فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون


سلسلة دروس أحاديث رمضان في فضل خير العصور

حديث: فإذا ذهبَتْ أصحابي أتى أمتي ما يوعدونَ

 

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: صَلَّيْنَا المَغْرِبَ مع رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُلْنَا: لو جَلَسْنَا حتَّى نُصَلِّيَ معهُ العِشَاءَ، قالَ: فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقالَ: ما زِلْتُمْ هَاهُنَا؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، صَلَّيْنَا معكَ المَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حتَّى نُصَلِّيَ معكَ العِشَاءَ، قالَ أَحْسَنْتُمْ، أَوْ أَصَبْتُمْ، قالَ: فَرَفَعَ رَأْسَهُ إلى السَّمَاءِ، وَكانَ كَثِيرًا ممَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إلى السَّمَاءِ، فَقالَ: النجومُ أمنَةٌ للسماءِ، فإذا ذَهَبَتِ النجومُ أتَى السماءَ ما توعَدُ، وأنا أمنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبْتُ أتى أصحابِي ما يوعدونَ، وأصحابي أمنَةٌ لأمَّتِي، فإذا ذهبَتْ أصحابي أتى أمتي ما يوعدونَ[1].

 

الشرح:

وفي هذا الحديثِ يَحْكِي أبو موسى الأَشْعَرِيُّ رضِي اللهُ عنه أَنَّهم صَلَّوُا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في مَسْجدِه، وجَلَسوا حتَّى يُصَلُّوا معه الْعِشاءَ، فَخرجَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عليهم، فقالَ: “ما زِلْتُم ها هنا؟”، فَأجابوه أَنَّهم صَلَّوا مَعه الْمَغْرِبَ وَيَجلسونَ حتَّى يُصَلُّوا مَعه الْعِشاءَ، فَقالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “أَحْسَنْتُمْ أَو أَصبْتُم”، فَرفَعَ رَأسَه إلى السَّماءِ وكانَ كثيرًا مِمَّا يَرفعُ رأسَه إلى السَّماء، فَقالَ: “النُّجومُ أَمَنةٌ لِلسَّماءِ، فَإذا ذَهبَتِ النُّجومُ أتى السَّماءَ ما تُوعدُ”؛ أي: إنَّ النُّجومَ ما دامَتْ باقيةً فالسَّماءُ بَاقيةٌ، فَإِذا انْكدرَتِ النُّجومُ وَتناثرَتْ، وَهَنَتِ السَّماءُ فَانفطرَتْ وانشقَّتْ، وذهبَتْ وجاء يوم القيامة، ثمَّ قال: “وأنا أَمَنةٌ لِأصحابي”، أي: مِنَ الفِتَنِ والحروبِ وارتدادِ مَنِ ارْتَدَّ، واختلافِ القلوبِ، ونحوِ ذلك مِمَّا أَنذرَ به صريحًا، فإذا ذهبْتُ أتى أصحابِي ما يوعدونَ، وقد وقعَ كلُّ ذلك، فقد جاءت الفتن من عهد خلافة أبي بكر وابتدأت بالردة، ثم عادت الفتنة في خلافة عثمان، ثمَّ قال: “وأصحابي أمنَةٌ لأمَّتِي”؛ أي: هم أمنة من انتشار البدع والجهل بين الناس، فإذا ذهبَ أصحابي أتى أُمَّتي ما يُوعدونَ مِن ظُهورِ البِدعِ والحوادثِ في الدِّينِ والفِتَنِ فيه، وقد حديث كل ما يقال صلى الله عليه وسلم.

 

وفي الحديثِ: مُعجزةُ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو وقوع ما نبَّأ بهِ.

 

وفيه: بيانُ أنَّ بقاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أمانٌ لِأصحاِبه، وبقاءَ أصحابِه أمانٌ لِلأمَّةِ.

 

وفيه: أنَّ الصحابة حُماة الدين والملَّة.

 

وفيه: بيانُ عظيم فضل الصحابة.


[1] أخرجه مسلم في صحيحه 2531، وابن حبان في صحيحه 7249، وصححه الأرناؤوط في صحيح ابن حبان، وصححه الألباني في الصحيح الجامع 6800.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
100 افتتاحية غير عادية من افتتاحيات الخطب ومقدمات الكتب (WORD)
تحميل كتاب جذوة الاقتباس في ذكر من حل من الأعلام مدينة فاس pdf