سكجها يكتب إلى محمود عباس: الانضمام أو الاستقالة، فالتاريخ لا يرحم! | كتاب عمون
فخامة السيد محمود عباس/ أبومازن
رئيس السلطة الفلسطينية
تحية طيبة، وبعد
لا أنسى كتابك الذي نشرته في عمّان، عن دار الجليل لصاحبها المرحوم غازي السعدي، وكان عنوانه ومضمونه عن أنّ: ”الصهيونية تساوي النازية”، وقد تذكّرته قبل أسابيع حين قُلت أنت في اجتماع فلسطيني قبل أسابيع قليلة أنّ هتلر لم يكن عدواً لليهود سوى لأنهم جشعون بالمال، ولم يغب عنك التذكير بيهود الخزر، وفرزهم عن يهود الدول العربية، وذلك أصلاً ما تضمّنه الكتاب.
ردّ عليك بنيامين نتنياهو، من على منبر الأمم المتحدة، واعتبر كلامك جزءاً من التحريض على اليهود وإسرائىل، وهكذا فقد كنّا أمام موقف يتعلّق بك شخصياً، وبرأيك باعتبارك رئيساً للسلطة اللفلسطينية، وبعدها بأيام اجتاحت حماس الجنوب الاسرائىلي، وكان ما كان.
هذا جزء ممّا جرى في الأسابيع الماضية، ولكنّ التاريخ يقول إنّك واحد من خمسة أسسوا حركة التحرير الوطني الفلسطيني “فتح”: أبو عمّار، أبو إياد، أبو جهاد، أو اللطف، وأبو مازن، وللتاريخ فأنت كنت الوحيد بينهم الذي تبنى نهج التفاوض مع إسرائيل، وكلّفك ذلك التعرّض لغير محاولة إغتيال من اخوة لك من الحركة نفسها، وليس سرّاً أنّ الأربعة الآخرين من المؤسسين كانوا يعتبرون الأمر من مبدأ توزيع الادوار.
فخامة الرئيس…
لسنا نستعيد التاريخ سوى للتذكير، فأنت من تبنّى مسار المفاوضات السريّة، على هامش مباحثات واشنطن التي كانت بالوفد الاردني الفلسطيني المشترك، ووافقك أبو عمّار، ولستُ أنسى أنّني من وصل إلى وثائق من واحد من فريقك، وبتعديلات بخط يدك، ونشرتها في “الرأي” حينها، وكانت أصل اتفاقات أوسلو بعدها، وذلك حديث آخر.
خلال انتفاضة الأقصى، التي صارت عسكرية، عارضتَ أبا عمّار حتى أنّك عشت في المغرب بعيداً عمّا يجري، ومع الضغوط على أبي عمار عُدت إلى الأراضي المحتلة، ومع ضغوط أكبر صرت رئيساً للوزراء، ومع رحيل ياسر عرفات مغتالاً ربّما، صرت رئيس
السلطة الوطنية الفلسطينية.
في عهدك. سيادة الرئيس، استطاعت حماس السلطة على غزّة بالقوة القاهرة، بدعوى خطة دايتون التي تريد تصفية القضية من خلال قوى السلطة، وهنا صارت حماس التي انتخبت في صناديق الاقتراع، ولم يتمّ الاعتراف بها دولياً، عنصراً يتمدد ويتوسّع ويقوى، ويقوى، إلى أن أصبح أقوى من كلّ القُوى الفلسطينية مجتمعة.
لم تقصّر إسرائىل في محاولاتها قتل حماس في مهدها، ولم تستطع، وبالعكس، فقد كانت تزداد قوّة، وللتاريخ فمنذ ذلك الوقت لم تجر انتخابات لأنّ نتيجتها معروفة سلفاً حيث فوز حماس، وأكثر أكثر من ذلك، فالانقسام توسّع وتوسّع حتى أنّه صار عنوان العمل الفلسطيني المعروف لكلّ الجهات!
أنت، الآن، يا فخامة الرئيس، في تلك النقطة التاريخية الحرجة، فقناعتك التاريخية المكتوبة والمنشورة في كتاب، والمعلنة في تجمّع فلسطيني موزون، أنّ الصهيونية تساوي النازية، وأنت، الآن، في حالة حرب قد تكون فُرضت عليك أو أنّك دفعت لها وحسبت حسابها، ولهذا فالتاريخ الفلسطيني الطويل لا يرحم، فقد جرّبت وجرّبت السياسة حتى آخرها منذ بدايتها، وثبت عكسها، وليس أقلّ يا خامس المؤسسين من “فتح”، والمجرّب العارف لكلّ ذلك أن تُعلن إمّا الانضمام للحرب مهما أتت من ويلات، دفاعاً عن شعبك،أو تستقيل فيأتي من يتخّذ ذلك القرار، وللحديث بقية!