فرقان بدر الكبرى (خطبة)


فرقان بدرٍ الكبرى

 

الْحَمْدُ للهِ؛ الحمدُ للهِ مُعزِ الإسلامِ بنصْره، ومُستدرجِ الكافرينَ بمكْره، ومُذلِّ الشركِ بقهْره، ومُصرفِ الأمورِ بأمْره وقدَرهِ، ﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾ [الأنعام: 91]، أحمدهُ على القدَر خيرهِ وشرِّهِ، وأشكرهُ على القضاءِ حُلوِهِ ومُرِّهِ.. وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، العظيمُ في قدْرِه، الحكيمُ في قدَرِه، العادِلُ في أمْرِه، له الآياتُ المبهرةِ، ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ﴾ [الروم: 25]… وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ وسولهُ، ومصطفاهُ وخليلهُ، نبيٌ شرحَ اللهُ لهُ صدرهُ، ورفعَ لهُ ذكرهُ، ووضعَ عنهُ وزرهُ، وجعلَ الذِلةَ والصْغارَ على من خالفَ أمرهُ، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابهِ البررةِ، والتابعين وتابعيهم بإحسانٍ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا..

 

أمَّا بعدُ: فأُوصيكم أيُّها النَّاسُ ونفسي بتقوى اللهِ عزَّ وجلَّ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ؛ فكفى بالله وليًا، وكفى بالله وكيلًا، وكفى بالقرآن منهجًا ودليلًا، وكفى بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبيًا ورسولًا، فاتَّبِعوا يا عبادَ اللهِ ولا تبتدعوا، وتواضَعوا ولا تترفَّعوا، وتقلَّلوا ولا تتوسعوا، ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة:7-8].

 

معاشر الصائمين الكرام: رمضان كما جاء في محكم القرآن هو شهرُ الفرقان.. ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].. إنه فرقانٌ عظيمٌ فرَّقَ اللهُ به بين الحقِّ والباطل، كما قال جلَّ وعلا: ﴿ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الأنفال: 41].. إنها ملحمةٌ من ملاحم التاريخ الكبرى، وكان ذلك في بداية نشأة الإسلام، وفي شهر رمضان، شهرِ العز والفتوحات.. إنه فرقان بدر الكبرى.. فحين علم النبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ قافلةً تجاريةً كبيرةً لقريش قادمةً من الشام إلى مكة، خرج لها الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلًا من المهاجرين والأنصار، ولم يكن معهم سوى سبعين بعيرًا وفرسين، فكان الرجلانِ والثلاثة يتناوبون على البعير الواحد.. ولما علم أبا سفيان وهو قائد القافلة، لما علم بخروجُ المسلمين بعثَ يستصرخُ قريشًا لحماية القافلة، فنهضوا مسرعين.. ثم إنَّ أبا سفيان اتجه بالقافلة يمينًا جهة ساحل البحر فنجا بالقافلة، وأرسل إلى قريش أن ارجعوا فإنما خرجتم لإنقاذ القافلة وقد نجت، فهمّوا بالرجوع، لكن الشقي أبا جهلٍ قال: والله لا نرجع حتى نقدَم بدرًا فنقيمَ فيها ثلاثًا، نطعمُ من حضرنا، ونسقي الخمر، وتعزفُ المغنيات، وتسمعُ بنا العرب، فلا تزال تهابنا أبدًا.. ولما علم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم بخروج قريشٍ استشار أصحابه، فتكلم أبو بكر الصديق فأحسن، ثم تكلم عمر بن الخطاب فأحسن، ثم تكلم المقداد بن عمرو فأحسن، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ظل يقول اشيروا عليَّ أيها الناس، ففطن سعد بن معاذ وعلم أنه إنما يريدُ الأنصار، فقال: لكأنَّك تريدُنا يا رسولَ اللهِ، قال: أجل، فقال سعد: لقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهِدنا أنَّ ما جئت به هو الحقُّ، وأعطيناك على ذلك عهودَنا ومواثيقَنا على السَّمعِ والطَّاعةِ، فامضِ يا رسولَ اللهِ لما أمرك اللهُ. فوالَّذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضتَ بنا هذا البحرّ فخضتَه لخضناه معك، ما يتخلَّفُ منَّا رجلٌ واحدٌ، وما نكرهُ أن تَلقَى بنا عدوَّنا غدًا، إنَّا لصُبُرٌ في الحربِ، صُدُقٌ عند اللِّقاءِ، ولعلَّ اللهَ يريك منَّا ما تقرُّ به عينُك، فسِرْ بنا على بركةِ اللهِ. فسُرَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بقولِ سعدٍ، ونشَّطه ذلك، ثمَّ قال: سيروا على بركةِ اللهِ وأبشروا، فإنَّ اللهَ قد وعدني إحدَى الطَّائفتين، واللهِ لكأنِّي الآن أنظرُ إلى مصارعِ القومِ”.. وبنى المسلمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشًا، في مكان مرتفع خلف الصفوف، ليدير منه المعركة، فبات الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي فيه الليل ويناجي ربه تبارك وتعالى.. وأقبل جيشُ قريشٍ يُحادُّ الله ورسوله، وكانوا قرابة الألف مدججين بالسلاح، معهم مائةُ فرس، وستمائةِ درع، وجمالٌ كثيرة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يناجي ربه ويستنصره، وبالغ في الدعاء والتضرع، في صحيح مسلم، عن عمرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: لمَّا كان يومُ بَدْرٍ، قال: نظر النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أصحابِهِ وهُمْ ثلاثُ مئةٍ ونَيِّفٌ، ونظر إلى المشركينَ فإذا هُمْ ألفٌ وزيادةٌ، فاستقبَلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم القِبلةَ، ثم مَدَّ يديْهِ وعليه رِداؤُهُ وإزارُهُ، ثم قال: اللَّهمَّ أينَ ما وَعَدْتَني؟ اللَّهمَّ أَنْجِزْ لي ما وَعَدْتَني، اللَّهمَّ إنَّكَ إنْ تُهلِكْ هذهِ العِصابةَ مِن أهلِ الإسلامِ، فلا تُعْبَدُ في الأرضِ أبدًا، قال: فما زال يَستَغيثُ ربَّهُ عزَّ وجلَّ ويَدْعوه حتى سَقَطَ رِداؤُهُ، فأتاهُ أبو بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فأخذ رِداءَهُ فرَدَّهُ، ثم الْتَزَمَهُ مِن وَرائِهِ، ثم قال: يا نَبيَّ اللهِ، كَفاكَ مُناشَدَتُكَ ربَّكَ؛ فإنَّهُ سيُنْجِزُ لكَ ما وَعَدَكَ، وأنزل اللهُ عزَّ وجلَّ: ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴾ [الأنفال: 9].. ثم أغفى رسول الله إغفاءة يسيرةً، فقال ابشر يا أبا بكر هذا جبريل عليه أداة الحرب، آخذ بعنان فرسه، على ثناياه النقع، أتاك نصر الله وعِدته، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العريش وهو يقول: سيهزم الجمع ويولون الدبر.. وقبيل بداية القتال، قال الرسول صلى الله عليه وسلم لعلي ناولني كفًا من حصى، فناوله فرمى بها وجوه القوم، فما بقي أحدٌ من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء، وذلك قول الله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [الأنفال: 17].. وكانت بداية المعركة مبارزة بين ثلاثة من فرسان المشركين وهم عتبة وأخوه شيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة، مع عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبدالمطلب وعلي بن ابي طالب، فتمكن الابطال المسلمين الثلاثة من قتلهم جميعًا، ثم بدأ القتال العام، وشرع النبي صلى الله عليه وسلم يحرض أصحابه على القتال فقال: “قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض”، فقال عُميْر بن الحُمَام: يا رسول الله، أجنة عرضها السماوات والأرض؟! قال: “نعم”، قال: بخ بخ، فقال رسول الله: “ما يحملك على قولك: بخ بخ؟” قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: “فإنك من أهلها”، فأخرج تمراتٍ من قرنه فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى التمرات ثم قاتل حتى قتل رضي الله عنه، والحديث في مسلم.. واشتد القتال، وحمي الوطيس، وسالت الدماء، وتطايرت الرؤوس، وثبَّت اللهُ المؤمنين، وأمدهم بالملائكة مُنزَلين ومُسوِّمين ومُردِفين.. وانجلت المعركة عن نصرٍ حاسم وعظيمٍ للمسلمين، وخسارةٍ كبيرةٍ للكفار، فقد قُتِل منهم سبعون، معظمهم من الصناديدِ والأشرافِ، وعلى رأسهم أبو جهل، وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، والعاص بن هشام بن المغيرة، وعقبة بن أبي معيط، والنضر بن الحارث حامل لوائهم، وأُسِر منهم سبعون، وفر الباقون يجرون أذيال الهزيمة إلى مكة، واستشهد من المسلمين أربعة عشر رجلا رضي الله عنهم.. وكانت هذه المعركة الحاسمةُ في السنة الثانية من الهجرة المباركة، وفي يوم جمعةٍ، الموافق للسابع عشر من شهر رمضان المبارك.. وتفاصيل المعركة كثيرةٌ وطويلة، لكن الدروس والعبر المستفادة منها أهم، وهذا ما سنتحدث عنه في الخطبة الثانية بإذن الله..

 

أقول ما تسمعون…

 

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى..

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصادقين…

 

معاشر المؤمنين الكرام: لقد كانت معركة بدرٍ فرقانًا ظاهرًا في الأخذ بأسباب النصر والهزيمة.. فكلُّ الحساباتِ المادية، كانت ترجحُ كفةَ المشركين، في عددهم وعُددهم، وكان المسلمونَ قلةً في ذلة، وبلا عددٍ ولا عُدة.. وتأمَّل هذا الوصفَ العجيبَ لحال المسلمينَ قبل بدر: ﴿ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 26]، ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ ﴾ [الأنفال: 12]، إذن فمعيةَ اللهِ جلَّ وعلا وتأييدهُ، ومددُ الملائكة الكرام كان في جانب أهل الإيمان.. وهكذا كانت معركة بدرٍ الكبرى درسًا في الإيمان، ودرسًا في التوكل والاعتماد على الله والاستعانة به، ودرسًا في الأخذ بالأسباب والتخطيط.. ولقد علمتنا بدرٌ أنه لا أثرَ للقوة مهما اكتملت وسائلها وعددها، فلا أثر لها أمام قوة الإيمان، وصحة التوحيد، وعدالة القضية، وابتغاء مرضاة الله, والجهاد في سبيله جلَّ وعلا.. و﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249].. ولئن كان المسلمون مأمورين بأخذ القوة وجميع أسباب النصر المادية، فإن الإيمان لا بدَّ أن يكون جازمًا وقاطعًا بأنه لا نصر إلا من عند الله فقط.. ﴿ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 10]، وقال تعالى: ﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]، ﴿ ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ ﴾ [الأنفال: 18]، ﴿ فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى ﴾ [الأنفال: 17].. وتأملوا: فحينما أمدَّ الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بالملائكة الكرام، فإن هذا المدد لم يكن من أجل النصر، ولكنه كان فقط من أجل الطمأنينة والبشرى.. ﴿ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال:9-10]… ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنفال: 65]..

 

إنه يا عباد الله درسٌ في العقيدة مهم.. فلا إعجاب بالقوة، ولا اعتماد عليها، فالقوة وحدها لا تنصر: ﴿ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25].. فالقوة إذن إنما هي فقط احتياطٌ وأخذٌ بالأسباب، وإرهابٌ لأعداء الله.. وهكذا فعل القدوة صلى الله عليه وسلم.. هيأَ الجيش، ونظمَ الصفوف، واختارَ الموقع الأفضل، وحفَّزَ المؤمنين، ورفعَ المعنويات، ثم توجه إلى ربه جلَّ وعلا يستزلُ النصر، ويناشِدُ ربه العونَ والتأييد، ويتضرعُ بين يديه بإلحاحٍ حتى سقط ردائه صلى الله عليه وسلم.. كما أن من أعظم دروس بدرٍ الكبرى، أنه مهما تفاقُمت المحَن واشتدت الكروب فإن في طيّاتِها المِنَح والبشائر، تأملوا هذه الآيات الكريمة من كتاب الله: ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ [آل عمران: 196-197]، وقال جل وعلا: ﴿ وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90].. فاتقوا الله عباد الله وخذوا من أحداث شهركم العبر والعظات، وقووا صلتكم بخالق الأرض والسموات..





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
تحميل كتاب الاستدلال في المنطق وتطبيقاته في اللسانيات pdf
تحميل كتاب حماية المستهلك في ظل الانفتاح الاقتصادي pdf