كتاب سنة أولى إخوان؛ وقائع وشهادة على 369 يوما قبل اختفاء التنظيم
كتاب سنة أولى إخوان؛ وقائع وشهادة على 369 يوما قبل اختفاء التنظيم تأليف سعد القرش .
صدر للروائي سعد القرش كتاب «سنة أولى إخوان: وقائع وشهادات على 369 يوما قبل اختفاء التنظيم» يتميز بالمتابعة والرصد والتحليل لوقائع واحداث تلك الفترة العصيبة من تاريخ مصر والتي تولى فيها الإخوان الحكم من خلال محمد مرسي، وأيضا كونه أحد ثوار 25 يناير و30 يونيو والمحرضين عليهما من خلال كتاباته التي تحدت نظام مبارك وخططه للتوريث كما تحدت نظام محمد مرسي وجماعته الإخوانية.
تميز الكتاب بروح مغايرة جمعت بين السرد الروائي والتحليل النقدي الفكري لأيديولوجية الجماعة وقياداتها سواء كانوا دعاة أو باحثين أو كوادر منظمة، والحضور الفاعل من خلال تجربته الخاصة في مطلع حياته حيث كاد أن يكون واحدا من كوادر الجماعة.
يسرد القرش في مقدمة كتابه الصادر عن الدار المصرية اللبنانية في 174 صفحة، حكايته مع الجماعة منذ أن وقع عدد مجلة «الدعوة» الإخوانية في يده عام 1979 وحتى دخوله الجامعة وقراءاته لكتابات قيادات الجماعة ولقاءاته مع أنور الجندي والشيخ محمد الغزالي وغيرهما، ثم يدخل بنا إلى الوقائع والأحداث التي وقعت خلال عام حكمها، مؤكدا أن نظام الجماعة «نظام صارم، يضم سلطة الاتهام، وسلطة القضاء، وسلطة تنفيذ الأحكام، حيث لا إيمان بدولة خارج دولة الجماعة. ولعل سيد قطب، قبل انضمامه للإخوان، لم يكن مبالغا في مداعبته لأخيه محمد قطب، إذ يسأله حين يعود من اجتماعات الإخوان: «إزاي الحسن الصباح بتاعكم؟!».
ويقول: «ما يربط يومي 11 فبراير 2011، و30 يونيو 2013 أنهما يوما غموض بامتياز. لم يكن لأحد أن يتنبأ كيف ينتهي اليومان، ولكن الفارق بينهما أنه في اليوم الأول نسب النجاح إلى الذات الإلهية باعتبارها أسقطت النظام، وفي اليوم الثاني ينسب النجاح لبشر إرادتهم من إرادة الله. كان الخوف أقرب إلى غيوم أحاطت بيوم 11 فبراير 2011، كنا نخشى ألا تخرج الجماهير بالعدد الكافي لإسماع العالم أن في مصر ثورة تسعى، ولكن الشعب خرج وقال كلمته، خرج مسالما يحمل «الكارت الأحمر»، وبعد أربعة أيام «3 يوليو 2013» احتفل بالنصر، بالعزل الشعبي للإخوان، بعد أطول يوم تعيشه مصر، 30 يونيو 2013 الذي بدأ بجريمة الاتحادية يوم 5 ديسمبر 2012 وانتهى في 3 يوليو 2013. لم نسمع في ميدان التحرير شعارا يهين ذكاء الشعب وإرادته، مثل «الله وحده أسقط النظام». كان الشعار مصريا لا طائفيا: «الشعب خلاص أسقط الإخوان»، ثورة شعبية تتدفق فيها الدماء، ويوم تاريخي أعلن عنه قبل 60 يوما، حين أعلنت حركة «تمرد» أنه اليوم الأخير لمرسي، ذاك الرجل الذي حكم مصر عاما و72 ساعة، بدا أقرب إلى أبطال التراجيديا الإغريقية، يتعثر في أخطاء وخطايا تسهم في البناء الثوري، وتؤكد نجاح موجة ثورية أعلن عنها قبل انطلاقها بشهرين كاملين. كان مرسي يمضي إلى نهايته. سقط ضحايا، أبرياء وغير أبرياء، والمشهد مرشح لمزيد من الدماء. كدنا نرى هذا المشهد قبل إعلان فوز مرسي الذي رفض فكرة فوز منافسه قائلا: «لن يكون». ويضيف «كنا سنرى هذا المشهد بعد ثلاث سنوات، في نهاية الفترة الرئاسية لمرسي؛ فالفاشيون يرون الديمقراطية مجرد وسيلة، إجراء ديمقراطي للوصول إلى الحكم، لا ممارسة تتيح تداول السلطة، ولكن عجلة الثورة تمضي في اتجاه واحد، إلى المستقبل. في عام واحد نجح مرسي وجماعته وحزبه في ما فشل فيه احتلال متصل دام أكثر من 33 قرنا، منذ غزو الإسكندر عام 332 قبل الميلاد. لم يتح لأي احتلال من العبقرية ما يمكنه من استعداء الجيش والشرطة والقضاء والأزهر والكنيسة والإعلام والنقابات والاتحادات الطلابية والنخبة الثقافية والسياسية، وعموم الشعب».
ويشير إلى أن مصر خرجت من التجربة الإخوانية جريحة: «خرجنا من تجربة الإخوان جرحى، وربما يستمر النزيف بعض الوقت، تلك ضريبة الاختيار بين التنظيم والدولة. ويلفت إلى أن كتابه شهادة على 369 يوما هي عمر الإخوان المسلمين في حكم مصر، «سنة أولى «وأخيرة؟» إخوان»، وكرما من الشعب منحهم 72 ساعة إضافية من قيظ شهر يوليو 2013، تسمح لهم بجمع أغراضهم والرحيل من القصر، وأن يحملوا «أمانة» العودة إلى الوطن والإيمان به، والانخراط في المجتمع، وإثبات جدارتهم بأن يكونوا مواطنين صالحين، فأبوا أن يحملوا «الأمانة».
ويضيف «هذا كتاب غير محايد. لا أحتمل فكرة الحياد، وإن كنت قد حاولت أن أتحرى الموضوعية، ولا أسعى إلى إدانة، ولست مشغولا بإطلاق صفات، ولا توجيه أصابع الاتهام إلى فرد أو جماعة، وإنما أرصد شهادات ووقائع، حاولت أن تكون موثقة بالصور، ومنسوبة إلى مصادرها ومعظمهم من الإخوان.. كتاب يناهض أشكال العنصرية، ويرفض خطاب الكراهية الموجه للمختلفين في الدين أو المذهب. أعترف بانحيازي إلى المواطن الإنسان أيا كان دينه أو مذهبه، إلى الوطن والمستقبل والعقلانية، إلى أفكار مثالية تؤمن بالخير والعدل والجمال والحرية سعى إلى ترسيخها، عبر القرون، شهداء وأنبياء وقديسون وفلاسفة ومفكرون وفنانون وحالمون، وحاول الكتاب أن يكون هامشا على ما قدموه من متون».
وتبقى الإشارة إلى أن الكتاب ينقسم إلى بابين وعدة فصول، الباب الأول: الطريق إلى 30 يونيو 2012 «وهو رحلة الأخوان مع العمل الدعوي ثم السياسي ثم الاغتيالات، ثم علاقتهم بالمخابرات البريطانية والأميركية.. ثم علاقتهم بالثورة وصولا إلى الحكم. والباب الثاني: الطريق إلى 30 يونيو 2013، وهو توثيق لأهم مواقف الإخوان في الحكم.