كتاب الأسئلة 1: الفيل لا يسأل .. الشجرة لا تتخيل!
(أ)
هذا نسب السؤال:
هو ابن امرأة اسمها الدهشة
من رجل اسمه الشك..
وهو أبو المعرفة.
(ب)
الإنسان، في كل زمان ومكان، كان وما يزال وسيظل، يردد أسئلته الجدلية الكبرى: من أنا؟.. من أين أتيت؟.. إلى أين أنا ذاهب؟
الإيمان بدأ بسؤال:
﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى؟
قَالَ: أَوَلَمْ تُؤْمِن؟
قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِ﴾
الاكتشافات بدأت بأسئلة..
الفلسفة تعيش على الأسئلة.
العصيان الأكبر، وأول معارضة عرفها الخلق، أتت عبر السؤال الذي طرحه أبليس محتجا على الخالق:
﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا
إِلَّا إِبْلِيسَ
قَالَ: أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا﴾؟
(ج)
مع كل اكتشاف، ومع تطور العقل البشري، تتغير الأسئلة:
كان الإنسان يقف على أطراف (بحر الظلمات) المحيط، ويتساءل:
ماذا يوجد وراء هذا البحر الهائل؟
ويتخيل: الكائنات الأسطورية، ويبتكر الحكايات الخرافية عن البحارة الذين ذهبوا ولم يعودوا!
صار الإنسان يقف على أطراف الكون، ويتساءل:
ماذا يوجد في هذا الكون الشاسع؟.. هل هناك حياة على المريخ؟
ويتخيل: الكائنات الفضائية العاقلة، ويؤلف القصص حول الأطباق الطائرة!
وكل سؤال، يحتاج إلى الخيال!
(د)
كان أرسطو يحرث شوارع أثينا بأفكاره:
لم يكن يهتم بحصد الأجوبة..
كانت مهمته زراعة الأسئلة!
(هـ)
هناك سؤال يستفزك
وهناك سؤال يفتح النافذة في غرفة بلا أبواب!
هناك سؤال يمسك بيدك ليدلك على الطريق..
وهناك سؤال يأخذك إلى المتاهة!
هناك سؤال يحط مثل حمامة على شرفة منزلك،
وهناك سؤال يهبط مثل نيزك على سقف غرفتك،
وهناك سؤال يرتطم مثل مطرقة على رأسك!
هناك سؤال يهب مثل نسمة..
وهناك سؤال يعصف بك.
هناك سؤال كأنه زخات مطر،
وهناك سؤال يهدم السد ويفتح الوادي لفيضان من هدير الأسئلة!
(و)
هل تعرف ما الفرق بين الكمبيوتر والإنسان؟
الإنسان يعرف كيف يبتكر السؤال،
والكمبيوتر لا يعرف سوى الإجابة!
الفيل لا يسأل!
الشجرة لا تتخيل!
الصخرة لا تحلم بأن تتحول إلى زهرة!
الإنسان الكائن الوحيد الذي:
يسأل، ويتخيل، ويحلم.
(ز)
السؤال العظيم يجعلك تعلو..
الإجابة تجعلك تتعالى!
السؤال يخرجك من المنطقة الآمنة -التي اعتدت عليها- لترقص في حقل ألغام الإجابات المتفجرة!
لتخرج إلى كل المناطق الخطرة!
حتى السؤال الذي كنت تظن أنك تعرف إجابته..
إعادة طرحه تمنحك الإجابات المختلفة.
من الذي أقنعك أن السؤال له إجابة واحدة!
(ح)
لا تظن أن الإجابة هي التي أشعلت المصباح..
السؤال هو الذي أطلق الشرارة!
(ط)
السؤال يجعل الأشياء الجامدة تتحرك..
يستدرج الأفكار لتكون في حضرتك.
إذا ارتبطت الدهشة بسؤال استثنائي طال عمره، ونبتت له أجنحة تجعله يحلّق خارج الزمان والمكان.
أيا كان موقفك من الفلسفة .. لا يزال هذا السؤال الشائك يتردد منذ نحو ألفي عام “الدجاجة جاءت أولا أم البيضة”؟
أول إشارة لذكاء طفلك: كثرة أسئلته.
الطفل يسأل لأن الأشياء الجديدة تنكشف له لأول مرة..
الفيلسوف يسأل لأن الأشياء القديمة تكشفت له بشكل جديد!
(ي)
السؤال، سؤال الفيلسوف تحديدا، يقبض على ماتراه كل يوم وتألفه .. يمسح عن سطحه غبار اعتيادك عليه، ويجعله -مهما كانت صلابته- شفافا .. تراه وكأنك تراه لأول مرة!
يخترق عمقه .. لتصبح الإجابة القديمة في نظرك عادية، وغير كافية لفهم ما تراه.
كنت: «تنظر» فقط..
السؤال الجديد جعلك: «ترى»!
وابتكار السؤال السيد..
إرباك للإجابة السائدة!
(ق)
السؤال يقول لك: أعد علاقتك بالمعتاد.
السؤال يحرضك: لا تستسلم للمسلمات!
السؤال يخرجك من سكن السكون ويفضي بك إلى فضاء لا حدود له.
(ل)
هناك سؤال يجعلك تفتح النافذة .. لترى!
هناك سؤال يعبر بك البحر .. لتكتشف.
هناك سؤال يصعد بك إلى سطح العالم .. لتراك!
(م)
الإجابات: أبواب مغلقة
الأسئلة: مفاتيح!