درر مختصرة من أقوال السلف في أهمية الأدب للطالب والمعلم
درر مختصرة من أقوال السلف في أهمية الأدب للطالب والمُتعلم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فلا تخفى أهمية تحلي المسلم بمحاسن الآداب، ومكارم الأخلاق، قال الإمام السفاريني الحنبلي رحمه الله: واعلم أن تعلُّم الأدب وحسن السمت والقصد والحياء والسيرة مطلوب شرعًا وعرفًا. وقال فضيلة الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: لقد تواردت موجبات الشرع على أن التحلي بمحاسن الآداب ومكارم الأخلاق والهدي الحسن والسمت الصالح، سمةُ أهل الإسلام.
وقد ذكر أهل العلم الكثير من فضائل الأدب؛ قال الإمام ابن قتيبة رحمه الله: الأدبُ خيرُ ميراثٍ. وقال الأحنف بن قيس رحمه الله: الأدب نور العقل، كما أن النار نور البصر، وقال بعضهم: لا أدب إلا بعقل، ولا عقل إلا بأدب. وقال الشيخ محب الدين الخطيب رحمه الله: كل شيء إذا كثر رخص، إلا الأدب فإنه إذا كثر غلا. وقال العلامة السعدي رحمه الله: الأخلاق الكاملة والآداب السامية تجعل صاحبها مستقيم الظاهر والباطن، معتدل الأحوال، مكتمل الأوصاف الحسنة، طاهر القلب، نقي من كل درن وآفة، قوي القلب، متوجهًا قلبه إلى أعلى الأمور وأنفعها، قائمًا بالحقوق الواجبة والمستحبة، محمودًا عند الله وعند خلقه، قد حاز الشرف والاعتبار الحقيقي، وسلم من كل دنس وآفة، قد تواطأ ظاهره وباطنه على الاستقامة.
وكان الآباء يوصون مؤدبي أبنائهم بتعليمهم الآداب، قال عتبة بن أبي سفيان لعبدالصمد مؤدب ولده: علمهم سير الحكماء، وأخلاق الأدباء.
كما كان الآباء يوصون أبناءهم بالتحلي بالأدب، ويبينون لهم فضله وشرفه، قال الإمام ابن عقيل رحمه الله: قال رجل لولده: تعلم الأدب؛ فإنه زيادة في العقل، وعون على المروءة، وصلة في المجلس، وصاحب في الغربة.
وللأدب أهميته في صحبة الإخوان والأصدقاء، قال الإمام السلمي رحمه الله في كتابه آداب الصحبة: ومن آدابها: ملازمة الأدب، وحسن معاشرتهم.
وتزداد أهمية التحلي بمحاسن الآداب للطالب والمتعلم، ولذا كان الطلاب يحرصون على تعلم الأدب من العلماء، قال الإمام ابن مفلح المقدسي رحمه الله: قال الحسين بن إسماعيل: سمعت أبي يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف، أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون، والباقي يتعلمون منه حسن الأدب، وحسن السمت.
وكان تعلم الأدب أحبَّ إليهم من تعلم العلم، قال الإمام ابن شهاب الزهري رحمه الله: كنا نأتي العالم فما نتعلم من أدبه أحبُّ إلينا من علمه.
وكان العلماء يلقنون الطلاب آداب الطلب، يقول فضيلة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: كان العلماء السابقون يُلقنون الطلاب في حلَق العلم آداب الطلب وأدركتُ خبر آخر العقد في ذلك في بعض حلقات العلم في المسجد النبوي الشريف؛ إذ كان بعضُ المدرسين فيه يُدرسُ طلابه كتاب الزرنوجي رحمه الله المسمَّى “تعليم المتعلم طريق التعلم” فعسى أن يصل أهل العلم هذا الحبل الوثيق الهادي لأقوم طريق، فيدرج تدريس هذه المادة في فواتح دروس المساجد، وفي مواد الدراسة النظامية.
فالأدب ركيزة مهمة لطلب العلم، وعلم بلا أدب، علم ناقص مبتور، يُخشى على صاحبه في الوقوع في الكثير من الآفات، التي تذهب برونق علمه.
لقد أدرك سلف هذه الأمة أهمية الأدب لطالب العلم، فكانت لهم أقوال تحثُّ على أهمية تعلم الأدب للطالب والمتعلم، وأن يكون ذلك قبل تعلم العلم، وقد يسر الله الكريم فجمعت بعضًا من أقوالهم في ذلك، وهي أقوال مختصرة لا تزيد عن سطر واحد، أسأل الله الكريم أن ينفع بها.
عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
تأدَّبوا ثم تعلَّموا.
حبيب بن الشهيد البصري رحمه الله:
قال لابنه: يا بني، ايتِ الفقهاء والعلماء وتعلم منهم وخذ من أدبهم وأخلاقهم وهديهم.
الحجاج بن أرطاة رحمه الله:
إن أحدكم إلى أدب حسن أحوجُ منه إلى خمسين حديثًا.
الليث بن سعد رحمه الله:
أنتم إلى يسير الأدب أحوجُ منكم إلى كثير من العلم.
مالك بن أنس رحمه الله:
تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم، كانت أمي توجهني إلى ربيعة وتقول تعلم من سمته، وأدبه قبل أن تتعلم من حديثه وفقهه.
عبدالله بن المبارك رحمه الله:
لا ينبل الرجل بنوع من العلم ما لم يزين علمه بالأدب.
ابن وهب رحمه الله:
الذي نقلنا من أدب مالك أكثر مما تعلمناه من علمه.
أبو عبدالله البلخي رحمه الله:
أدبُ العلم أكثرُ من العلم.
زكريا العنبري رحمه الله:
علم بلا أدب كنار بلا حطب.
يوسف بن الحسين رحمه الله:
بالأدب يفهم العلم.
مخلد بن الحسين الأزدي رحمه الله:
نحن إلى كثير من الأدب أحوجُ منا إلى كثير من الحديث.
الإمام محمد بن الحسين الآجري رحمه الله:
ينبغي لمن عَلَّمه الله القرآن، وفضَّلهُ على غيره ممن لم يُحمله كتابه …أن يتأدب بآداب القرآن.
الخطيب البغدادي رحمه الله:
الواجب أن يكون طلبةُ الحديث أكملَ الناس أدبًا، وأشد الخلق تواضُعًا.
الإمام الغزالي رحمه الله:
آداب المتعلم طهارة النفس عن رذائل الأخلاق ومذموم الأوصاف والصفات الرديئة.
العلامة عبدالرحمن السعدي رحمه الله:
أهل العلم…أحقُّ الناس بالاتصاف بالأخلاق الجميلة والتخلي من كل خلق رذيل.
بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله:
العلم أثمنُ دُرةٍ في تاج الشرع المطهر لا يصلُ إليه إلا المتحلي بآدابه المُتخلِّي عن آفاته.