خطبة عيد الأضحى 1444 هـ


خطبة عيد الأضحى المبارك 1444ه

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبعفوه تُغفَر الذنوب والسيئات، وبكرمه تُقبَل العطايا والقُرُبات، وبلطفه تُستر العيوب والزلَّات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، صاحبُ الوجه الأنور، والجبين الأزهر، وأفضل من صلَّى وزكَّى وصام، وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا مديدًا وأكثر؛ أما بعد:

فاتقوا الله تعالى في هذا اليوم العظيم؛ فإنه أفضل الأيام، وفيه أكثر أعمال الحاج، وفيه التقرب إلى الله تعالى بإراقة الدماء؛ شكرًا له سبحانه على ما شرع من التقرب إليه بذبحها، وشكرًا له تعالى على ما رزق من أثمانها، وشكرًا له عز وجل على التمتع بلحومها؛ ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج: 36، 37].

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر ما أهلَّ الحُجَّاج بالمناسك، الله أكبر ما ملؤوا الفِجاج والمسالك، الله أكبر ما وَفَدوا من الأصقاع والممالك، الله أكبر ما انتشروا في الحَرَمِ والمشاعر، الله أكبر ما عظَّموا الحرمات والشعائر.

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.

لك الحمد يا ألله يومَ أن كَفَرَ كثير من الناس وأرشدتنا للإسلام، لك الحمد يوم أنْ ضلَّ كثير من الناس وهديتنا للإيمان، لك الحمد يوم أن جاع كثير من الناس وأطعمتنا من رزقك الحلال.

 

ربنا لك الحمد سرًّا وجهرًا، لك الحمد دومًا وكرًّا، ولك الحمد شعرًا ونثرًا.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيرًا.

اليوم – أيها المسلمون – يوم فرح وسعادة، يوم أُنْسٍ وبهجة، فافرحوا واسعدوا بيومكم، فإن فرحكم بهذا اليوم عبادة تُؤجَرون عليها، افرحوا بعيدكم، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا، ولا يشغلنَّكم الذبح وتقطيع اللحم في هذه الأيام عن الشعور بسعادة هذا اليوم؛ فأنتم في عيد سعيد بإذن الله، أسعِدوا أطفالكم ونساءكم، ولا تنسَوا كذلك مَن تحت أيديكم من الخدم والسائقين وغيرهم، أدخلوا عليهم الفرح والبهجة بهذا العيد، وأسعدوهم بالهدايا المناسبة.

ومن حقِّ أهل الإسلام في يوم بهجتهم أن يسمعوا كلامًا جميلًا، وحديثًا مبهجًا، وأن يرقُبوا آمالًا عِراضًا، ومستقبلًا زاهرًا لهم ولدينهم ولأمَّتِهم.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون:

إنكم في يوم عظيم من أيام الله، خُتمت به أيام معلومات، وتتلوه أيام معدودات، وكلها أيام شريفة مباركات، شُرعت للمسلمين فيها أعمالٌ هي من أجَلِّ العبادات، وأعظم الطاعات، وأزكاها عند الله؛ من حج بيت الله الحرام، والوقوف بالمشاعر العِظام، وصلاة العيد، وذبح الْهَدْيِ والأضاحي، وذكر الله عز وجل والتلبية، في أقوال وأعمال وأنساك يتجلى فيها توحيد الله وإفراده بالعبادة، والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك، فاحمَدوا الله على ذلك.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منا أجمعين، وأن يتوب علينا، إنه أرحم الراحمين، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي سيد المرسلين.

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد للـه خالق الخلق، مالك الملك، مدبر الأمر؛ امتلأت بحبه وتعظيمه قلوب المؤمنين، وانصرفت عنه قلوب المفتونين والمنافقين، لا يَذِلُّ من والاه، ولا يَعِزُّ من عاداه، وهو الولي الحميد، نحمَده على ما سخَّر لنا من بهيمة الأنعام، وما شرع لنا من التقرب إليه بالأنساك.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا يحل الذبح على وجه التعبد إلا له، ولا يُذكَر على الذبيحة إلا اسمه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي ضحَّى صلى الله عليه وسلم بكبشَينِ أملَحَينِ، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، وللـه الحمد؛ أما بعد عباد الله:

فاشكروا ربَّكم على ما منَّ الله به عليكم في هذه البلاد من الأمن والإيمان، وعافية الأبدان، ويسر الأرزاق، وتوفر مرافق الحياة، وانطفاء نار الفتن المدمرة، واستديموا نعم الله بشكره وطاعته.

 

عباد الله، الْهَجُوا في هذه الأيام خاصة في أدبار الصلوات المكتوبات، وارفعوا أصواتكم بالتكبير إلى آخر أيام التشريق؛ كما أمركم بذلك الله تبارك وتعالى: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ﴾ [البقرة: 203]، ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

أيها المؤمنون:

إن من أعظم ما يُتقرَّب به إلى الله في هذه الأيام ذبحَ الأضاحي؛ فطِيبوا بها نفسًا، وأخلصوا للـه تعالى فيها، وإياكم والمفاخرةَ بكثرتها أو علو أسعارها؛ فإنها من أجَلِّ الشعائر: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام: 162، 163].

أيها المسلمون:

ضحُّوا عن أنفسكم وعن أهليكم، متقربين بذلك إلى ربكم، مُتَّبِعين لسُنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم؛ حيث ضحَّى عنه وعن أهل بيته، ومن كان منكم لا يجد الأضحية، فقد ضحَّى عنه الكريم صلى الله عليه وسلم.

عباد الله:

ضحُّوا تقبَّل الله ضحاياكم، سمُّوا الله عند الذبح، وتصدقوا وأهدوا ولا تُعطُوا الجزار أجرته منها، بل يُعطى منها على سبيل الهدية، وأريحوا الذبيحة عند اقتيادها، ولا تؤذوها بحدِّ السكين أمامها، ووقت الأضحية المعتبر من بعد صلاة العيد، والأفضل بعد انتهاء الخطبة، ويمتد وقت الذبح إلى غروب شمس يوم الثالث عشر آخر أيام التشريق، ومن طرأت عليه الأضحية اليوم أو خلال الأيام الثلاثة القادمة، جاز له أن يضحي، ولو كان قد أخذ من شعره وأظفاره خلال العشر.

واعلموا أنه لا يجوز بيع جلود الأضاحي، ولا بأس أن تتصدق به، أو تنتفع به، ومن السنة توجيهها للقِبلة، وأن يُذكَر اسم الله عليها بقوله: (بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك، اللهم هذه عن فلان أو فلانة)، ويسمي صاحبها.

أيها المؤمنون:

إن كان لعشر ذي الحجة من الفضل ما قد علمتم، فإن لأيام التشريق فضلَها ومكانتها؛ فهي الأيام المعلومات التي أمرنا بذكر الله فيها؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج: 28]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((أيام التشريق أيامُ أكلٍ وشرب وذكر لله))؛ [رواه مسلم].

وأيام التشريق ثلاثة أيام بعد يوم العيد، وقد ورد النهي عن صيامها، فينبغي لنا اغتنامها بالذكر والتكبير، وألَّا نقتصر على الأكل والشرب فحسب، وأنه يُشرَع في هذه الأيام التكبير المقيد بأدبار الصلوات المكتوبة، فكبِّروا وارفعوا بها أصواتكم، وأحْيُوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم.

أيها المسلمون:

تقبَّل الله طاعاتكم وصالح أعمالكم، وقبِل صيامكم وصدقاتكم، ودعاءكم وضحاياكم، وضاعف حسناتكم، وجعل عيدكم مباركًا، وأيامكم أيامَ سعادة وهناء، وفضلٍ وإحسان.

وأعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين، اللهم اقْبَلْ ما وهبتنا من ضحايانا، وارزقنا بعدها تقوى القلوب.

اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام من كل مكروه وسوء، اللهم أعِدْهم إلى ديارهم وأبنائهم، سالمين غانمين، اللهم تقبَّل حَجَّهم، واغفر ذنوبهم، واجعل الجنة جزاءهم، اللهم احمِ بلادنا وسائر بلاد الإسلام من الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن، اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لِما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى.

اللهم أسعد في هذا العيد قلوبنا، وفرِّج همومنا، واشفِ مرضانا، وارحم موتانا، وأصلح أحوالنا وأحوال المسلمين في كل مكان.

اللهم انصر المجاهدين على حدود بلادنا، اللهم اخلفهم في أهليهم خيـرًا، واحفظهم بحفظك.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات: 180 – 182].





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
Purged from NCERT Textbooks: Hindu extremists’ dislike for Gandhi, RSS ban after assassination – The Indian Express
ChatGPT just created malware, and that’s seriously scary