شبابنا بين الطموح والجنوح (خطبة)
شبابنا بين الطموح والجنوح
الحمد لله الذي خلق العباد أطوارًا، وجعلهم في شبابهم أكثر قوةً وازدهارًا، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ربَّى أصحابه على حب الفضائل، وحذرهم من مسالك الرذائل، فكانوا أسمى الناس أخلاقًا وأعمالًا، وأزكاهم أقوالًا وأفعالًا، صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه مهاجرين وأنصارًا، ومن تبعهم بإحسان ليلًا ونهارًا.
أهمية الحديث عن الشباب:
أيها المسلمون، إن لطموح الشباب قيمةً إيجابيةً تدفعه إلى الإبداع والتميُّز لكي يصل إلى هدفه المنشود، فهو مِفْتاح النجاح، والهدف الذي يسمو إليه الشباب؛ لذا نراهم في أغلب الأحيان يرسمون صورًا مشرقة لمستقبلهم، ويحلمون من خلالها بتحقيق أهدافهم وآمالهم المنشودة؛ إلا أن ذلك يتطلب منهم الإدراك بأن طريق المستقبل ليست معبدةً أمام الجميع، بل هي مليئة بالتحديات والصعوبات، ولكنها لا تخلو من الفرص والإمكانات، والمبدع والطموح هو من يستطيع تجاوز الصعوبات ومواجهة التحديات واغتنام الفرص للصعود إلى قمة النجاح.
إن كثيرًا من شبابنا وشاباتنا اليوم تختلط عليه المعالم، ولا تتضح له السبل، ولا تنجلي لهم الحقائق، لا سيما في هذا الزمن الذي اختلطت فيه الأمور، فقد كثرت الشبهات واستفحلت، وتداخل الخير في الشر، ولم تتضح سبل الهداية في كثير من الأمور عندهم بسبب الجهل بدينهم، والذي يحتاج إليه شبابنا أن يعرفوا إلى أين يذهبون، وفي أي طريق من الطرق يسيرون، وما هي أهدافهم في الحياة.
القرآن والسنة يحدثانا عن الشباب:
أيها المسلمون، لقد أولى القرآن والسنة النبوية المطهرة عنايته بشريحة الشَّباب، ووجَّه الأنظار إليها، وبيَّن أن الشباب في مراحل العمر الزَّمني أقوى ما يكون نشاطًا، يقول الله تعالى: ﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ﴾ [الروم: 54]،والقوة بين ضعفين هي مرحلة الشباب، وقد أثنى القرآن الكريم على فئة من الشباب الذين آمنوا بالله سبحانه وتعالى، وكافأهم على ذلك بزيادة الهدى، حين قال سبحانه وتعالى عن أهل الكهف: ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى * وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ ﴾ [الكهف: 13، 14]، وحدثنا القرآن عن الشاب المبارك النبي إبراهيم عليه السلام، صاحب الآفاق الواسعة والطموح، قال الله تعالى عنه: ﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ [الأنعام: 75]، وذاك الشاب الكريم ابن الكريم النبي يوسف عليه السلام، الشاب الصابر الصامد أمام عواصف الشهوة، والإغراء بالجنس، والإغراء بالمال والجاه، في المجتمع الفاسد، قال الله تعالى عنه: ﴿ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 22]، هذا الشاب المحسن لم يستجب لهوى المرأة التي راودته، قال الله تعالى عنه: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾[يوسف: 23]، وتحدَّث القرآن الكريم عن الشاب الجانح المخذول عن الحق وهو ابن نوح عليه السلام، قال الله تعالى: ﴿ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 42، 43]. وعن الشباب العاق للوالدين والتمرد على الله تعالى، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾[الأحقاف: 17]، وفي السنة النبوية يحدثنا النبي صلى الله عليه وسلم عن مرحلة الشباب، وأنها مما يسئل عنه يوم القيامة، فعن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ: عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاه؟ وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلاهُ؟ وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ؟ وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ؟))؛ الترمذي صححه الألباني.
الشباب الطموح يحمل مستقبل نفسه وأمته:
أيها المسلمون، إن طموح شبابنا لا يمكن أن يتحقق إلا إذا غمر الإيمان قلوبهم؛ لأن أول لبنة في بناء الشباب لبنة العقيدة السليمة، وقوة الإيمان، وصدق التعلُّق بالله وحده، وحفظ الله بحفظ حقوقه وحدوده، وحفظ أمره ونهيه؛ ومن ثم الاستعانة به وحده في الأمور كلها، والتوكل عليه، واليقين الجازم بأنه بيده سبحانه الضر والنفع، وأن الله على كل شيء قدير.
أيها الشباب، إن أعظم طموح تحملونه، هو أن يرضى عنكم الله، ورضا الله غاية الغايات، وأهم المقاصد، وهي أكبر ما يطمح إليه العبد المؤمن في الحياة، ولا يُقدِّم على رضا الله رضا أحد من البشر مهما كان، ولا يقدم على الخوف من غضب الله غضب أحد من البشر مهما كان أبدًا، فعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أرضَى اللهَ بِسَخَطِ الناس كفاهُ اللهُ الناسَ، ومَنْ أَرْضَى النَّاسَ بسخَطِ اللهِ وكَلَهُ اللهُ إلى النَّاسِ))؛ الترمذي.
الشباب الصالح طموحُهم الفوز بظل الله الذي وعدهم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين قال: ((سبعةٌ يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلُّه))، وذكر منهم: ((شابٌّ نشأ في عبادة الله))؛ مسلم عن أبي هريرة.
هذا هو الطموح الحقيقي، وهذه هي الهمم العالية التي تعرف ما يصلح حالها، ولا نعني بهذا الكلام أن يترك الشباب الجد والمثابرة، والسعي وراء الأهداف التي ينشدونها، ثم ينقطعوا للعبادة في المساجد أو الخلوات، لا، لكن الذي نعنيه بهذا الكلام أن يجعل الشباب طموحهم الدنيوي في إرضاء الله عز وجل، وألا يغفلوا عن الواجب الذي أوكل إليهم، فهم ذخر هذه الأمة وشريانها، وما أجمل أن نجد الشاب التاجر الملتزم بدينه، والطبيب الشاب المتدين، والمهندس الشاب الملتزم وغيره.
ويقوم طموح الشباب على أركان أربعة: الإيمان، والإخلاص، والحماسة، والعمل؛ لأن أساس الإيمان القلب الذكي، وأساس الإخلاص الفؤاد النقي، وأساس الحماسة الشعور القوي، وأساس العمل العزم الفتي، وهذه كلها لا تكون إلا في الشباب، ومن هنا كان الشباب قديمًا وحديثًا في كل أمة عماد نهضتها، وفي كل نهضة سر قوتها، وفي كل فكرة حامل رايتها ﴿ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾[الكهف: 13].
وإذا تصفحنا سيرة أبطال هذه الأمة رأينا العجب العُجاب الذي حققه الشباب، فالجيل الذي بنى دولة الإسلام، ونشر عقيدة التوحيد، وجاهد في سبيل الله حق الجهاد، كلهم في مرحلة الشباب؛ فمصعب بن عمير في مرحلة الشباب هو أول مبعوث يرسله النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ليُعلِّم أهلها الدين، وعثمانُ بن عفان -رضي الله عنه- يوم أسلم كان في الرابعة والثلاثين من عمره، وعبدُالرحمن بنُ عوف كان في الثلاثين، وسعدُ بن أبي وقاص كان عمره سبع عشرة سنة، والزبير بنُ العوام اثنتا عشرة، وطلحةُ بن عبيد الله كان عمره ثلاث عشرة سنة، وأسامة بن زيد ولاه النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- على إمرةِ الجيش وهو ابن ثماني عشرة سنة، وفي الجيش من هم أكبر منه سنًّا، وعمير بن الحمام وهو ابن ست عشرة سنة يرمي تمرات كُنَّ في يده يوم بدرٍ ويقول: (ليس بيني وبين الجنة إلا هذه التمرات؟! إنه لعُمر طويل أن أنتظر حتى آكلها)، ويقاتل حتى استُشهد.
جنوح الشباب مصيبة أول من يكتوي بنارها هم:
أيها المسلمون، يدرك الناظر تزايد ظاهرة جنوح الشباب بشكل مخيف، ولا شك أن هذه الظاهرة متعددة الجوانب، لعل أبرزها الانحراف العقدي الذي من أسبابه دخول معلومات مغلوطة إما توافق شكَّه أو ظنه أو توافق هواه أو تشكيل بيئة جماعية تتبنَّى هذه الاعتقادات الناشئة عن المعلومات المغلوطة، فالتأثر منبعه أمران: إما المخالطة، أو تشويه العقيدة السويَّة أمام أتْباعها، وكلا الأمرين من خارج الإنسان؛ إذ لو كان البناء العقدي للإنسان متينًا ومكينًا؛ فلا يكون لهذين الأمرين تأثير في الانحراف عن العقيدة السويَّة عند الفرد أو حتى الجماعة؛ لأن المتانة والمكانة تعني تمام الإحكام، وكلما أحكم البناء صَعُبَ تأثير العوامل الخارجية فيه.
وجنوح الشباب بشكل مخيف للانحراف الأخلاقي، عندما ترى زيادة في نسبة الشباب الذين يتعاطون المخدرات والكحول وغيرها، وتجد أن بعض من انحرف من شبابنا من عهدناهم وعرفناهم أبرارًا أغيارًا أطهارًا، من الشباب الذين تتمنى أن تكون ذريتك كأمثالهم، انتكست مفاهيمهم، وتقلبت قناعاتهم، وأصبح يرى ما كان مكروهًا محبوبًا، وأصبح ما يأنف منه يتودَّد إليه، وأصبح ما كان يستحي أو يأنف من سماعه يتفاخر به.
وسبب انحرافه كان سببه رفقة تساهَلَ بالجلوس معها وبمخالطتها؛ ولذلك حذر النبي من الجليس السيئ، ففي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنِّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، وجَلِيسِ السُّوءِ، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ، إِمَّا أنْ يَحْذِيَكَ، وإِمَّا أنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا طَيِّبَةً، ونافِخُ الكِيرِ، إِمَّا أنْ يَحْرِقَ ثَيابَكَ، وإِمَّا أنْ تَجِدَ رِيحًا خَبيثَةً))؛ رواه البخاري ومسلم.
وإن الحسرة كل الحسرة أن ترى رجلًا سويًّا يخالط فُجَّارًا ينسجم إلى مجالسهم، ويطمئن إلى طرائفهم، وينبسط لنكتهم، يتعوَّد غشيانهم ولا يقاطعهم، يجلس معهم من غير دعوة يقصدها، ولا علم ينشره، ولا هداية يرنو إليها، إنما أعجبه حديثهم، أعجبته طرائفهم وسواليفهم وتعليقاتهم -أو ما يسمى تنكيتاتهم- فأصبح يغشاهم، إن ذلك من أسباب الانحراف الخطرة.
إن جهل الشاب بأمور الحياة قد يقودهم إلى المهالك والمزالق والانحرافات والجنوح دون أن ينتبه إلا بعد فوات الأوان؛ أي: بعد أن يكون قد دفع ضريبة جهله ثمنًا باهظًا، سجنًا، أو طردًا من البيت، أو هجرانًا من قبل الأصدقاء، وبكلمة أخرى يصبح منبوذًا اجتماعيًّا يتبرَّأ أهله وأصحابه منه.
أيها الأحبة، إن الإلحاد يقرع أبواب كثير من بيوتنا، وثغورنا ضعيفة التحصين، وظهورنا مكشوفة، وإن الحملات المسعورة التي تستهدف اقتلاع الإسلام والإيمان بالله واليوم الآخر من قلوب شبابنا جذوره مُستَعِرةٌ لا تهدأ، مُتَّقدةٌ لا تنطفئ، وهناك من يزيدها ضرامًا، ولا يزالون يواصلون جهودهم ويمكرون بالليل والنهار ليردُّوا من استطاعوا عن دينه ومبادئه خصوصًا فئة الشباب.
لذلك نجد ظاهرة جنوح الشباب عن الاستقامة ظاهرة بيِّنه في صفوف شبابنا، فكثيرٌ من الشباب المسلم في أمريكا لا يتردَّدون على المساجد إلا نادرًا لأسباب موضوعية وغير موضوعية، ومنهم من يؤدي بعض الشعائر دون أن يدرك منها شيئًا، ولا أبالغ إن ذهبت إلى أن عددًا ليس بالقليل ثوابتهم العقدية ضعيفة، فربما تجلس مع شاب يصلي وحقيقة الإيمان بالله وبالآخرة في قلبه مضطربة، وكم من أب أو أم يظن أن أبناءه على ما يُرام؛ لأنه كان يصحبهم للمسجد فقط، ثم يكتشف أن ولده يجادل في ثوابت وقطعيات العقيدة، وسبب ذلك جنوح الشباب عن تعَلُّم الدين والاهتمام به، والابتعاد عن المساجد.
أيها الشباب، إن قوة إيمان الشاب ورسوخ العقيدة الإسلامية في نفسه ووعيه هي الأساس في تحديد مساراته واتجاهاته في الحياة، ووقايته من الانحرافات والشذوذ والبقاء على الطريق الصحيح، والصمود أمام مغريات الحياة وعواصفها، فالإيمان يمدُّ الشاب بالقوة اللازمة للصمود والمواجهة، والتحمُّل والصبر على المكاره، ومقاومة الشهوات والجري وراءها، بهدف الحصول على مرضاة الله تعالى، والفوز بوعده وجزائه للصابرين، وتجنُّب معصية الله تعالى وارتكاب المحرَّمات، والخوف من عقابه تعالى، وليكن شعار الشاب المسلم قوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3].
كيف ننمي الطموح عند شبابنا؟
والآن يأتي السؤال: كيف ننمي طموح شبابنا؟
1- الاستعانة بالله ودوام الدعاء: فعلى الرغم من أهمية الوسائل التربوية وفاعليتها، إلا أن الأمر كله موكول لله تعالى، بيده القلوب يقلبها كيف شاء، فلا تنس -في زحمة التربية- الاستعانة بالله دائمًا، والتوجُّه إليه بالدعاء ليُعينك ويسددك.
2- الصحبة الصالحة: فلا يمكن تنمية أيٍّ من الجوانب الإيجابية دون أن تهيئ صحبة صالحة، تذكره إذا نسي، وتُشجِّعه إذا أقدم، وتُعينه، استغل مجتمع شباب المسجد وروَّاده.
3- عَـوِّده الابتعاد عن سفاسف الأمور: أصحاب الطموحات الراقية والهمم العالية لا ينغمسون في الأمور التافهة فتشغلهم عن معاليها، عن الحسين بن علي رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يحبُّ معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها))؛ (صحيح الجامع الصغير).
4- إننا بحاجة إلى أن نربيَ شبابنا تربيةً روحيةً، وليست تربيةً جسديةً بدنيةً فحسب، فعندما تتم تربية الناشئين تربيةً روحيةً متكاملةً تصفو أرواحهم، وتزكو نفوسُهم، وتستنير عقولهم، وتستقيم أخلاقهم، وتتطهَّر أبدانُهم؛ وذلك لارتباطهم الوثيقِ بربِّهم عزَّ وجل الذي يراقبهم في كل حركاتهم وسَكناتهم، ويشعرون بأنَّه معهم في كل وقت وفي كل مكان، فإن لم يكونوا يرونه فإنَّه يراهم، فيخافونه ويرجونه ويرهبونه ويطمعون في كرمه، ويتوكلون عليه، ويحسنون الظن به، ويثقون في عونه وهدايته وتوفيقه.