لا يتهيأ للمرء أن يخبر بكل عذر


لا يتهيَّأ للمرء أن يخبر بكلِّ عذرٍ[1]

 

قالها الإمام مالك رحمه الله، وقد كان يشهد الجنائز، ويعود المرضى، ويعطي الإخوان حقوقهم، فترك ذلك واحدًا واحدًا حتَّى تركها كلَّها[2]، بل ترك الجلوس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والسبب أنَّه سَلِسَ بوله[3]، فقال عند موته: كرهت أن آتي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على غير طهارةٍ، فيكون ذلك استخفافًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكرهت أن أخبر النَّاس بعلَّتي فتكون شكوى من الله عزَّ وجلَّ[4].


قلتُ: وقد يمنع الحياء المرء أن يخبر النَّاس بعذره، فإذا لم يخبر الشَّخص بعذره، فالأولى بالعاقل ألَّا يحرجه بالأسئلة المتكرِّرة؛ فربَّما يضطرُّه للكذب، وكثيرًا ما يؤدِّي هذا إلى النَّفرة الموصلة -في الغالب- إلى القطيعة.


ولهذا كان أهل الفضل يقولون: التمس لأخيك عذرًا، فإن لم تجد فاعذره أنت[5].

 


[1] أي: لا يستطيع المرء دائمًا أن يخبر النَّاس بعذره في الأمور التي قد تحتاج إلى اعتذارٍ؛ لأسباب متعدِّدةٍ منها ما جاء في هذه المقالة.

[2] الخطَّابي، العزلة: 98.

[3] أي: لا يستمسك بوله، وانظر: ابن منظور، لسان العرب: 7/ 229.

[4] السَّلماسي، منازل الأئمة الأربعة: 187.

[5] قالها إبراهيم بن أدهم رحمه الله، وانظر: الزَّمخشري، ربيع الأبرار: 2/ 101.







Source link

أترك تعليقا

مشاركة
الحديث (15) “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا…” (خطبة)
خطر الإلحاد.. أسباب الخروج من الإسلام واعتناق الإلحاد