عدد الركعات في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم
عدد الركعات في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه رضي الله عنهم
روي أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم عشرين ركعة مع الوتر، فعن ابن عباس رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان عشرين ركعة والوتر»[1].
قال الزركشي[2]: دعوى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في تلك الليلة عشرين ركعة لم يصح، بل الثابت في الصحيح الصلاة من غير ذكر العدد[3]، وقال السيوطي: لم يثبت أنَّه صلى الله عليه وسلم صلى عشرين ركعة[4].
وقال يوسف البنوري: لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم عشرون ركعة برواية صحيحة والمرفوع فيها ضعيف[5].
وقال محمد زكريا الكاندهلوي: التراويح في عشرين ركعة لم يثبت مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح[6].
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه صلى بأصحابه رضي الله عنهم إحدى عشرة ركعة، فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان ثمان ركعات وأوتر…»[7].
قال الحافظ ابن حجر: لم أر في شيء من طرقه بيان عدد صلاته في تلك الليالي، لكن روى ابن خزيمة وابن حبان من حديث جابر رضي الله عنه [8]، وحديث جابر رضي الله عنه نص صريح في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات، والظاهر أنَّ الوتر ثلاث فتكون صلاته إحدى عشرة ركعة، لكنَّه لا يصح، لكن دلالة الحديث ثابتة بعموم قول عائشة رضي الله عنها: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان، ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهن وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسل عن حسنهـــن وطولهـــن، ثم يصلي ثلاثًا»[9].
قال أبو بكر الطرطوشي: عدد القيام؛ فلم يثبت فيه عدد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنَّه إنَّما صلى بهم ليلتين، ثم تخلف في بيته، ولم ينقل أحد كم صلى فيها من ركعة[10].
وقال العراقي الابن: لم يبين في هذا الحديث [حديث عائشة رضي الله عنها] عدد الركعات التي صلاهن النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليالي في المسجد، وقد قالت عائشة رضي الله عنه: «ما زاد النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان… فالظاهر أنَّه كذلك فعل في هذا المحل[11]، قال أبو عبد الرحمن: هذا هو الظاهر، والله أعلم.
وقال الكشميري: التراويح لم يثبت مرفوعًا أزيد من ثلاث عشرة ركعة إلا بطريق ضعيف. لا أقول: إنَّها لم تكن في نفس الأمر، بل إنَّما أنكر النقل عنه بطريق صحيح، فبقي الحال مستورًا فيما زاد، فجاز أن يكون صلاها بالعدد المشهور، وجاز أن يكون اقتصر على هذا القدر فقط، إلا أنَّ الثابت عنه هو ثلاث عشرة[12].
[1] رواه ابن أبي شيبة (2/ 394) حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا إبراهيم ابن عثمان، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنه.
ورواه الطبراني في الأوسط (798) حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: نا علي بن الجعد قال: نا أبو شيبة إبراهيم بن عثمان، به وقال – الطبراني -: لم يرو هذا الحديث عن الحكم إلا أبو شيبة ولا يروى عن ابن عباس رضي الله عنه إلا بهذا الإسناد.
إسناده ضعيف أبو شيبة إبراهيم بن عثمان جد أبى بكر بن أبي شيبة ضعفه شديد، قال ابن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: ضعيف، وقال البخاري: سكتوا عنه، وقال النسائي: متروك الحديث.
وإشار إلى ضعف الحديث البيهقي في السنن (2/ 496) وابن عبد البر في الاستذكار (2/ 69) وابن الملقن في التوضيح (9/ 111) وضعف إسناده ابن حجر في الفتح (4/ 254) وقال السيوطي في الحاوي (1/ 347) الحديث ضعيف جدًا لا تقوم به حجة. وقال الألباني في إرواء الغليل (445) موضوع.
[2] هو مُحَمَّد بن بهادر بن عبد الله الزركشي من أئمة الشافعية ولد سنة 745 ﻫ، وتوفي سنة 794 هـ -.
انظر: الدرر الكامنة (5/ 133 – 135).
[3] انظر: الحاوي للفتاوى (1/ 350).
[4] الحاوي للفتاوي (1/ 347).
[5] معارف السنن شرح سنن الترمذي (5/ 546).
[6] أوجز المسالك إلى موطأ مالك (2/ 304).
[8] فتح الباري (3/ 12).
[9] رواه البخاري (1147) ومسلم (738).
تنبيه: ما ورد من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة فيحمل على أنَّ معهما الركعتين الخفيفتين اللتين كان يستفتح بهما قيام الليل أحيانًا، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين» رواه مسلم (767) ونحوه عنده (768) عن أبي هريرة رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم، وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنَّه قال: «لأرمقنَّ صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة، فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين، وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة» رواه مسلم (765).
أو ثلاث عشرة ركعة مع راتبة الفجر، ففي إحدى روايات مسلم (738) لحديث عائشة رضي الله عنها: «كانت صلاته في شهر رمضان وغيره ثلاث عشرة ركعة بالليل منها: ركعتا الفجر» ويحتمل ثلاث عشرة ركعة مع راتبة العشاء، والله أعلم.
انظر: زاد المعاد (1/ 325 – 327) وفتح الباري لابن رجب (5/ 136) وفتح الباري لابن حجر (2/ 481 – 482) وصلاة التراويح للألباني ص (88 – 90).
[10] الحوادث والبدع ص: (55). وقوله: إنَّما صلى بهم ليلتين. تقدم ذكر أحاديث صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه ﭫ والجمع بينها.
[11] طرح التثريب (3/ 97).
[12] فيض الباري (2/ 567).