عمليات التجميل: نعمة أم نقمة؟


عمليات التجميل: نعمة أم نقمة؟

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

فإن من الظواهر التي انتشرت كثيرًا في العقود الأخيرة، وأصبح العالم بأثره مفتونًا بها عمليات التجميل (Plastic Surgery)، وأصبح طب التجميل جزءًا لا يتجزأ من الطب الحديث، وتقوم عليه شركات ومستشفيات عالمية، لا سيما في دول شرق آسيا وأوربا وأمريكا؛ بل قد طال هذا النوع من الطب بلادنا العربية، فلم يسلم منه بلد، وهو من الأشياء التي يتم الترويج لها في الإعلام وشبكات التواصل والقنوات الفضائية والصحف والمجلات وغيرها؛ ولذلك أصبح الناس يقومون به دون حرج وكأنه شيء عادي لا عيب فيه، وكثيرًا ما تنجذب إليه النساء اللائي يبدأن بالمبالغة فيه، وذلك بعمل عملية تِلْوَ الأخرى حتى يتغير شكل المرأة للأسوأ فالأسوأ، فيصبح وجهها مملوءًا بالانتفاخات والملامح الغريبة التي تغير شكلها لتبدو من بعد وكأنها مهرج، لا سيما إن انتفخت شفتاها، وسبحان الذي خلق وصوَّر! وجعل تناسق أجزاء الوجه بعضها مع بعض أحسن ما يكون على طبيعتها التي خُلِقت عليها، وحتى لو كانت الملامح غير جميلة نجد الشكل الكلي بعد أن يأخذ كل جزء موضعه الأصلي أصبح مقبولًا وجميلًا. ولكن ما إن تتدخل هذه العمليات حتى يختل التناسق، ويصبح الشكل غريبًا وغيرَ مريح، بل وفي أكثر الأحوال قبيحًا، ومن صور عمليات التجميل المنتشرة حقن البوتكس، وزراعة السيلكون، وغيرها.

وعمليات التجميل حرام، إلا ما كان لإزالة عيب ناتج عن حادث أو جرح ونحوه أو من عيب خلقي، فتجوز عمليات التجميل في هذه الحالة كما أفتى بذلك ابن باز وابن العثيمين والشنقيطي وغيرهم، وجاءت حرمتها في غير ذلك؛ لأن فيها تغييرًا لخَلْق الله، قال تعالى: ﴿ وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا [النساء: 119]، وقال صلى الله عليه وسلم: “لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والنامصات، والمُتنمِّصات، والمُتفلِّجات للحسن، المُغيِّرات خلق الله”[1]، فقد لعن الله النامصة والمتفلجة للحسن، فكيف يكون الحال في عملية تجميل هي دائمة وأشد تغييرًا لخلق الله من التنمص.

عمليات تجميل باءت بالفشل:

هناك كثير من عمليات التجميل التي باءت بالفشل، وبعضها قام بها مشاهير من ممثلي هوليود وغيرهم الذين انتشرت صورهم في الإعلام[2]، وأقل ما يُقال في عملياتهم أن الشكل الأصلي كان أفضل منه بعد التجميل، وكأن الله يلقن من يتجرأ على عصيان أمره درسًا بالمسخ والقبح.

مساوئ الترويج لعمليات التجميل:

عمليات التجميل فيها تغيير للخلقة، وكأنها اعتراض على ما كتبه الله؛ وذلك لأنه تعالى خلقها بصورة معينة، ونهى عن تغييرها، وتغيير الإنسان لها بعد ذلك النهي يكون فيه نوع من العناد وسوء الأدب مع الله.

وهناك الكثير من عمليات التجميل الفاشلة التي تركت المرأة للحسرة والحزن على التغيير والتشويه الذي طرأ على شكلها.

وعمليات التجميل تكلف مبالغَ باهظةً وتؤدي إلى الإسراف.

النصائح والضوابط المقترحة:

على المرأة أن تتقي الله في نفسها ولا تمسخ وجهها الجميل الذي أعطاه الله إياها بعمليات التجميل أو بالأحرى عمليات التقبيح، ولتعلم أن الجمال أمر نسبي، وليس هناك إنسان قبيح، فما تراه أنت قبيحًا يراه غيرك جميلًا، وأكبر دليل على ذلك وجود الناس على مختلف أشكالهم وألوانهم وأعراقهم وملامحهم، ولا يزالون يتزاوجون وينجبون أبناءهم، ويعيشون حياتهم بسعادة، فلترضَ المرأة بما قسم الله لها، وكم من امرأة قبيحة رزقها الله بأحسن الأزواج وهي ملكة جمال في عينيه، وكيف لا وقد اختارها من بين نساء العالمين، ولتعلم أن الزواج نصيب ورزق من عند الله وليس من جمال وجه أو تغييره.

ولتلتمس المرأة نور الوجه وجماله بقراءة القرآن وطاعة الله والصلاة، ثم الرضا وراحة البال والنوم الهادئ، ولا تنسَ الاستحمام والعناية بملبسها ونظافتها وطيب ريحتها وتمشيط شعرها وترتيب شكلها، فكل ذلك يجعل من القبيح جميلًا وترتاح النفس لرؤيته وحُسْنه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرضينا بما قسم لنا، ويُغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمَّن سواه، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.


[1] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب اللباس والزينة، باب تحريم فعل الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، والنامصة والمتنمصة، والمتفلجات، والمغيرات خلق الله، جزء 3، صفحة 1678، حديث رقم 2125.

[2] ملخص من مقال عن أشهر عمليات التجميل الفاشلة عبر السنين … تغييرات صادمة، نورا البلاني، موقع الجميلة، (aljamila.com).





Source link

أترك تعليقا
مشاركة
طبعة جديدة من كتاب حماية الشعوب فى زمن الحروب للمستشار خالد القاضى
تحميل كتاب المتغيرات الإقتصادية وأثرها على السلوك الجرمي والإنحراف pdf