كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة يتنشف بها بعد الوضوء
تخريج حديث: كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة يتنشف بها بعد الوضوء
عن عروة، عن عائشة، قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم خرقة يتنشف بها بعد الوضوء. (1/ 196).
منكر.
أخرجه الترمذي (53)، وابن عدي (5/ 199)، والدارقطني (388)، وابن شاهين في «الناسخ والمنسوخ» (152)، والحاكم (550)، والبيهقي في «الكبير» (877)، عن زيد بن الحباب، عن أبي معاذ، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة ڤ، قالت: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء.
قال المصنف: «سئل أحمد عن هذا الحديث، فقال: منكر منكر».
وقال الترمذي: «حديث عائشة ليس بالقائم، ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء، وأبو معاذ يقولون: هو سليمان بن أرقم، وهو ضعيف عند أهل الحديث» اهـ.
وقال الدارقطني: «أبو معاذ هو سليمان بن أرقم، وهو متروك»، ونقل كلامه البيهقي.
وخالفهم الحاكم، فقال: «أبو معاذ هذا هو الفضيل بن ميسرة بصري، روى عنه يحيى بن سعيد، وأثنى عليه، وهو حديث قد روي عن أنس بن مالك، وغيره، ولم يخرجاه» اهـ.
قلت: والصواب ما قاله الترمذي، والدارقطني، والبيهقي، ووافقهم ابن عدي، فروى الحديث في ترجمة سليمان بن أرقم، ولم يُذكر الزهري في شيوخ الفضيل بن ميسرة.
قلت: وسليمان بن أرقم، متروك ذاهب الحديث عند جميع الأئمة.
والحديث له شواهد:
الشاهد الأول: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه.
أخرجه الترمذي (54)، والطبراني في «الأوسط» (4182)، وفي «مسند الشاميين» (2243)، والبيهقي في «الكبير» (1120)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (1/ 354)، من طريق رشدين بن سعد، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن عتبة بن حميد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه.
وأخرجه البزار (2652)، وابن شاهين في «الناسخ والمنسوخ» (151)، من نفس الطريق، وسقط عندهما عتبة بن حميد بين عبد الرحمن بن زياد، وعبادة بن نسي.
قال الترمذي: «هذا حديث غريب، وإسناده ضعيف، ورشدين بن سعد وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي يضعفان في الحديث»اهـ.
وقال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى بهذا اللفظ إلا عن معاذ، وعبد الرحمن بن زياد لم يكن بالحافظ، وقد روى عنه الثوري، وجماعة كثيرة»اهـ.
وقال البيهقي: «إسناده ليس بالقوي».
وقال أيضًا: «ضعيف».
قلت: هذا منكر.
• رشدين بن سعد.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (3/ 337): «رشدين بن سعد، أبو الحجاج، المَهْرِي، قال قتيبة: كان لا يبالي ما دُفِع إليه فيقرأه».
وقال ابن معين في «رواية ابن محرز» (15): «ليس بشيء».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (203): «رشدين بن سعد، مصري، متروك الحديث».
وجاء في «الجرح والتعديل» (3/ 513): «عن حرب بن إسماعيل، قال: سألت أحمد بن حنبل عن رشدين بن سعد، فضعَّفه، وقدَّم ابن لهيعة عليه.
وعن يحيى بن معين، قال: رشدين بن سعد لا يُكتب حديثه.
وعن أبي نمير، قال: رشدين بن سعد لا يُكتب حديثه.
وعن عمرو بن عليٍّ، قال: رشدين بن سعد المصري ضعيف الحديث.
وعن أبي حاتم، قال: رشدين بن سعد، منكر الحديث، وفيه غفلة، ويحدِّث بالمناكير عن الثقات، ضعيف الحديث، ما أقربه من داود بن المحبر، وابن لهيعة أستر، ورشدين أضعف.
وسئل أبو زرعة عن رشدين بن سعد، فقال: ضعيف الحديث»اهـ.
• وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي.
أكثر الأئمة فيه الكلام، وهو ضعيف عند جميعهم، ووصفه أحمد وغيره بأنه ليس بشيء، منكر الحديث، ووصفه ابن حبان بأنه يدلس عن محمد بن سعيد بن أبي قيس المصلوب.
قلت: وقد يكون دلس اسمه هنا؛ لأن المصلوب في إسناد هذا الحديث.
فقد أخرجه الطبراني في «الكبير» (20/ 68) (127)، من طريق الأحوص بن حكيم، عن محمد بن سعيد، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على وجهه بطرف ثوبه في الوضوء.
ومحمد بن سعيد؛ هو المصلوب، كذاب وضاع، قال أحمد فيه: عمدًا كان يضع.
الشاهد الثاني: عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
أخرجه البيهقي في «الكبير» (878)، من طريق أبي العيناء محمد بن القاسم، عن أبي زيد النحوي، عن أبي عمرو بن العلاء، عن أنس بن مالك، عن أبي بكر الصديق، أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء.
وهذا شاذ غير محفوظ.
أبو العيناء محمد بن القاسم، قال الدارقطني: «ليس بقوي في الحديث».
قال البيهقي عقب الحديث: «وإنما رواه أبو عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر، أن رجلًا حدثه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له خرقة أو منديل، فكان إذا توضأ مسح بها وجهه ويديه. أخبرنا أبو الحسن بن أبي المعروف الفقيه، أخبرنا أبو سهل بشر بن أحمد الإسفراييني، حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، حدثنا القواريري، حدثنا عبد الوارث، عن أبي عمرو بن العلاء، عن إياس بن جعفر، فذكره، وهذا هو المحفوظ من حديث عبد الوارث، وقد أخبرنا أبو الحسن بن بشران العدل ببغداد، حدثنا أبو عمرو بن السماك، حدثنا حنبل بن إسحاق، حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو، قال: سألت عبد الوارث، عن حديث عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له منديل أو خرقة فإذا توضأ مسح وجهه؟ فقال: كان في قُطَينة، فأخذه ابن علية، فلست أرويه. قال البيهقي: وهذا لو رواه عبد الوارث عن عبد العزيز، عن أنس لكان إسنادًا صحيحًا، إلا أنه امتنع من روايته، ويحتمل أنه إنما كان عنده بالإسناد الأول. والله أعلم»اهـ.
الشاهد الثالث: عن سلمان الفارسي رضي الله عنه.
أخرجه ابن ماجه (468) و (3564)، والطبراني في «مسند الشاميين» (657)، من طريق مروان بن محمد الطاطري، قال: حدثنا يزيد بن السمط، قال: حدثني الوضين بن عطاء، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان الفارسي رضي الله عنه، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ، فقلب جبة صوف كانت عليه, فمسح بها وجهه.
قال الحافظ في «التهذيب» (10/ 59): «محفوظ بن علقمة الحضرمي أبو جنادة الحمصي، روى عن أبيه وسلمان الفارسي، يقال:
مرسل».
وقال البوصيري في «مصباح الزجاجة» (1/ 67): «هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات، وفي سماع محفوظ عن سلمان نظر»اهـ.
وقال (1/ 83): «هذا إسناد فيه مقال، محفوظ بن علقمة عن سلمان يقال: مرسل. قاله في «التهذيب»، وباقي رجال الإسناد ثقات»اهـ.
قلت: هو ضعيف لعدم تيقن سماع محفوظ بن علقمة من سلمان، ولأن الوضين بن عطاء متكلم فيه.
قال ابن ابي حاتم في «الجرح والتعديل» (9/ 50): «عن يحيى بن معين: الوضين بن عطاء لا بأس به.
وعن أحمد بن حنبل: ثقة، ليس به بأس.
سألت أبي عن الوضين بن عطاء، فقال: تعرف وتنكر»اهـ.
وقال الجوزجاني في «أحوال الرجال» (299): «الوضين بن عطاء، واهي الحديث».
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (2265)، وفي «مسند الشاميين» (661)، من نفس الطريق: مروان بن محمد الطاطري، عن يزيد بن السِّمْط، عن الوضين بن عطاء، عن يزيد بن مرثد، عن محفوظ بن علقمة، عن سلمان رضي الله عنه، به.
فأدخل يزيد بن مرثد بين الوضين بن عطاء، وبين محفوظ بن علقمة.
قلت: فالأمر كما قال الترمذي: «لا يصح في هذا الباب شيء».