رسالة عمر بن عبد العزيز إلى القرظي


رسالة عمر بن عبد العزيز إلى القرظي

كتب عمر بن عبد العزيز إلى القرظي: أما بعد فقد بلغني كتابك تعظني وتذكر ما هو لي حظ وعليك حق، وقد أصبت بذلك أفضل الأجر، إن الموعظة كالصدقة، بل هي أعظم أجرًا وأبقى نفعًا وأحسن ذخرًا، وأوجب على المؤمن حقًّا، لكلمة يعظ بها الرجل أخاه ليزداد بها في هدىً ورغبة، خيرٌ من مال يتصدق به عليه وإن كان به إليه حاجة، ولما يدرك أخوك بموعظتك من الهدى خير مما ينال بصدقتك من الدنيا، ولأن ينجو رجل بموعظتك من هلكة خيرٌ من أن ينجو بصدقتك من فقرٍ.

 

فعظْ مَن تعِظ لقضاء حقٍّ عليك، واستعمل كذلك نفسك حين تعظ، وكنْ كالطبيب المجرب العالم الذي قد علم أنه إذا وضع الدواء حيث لا ينبغي أعنت نفسه، وإذا أمسك من حيث ينبغي جَهِلَ وأَثِمَ، وإذا أراد أن يداوي مجنونًا لم يداوه، وهو مرسل حتى يستوثق منه ويوثق له، خشية ألا يبلغ منه من الخير ما يتقي منه من الشر، وكان طبَّه وتجربته مفتاحَ عمله، واعلم أنه لم يجعل المفتاح على الباب لكيلا يغلق فلا يفتح، أو ليفتح فلا يغلق، ولكن ليغلق في حينه ويفتح في حينه.

اللهم ألْهِمنا ذكرك ووفِّقنا للقيام بحقك، وبارك لنا في الحلال من رزقك، ولا تفضَحنا بين خلقك يا خير من دعاه داعٍ، وأفضل من رجاه راجٍ، يا قاضي الحاجات ومجيب الدعوات، هبْ لنا ما سألناه وحقِّق رجاءنا فيما تمنيناه، يا من يملك حوائج السائلين ويعلم ما في ضمائر الصامتين، أذِقنا بردَ عفوك وحلاوة مغفرتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم يا من خلق الإنسان في أحسن تقويم وبقدرته التي لا يُعجزها شيءٌ يُحيي العظام وهي رميم.

 

نسألك أن تهدينا إلى صراطك المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن تغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين الأحياء منهم والميتين برحمتك يا أرحم الراحمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
خطبة: الحياة في سبيل الله
من دونه (10) عبادة الشمس والقمر