{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }
﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾
يقول الله تعالى: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾ [آل عمران: 92]، و«عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُلَيْمٍ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ سِيدَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ قَالَ: “فِي الْمَالِ ثَلَاثَةُ شُرَكَاءَ: الْقَدَرُ لَا يَسْتَأْمِرُكَ أَنْ يَذْهَبَ بِخَيْرِهَا أَوْ شَرِّهَا مِنْ هَلَاكٍ أَوْ مَوْتٍ، وَالْوَارِثُ يَنْتَظِرُ أَنْ تَضَعَ رَأْسَكَ ثُمَّ يَسْتَاقُهَا، وَأَنْتَ ذَمِيمٌ. فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا تَكُونَ أَعْجَزَ الثَّلَاثَةِ فَلَا تَكُونَنَّ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: ٩٢]، أَلَا وَإِنَّ هَذَا الْجَمَلَ مِمَّا كُنْتُ أُحِبُّ مِنْ مَالِي، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُقَدِّمَهُ لِنَفْسِي”[1].
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: كَانَ عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَعْتَقَ جَارِيَتَهُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا رميثة، وَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: ﴿ لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ ﴾ [آل عمران: ٩٢]، وَإِنِّي وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأُحِبُّكِ فِي الدُّنْيَا، اذْهَبِي فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»[2].
جاء زيد رضي الله عنه إلى نبينا صلى الله عليه وسلم وقال: يا نبي الله، إن فرسي سبل أحب مالي إليَّ، وقد أشهدتك أني جعلتها صدقة في سبيل الله، وأعطاها النبي عليه الصلاة والسلام ليتصدق بها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم أسامه بن زيد، وأعطاه الفرس، فلما أعطاه الفرس، قال صلى الله عليه وسلم: (اقبضه يا أسامة)، تغير وجهُ زيد؛ لأنه ما كان يريد أن يأخذها ولده حتى يشعر أنه أنفق بعيدًا، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم تغيُّرَ وجه زيد، قال: (يا زيد، إن الله جل وعلا قد قبل صدقتك منك).
موضع الشاهد أن المقصود إخراج حب المال من القلوب, أما أين يقع المال فمسألة لا تهم إذا اجتهد الإنسان وبذل جهده، قد يقع في قرابة، وقد يقع في غير قرابة، يجتهد الإنسان، والإنسان مأمور أن يجتهد أين يضع ماله، لكن المهم إخراج الدنيا من القلوب[3].