قبسات من أنوار عفوه وصفحه صلى الله عليه وسلم عمن أساء إليه
قبسات من أنوار عفوه وصفحه عمن أساء إليه
عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ حيث سئل عن ذلك، فقال: أجلْ والله، إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45]، وحِرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتُك المتوكل، ليس بفظٍّ ولا غليظ، ولا سخَّاب في الأسواق، ولا يدفع بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه اللهُ حتى يُقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح بها أعينًا عُميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلفًا” متفق عليه.
وعن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أنَّه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قِبَل نجد، فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معه، فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفرق الناس يستظلون بالشجر، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلَّق بها سيفه ونمنا نومة، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا، وإذا عنده أعرابي، فقال: إن هذا اخترط عليَّ سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتًا، فقال: من يمنعك مني؟ فقلت: الله، ثلاثًا، ولم يعاقبه وجلس)؛ رواه البخاري.
وعن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد فقال: (لقد لقيت من قومك، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسي على ابن عبد يَالِيلَ بن عبد كُلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل فناداني، فقال: إنَّ الله عز وجل قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال؛ لتأمره بما شئت فيهم، قال: فناداني ملك الجبال وسلَّم عليَّ، ثم قال: يا محمد، إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت؟ إن شئت أن أُطبق عليهم الأخشبين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا)؛ رواه مسلم.