ضربة القرن و”سفينة النّجاة” من “الطّوفان” | كتاب عمون
إذا كانت “صفقة القرن” تعمل لأجل “تصفية فلسطين”؛ وطناً وأرضاً وشعباً وحاضراً ومستقبلاً، و”تأبيد الهيمنة الصّهيونيّة” على المنطقة، و”تحميل” البلاد العربيّة كُلفة التّصفية سياسيّاً واقتصاديّاً وبشريّاً، عبر “شراكة أنظمة عربيّة” ظاهرة وباطنة، فإنّ “معركة طوفان الأقصى” كانت “ضربة القرن” الّتي كان من فضائلها العظمى أنّها أعادت “الحقائق” إلى “حقيقتها”، وكشفت ما حاول “التّحالف الصّهيونيّ” إخفاءه، وتغطيته بـ”براقع الخداع”، و”عبايات الكذب”.
كانت “صفقة القرن” مرحلة متقدّمة من تجريف الوجدان والعقل العربيّ؛ ليتقبّل “مابعديّات الصّهيونيّة”؛ ما بعد “فلسطين”، ما بعد “غزّة”، ما بعد “المقاومة”… فجاءت “ضربة القرن” لتجيب أوّلاً عن هذه “المابعديّات”: ما بعد “فلسطين” ليس إلاّ “فلسطين الحرّة”، وما بعد “غزّة” ليس إلاّ “غزّة الفلسطينيّة الأبيّة””، وما بعد “المقاومة” ليس إلاّ “المقاومة والتّحرير”.
قلبت “ضربة القرن” المابعديّات، فلاح في أفق الفجر القريب “ما بعد إسرائيل”، و”ما بعد التّطبيع والاستسلام”، و”ما بعد التّحالف الصّهيونيّ”، وهذه “مابعديّات” زلزلت الوجدان العامّ، والوعي العامّ، فأعادت لقطاعات كبيرة من “الشّعوب” بوصلة الضّمير والانتماء والعقل والرّوح”، وعرّت وفضحت “أنظمة” و”طابور كتّاب العهر”، و”رقّاصي الكلمات والفتوى الدّينيّة والسّياسيّة والاقتصاديّة”.
وإذا كانت “ضربة القرن” في ما كان منها من “مقاومة”، و”مصابرة”، و”جهاد”، أخرجت من “الجحور” الكثير من “الهوامّ”، فإنّها الآن وما يأتي من أيّام “ستحرج”، و”تُخرج” نفراً تدثّروا بـ”التّورية” و”المعاريض”؛ ليتّخذوا مواقف تضامن وتأييد “غير مؤلمة”، وقليلة “الكلفة”، على أمل أن تنقذها “أمريكا وإسرائيل” بالقضاء على “المقاومة وحواضنها” ليقولوا كذباً:
لا تلم سيفي إذا السّيف نبا…صحّ منّي العزمُ، والدّهرُ أبى
وهم لم يحملوا سيفاً، ولا صحّ منهم عزمٌ!
لم يحمل السّيف إلاّ “المقاومة”، وما صحّ “العزم” إلاّ منهم ومن حواضنهم؛ وسيوفهم قواطع، والدّهر لهم مطيع.
لن تحرّرنا “غزّة”، بل تحرّر نفسها، تحرّر نفسها من عدوّها المحتلّ، وتحرّر نفسها منّا ومن لغتنا ومن مواقفنا، تحرّر نفسها من تفاصيل الخراب الّتي نقتات عليها من “شوفينيّات مذهبيّة وأيديولوجيّة ووطنيّة”.
“غزّة”: “مقاومة وحواضن” يعيدون تعريف “الحياة”؛ “الحياة” الّتي تستحقّ “ال التّعريف”، ويتحرّرون “من “حياة” نكرة منكرة منكّرة!
“غزّة بمقاومتها وحواضنها” تُدخلنا جميعاً المرحلة الثّالثة من “امتحان الوجود”، و”اختبار الحياة”، “غزّة” تضرب ضربتها “ضربة القرن”، وتصنع على عين الله “سفينة النّجاة” من “دم وبذل وتضحية وجهاد ومجاهدة”، وتقول لنا جميعاً: اركبوا معنا، ولا تقولوا “سآوي إلى جبل أمريكيّ صهيونيّ”، فلا عاصم من أمر الله إلاّ من رحم الله، فلا تكونوا ممن حال بينهم “موج الطّوفان” فكانوا من “المغرقين”.