فضل العشر الأواخر من رمضان


فضل العشر الأواخر من رمضان

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:

فقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشر الأواخر أنه يجتهد فيها ما لا يجتهد في بقية الشهر، روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ»[1].

 

وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديثها رضي الله عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ: أَحْيَا اللَّيْلَ، وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ»[2].

أحيا ليله؛ أي: بالصلاة والذكر والدعاء، وأيقظ أهله؛ أي أيقظهم من نومهم ليجتهدوا في الصلاة والذكر والتضرع إلى الله تعالى، وهذه السُّنَّة قد لا ينتبه لها بعض المسلمين، والله تعالى يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم: 6].

أما شدُّ المئزر، فقد قال كثير من أهل العلم: إنه كناية عن اعتزال النساء والتفرغ للعبادة، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في هذه العشر في المسجد، وينقطع عن الدنيا ويخلو بربه يدعوه ويناجيه، ويسأله ويتضرع إليه؛ روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي الله عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ، ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ[3].

فإن قال قائل: ما الحكمة في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم للعشر الأواخر بكثرة الاعتكاف والاجتهاد في طاعة الله، فالجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك التماسًا لليلة القدر؛ روى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أُروا ليلة القدر في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌أَرَى ‌رُؤْيَاكُمْ ‌قَدْ ‌تَوَاطَأَتْ ‌فِي ‌السَّبْعِ ‌الْأَوَاخِرِ. ‌فَمَنْ ‌كَانَ ‌مُتَحَرِّيَهَا، ‌فَلْيَتَحَرَّهَا ‌فِي ‌السَّبْعِ ‌الْأَوَاخِرِ»[4].

وروى البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «‌قَدْ ‌رَأَيْتُ ‌هَذِهِ ‌اللَّيْلَةَ ‌فَأُنْسِيتُهَا ‌فَالْتَمِسُوهَا ‌فِي ‌الْعَشْرِ ‌الأَوَاخِرِ ‌فِي ‌كُلِّ ‌وِتْرٍ، ‌وَقَدْ ‌رَأَيْتُنِي ‌أَسْجُدُ ‌فِي ‌مَاءٍ ‌وَطِينٍ»، قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: مطرنا ليلة إحدى وعشرين، فوكف المسجد في مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظرت إليه، وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه مُبتلٌّ طينًا وماءً[5]، وجمعًا بين الأحاديث السابقة ذهب المحققون من أهل العلم أنها تتنقل في كل سنة[6].

اللهم اجعلنا ممن أدرك ليلة القدر، وفاز بالمثوبة والأجر، واجعلنا من عتقائك من النار ووالدينا والمسلمين.

ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميع العليم، واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

الأسئلة:

1- اذكر هدي النبي صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان.

2- ما معنى شد المئزر؟

3- اغتنام الأوقات الفاضلة سنة، اذكر الدليل.

4- هل ليلة القدر ثابتة في كل سنة؟


[1] صحيح مسلم برقم (1175).

[2] صحيح البخاري برقم (2024)، وصحيح مسلم برقم (1174).

[3] صحيح البخاري برقم (2026)، وصحيح مسلم برقم (1172).

[4] صحيح البخاري برقم (2015)، وصحيح مسلم برقم (1165).

[5] صحيح البخاري برقم (2027)، وصحيح مسلم برقم (1167).

[6] شرح صحيح مسلم للنووي (8/ 298) وفتح الباري (4/ 266).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
في أول جمعة من رمضان تمتلئ المساجد بالقائم والراكع والساجد (خطبة)
عليكم بذكر الله