سورة الكهف والدجال (1)


سورة الكهف والدجال (1)

لماذا كانت فواتح سورة الكهف وخواتيمها عصمة من الدجَّال؟ ولماذا كانت سورة الكهف نورًا من الجمعة إلى الجمعة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، نستهلُّ بحثنا بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم في فضائل سورة الكهف والعصمة من الدجَّال؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف، عُصِم من الدجَّال”، وفي رواية: “من آخر سورة الكهف”؛ رواهما مسلم.

وفي مسلم أيضًا من حديث النواس بن سمعان “فمن أدركه -يعني الدجَّال – فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف”.

وعن أبي سعيد الخُدْري رضي الله عنه: “من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين”؛ صحَّحَه الشيخ الألباني في “صحيح الجامع”.

لماذا “من حفظ” وليس قرأ؟ ولماذا أوائل سورة الكهف؟ ولماذا أواخرها؟ ولماذا هي نور بين الجمعتين؟

بسم الله نبدأ: فتنة الدجَّال من أعظم الفتن التي ستشهدها البشرية منذ بدء الخلق وحتى قيام الساعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجَّال”؛ رواه مسلم، ومعلوم أن الفتن يكون وقعها شديدًا على النفس البشرية حتى إن الإنسان ليذهل عند وقوعها عن كل ما حوله، وينصب كل جهده واهتمامه في متابعة الفتنة، فإمَّا منخرط بها، وإمَّا هارب منها يروم النجاة.

والفتن ابتلاء إلهي للبشرية، واقع في قدره جلَّ في علاه، لا ينجو منها إلا من كان مُتعلِّقًا بحبل الله، ملتزمًا كتابه وسنة نبيِّه، وفي هذا يخبرنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: “العبادة في الهرج كهجرة إليَّ”؛ رواه مسلم. والهرج: هو “الاختلاط والفتن”.

ومن أهل العلم من يقول: “إن ذلك بسبب أن الناس في أوقات الفتن -وهذا ذكره القرطبي رحمه الله- ينشغلون، تشتغل قلوبهم وأسماعهم بالفتن، وتتبعها، وتلقف الأخبار من هنا وهناك، فذلك يشغلهم عن طاعة الله، وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، يشغلهم عن العبادة، فكان إقبالهم على العبادة في وقت الفتن كالهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم”.

ولما كانت فتنة الدجَّال أعظمَ الفتن كان الاستعداد لها أعظم من غيرها، فكان حفظ آيات القرآن هو المطلوب وليس قراءته فحسب، فالله أعلم عندما يظهر أين سيكون الإنسان من كتاب الله قريبًا أم بعيدًا، في متناوله “ليقرأ فيه” أم لا يستطيع الوصول إليه؟

لا بد أن يكون في صدره، في صدره حفظًا وتدبُّرًا، يستحضره فور حاجته إليه لفظًا ومعنًى وعقلًا وتدبُّرًا، ففتنة كالدجَّال تتطلَّب “استغراقًا” في تدبُّر آيات الله عن ظهر قلب.

لماذا عشر “آيات من أول سورة الكهف”، أو فواتح سورة الكهف؟

نمضي مع الآيات المباركات: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا * وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا * فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا * إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا * أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا[الكهف: 5 – 10].

دلالة الآيات في العصمة من الدجَّال:

أولًا: القرآن الكريم:

1- القرآن الكريم كتاب المسلمين أنزله “الله” جل في علاه معتدلًا، لا اختلاف فيه، ولا التباس، فالمسلم يحمد الله عليه في كل وقت كما حمد الله نفسه على تنزيله بهذا الكمال سبحانه وتعالى، فهو العاصم للمؤمنين من الفتن والمحن، وفتنة الدجَّال أعظم تلك الفتن، ولا سبيل للعصمة منها إلا بالتمسُّك بهذا القرآن واتخاذه منهجًا وشرعًا وقانونًا ودستورًا يحتكم إليه المؤمن في كل مناحي حياته، فتتشكَّل شخصيته على منحى ثابت مستقيم راسخ، حتى يصبح وكأنه أحيط بسدٍّ منيع لا تجد الفتنة إليه سبيلًا.

والإيمان الراسخ لا يتشكَّل بين ليلة وضحاها، بل هو زمن يجاهد به الإنسان نفسه ويُربِّيها على شرع الله من قرآنٍ وسُنَّةٍ، ونقول “يُربِّيها”؛ أي: يتمثَّل ويطبق ويتحرَّى كل ما يجده في كتاب الله وسُنَّة نبيِّه من شرائع، أن يكون وقَّافًا عند الحرام والحلال مبتعدًا عن كل متشابه، وهل ذاك الرجل الذي يخرج لمواجهة الدجَّال فيما حكاه لنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلا مثالًا عن هذا المؤمن راسخ الإيمان؟

يقول صلى الله عليه وسلم: “يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فَيَتَوَجَّهُ قِبَلَهُ رَجُلٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ، فَتَلْقاهُ المَسالِحُ، مَسالِحُ الدَّجَّالِ، فيَقولونَ له: أيْنَ تَعْمِدُ؟ فيَقولُ: أعْمِدُ إلى هذا الذي خَرَجَ، قالَ: فيَقولونَ له: أوَ ما تُؤْمِنُ برَبِّنا؟ فيَقولُ: ما برَبِّنا خَفاءٌ، فيَقولونَ: اقْتُلُوهُ، فيَقولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أليسَ قدْ نَهاكُمْ رَبُّكُمْ أنْ تَقْتُلُوا أحَدًا دُونَهُ، قالَ: فَيَنْطَلِقُونَ به إلى الدَّجَّالِ، فإذا رَآهُ المُؤْمِنُ، قالَ: يا أيُّها النَّاسُ، هذا الدَّجَّالُ الذي ذَكَرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: فَيَأْمُرُ الدَّجَّالُ به فيُشَبَّحُ، فيَقولُ: خُذُوهُ وشُجُّوهُ، فيُوسَعُ ظَهْرُهُ وبَطْنُهُ ضَرْبًا، قالَ: فيَقولُ: أوَ ما تُؤْمِنُ بي؟ قالَ: فيَقولُ: أنْتَ المَسِيحُ الكَذَّابُ، قالَ: فيُؤْمَرُ به فيُؤْشَرُ بالمِئْشارِ مِن مَفْرِقِهِ حتَّى يُفَرَّقَ بيْنَ رِجْلَيْهِ، قالَ: ثُمَّ يَمْشِي الدَّجَّالُ بيْنَ القِطْعَتَيْنِ، ثُمَّ يقولُ له: قُمْ، فَيَسْتَوِي قائِمًا، قالَ: ثُمَّ يقولُ له: أتُؤْمِنُ بي؟ فيَقولُ: ما ازْدَدْتُ فِيكَ إلَّا بَصِيرَةً، قالَ: ثُمَّ يقولُ: يا أيُّها النَّاسُ، إنَّه لا يَفْعَلُ بَعْدِي بأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، قالَ: فَيَأْخُذُهُ الدَّجَّالُ لِيَذْبَحَهُ، فيُجْعَلَ ما بيْنَ رَقَبَتِهِ إلى تَرْقُوَتِهِ نُحاسًا، فلا يَسْتَطِيعُ إلَيْهِ سَبِيلًا، قالَ: فَيَأْخُذُ بيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ فَيَقْذِفُ به، فَيَحْسِبُ النَّاسُ أنَّما قَذَفَهُ إلى النَّارِ، وإنَّما أُلْقِيَ في الجَنَّةِ، فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هذا أعْظَمُ النَّاسِ شَهادَةً عِنْدَ رَبِّ العالَمِينَ”؛ صحيح مسلم عن أبي سعيد الخُدْري.

2- ثم إن هذا القرآن أنزل لينذر الكافرين عقاب الله ﴿ لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ [الكهف: 2] وليبشر المؤمنين بنعيم مقيم ﴿ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا * مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا [الكهف: 2، 3] يبشِّر كل من آمن بالله الواحد الأحد الرازق النافع المعطي المعز المذل المحيي المميت بكل من آمن بربٍّ واحدٍ صاحب المشيئة المطلقة في الكون والخلق، الحاكم المتحكِّم، رب إليه يرجع الأمر كله، يبشِّر كل من آمن بكل صفاته المتفرِّدة التي لا يشاركه بها مخلوق، قولًا وعملًا، بنعيم مقيم.

فالمؤمنون الذين يملكون هذا الإيمان المتكامل بالله بأسمائه وصفاته، يوقنون أن هذه الصفات لا يمكن أن تكون إلا له وحده -جلَّ في علاه- وأن من يدَّعيها، أيًّا من كان، ومهما جاء به من براهين كاذبة، إنما هو كافر دجَّال! أمَّا من يؤمن به ويكفر بالله فسيكون من المنذرين بالبأس الشديد.

والدجَّال يأتي مدَّعيًا الألوهيَّة والربوبية على حدٍّ سواء، يدَّعِي أنه الله والمؤمنون يعلمون صفات الله خالقهم فينكرونه ويكفرون به، والدجَّال يأتي بالرزق لمن آمن به ويرفعه عمَّن كفر به، والمؤمنون يوقنون بكفره ودجله؛ لأنهم يعلمون أن الرزق بيد ربٍّ واحدٍ عرفوه وأيقنوا بصفاته، الله الواحد الأحد، وأن ما جاء به هذا الكفر لا يعدو أن يكون فتنةً أخبرهم بها نبيُّهم محمد صلى الله عليه وسلم.

ثانيًا: الله واحد لم يلد ولم يُولَد، والدجَّال بشر، وُلِد من أبوينِ بشريَّين:

ثم تخص الآيات من الكافرين الذين جاءهم القرآن بالنذير، الذين قالوا: اتخذ الله ولدًا: ﴿ وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا * مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا[الكهف:4، 5]، فالله لم يلد ولم يُولَد ولم يكن له كفوًا أحد، فكيف يدَّعي ذاك الدجَّال الذي وُلِد من أم وأب كما ولدتم أنتم أنه إلهكم؟! وكيف يمكن أن تعتقدون فيه الألوهية؟! وكيف تصدقونه وأنتم تؤمنون بإله واحد لم يلد ولم يُولَد ولم يكن له كفوًا أحد؟!

ثالثًا: حقيقة الحياة الدنيا، تلك التي يُمكِّن اللهُ الدجَّال منها فتلحقه خيراتها، فيكفر الناس بالله ويؤمنون به من أجلها:

﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا * وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا [الكهف: 7، 8] فكل ما على الأرض من جنات وعيون ومساكن وصروح وزروع وثمار وأنعام وذهب وفضة إنما هو زينة، والزينة سريعة الزوال، سريعة الفساد، خلقها الله لتتزيَّن بها هذه الدنيا الفانية، تلك التي جعلها دار اختبار لا دار قرار.

قال القرطبي: “والدنيا مستطابة في ذوقها، معجبة في منظرها، كالثمر المستحلى المعجب المرأى؛ فابتلى الله بها عباده لينظر أيهم أحسن عملًا..”.

وهذه الحقيقة يستحضرها المؤمنون إذا ما خرج فيهم الدجَّال، وخاصة عندما يأتي بفتنة الدنيا ومباهجها عطاءً ومنعًا، يقول صلى الله عليه وسلم: “فَيَأْتي علَى القَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ، فيُؤْمِنُونَ به، وَيَسْتَجِيبُونَ له، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأرْضَ فَتُنْبِتُ، فَتَرُوحُ عليهم سَارِحَتُهُمْ أَطْوَلَ ما كَانَتْ ذُرًا، وَأَسْبَغَهُ ضُرُوعًا، وَأَمَدَّهُ خَوَاصِرَ، ثُمَّ يَأْتي القَوْمَ، فَيَدْعُوهُمْ، فَيَرُدُّونَ عليه قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عنْهمْ، فيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ ليسَ بأَيْدِيهِمْ شَيءٌ مِن أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بالخَرِبَةِ، فيَقولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ.. “.

فإن استقرت حقيقة هذه الزينة في عقول وقلوب المؤمنين استعانوا بها على فتنة الدجَّال، اللهم ثبِّتْنا ولا تفتنَّا.

رابعًا: قصة الفتية، والمخرج من فتنة الدجَّال، وتنتهي الآيات العشر بقصة الفتية، القصة التي تعالج فتنة الدين، فتنة الشرك وهي لُبُّ وجوهر فتنة الدجَّال:

والقصة تبدأ بعلاج الفتنة التي كان الفتية عاجزين عن مواجهتها، تمامًا كما سيكون أمر المؤمنين مع الدجَّال في آخر الزمان: ﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا [الكهف: 10، 11] إلى هذا يرشدنا الله تعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم إلى اعتزال فتنة الدجال “ليفرَّنَّ النَّاسُ منَ الدَّجَّالِ حتَّى يلحَقوا بالجبالِ”، قالت أمُّ شريكٍ: يا رسولَ اللَّهِ، فأينَ العربُ يومئذٍ؟ قالَ: “هم قليلٌ”؛ أخرجه مسلم.

فإن خرج الدجَّال فلا يطلبنه مؤمن ظنًّا منه أنه يستطيع مواجهته، ففتنته كبيرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من سمِع بالدَّجَّالِ فلينْأَ عنه، فواللهِ إنَّ الرَّجلَ ليأتيه وهو يحسَبُ أنَّه مؤمنٌ فيتبعُه ممَّا يبعثُ به من الشُّبهاتِ، أو لما يُبعَثُ به من الشُّبهاتِ”؛ المصدر:صحيح أبي داود عن عمران بن الحصين، وصحَّحَه الألباني.

يتبع…





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
{ ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه… }
تقريب التحفة السنية – الجزء الأول (PDF)