لماذا أحجم الرجل عن المشاركة في صيانة المنزل؟!
لماذا أحجم الرجل عن المشاركة في صيانة المنزل؟!
مانشتات:
• د أمثال الحويلة: كل إنسان يتمنى أن يشعر به الآخرون، فما بالك بشريك الحياة؟!
• أ. يعقوب الصانع: أؤمن بالتخصص، وأن كلاًّ ميسَّر لما خُلق له.
• الزوجة تترجم هذه المساعدة، وترى فيها الحنان والاهتمام، والعَون الذي تنشده.
• م. إبراهيم صلاح: للأسف أنشغل بعملي، وأساعد كلما توفر الوقت.
♦ ♦ ♦
كثيرة هي المشكلات التي تتصاعد وَتِيرتها، ونسمع صداها المليء بالتوتر على ألسنة العديد من المتزوجين، بعضها في تصاعد مستمر، والبعض الآخر تتغاضى عنه الزوجات الحكيمات؛ لتستمر مسيرة الحياة الزوجية، حتى لو حملت القلوب بعض الشوائب والمرارات.
تلك المشكلات التي توسِّع من هُوَّة المسافات بين الأزواج، والمسافات هنا ليست المادية، بل المسافات التى صنعها التجاهل، والإهمال، والبخل في تقديم العون والدعم للطرف الآخر؛ مما يعوق التواصل بينهما، فالرجل ترك مسؤولية البيت بأعبائه كاملةً إلى الزوجة لتَحملها وحدها على أكتافها، مُكتفيًا بمسؤوليته المادية، رافضًا أن يشارك معها حتى في أعمال صيانة البيت، والتي كان يستمتع بأدائها آباؤنا وأجدادنا عندما كانت البيوت أدفأ، والمشاعر أكثر حميمية، والتواصل والحوار بين أفراد الأسرة، هو أهم ما كان يميِّز الأُسر في الزمن الجميل.
وأكثر سؤال يلح علينا الآن:
هو لماذا تخلَّى الزوج عن ممارسة هذا الدور الحيوي؟ والإجابة نتركها لأصحاب الفكر والرأي؛ فقد نجد من بينها ما يبرِّر هذا الإحجام.
أؤمن بالتخصص:
أ. يعقوب الصانع المحامي يؤمن بالتخصص، ويرى أن كلاًّ ميسر لما خُلِق له، فهو يرى أن الأسرة بها خادم واثنان، وأحيانًا يفوق عدد الخدم الموجود في البيت الواحد عدد أفراد الأسرة، فلماذا يقوم الرجل بما يمكن أن يقوم به الآخرون؟
وعن تأثير ذلك على مشاعر الزوجة يقول:
الزوجة نفسها لا تفعل شيئًا الآن بيديها، فعندها من يقوم عنها بمعظم أعمال البيت، بينما تتفرغ هي لمسؤولية تربية الأبناء، والاهتمام بزوجها وبنفسها.
لم نتشابه في كل شيء!
وعن تجربته الشخصية يقول: بالنسبة لي، فأنا أعمل لفترتين، فمن أين أجد الوقت لمراعاة هذه الأشياء البسيطة، والتي يمكن أن يقوم بها غيري، وبشكل أفضل، ولماذا أقطع رزق العامل الذي يقدم الخدمة؟
ويضيف: لكني أعرف رجالاً يقومون بتلك الأعمال، بل ويقومون بالطهي كنوع من الهواية، فلم يخلقْنا الله نتشابه في كل شيء.
الأمور أصبحت أكثر سهولة:
بينما يرى مهندس “علي الجناعي” – صاحب موقع فناتق – أن أهم سبب وراء هذا الإحجام، أنه أصبح هناك سهولة في قيام الزوجة بمجرَّد الاتصال بعامل الصيانة أو الشركات التي تقوم على هذه الخدمة، وهي جالسة مستريحة في بيتها؛ مما جعل الأمر أكثر تيسيرًا، فلا تحتاج معه أن تطلب ذلك من الزوج المنشغل بعمله الذي يفتح بيته.
ويضيف: أما عني، فأنا لا أتأخَّر عن القيام ببعض الأمور البسيطة في أيام الإجازات، ولا أرى أي غضاضة أن يساعد الرجل زوجته التي تتحمَّل الكثير في جعْل البيت أكثر راحة.
مهندس الصيانة:
زوجتي تقول لي: باب النجار مخلع!
أما مهندس إبراهيم صلاح – مهندس الصيانة بإحدى الشركات العقارية – فيقول مبتسمًا:
دائمًا زوجتي تردِّد لي المثل المصري: “باب النجار مخلع”، ويعني: أن بالرغم من كوني مهندسًا للصيانة، فإني لا أقوم بصيانة منزلي! فأنا للأسف لا يتسع لي الوقت الكافي للقيام بأعمال الصيانة الدورية للبيت، ولكني بالطبع حينما يتوفر لي الوقت، أقوم ببعض الأعمال المُلحة والضرورية؛ مثل: تغيير اللمبات التالفة، أو تغيير فلتر المياه أو غيرها، وأحرص أن يساعدني ابني الصغير 11 سنة؛ كي يتعرف على كيفية أداء تلك الأعمال، مع التشديد على الابتعاد عن الأعمال الخطرة مثل الكهرباء وغيرها، محاولاً تعويض زوجتي في الأيام التي أنشغل عنها.
يعتمد على نمط التربية:
ويرى د. رأفت عسكر – الاستشاري النفسي – أنه من الطبيعي أن يشارك الزوج زوجته في أعمال المنزل، ولكن هذه المشاركة تعتمد على: ثقافة الزوج، ومدى معرفته بأنواع المشاركة التي يشارك فيها، فهناك أزواج لا يعرفون ماذا يصنعون في المنزل، ومن هنا يحتاج إلى أن تعلِّمه زوجته واجباته، وكيفية مساعدتها، وكذلك هناك أيضًا بعض الزوجات يكنَّ غير متعلمات لعمل المنزل، ويعتمد ذلك على نمط التربية، ومدى تعلُّم الزوجة في بيت أبيها، إذًا هناك مهارات لا بد أن يكتسبها الزوج أو الزوجة، لكن إذا كانا يعلمان واجبتهما، فالواجب على الزوج أن يشارك زوجته؛ لأنها ستحتاج إليه في هذه المشاركة في ظروف الحياة العادية مثلاً، لوجود مرض – لا قدَّر الله – أو ولادة مولود جديد، فالواجب على الزوج هنا أن يشارك زوجته.
ويحكي د. عسكر عن تجربة لصديقه، فيقول:
مشاركته جعلت زوجته كسولة:
لي تجربة حقيقية مع صديق لي كان يشارك كثيرًا فى أعمال المنزل، ولكن وجد زوجته تعتمد عليه كثيرًا، وبدأت الزوجة نفسها تتكاسل فى أداء عمل المنزل؛ مما جعله يحجم عن المشاركة.
والمطلوب هنا روح التعاون، والمشاركة الإيجابية؛ حتى تستمر الحياة الزوجية جميلة وممتعة، وبلا منازعات بين الرجل والمرأة.
كما تحلل دكتورة أمثال الحويلة – أستاذة الفلسفة بجامعة الكويت – رؤية الرجل، فتقول:
الخطأ من الزوجة:
مشكلة الزوج أنه اختلط عليه دوره؛ حيث حصر دوره فقط في القيام بالمسؤولية المالية، ولم يعد ينظر إلى باقي الأدوار، خاصة في تربية الأبناء، ومساعدة الزوجة، وترَك كل الأدوار الأخرى على المرأة، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب؛ منها:
الضغوط، ومشقة الحياة، والإيقاع السريع التي تمر به الأحداث، وارتفاع الأسعار، كل هذه الأسباب ساهمت في تركيز الزوج على دور واحد فقط، هو جلْب الأموال، ويقع أيضًا الخطأ على الزوجة التي لم تترك الرجل يتحمَّل المسؤولية معها في المنزل، فالحياة الزوجية يجب أن تقوم على توزيع الأدوار بين الزوجين، وكل منهم يقوم بدوره، وممكن تبادل الأدوار حسب الظروف.
تغير في المجتمع:
وتضيف: لا نستطيع القول بأن هناك تغيُّرًا سيكولوجيًّا في الرجل، بل نقول: إن هناك تغيرًا في المجتمع، وتغيرًا في بعض أدوار الرجل نوعًا ما، وذلك لخروج المرأة إلى العمل، ومشاركتها أيضًا في المسؤولية المادية في المنزل، ومن ثَمَّ فهي في حاجة للمساعدة من الزوج، لم تكن تطلبها من قبل؛ لأنها لا تعمل، ولديها الوقت الكافي للأعمال المنزلية.
وربما ساهم أيضًا في ذلك نمط التربية الخاطئة في المجتمعات العربية، التي ترى أن الذكر هو الذي يأمر، وعلى الإناث الطاعة وتنفيذ الأوامر.
الأثر النفسي الذي يقع على الزوجة إذا بادر الزوج بمساعدتها:
تقول الحويلة: الزوجة لا ترى مساعدة زوجها في الصيانة الدورية نوعًا من التوفير المادي، بل أكثر ما يترك الأثر بها هي الناحية المعنوية التي تنتظرها من شريك محب متعاون، يحب بيته ويتبارى في جعْله المكان الأجمل الذي يضم أحبَّاءه، فالزوجة تترجم هذه المساعدة بمشاعرها، وترى فيها الحنان، والاهتمام، والعون؛ مما يجعلها أكثر تعلقًا بعَلاقتها بزوجها وبأبنائها، وأكثر استرخاءً في التعامل مع أمور الحياة اليومية، فتكون أكثر إنتاجية في عملها؛ سواء في المنزل، أو في العمل، وأكثر إقبالاً على الحياة.
وكل إنسان يتمنى أن يشعر به الآخرون؛ فما بالك بشريك الحياة!
اجعلوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- قدوتكم:
وتنصح “د. أمثال” الأزواج أن يقتدوا بالرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بقولها:
على الأزواج اتباع ما أمَرنا به الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- واتخاذ رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- قدوة في كل شيء، ولننظر كيفية تعامله مع زوجاته، وتقديم المساعدة، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يترفَّق في التعامل معهم، ويمد يد العون لهم، ويُقدر جهودهم، ويمتدح ما يقومون به من أعمال، ويقدِّر المرأة، ونصَح بالرفق بها، كما أنصح الرجال بإعادة النظر؛ لأن الزواج عبارة عن مشاركة في كل شيء، وتحمُّل مسؤولية؛ لأن المرأة أصبحت أيضًا عاملة، واختلفت ظروف المعيشة، وتحتاج إلى المساعدة.