فائدة تتعلق بحد النحو
فائدة تتعلق بحد النحو
قال ابن آجروم- رحمه الله-: “الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع”.
س: ما الراجح في معنى (بالوضع) الوضع العربي أم القصد؟
ج: بعد حمد الله تعالى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الأطهار الأخيار أقول:
اعلم أخي – علمني الله وإياك – أن هذا الحد هو أفضل الحدود التي وضعها النحاة لتعريف الكلام.
وأول من وضع هذا الحد فيما نعلم أبو موسى الجزولي في مقدمته المعروفة، وليس ابن آجروم صاحب السبق كما قد تظُنُّ.
وعليه فشُرَّاح الجزولية والآجرُّومية قد اختلفوا اختلافًا كبيرًا في معنى قولهم: (بالوضع)؛ فذهب الأكثرون إلى أن المقصود (بالوضع) القصد، فلا بد للمتكلم أن يكون قاصدًا ما يقوله حتى نسمي قوله كلامًا، وعليه فلا يُعتدُّ بكلام السكران؛ لأنه لا يعي ما يقول، وكذلك لا يُعتدُّ بكلام النائم والساهي للعلة نفسها.
وذهب بعضهم إلى أن المقصود (بالوضع) الوضع العربي؛ فثم نعت محذوف؛ إذ أصل الكلام (بالوضع العربي).
وعليه، خرجت لغات الأعاجم جميعها؛ فلا يُسمى الكلام الأعجمي- كثيره أو قليله- كلامًا عند النحاة؛ لأنه ليس بلسان العرب.
والراجح – والله أعلم – في هذه المسألة تفسير (الوضع) بالقصد؛ فلا بد أن يقصد المتكلم كلامه حتى نسميه كلامًا.
وقد ينقدح في ذهنك أننا لو فسرنا الوضع بالقصد، فعلى هذا المذهب سوف تدخل لغات الأعاجم في هذا الحد؛ فيصح أن نسميها كلامًا وَفْقًا لهذا المذهب.
أقول: لا يمكن أن تدخل لغات الأعاجم في هذا الحد لو فسَّرنا الوضع بالقصد لأمرين:
الأول: أن النحاة كلامهم منحصر في علم النحو العربي، وليس لهم علاقة بالألسنة الأخرى؛ فهذه ضميمة الحال.
الآخر: قيد (اللفظ) في هذا الحد يمنع دخول لغات الأعاجم؛ لأن النحاة فسَّروا مقصودهم من (اللفظ) بقولهم: الصوت المشتمل على بعض الأحرف الهجائية التي تبدأ بالألف وتنتهي بالياء، فهذه هي الحروف الهجائية التي تتكون منها اللغة العربية؛ ومن ثم فلا يمكن أن تدخل لغات الأعاجم في هذا الحد.
هذا والله أعلم، وصل اللهم وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه.