شفاء العلاقات


شفاء العلاقات

أنت مدعوٌّ للحفلة!

في عالم مملوء بالضجيج، ورغم صخب العلاقات فيه وأنين بعضها، تعزف علاقات أخرى جميلة نغمات هادئة على أوتار القلوب، فماذا لو أصبحت تلك العلاقة الجميلة هي الأنين والضجيج؟ تخيل معي لحظة مؤلمة! ربما كانت خيانة! أو غدرًا! أو كلمة جارحة! تلك اللحظة التي تحفر أثرها في النفس، كندبة لا تزول، تَفَكَّر في حجم الألم لحظتها! وكم كان عِظَمُ المعاناة! وكم اعتقدت أنها ستبقى ولن تزول !لكن أَبشر، ففي أعماقنا تسكن قوى تُمكِّنك من تغيير مسار هذه اللحظة بعون الله تعالى، ومن هنا نتذكر أن هناك أملًا، والأمل لا يتحقق إلا بالتجاوز، وفن التجاوز يكون في تحويل الألم إلى دروس، والدموع إلى قوة دافعة لتخطي تلك المعاناة، وتأكد أن كل ألم من آلام العلاقات يحمل في طيَّاتِه بذور الشفاء إذا ما عرفنا كيف نرويها بعناية. كيف تُروى بذور الشفاء؟

 

في زوايا الحياة المتعددة، تتداخل العلاقات الإنسانية لتُشكِّل نسيجًا مُعقَّدًا من المشاعر والتجارب، ومن بين هذه العلاقات، تظهر لحظات من الألم والخيبة، حين يخطئ أحدنا أو يجرح الآخر لكن في عمق هذه المعاناة، يبرز مفهوم التسامح كأحد أعظم الهدايا التي يمكن أن نقدمها لأنفسنا وللآخرين، وهو مصدر ارتواء للعلاقات.

قوة الشعور..

التسامح ليس مجرد كلمة تُقال، ولا هو مجرد شعار يتغنَّى به! بل هو شعور عميق ينبع من القلب، إنه القدرة على تجاوز الأخطاء، ليس لأننا نغض الطرف عن الألم، بل لأننا ندرك أن الحياة قصيرة، وأن الاستمرار في حمل الأثقال سيرهقنا، فعندما نقرر التسامح، نحرر أنفسنا من قيود الغضب والحزن، ونبدأ رحلة الشفاء التي تعيد إلينا السلام والاستقرار النفسي.

ليهدأ قلبك، تلك هي الحقيقة!

التسامح هو اختيار! لن تجبر عليه! لكنه الملاذ الآمن لتهدأ النفس وترتقي فوق ركام الألم، نعم إنها حقيقة السلام النفسي حيث نختار أن نرى الشخص الآخر كإنسان، يعاني كما نعاني، ارتكب خطأً كما ارتكبنا قبله في حق أنفسنا أو تجاه الآخر، لسنا بحاجة إلَّا أن نفتح قلوبنا لنتقَبَّل ضعف الآخرين، كما نتَقَبَّل ضعفنا، فعندما نتسامح، نبدأ في إعادة بناء الجسور المهدمة.

هل البناء صعب؟ أم خدعة مستحيلة؟

قد تكون هذه العملية صعبة في البداية، بل وقد تكون مؤلمة كذلك، حيث تتجدَّد الذكريات وتنكشف الجراح من جديد، لكنها ممكنة وليست مستحيلة، فمع كل خطوة نخطوها نحو التسامح، نكتشف أن في كل ألم درسًا، وأن تجاوز جراحنا وسام على القوة والصمود، فالتسامح لا يعني نسيان الألم؛ بل يعني تعَلُّم كيفية التعايش معه؛ لأنه يتيح لنا الفرصة لنكون أكثر وعيًا، لنفهم أن كل إنسان يحمل قصته الخاصة، وأن كل تجربة تساهم في تشكيل شخصياتنا، وعندما نختار أن نغفر، نختار أيضًا أن نعيش بحرية أكبر، بعيدًا عن قيود الماضي.

ذكر نفسك لتمكنها..

قارئي مقالي الكرام، من أعظم الهبات التي تمنحونها لأنفسكم هي تسامحكم وتصالحكم مع طبيعة الحياة البشرية قبل أن تكون هبة للآخرين، إنها دعوة للشفاء، للعيش بسلام، ولرؤية الجمال حتى في أصعب اللحظات.

بعد كلماتي التي تسطرت في هذا المقال بصدق عميق وحب جليل أدعوكم أيها الكرام إلى أن تبدؤوا خطوتكم الأولى بعيدًا عن ضجيج الحياة وصخب العلاقات لتستمتعوا بنغمات الحب الهادئة التي تعزفها علاقاتكم في حفلة التسامح.

ولنتذكر دائمًا أن الحياة تستحق أن نعيشها بقلوب مفتوحة.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
البعثات التعليمية من مجالات التأثر والتأثير بين الثقافات المثاقفة بين شرق وغرب
من قال فيه البخاري: (معروف الحديث) في كتابه التاريخ الكبير (PDF)