الإسلامي، لمحمد المحمد، ص(202).

[3] وبه صدرت فتوى الأزهر، بشأن خطاب الضمان، بتاريخ 27 ربيع الآخر 1397هـ، وينظر: الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص(386-387)، خطاب الضمان، لبكر أبو زيد، منشور في فقه النوازل، (1/ 206)، خطاب الضمان، للصديق الضرير، ص(6)، بنوك تجارية بدون ربا، للشباني، ص(88)، الكفالات المعاصرة، لعبد الرحمن الكبير، (1/ 428)، الموسوعة العلمية للبنوك الإسلامية، (5/ 486).

[4] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 2)، حاشية الدسوقي، (3/ 330)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري، (2/ 235)، المغني، لابن قدامة، (4/ 344).

[5] ينظر: مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لقلعه جي، ص(151-152).

[6] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 2)، الذخيرة، للقرافي، (9/ 200)، منهاج الطالبين، للنووي، ص(62)، المغني، لابن قدامة، (4/ 344).

[7] في كتاب الحوالات، باب إن أحال دين الميت على رجل جاز، (2/ 799)، برقم 2168.

[8] ينظر: مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لقلعه جي، ص(151-152).

[9] ينظر: حاشية ابن عابدين، (5/ 289)، الفتاوى الهندية، (3/ 278).

[10] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (19/ 132)، إعلام الموقعين، لابن القيم، (1/ 259).

[11] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 9)، حاشية الدسوقي، (3/ 333)، المغني، لابن قدامة، (4/ 345)، وهو القول القديم عند الشافعية، ينظر: منهاج الطالبين، للنووي، ص(62).

[12] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (20/ 50).

[13] ينظر: المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(294)، المعاملات المالية المعاصرة، لوهبة الزحيلي، ص(468).

[14] ينظر: البنك اللاربوي في الإسلام، للصدر، ص(131).

[15] ينظر: الضمانات المصرفية، لعبد اللَّه الخميس، منشور في مجلة جامعة الإمام، (3/ 130).

[16] ينظر: تطوير المصارف الإسلامية، لسامي حمود، ص(300)، موقف الشريعة من المصارف الإسلامية، للعبادي، ص(317).

[17] وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، رقم 12 (12/ 2) ضمن قرارات وتوصيات المجمع، ص(25)، وندوة البركة بتونس11-14/ 2/ 1405هـ، ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1149-1150)، وينظر أيضًا: فقه البيع والاستيثاق، للسالوس، ص(1391)، المعاملات المالية المعاصرة، للزحيلي، ص(472)، خطاب الضمان، لعبد الستار أبو غدة، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1106)، مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية، للصاوي، ص(485)، نظرية القرض، لأحمد الحاج، ص(249).

[18] تراجع: قرارات ندوة البركة بتونس، ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1149-1150).

[19] ينظر: الكفالات المعاصرة، لعبد الرحمن الكبير، (1/ 412-413)، العمولات المصرفية، للسماعيل، ص(522).

[20] ينظر: أصول المصرفية الإسلامية، للغريب الناصر، ص(208-209)، المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(304)، مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لقلعه جي، ص(154)، أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، للبعلي، ص(40-41).

[21] ينظر: أصول المصرفية الإسلامية، للغريب الناصر، ص(208-209).

[22] وهو ضمان الثمن عند استحقاق المبيع، أو كونه معيبًا، ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 9)، مغني المحتاج، للشربيني، (2/ 201)، المغني، لابن قدامة، (4/ 347).

[23] هو أن يضمن الضامن ما يجب على التاجر من ديون، وما يقبضه من الأعيان المضمونة، ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 549).

[24] ينظر: فقه البيع والاستيثاق، للسالوس، ص(1397-1399).

[25] ينظر: حكم أخذ الأجر على خطاب الضمان، للشبيلي، ص(10).

[26] ينظر: المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(297).

[27] حاشية ابن عابدين، (5/ 323-324).

[28] هو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزآبادي، أبو إسحاق الشيرازي الشافعي، ولد سنة 393هـ، واشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة، وبنى له الوزير نظام الملك المدرسة النظامية، له: التنبيه، والمهذب في فقه الشافعية، واللمع في أصول الفقه، توفي سنة 476هـ، ينظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، (18/ 453-464)، طبقات الشافعية الكبرى، (4/ 215-256).

[30] الكافي، (2/ 233)، وراجع: الشرح الصغير، للدرير، مع بلغة السالك، (3/ 440).

[31] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 11)، شرح فتح القدير، لابن الهمام، (7/ 181)، مجمع الضمانات، للبغدادي، (2/ 610).

[32] ينظر: المدونة، لمالك، (13/ 284)، الذخيرة، للقرافي، (5/ 359)، مواهب الجليل، للحطاب، (4/ 391)، الشرح الصغير، للدردير، مع بلغة السالك، (3/ 436)، حاشية الدسوقي، (3/ 77).

[33] ينظر: الحاوي، للماوردي، (6/ 443)، روضة الطالبين، للنووي، (4/ 263).

[34] ينظر: مسائل أحمد وإسحاق، للكوسج، (2/ 176)، الكافي، (2/ 127)، المغني، لابن قدامة، (4/ 214)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/ 212)، الروض المربع، للبهوتي، (2/ 159).

[35] هو محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري، أبو بكر، فقيه أصولي مجتهد، من الحفاظ، كان شيخ الحرم بمكة، من مصنفاته: الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف، والإشراف على مذاهب أهل العلم، توفي سنة 309هـ، مترجم له في سير أعلام النبلاء، للذهبي، (14/ 490-492)، وفيات الأعيان، لابن خلكان، (4/ 207).

[36] ينظر: الإشراف، لابن المنذر، (6/ 230)، الإقناع في مسائل الإجماع، لابن القطان، (2/ 173).

[37] وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورته الثانية، ينظر: قرارات وتوصيات المجمع، رقم 12 (12/ 2)، ص(26)، وقرار المؤتمر الأول للمصارف الإسلامية، فتوى رقم (11)، ينظر: فتاوى الخدمات المصرفية، لأحمد محيي الدين، ص(85)، وفتوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، (13/ 304)، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، ينظر: المعايير الشرعية، رقم (7/ 1/ 1) ص(66)، وهيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل السوداني، ص(65)، وبنك فيصل المصري، فتوى رقم (3/ 10)، ينظر: موسوعة الفتاوى المالية، (12/ 351-352)، وفتوى بيت التمويل الكويتي، ينظر: الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية، فتوى رقم (23)، (1/ 39-40)، والهيئة الشرعية لشركة الراجحي المصرفية، ينظر: قرارات الهيئة، رقم418، (1/ 622).

[38] ينظر: فقه النـوازل، لبكر أبو زيد، (1/ 210)، الربا والمعاملات المصـرفية، للمترك، ص(391)، أصول المصرفية، للغريب ناصر، ص(206)، أحكام التعامل مع المصارف، لوهبة الزحيلي، ص(13)، خطاب الضمان، للسالوس، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1079)، المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(300)، البطاقات البنكية الإقراضية، لعبد الوهاب أبو سليمان، ص(186)، فقه المعاملات المالية، لرفيق المصري، ص(218)، خطاب الضمان، لعبد الستار أبو غدة، (2/ 1107).

[39] المبسوط، (20/ 32).

[40] البيان والتحصيل، لابن رشد الجد، (11/ 289).

[41] الأم، (3/ 230).

[42] المغني، (4/ 348).

[43] المصدر السابق، (4/ 356).

[44] أخرجه أحمد، (5/ 267)، برقم 22348، وأبو داود في كتاب الإجارة، باب في تضمين العارية، (3/ 296)، برقم 3565، والترمذي في كتاب البيوع، باب ما جاء في أن العارية مؤداة، (3/ 565)، برقم 1265، وابن ماجه في كتاب الصدقات، باب الكفالة، (2/ 804)، برقم 2405، وهذا لفظه، وحسّنه البغوي في شرح السنة، (8/ 225)، وابن الملقن في البدر المنير، (6/ 707).

[45] ينظر: جامع الأصول، لابن الأثير، (8/ 165).

[46] ينظر: الأم، للشافعي، (3/ 230)، فقه البيع والاستيثاق، للسالوس، ص(1395).

[47] ينظر: منحة الخالق، لابن عابدين، مع البحر الرائق، (6/ 242)، البيان والتحصيل، لابن رشد الجد، (11/ 290)، المغني، لابن قدامة، (4/ 214)، المحلى، لابن حزم، (8/ 111).

[48] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، منشور في قضايا فقهية معاصرة، ص(307).

[49] ينظر: المعاملات المالية، للدبيان، (12/ 497).

[50] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(308).

[51] ينظر: البطاقات المصرفية، للحجي، ص(136)، الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/ 454).

[52] ينظر: مناقشة الشيخ مصطفى الزرقا بشأن موضوع خطاب الضمان، ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1187)، العمولات المصرفية، للسماعيل، ص(139).

[53] ينظر: شرح ميارة، (1/ 191).

[54] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(306).

[55] ينظر: التاج والإكليل، للمواق، (5/ 111).

[56] ينظر: مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لقلعه جي، ص(153)، خطاب الضمان، للمصري، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1117-1118).

[57] سبق تخريجه، ص(456).

[58] ينظر: الحكم الشرعي للاستثمارات والخدمات المصرفية، لمحمد رامز، ص(471).

[59] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(298-299)، نظرية الضمان الشخصي، للموسى، (2/ 604)، خطاب الضمان، للمصري، (2/ 1118).

[60] ينظر: خطابات الضمان، للضرير، ص(16).

[61] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(287-288)، جواز أخذ الأجر أو العمولة في مقابل خطاب الضمان، لأحمد عبد الله، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1136-1137).

[62] ينظر: غمز عيون البصائر، للحموي، (3/ 154)، الحاوي، للماوردي، (6/ 443).

[63] ينظر: الشرح الصغير، للدردير، مع بلغة السالك، (3/ 442).

[64] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(291).

[65] ينظر: الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/ 454)، العمولات المصرفية، للسماعيل، ص(138).

[66] ينظر: الحاوي، للماوردي، (6/ 443).

[67] ينظر: المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(299)، وقد عرض نموذجًا لخطاب ضمان صادر عن البنك، ص(306).

[68] ينظر: التأمين، لعلي الخفيف، منشور في مجلة الأزهر السنة 37، ص(269)، التأمين بين الحلال والحرام، لابن منيع، ص(21-22)، ونسبه د. محمد شبير إلى الشيخ عبد الحميد السائح، ينظر: المعاملات المالية المعاصرة، ص(299)، خطاب الضمان، لزكريا البري، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1101)، موقف الشريعة من المصارف الإسلامية، للعبادي، ص(319)، البنوك الإسلامية، لجمال الدين عطية، ص(119)، مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لقلعه جي، ص(156)، تقنيات المال والاقتصاد المعاصرة، لحسن الأمين، ص(43)، جواز أخذ الأجر أو العمولة في مقابل خطاب الضمان، لأحمد علي عبد الله، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1147).

[69] هو الثوري، سبقت ترجمته، ص(64).

[70] مسائل أحمد وإسحاق، للكوسج، (2/ 176)، وقد حاول بعض الباحثين تأويل كلام إسحاق، وحمله على الضمان غير المشروط، ينظر: حكم أخذ الأجر على الضمان، للشبيلي، ص(4-5)، عقود التحوط، للدوسري، ص(305-307)، وليس بجيد؛ إذ السؤال الذي أجاب عنه هؤلاء العلماء عن الضمان المشروط، وهو كذلك ما فهمه ابن المنذر، ينظر: الإشراف، (6/ 230)، ونحوه الماوردي، ينظر: الحاوي، (6/ 443).

[71] ينظر: الوكالة في الفقه الإسلامي، للمحمّد، ص(207).

[72] ينظر: البهجة في شرح التحفة، للتسولي، (2/ 473)، تحفة المحتاج، لابن حجر الهيتمي، (6/ 365).

[73] ينظر: حاشية الدسوقي، (3/ 224).

[74] ينظر: فتاوى النووي، ص(153)، الزواجر، للهيتمي، (2/ 316)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (4/ 212).

[75] ينظر: المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(300)، خطابات الضمان، للضرير، ص(15).

[76] ينظر: المنثـور، للزركشي، (2/ 119)، وهي نصّ حـديث أخـرجه أحمد، (6/ 49)، برقم 24728، وأبو داود في أبواب الإجارة، باب فيمن اشترى عبدًا فاستعمله، ثم وجد به عيبًا، (3/ 284)، برقم 3508، والنسائي في كتاب البيوع، باب الخراج بالضمان، (7/ 292)، برقم 4502، والترمذي في أبواب البيوع عن رسول الله r، باب ما جاء فيمن يشتري العبد، ويستغله ثم يجد به عيبًا، (2/ 572)، برقم 1285، وابن ماجه في كتاب التجارات، باب الخراج بالضمان، (2/ 754)، برقم 2242، وفي إسناده مخلد بن خفاف بن إيماء، قال ابن عدي في الكامل، (8/ 198): “ومَخلد بن خُفاف معروف بهذا الحديث، لا يعرف له غيره”، وقد ضعف الحديث البخاري في التاريخ الكبير، (1/ 243)، ونقله عنه الترمذي في العلل الكبير، ص(191)، وقال الترمذي في السنن: “هذا حديث حسن صحيح، وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه، والعمل على هذا عند أهل العلم”.

[77] ينظر: الاستثمار والرقابة الشرعية، للبعلي، ص(59-60)، مباحث في الاقتصاد الإسلامي، لقلعه جي، ص(153).

[78] ينظر: فقه البيع والاستيثاق، للسالوس، ص(1397)، الحكم الشرعي للاستثمارات والخدمات المصرفية، لمحمد رامز، ص(472).

[79] ينظر: الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/ 455).

[80] ينظر: تعليق على بحث مدى جواز أخذ الأجر على الكفالة، لعلي الندوي، ص(137)، الربا في المعاملات المصرفية، للسعيدي، (1/ 451).

[81] ينظر: الكفالة، وتطبيقاتها المعاصرة، للسيد، ص(140).

[82] ينظر: خطاب الضمان، لزكريا البري، (2/ 1103-1104).

[83] وبه صدر قرار الهيئة الشرعية ببنك البلاد، رقم 36، ص(2)، وقرار الهيئة الشرعية ببنك الجزيرة، رقم 44، ص(2).

[84] ينظر: دراسة حول خطابات الضمان، لحسن الأمين، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1053-1054)، مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(288)، حكم أخذ الأجر على الضمان، للشبيلي، ص(10).

[85] ينظر: المعاملات المالية، للدبيان، ص(511-512).

[86] ينظر: مدى جواز أخذ الأجر على الضمان، لنزيه حماد، ص(308-309).

[87] ينظر: قرار الهيئة الشرعية ببنك الجزيرة، رقم 44.

[88] ينظر: المعاملات المالية، للدبيان، ص(511).

[89] ينظر: عقود التحوط، للدوسري، ص(328).

[90] ينظر: تعليق على بحث مدى جواز أخذ الأجر على الكفالة، لعلي الندوي، ص(127).

[91] أي أخذ الأجر على الضمان، أما أخذ الأجر على التكاليف الفعلية، لقاء المصروفات الإدارية المتعلقة بإصدار خطاب الضمان، أو تجديده؛ كدراسة النواحي المالية والاقتصادية للعميل، وللعملية موضوع الضمان، والقيود المحاسبية لإصدار الخطاب، فجائز على أن يرتبط ذلك بتقدير الخبراء العدول، ينظر: ص(442-443)، من هذه الرسالة، وينظر أيضًا: قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1210)، قرار هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي المصري، وبيت التمويل الكويتي، ضمن موسوعة الاقتصاد الإسلامي، (2/ 153- 156)، وفتوى هيئة الرقابة الشرعية لبنك فيصل الإسلامي السوداني، ص(65)، والفتاوى الاقتصادية، لمجموعة دلة البركة، ندوة البركة الثالثة، فتوى رقم 1، ص(70)، ومجموعة فتاوى الهيئة الشرعية، لشركة الراجحي المصرفية للاستثمار، قرار رقم418، (1/ 622)، وفتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، فتوى رقم 13، ص(22-23)، ولمصرف قطر الإسلامي، فتوى رقم 55، ضمن فتاوى الخدمات المصرفية، لأحمد محيي الدين، ص(79، 83، 95، 99)، والمعايير الشرعية، معيار رقم 5، بند 7/ 1/ 1، ص(66).

[92] سبق تخريجه، ص(456).

[98] ينظر: ص(453-454).

[99] ينظر: خطاب الضمان، لزكريا البري، منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1103)، الخدمات المصرفية، للزعتري، ص(330).

[100] ينظر: الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص(391-392).

[101] ينظر: المصرف الإسلامي علميًا وعمليًا، لعبد السميع المصري، ص(48)، المعاملات المالية المعاصرة، لشبير، ص(299).

[102] مناقشته لموضوع خطاب الضمان، ضمن مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1203).

[103] ينظر: أصول المصرفية الإسلامية، ص(206).

[104] ينظر: الحكم الشرعي للاستثمارات والخدمات المصرفية، ص(473).

[105] ينظر: خطاب الضمان، لحمدي عبد العظيم، ص(80-82).

[106] ينظر: فتح العزيز، للرافعي، (12/ 12)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 401)، تكملة المجموع، للمطيعي، (14/ 371).

[107] روضة الطالبين، (5/ 120).

[108] ينظر: مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 401).

[109] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 88)، البحر الرائق، لابن نجيم، (7/ 264)، الدر المختار، للحصفكي، مع حاشية ابن عابدين، (5/ 648).

[110] ينظر: المغني، لابن قدامة، (5/ 8)، الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 297)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 218).

[111] ينظر: المدونة، لمالك، (12/ 120)، شرح الخرشي على خليل، (6/ 208)، بلغة السالك، للصاوي، (3/ 439).

[112] المبسوط، (22/ 72).

[113] المغني، (5/ 8).

[114] الشرح الكبير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 521).

[115] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (22/ 72).

[116] ينظر: مجموع فتاوى ابن تيمية، (29/ 98-106).

[117] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 82)، مواهب الجليل، للحطاب، (5/ 358)، نهاية المحتاج، للرملي، (5/ 221)، المغني، لابن قدامة، (5/ 54).

[118] ينظر: حاشية ابن عابدين، (5/ 648)، حاشية العدوي على الخرشي، (6/ 216)، نهاية المحتاج، للرملي، (5/ 231)، المغني، لابن قدامة، (5/ 16).

[119] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (22/ 178)، حاشية العدوي على الخرشي، (6/ 216).

[120] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 90)، نهاية المحتاج، للرملي، (5/ 231).

[121] يراجع: أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، لعبد الحميد البعلي، ص(40)، خطاب الضـمان، لحمدي عبد العظيم، ص(80-82).

[123] تهذيب سنن أبي داود، لابن القيم، (9/ 297).

[124] خطابات الضمان في الشريعة، ص(19) وقد أشار إلى هذا البديل د. الغريب الناصر، ينظر: أصول المصرفية الإسلامية، ص(206)، ود. محمد الموسى، ينظر: نظرية الضـمان الشخصي، (2/ 601)، ود. محمد رامز، ينظر: الحكم الشـرعي للاستثمارات والخدمات المصرفية، ص(473)، ود. محمد الزحيلي، ينظر: المصارف الإسلامية، ص(92-93)، ود. علاء الدين زعتري، ينظر: الخدمات المصرفية، ص(348).

[125] مشكلة الاستثمار في البنوك الإسلامية، وكيف عالجها الإسلام، هامش ص(485).

[126] فتوى رقم 32، ص(35)، ضمن دليل الفتاوى الشرعية في الأعمال المصرفية، ص(90-91)، وينظر: النظام المصرفي، لمحمد سراج، ص(133).

[127] ينظر: خطاب الضمان، لحمدي عبد العظيم، ص(78).

[128] ينظر: المصارف الإسلامية، للهيتي، ص(405).

[129] نقل الإجماع على مشروعية شركة العنان ابن قدامة في المغني، (5/ 12)، ونقل الإجماع على مشروعية شركة المضاربة ابن حزم في المحلى، (8/ 247).

[130] ينظر: ص(469-472).

[131] ينظر: البحر الرائق، لابن نجيم، (4/ 2).

[133] ينظر: البحر الرائق، لابن نجيم، (6/ 205)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (4/ 133)، حاشية ابن عابدين، (5/ 256).

[134] ينظر: حاشية الدسوقي، (3/ 519)، حاشية العدوي على الخرشي، (6/ 206).

[135] ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 228)، الوسيط، للغزالي، (3/ 284)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 402).

[136] حاشية ابن عابدين، (5/ 256).

[137] الشرح الكبير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 519).

[138] هو محمد بن أحمد القاهري الشافعي، المعروف بالخطيب الشربيني، شمس الدين، فقيه، ومفسر، من مصنفاته: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للنووي، توفي سنة 977هـ، راجع في ترجمته: شذرات الذهب، لابن العماد، (8/ 384)، كشف الظنون، لحاجي خليفة، (2/ 1875).

[139] مغني المحتاج، (3/ 402).

[140] ينظر: الفروق، للقرافي، (1/ 397).

[141] ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 228).

[143] ] القصص: 27 [.

[144] علقه البخاري في باب المزارعة بالشطر ونحوه، (3/ 137)، ووصله ابن أبي شيبة مرسلاً، (8/ 564)، ووصله البيهقي مرسلاً كذلك، (6/ 135)، قال الحافظ في الفتح، (5/ 12): “فيتقوى أحدهما بالآخر”، وينظر: إعلام الموقعين، لابن القيم، (3/ 300).

[145] ينظر: المحرر، لأبي البركات بن تيمية، (1/ 351)، الإنصاف، للمرداوي، (5/ 431)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 512).

[146] كشاف القناع، (3/ 512).

[147] ينظر: المصدر السابق، (3/ 512).

[148] ينظر: المهذب للشيرازي، (2/ 228).

[149] ينظر: الوسيط، للغزالي، (3/ 284).

[150] ينظر: خطاب الضمان، لحمدي عبد العظيم، ص(79).

[151] ينظر: ص(481، 483).

[153] وهو مذهب الجمهور، ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 83)، موطأ مالك، (4/ 995)، الحاوي، للماوردي، (7/ 308)، الإنصاف، للمرداوي، (5/ 431)، وذكر رواية عن الإمام أحمد بالجواز.

[154] ينظر: ص(465)، وقد عثرتُ بعد كتابة ما سبق على فتوى تؤكد المنع لهذين السببين، ينظر: الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية، لبيت التمويل الكويتي، فتوى رقم (404)، ضمن فتاوى الخدمات المصرفية، ص(86).

[155] ينظر: أساسيات العمل المصرفي الإسلامي، لعبد الحميد البعلي، ص(40)، موسوعة الاقتصاد الإسلامي، (2/ 156-157)، خطاب الضمان، لحمدي عبد العظيم، ص(79).

[156] ينظر: روضة الطالبين، للنووي، (4/ 277)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري، (2/ 254)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 225).

[157] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (5/ 408)، كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 497)، مطالب أولي النهى، للرحيباني، (3/ 499).

[160] ينظر: كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 497).

[161] ينظر: روضة الطالبين، للنووي، (4/ 277).

[162] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (11/ 163)، مواهب الجليل، للحطاب، (5/ 125)، الإنصاف، للمرداوي، (5/ 412).

[163] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 84)، الهداية، للمرغيناني، (3/ 201)، الفتاوى الهندية، (2/ 306).

[165] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 84).

[166] ينظر: الشرح الكبير، للدردير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 350)، شرح الخرشي، (6/ 42)، منح الجليل، لعليش، (6/ 257)، وفي اعتبار الشرطين عندهم خلاف.

[167] هو محمد بن الحسين بن محمد بن خلف البغدادي الحنبلي، أبو يعلى الفراء القاضي، شيخ الحنابلة، محدث، وفقيه، وأصولي، ولد سنة 380هـ، تخرّج به جماعة، من مصنفاته: الأحكام السلطانية، والتبصرة في الفقه، توفي سنة 458هـ، وترجم له ولده في طبقات الحنابلة، (2/ 193-230)، وتنظر ترجمته أيضًا في شذرات الذهب، لابن العماد، (3/ 306).

[168] ينظر: الإنصاف، للمرداوي، (5/ 408).

[169] مع حاشية الدسوقي، (3/ 350).

[170] هو كتاب المجرد في المذهب، للقاضي أبي يعلى، ينظر: طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى، (2/ 205).

[172] ينظر: فتوى ندوة البركة، برقم (11/ 4)، ضمن موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (2/ 160).

[173] ينظر: شرح الخرشي، (6/ 42).

[174] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (22/ 84)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (5/ 56)، البحر الرائق، لابن نجيم، (7/ 267).

[175] ينظر: المنتقى، للباجي، (5/ 151)، شرح الخرشي، (6/ 207)، حاشية الدسوقي، (3/ 517).

[176] ينظر: الوسيط، للغزالي، (4/ 107)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري، (2/ 381)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 399).

[177] ينظر: الكافي، لابن قدامة، (2/ 281)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (5/ 23).

[181] ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي، (5/ 56)، المنتقى، للباجي، (5/ 151).

[182] ينظر: الكافي، لابن قدامة، (2/ 281).

[183] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 84)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (5/ 56).

[184] ينظر: المغني، لابن قدامة، (5/ 21)، المبدع، لبرهان الدين بن مفلح، (5/ 23)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 216).

[186] ينظر: الكافي، لابن قدامة، (2/ 281).

[187] ينظر: الوسيط، للغزالي، (4/ 107).

[188] ينظر: أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري، (2/ 381).

[189] ينظر: المغني، لابن قدامة، (5/ 21).

[191] ينظر: أصول المصرفية الإسلامية، للغريب الناصر، ص(206)، موسوعة الاقتصاد الإسلامي، (2/ 157).

[192] ينظر: ص(239-242).

[193] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 86)، شرح ميارة، (2/ 131)، روضة الطالبين، للنووي، (5/ 123).

[194] المغني، (5/ 28).

[195] المبسوط، (22/ 149-150).

[196] ينظر: الفتاوى الشرعية في المسائل الاقتصادية، لبيت التمويل الكويتي، رقم (219)، ص(213-214).

[197] ينظر: ص(298-301)، ويراجع: العقود المالية المركبة، للعمراني، ص(311).

[198] حاشية القليوبي على شرح المحلي للمنهاج، (2/ 233)، وينظر: كشاف القناع، للبهوتي، (3/ 179-180).

[199] فتوى رقم 25، ينظر: فتاوى الخدمات المصرفية، ص(22).

[200] فتوى رقم 38، ينظر: موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (13/ 81)، وأشار إليه د. جمال الدين عطية في البنوك الإسلامية، ص(118)، ود. محمد رامز في الحكم الشرعي للاستثمارات والخدمات المصرفية، ص(473).

[201] والتي انعقدت بتونس، بتاريخ 11-14/ 2/ 1405هـ، ينظر: مجلة مجمع الفقه الإسلامي بجدة، الدورة الثانية، (2/ 1150).

[207] ينظر: المهذب، للشيرازي، (2/ 228).

[208] ينظر: المغني، لابن قدامة، (5/ 26).

[209] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 86).

[210] ينظر: بلغة السالك، للصاوي، (3/ 692).

[211] ينظر: المبسوط، للسرخسي، (22/ 24).

[212] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (2/ 280).

[213] ينظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، ص(328)، الأشباه والنظائر، لابن نجيم، ص(306)، شرح القواعد الفقهية، للزرقا، ص(315).

[215] مواهب الجليل، (4/ 314).

[216] القواعد النورانية، ص(142).

[217] ينظر: الهداية، للمرغيناني، (2/ 227)، حاشية الدسوقي، (4/ 114)، مغني المحتاج، للشربيني، (2/ 406)، الإنصاف، للمرداوي، (7/ 116).

[218] كما جاء ضمن فتاوى هيئة الفتاوى والرقابة الشرعية لبنك دبي الإسلامي، فتوى رقم 25، من جواز اعتبار المبالغ المودعة للعميل في المصرف في حسابه الجاري أو الاستثماري غطاءً نقديًا لخطاب الضمان، مع استمرار اشتراك صاحبها في الأرباح، ينظر: فتاوى الخدمات المصرفية، ص(114)، وأشار إليه د. محمد رامز في الحكم الشرعي للاستثمارات والخدمات المصرفية، ص(473).

[219] المغني، (4/ 213).

[220] ينظر: خطابات الضمان في الشريعة، ص(19).

[221] المنعقدة في الكويت، في الفترة 7-11/ 7/ 1407هـ، ينظر: أعمال الندوة الفقهية الأولى، في نهاية الكتاب، بدون ترقيم.

[222] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 72)، شرح مختصر خليل، للخرشي، (6/ 43)، روضة الطالبين، للنووي، (5/ 129)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 211).

[223] ينظر: روضة الطالبين، للنووي، (5/ 135)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري،(2/ 387)، مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 412).

[224] ينظر: المغني، لابن قدامة، (5/ 16)، الإنصاف، للمرداوي، (5/ 414)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 211).

[227] ينظر: مغني المحتاج، للشربيني، (3/ 412).

[228] ينظر: الاختيار، للموصلي، (2/ 110) الفتاوى الهندية، (2/ 312)، ويراجع: بدائع الصنائع، للكاساني، (6/ 72)، تبيين الحقائق، للزيلعي، (3/ 323-324).

[229] ينظر: الشرح الكبير، للدردير، مع حاشية الدسوقي، (3/ 352)، شرح الخرشي، (6/ 43)، بلغة السالك، للصاوي، (3/ 464).

[230] ينظر: الفروع، لشمس الدين بن مفلح، (4/ 291)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (2/ 211)، مطالب أولي النهى، للرحيباني، (3/ 505-506).

[234] ينظر: الفتاوى الهندية، (2/ 312).

[235] ينظر: تبيين الحقائق، للزيلعي، (3/ 323-324)، المغني، لابن قدامة، (5/ 16).

[236] ينظر: بدائع الصنائع، للكاساني، (5/ 15)، المغني، لابن قدامة، (5/ 69).

[237] ينظر: فقه الاقتصاد النقدي، ليوسف كمال، ص(232)، النظام المصرفي الإسلامي، لمحمد سراج، ص(131).

[238] ينظر: نظرية الضمان الشخصي، لمحمد الموسى، (2/ 606).

[239] الربا والمعاملات المصرفية، للمترك، ص(391)، وينظر: موسوعة فتاوى المعاملات المالية، (12/ 80).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
الأدب في واحة الشعراء
مخالفات في لباس المرأة (1)