فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (1)
فوائد متنوعة منتقاة من بعض الكتب (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فهذه المجموعة الأولى من الفوائد المتنوعة، المنتقاة من بعض الكتب، وقد ذكرت في نهاية كل فائدة اسم الكتاب الذي نقلت منه، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
نزول الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا:
قال الإمام ابن خزيمة رحمه الله: ذكر أخبار ثابتة السند، صحيحة القوام، رواها علماء الحجاز والعراق عن النبي صلى الله عليه وسلم في نزول الرب جل وعلا إلى السماء الدنيا كل ليلة، نشهد شهادة مقر بلسانه، ومصدق بقلبه مستيقن بما في هذه الأخبار من ذكر نزول الرب، من غير أن نصف الكيفية؛ لأن نبينا المصطفى لم يصف لنا كيفية نزول خالقنا إلى سماء الدنيا، وأعلمنا أنه ينزل، والله جل وعلا لم يترك ولا نبيه عليه السلام بيان ما بالمسلمين الحاجة إليه من أمر دينهم، فنحن قائلون مصدقون بما في هذه الأخبار من ذكر النزول، غير متكلفين القول بصفته، أو بصفة الكيفية؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم لم يصف لنا كيفية النزول؛ [ كتاب التوحيد].
زخرفة القبور والتأنق في تحسينها ينشأ عنه التعظيم لها والاعتقادات الباطلة:
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: الأحاديث…كثيرة وفيها التصريح بلعن من اتخذ القبور مساجد، مع أنه لا يعبد إلا الله، وذلك لقطع ذريعة التشريك، ودفع وسيلة التعظيم.
وكل عاقل يعلم أن لزيادة الزخرفة على القبور، وإسبال الستور الرائعة عليها، وتسريحها، والتأنق في تحسينها، تأثيرًا في طبائع غالب العوامِّ، ينشأ عنه التعظيم والاعتقادات الباطلة؛ [الدُّرُّ النضيد في إخلاص كلمة التوحيد].
احتجب الله جل وعلا عن أعين الناظرين في الدنيا رحمة لهم:
قال الدارمي رحمه الله: إنما احتجب الله عن أعين الناظرين في الدنيا رحمة لهم؛ لأنه لو تجلَّى في الدنيا لهذه الأعين المخلوقة الفانية لصارت كجبل موسى دكًّا وما احتملت النظر إلى الله تعالى؛ لأنها أبصار خُلِقت للفناء، لا تحتمل نور البقاء، فإذا كان يوم القيامة رُكبت الأبصار للبقاءِ فاحتملت النظر إلى نور البقاء؛ [الرد على بشر المريسي].
النظر إلى وجه الله الكريم:
قال الإمام اللالكائي رحمه الله: قال علي بن المديني: سألت عبدالله بن المبارك رحمه الله عن قوله عز وجل: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ﴾ [الكهف: 110]، قال: من أراد النظر إلى وجه خالقه فليعمل عملًا صالحًا، ولا يخبر به أحدًا؛ [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة].
رفع القبور وتزيينها السبب الأعظم في الاعتقاد في الأموات:
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: لا شك ولا ريب أن السبب الأعظم الذي نشأ معه هذا الاعتقاد في الأموات، هو ما زينه الشيطان للناس من رفع القبور، ووضع الستور عليها، وتجصيصها، وتزيينها بأبلغ زينة، وتحسينها بأكمل تحسين، فإن الجاهل إذا وقعت عينه على قبر من القبور قد بُنيت عليه قبة، فدخلها، ونظر على القبور الستور الرائعة، والسرج المتلالئة، وقد صدعت حوله مجامر الطيب، فلا شك ولا ريب أنه يمتلئ قلبه تعظيمًا لذلك القبر، ويضيق ذهنه عن تصور ما لهذا الميت من المنزلة، ويدخله من الروعة والمهابة ما يزرع في قلبه من العقائد الشيطانية التي هي أعظم مكايد الشيطان للمسلمين، وأشد وسائله إلى ضلال العباد وما يزلزله عن الإسلام قليلًا، حتى يطلب من صاحب ذلك القبر ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه، فيصير في عداد المشركين؛ [شرح الصدور في تحريم رفع القبور].
رحمة الله عز وجل بعبده وصرفه عما يكون سببًا في ضره:
قال الإمام اللالكائي رحمه الله: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إن العبد ليَهمُّ بالأمر من التجارة والإمارة حتى يتيسر له نظر الله من فوق سبع سموات، فيقول للملائكة: اصرفوا عنه، فإني إن يسَّرْته له أدخلته النار، قال: فيصرفه الله عز وجل؛ [شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة].
علامة رضا الله جل وعلا على عباده، وسخطه عليهم:
قال الإمام الدارمي رحمه الله: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو هلال، حدثنا قتادة، قال: قالت بنو إسرائيل: يا رب، أنت في السماء ونحنُ في الأرض، فكيف لنا أن نعرف رضاك وغضبك؟ قال: إذا رضيت عنكم استعملت عليكم خياركم، وإذا غضبت عليكم استعملت عليكم شراركم؛ [الرد على الجهمية].
القباب على القبور أعظم وسيلة إلى الشرك والإلحاد:
قال الإمام الصنعاني رحمه الله: القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد، غالب من يعمرها بل كل من يعمرها الملوك والسلاطين، إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه، من فاضل أو عالم، ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات من دون توسُّل به ولا هتف باسمه؛ بل يدعون له ويستغفرون حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم، فيأتي من بعدهم فيجد قبرًا قد شُيِّد عليه البناء، وسرحت عليه الشموع وفرش بالفراش الفاخر، فيعتقد أن ذلك لنفع أو دفع ضرر وتأتيه السَّدنة يكذبون على الميت، بأنه فعل وفعل، وأنزل بفلان الضرر، وبفلان النفع حتى يغرسوا في جبلته كل باطل، والأمر ما ثبت بالأحاديث النبويَّة من اللعن على من أسرج على القبور وكتب عليها، وبنى عليها؛ [تطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد].