ماذا فعلت سورة محمد صلى الله عليه وسلم بالصحابة؟


ماذا فعلت سورة محمد صلى الله عليه وسلم بالصحابة؟

إن الحمد لله، نحمده ونستعين به ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله؛ أما بعد:

فإني عَنْوَنْتُ لمقالي هذا بتساؤل، ووَدِدتُ من خلاله معرفة البصمة الحقيقية التي تركتها السورة – سورة محمد – في نفوس الصحابة، فقد أدرك الصحابة حقيقة التوجيهات القرآنية فيما يحدث حولهم من أحداث وملابسات، لقد تركوا أنفسهم وعقولهم وأرواحهم للقرآن ومعانيه؛ كي يُخرِجَهم خيرَ أُمَّةٍ وأمْثَلَ قيادة للأمم في عصرهم ومن بعدهم: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [آل عمران: 110]، فكانت كلمات الله منشئًا وميلادًا، وبتعبير أدق إخراجًا عجيبًا للصحابة، إخراجًا عميقًا جِذْرِيًّا إلى النور، كان القرآن يعالج مشكلاتهم، ولم تكن تلك الحالات حكرًا عليهم، ولم يقرر حقيقة إلا ليُغيِّرَ باطلًا استشرى في الجاهلية، والمواقف تتكرر وعلاجها يتجدد في القرآن؛ فهو يمتاز بالحيوية والمرونة، يتحرك حركة واقعية مع حركة المواقف المشابهة، فيضع لها الحلول الناجعة التي اتبعها من قِبَلِ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأن القرآن ككل يرسخ منهجًا ثابتًا ومرنًا في نفس الوقت، ومناسبًا لكل موقف مشابه للمواقف التي يعالجها، فإن كل سورة من سُورِه تمثِّل رحلةً وخطواتٍ على طريق تحقيق الغاية التي من أجلها نزل هذا القرآن؛ فهو يضع معطيات الحياة الواقعية في الميزان، فيوجه على إثرها وينقد ويحلل حتى يخرج لنا بحلٍّ رباني ناجع لكل المشاكل العصرية، المتجددة بتعاقب العصور كتعاقب الليل والنهار، حينما قرأ الصحابة القرآنَ وتلقَّوه، خرجوا بمقررات إيمانية سليمة، وسلَّموا عقولهم المحدودة القاصرة للقرآن ليُبْحِرَ داخلها، ويفرغها من أفكار تحجَّرت وتعشَّشت من آثار الجاهلية المظلمة، فأنشأ القرآن في عقولهم بنيانًا متماسكًا من المقررات السليمة الإيمانية.

وضع الله في هذه السورة القواعدَ التي يقيس الناس إليها أعمالهم، فيَزِنُون أنفسهم، ويهتدون لِما فيه صلاحهم؛ قال تعالى: ﴿ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾ [محمد: 3]، وحدَّدت السورة الأصلَ الذي تنبني عليه التوجيهات التي كُلِّف بها المسلمون بعد ذلك، فكان الأصل منبثقًا عن السنن الكونية يوم خلق الله السماوات والأرض، “فلا بد من الإيمان ليشد النفس إلى أصلٍ تصدُر عنه في كل اتجاهاتها، وتتأثر به في كل انفعالاتها، وحينئذٍ يكون للعمل الصالح معناه، ويكون له هدفه، ويكون له اطِّراده، وتكون له آثاره وفق المنهج الإلهي الذي يربط أجزاء هذا الكون كله في الناموس، ويجعل لكل عمل ولكل حركة وظيفةً وأثرًا في كِيان هذا الوجود، وفي قيامه بدوره، وانتهائه إلى غايته”، فأي عمل صالح خرج عن بوتقة المنهج الإلهي الثابت لا يُعتَدُّ به، ولا قيمة له، مهما بلغ صِيتُه، فهنا بدأت الآيات بالمفاصلة بين أعمال الكفار والمؤمنين، وما يترتب على أعمال كل فريق من الفريقين، وتؤصِّل للأعمال، وتضع المقياس الثابت حتى يزِنَ الناسُ أنفسَهم به.

إن الإسلام لا يتشهَّى القتال، ولا يريده حبًّا فيه، ولكنه يفرضه لأن الواقع يُحتِّمه، ولأن الهدف الذي وراءه كبير، فالإسلام يواجه البشرية بالمنهج الإلهي في صورته الأخيرة المستقرة، وهذا المنهج – ولو أنه يلبي الفطرة المستقيمة – إلا أنه يكلف النفوس جهدًا لتسموَ إلى مستواه، ولتستقر على هذا المستوي الرفيع، وهناك قوى كثيرة في هذه الأرض لا تحب لهذا المنهج أن يستقر؛ لأنه يسلبها كثيرًا من الامتيازات، التي تستند إلى قيم باطلة زائفة، يحاربها هذا المنهج ويقضي عليها حين يستقر في حياة البشر.

ولأن موضوع السورة الرئيسي عن القتال والجهاد في سبيل الله، فلا يخلو الأمر من اشتمال هذه السورة على توجيهات وتأثيرات تربوية نفسية، أثَّرت في قلوب وعقول الصحابة، حتى تُرجِمت أفعالًا في واقعهم، فقامت بتربيتهم تربية إيمانية فريدة، وإصلاحهم وقلوبهم بالجهاد؛ “ويريد ليربيهم، فيظل يُخْرِج من نفوسهم كل هوًى، وكل رغبة في أعراض هذه الأرض الفانية، مما يعز عليهم أن يتخلوا عنه، ويظل يقوِّي في نفوسهم كل ضعف، ويكمل كل نقص، وينفي كل زَغْلٍ ودخل، حتى تصبح رغائبهم كلها في كِفَّة، وفي الكفة الأخرى تلبية دعوة الله للجهاد، والتطلع إلى وجه الله ورضاه، فترجح هذه وتشيل تلك، ويعلم الله من هذه النفوس أنها خُيِّرت فاختارت، وأنها تربَّت فعرَفت، وأنها لا تندفع بلا وعي، ولكنها تقدر وتختار.

إنه لا جهاد، ولا شهادة، ولا جنة، إلا حين يكون الجهاد في سبيل الله وحده، والموت في سبيله وحده، والنصرة له وحده، في ذات النفس وفي منهج الحياة، لا جهاد ولا شهادة ولا جنة إلا حين يكون الهدف هو أن تكون كلمة الله هي العليا، وأن تهيمن شريعته ومنهاجه في ضمائر الناس وأخلاقهم وسلوكهم، وفي أوضاعهم وتشريعهم ونظامهم على السواء.

ويريد ليصلحهم؛ ففي معاناة الجهاد في سبيل الله، والتعرض للموت في كل جولة، ما يعوِّد النفس الاستهانةَ بهذا الخطر المخوِّف، الذي يكلِّف الناسَ الكثير من نفوسهم وأخلاقهم، وموازينهم وقيمهم ليتقوه، وهو هين عند من يعتاد ملاقاته، سواء سلِم منه أو لاقاه، والتوجه به لله في كل مرة يفعل في النفس في لحظات الخطر شيئًا يقربه للتصور فعل الكهرباء بالأجسام، وكأنه صياغة جديدة للقلوب والأرواح على صفاء ونقاء وصلاح.

 

فكان لسورة محمد وتوجيهاتها ومعانيها بصمة وأثر في تقوية البناء العقدي والفكري والسلوكي لدى كل فرد منهم، من الصحابة المخلصين المجاهدين، ونذكر فيما يلي بعضًا من المؤثرات التي استوعبتها سورة محمد لتوجيه الصحابة والمسلمين من بعدهم:

أولًا: الإيمان والنداء به:

ركزت السورة على ذكر الإيمان والتأكيد عليه، وذلك في جعله مقترنًا بالعمل الصالح، وأنه مهما بلغ لن يدوم بدون الإيمان، وسيكون أبترَ باطلًا مقطوعًا، وذلك كان واضحًا جليًّا في افتتاح السورة حين قارن فيها بين الذين كفروا وأعمالهم والذين آمنوا؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 1، 2]، مفاصلة واضحة بين الكفار وأعمالهم، والمؤمنين وأعمالهم الصالحة، فالسورة هنا جعلت وجه المقارنة بين الكفار والمنافقين وفساد أحوالهم، وبين المؤمنين وصلاح أحوالهم بالإيمان، تجد معالم هذه المفاضلة مستمرة إلى نهاية السورة – وفي القرآن كله كذلك – فلا عمل صالحَ مقبولٌ إذا كان منفصلًا عن الإيمان؛ فالإيمان القاعدة التي يُبنى عليها العمل الصالح، وقد أدرك الصحابة قيمة وحلاوة الإيمان، فذاقوها في حياتهم، ولم تخلُ أعمالهم من مراقبة الله، والحرص على طاعته وتقواه، فصار منهجًا ثابتًا في حياتهم رسَّخه القرآن، وبنى أرواحهم به، فكان أن ناداهم القرآن بأحلى وأقرب الخطابات المحببة إلى قلوبهم بـ”يا أيها الذين آمنوا”؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]، فكان للتوجيهات التي تتبعها أثر ووَقْعٌ في نفوسهم استجابوا لها، فكان أن هدأت النفوس، وانشرحت لأمر ربها ونهيه، وتوجيهه، والشعور بقربه منهم، فينطلقون إلى العمل والاستزادة منه، فكان القرآن بتوجيهاته التي تنطوي على النداء بـ”يا أيها” يمثِّل حافزًا ودافعًا قويًّا للعمل الصالح.

هنا أدرك الصحابة منفذَ الأمان والسلام الوحيد الذي ذكرته الآية: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 2]، صلاح البال له ثمن عظيم، فبإيمانهم بالله وبما أُنزل على محمد، وقد وصفه الله هنا بأنه هو الحق لا حق غيره، وبمباشرة العمل الصالح، يكفِّر الله عنهم سيئاتهم، ويصلح ويطمئن بالهم، ويهدئ نفوسهم، ويعيشون جنة الدنيا قبل جنة الآخرة.

 

ثانيًا: اتباع الحق:

اتبع الصحابة الحق بتوجيه من القرآن الكريم، وكانت سورة محمد قد بيَّنت أن اتباع الحق حال ملازم للذين آمنوا، كما أنه خاصية فريدة من خصائصهم، خاصية منجية، وقد كان أن أثَّر اتباع الحق في التزام الطاعات، وكانوا في سباق دائم وتنافُسٍ على فعل الخيرات والعمل الصالح؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ﴾ [محمد: 3].

ثالثًا: التقوى والعمل الصالح:

حرص الصحابة على التزام أوامر الله والعمل الصالح، وكانت نفوسهم تَتُوقُ إلى معرفة الثواب الناتج عن الأعمال الصالحة، وجَّهت سورة محمد إلى العمل الصالح، وأنه من لوازم الإيمان، ثم حذرت من إبطال الأعمال؛ فكانت: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33] توجيهًا صريحًا للحذر من الوقوع في هذا الأمر؛ “وهذا التوجيه يوحي بأنه كان في الجماعة المسلمة يومئذٍ مَن لا يتحرى الطاعة الكاملة، أو من تثْقُل عليه بعض التكاليف، وتشُقُّ عليه بعض التضحيات، التي يقتضيها جهاد هذه الطوائف القوية المختلفة التي تقف للإسلام، وتناوشه من كل جانب، والتي تربطها بالمسلمين مصالحُ ووشائج قربى يصعب فَصْمُها والتخلي عنها نهائيًّا، كما تقتضي العقيدة ذلك، ولقد كان وقع هذا التوجيه عنيفًا عميقًا في نفوس المسلمين الصادقين، فارتعشت له قلوبهم، وخافوا أن يقع منهم ما يُبْطِل أعمالهم، ويذهب بحسناتهم؛ روى الإمام أحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن أبي العالية، قال: “كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يَرَون أنه لا يضر مع لا إله إلا الله ذنب، كما لا ينفع مع الشرك عمل، فنزلت: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]، فخافوا أن يبطل الذنب العمل”[1]، ورُوِيَ عن ابن عمر قال: “كنا معاشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نرى أنه ليس من حسناتنا إلا مقبولًا، حتى نزلت هذه الآية: ﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 33]، فتأملنا ما هذا الذي يبطل أعمالنا، فقلنا: الكبائر الموجبات والفواحش، حتى نزلت: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، فلما نزلت كَفَفْنا عن القول، وكنا نخاف على من أصاب الكبائر ونرجو لمن لم يصِبْها”[2].

ومن هذه النصوص يتجلى كيف كانت نفوس المسلمين الصادقين تتلقى آيات القرآن؛ كيف تهتز لها وتضطرب، وكيف ترتجف منها وتخاف، وكيف تحذر أن تقع تحت طائلتها، وكيف تتحرى أن تكون وَفْقَها، وأن تطابق أنفسها عليها… وبهذه الحساسية في تلقِّي كلمات الله كان المسلمون مسلمين من ذلك الطراز”.

كما أن العمل الصالح يؤدي إلى عمل صالح غيره، وذلك يسمى (باستدامة العبادة)، فالعبادة تؤدي إلى أخرى في دائرة حياتية لا نهائية، وكل ذلك بتوفيق من الله، فلا نستغرب حينما نجد واقع الصحابة مليئًا بالعمل الصالح، وينبض بالطاعات قدر الاستطاعة، كل على حسب استطاعته، فهذا منهج قرآني راسخ؛ قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]؛ “وترتيب الوقائع في الآية يستوقف النظر، فالذين اهتدوا بدؤوا هم بالاهتداء، فكافأهم الله بزيادة الهدى، وكافأهم بما هو أعمق وأكمل: ﴿ وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ﴾ [محمد: 17]… والتقوى حالة في القلب تجعله أبدًا واجفًا من هيبة الله، شاعرًا برقابته، خائفًا من غضبه، متطلعًا إلى رضاه، متحرِّجًا من أن يراه الله على هيئة أو في حالة لا يرضاها… هذه الحساسية المرهفة هي التقوى… وهي مكافأة يؤتيها الله من يشاء من عباده، حين يهتدون هم ويرغبون في الوصول إلى رضا الله”.

فالتقوى كما يعرِّفها التابعي طلق بن حبيب: “أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تجتنب معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله”[3].

فكان الصحابة رضوان الله عليهم أشد الناس خوفًا وخشيةً من عذاب الله وغضبه، فيجتنبون الوقوع في المعاصي والآثام، ويتقربون إلى الله تعالى بالطاعات، فيزدادون تقوى وهدًى.

فالتقوى هداية من الله عز وجل لمن يحبه، ولمن يرجو ثوابه والفوز بنعيمه، وهي في ذات الوقت دافع داخلي للإنسان يحثُّه على اجتناب المعاصي، والسعي لِنَيلِ رضا الله بالطاعات والعمل الصالح قدر المستطاع.

لقد استغرق القرآن فترة لا بأس بها حتى يعمِّق مفهوم التقوى والإيمان في نفوس الصحابة، حتى انفصلت أرواحهم تمامًا عن سفاسف وملهيات الدنيا، فصارت أرواحهم تصبو وتجنح إلى رضا الله، والفوز بجنته، فكانت التوجيهات القرآنية بعد ذلك دليلًا لهم للوصول إلى بَرِّ الأمان، فكانوا يستجيبون ويطيعون، ويتحرَّون الصدق والإخلاص في كل عمل، رضي الله عنهم أجمعين.

يقول ابن القيم رحمه الله: “إن العبد إذا آمن بالکتاب، واهتدى به مجملًا، وقبِل أوامره، وصدَّق بأخباره، کان ذلك سببًا لهداية أخرى تحصل له على التفصيل؛ فإن الهداية لا نهاية لها، ولو بلغ العبد فيها ما بلغ، ففوق هدايته هداية أخرى، وفوق تلك الهداية هداية أخرى إلى غير غاية، فکلما اتقى العبد ربه، ارتقى إلى هداية أخرى، فهو في مزيد هداية ما دام في مزيد من التقوى، وکلما فوَّت حظًّا من التقوى، فاته حظ من الهداية بحسبه، فکلما اتقى زاد هُداه، وکلما اهتدى زادت تقواه؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [المائدة: 15، 16][4].

 

رابعًا: الشهادة في سبيل الله:

أدرك الصحابة أن الشهادة في سبيل الله مَغْنَمٌ كبير لا يضاهيه مغنم، وفوز عظيم لا يقرب منه فوز؛ لِما يترتب عليها من خصال جليلة للشهيد في سبيل الله، “ثم نقف أمام هذه الحقيقة الهائلة… حقيقة حياة الشهداء في سبيل الله… فهي حقيقة مقررة من قبل في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 154]… ولكنها تُعرَض هنا عرضًا جديدًا، تعرض في حالة امتداد ونماء في طريقها الذي غادرت الحياة الدنيا وهي تسلكه وتتوخَّاه؛ طريق الطاعة والهداية والتجرد والنقاء: ﴿ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 5]، فالله ربهم الذي قُتِلوا في سبيله، يظل يتعهدهم بالهداية – بعد الاستشهاد – ويتعهدهم بإصلاح البال، وتصفية الروح من بقية أوْشَاب الأرض، أو يزيدها صفاء لتتناسق مع صفاء الملأ الأعلى الذي صعِدت إليه، وإشراقه وسناه، فهي حياة مستمرة في طريقها لم تنقطع إلا فيما يرى أهل الأرض المحجوبون، وهي حياة يتعهدها الله ربها في الملأ الأعلى، ويزيدها هدًى، ويزيدها صفاء، ويزيدها إشراقًا، وهي حياة نامية في ظلال الله، وأخيرًا يحقق لهم ما وعدهم: ﴿ وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ﴾ [محمد: 6]… وقد ورد حديث عن تعريف الله الجنة للشهداء، عن المقدام بن معديكرب الكندي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن للشهيد عند الله عز وجل – قال الحكم: ستَّ خِصالٍ – أن يُغفَر له في أول دَفعة من دمِه، ويُرى – قال الحكم: ويَرى – مقعده من الجنة، ويُحلَّى حُلَّة الإيمان، ويزوَّج من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر – قال الحكم: يوم الفزع الأكبر – ويُوضَع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوَّج اثنتين وسبعين زوجةً من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانًا من أقاربه))[5]، فهذا تعريف الله الجنة للشهداء في سبيله، وهذه هي نهاية الهداية الممتدة، وإصلاح البال المستأنف بعد مغادرتهم لهذه الأرض، ونماء حياتهم وهداهم وصلاحهم هناك عند الله.

من هنا يتبين مدى قيمة الشهادة في أذهان الصحابة، وكيف أخلصوا أنفسهم وأموالهم لله تعالى، وصدَّقوا وعده لهم بالنعيم والأجر العظيم.

خامسًا: وعد الله في الدنيا:

لم تخلُ سورة محمد من الجزاءات والعطاءات التي تفضَّل الله بها على عباده إن هم التزموا بأوامره، واتقوا ما حذرهم منه، فكان وعدًا وميثاقًا بينه وبينهم بأن يتذوقوا وينهلوا من فضله تعالى وكرمه، حتى في هذه الدنيا الفانية؛ ومن هذه الوعود التي اشتملت عليها سورة محمد:

    1- وعده تعالى لهم بإصلاح بالهم وتكفير سيئاتهم:

      کما في قوله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 2]، (أصلح بالهم): “وإصلاح البال نعمة كبرى تلي نعمة الإيمان في القَدْرِ والقيمة والأثر، والتعبير يلقي ظلال الطمأنينة والراحة، والثقة والرضا والسلام، ومتى صلح البال، استقام الشعور والتفكير، واطمأن القلب والضمير، وارتاحت المشاعر والأعصاب، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام… وماذا بعد هذا من نعمة أو متاع؟ ألا إنه الأفق المشرق الوضيء الرفاف، إنها ليست المحاباة، وليست المصادفة، وليس الجُزاف، إنما هو أمر له أصله الثابت، المرتبط بالناموس الأصيل الذي قام عليه الوجود يوم خلق الله السماوات والأرض بالحق، وجعل الحق هو الأساس”، فإن هم التزموا الحق واتبعوه، كان لهم أن يتفضَّلَ الله عليهم بصلاح البال الذي له الأثر العظيم في راحة النفوس، وصلاح الأعمال بعد ذلك.

        2- وعد الله لهم بالنصر وتثبيت الأقدام:

          كان الصحابة رضوان الله عليهم أفْهَمَ الناس بهذه الآية؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، فجرَّدوا قلوبهم وعقولهم لله تعالى، ونصروا نهجه في حياتهم وفي حياة غيرهم، فكان أن نصروا شريعته تعالى في أرضه، ونصروا كلامه فطبَّقوه في حياتهم، ودَعَوا الناس إلى الالتزام به، إن لله في نفوسهم أن تتجرد له، وألَّا تشرك به شيئًا، شركًا ظاهرًا أو خفيًّا، وألَّا تستبقي فيها معه أحدًا ولا شيئًا، وأن يكون الله أحب إليها من ذاتها ومن كل ما تحب وتهوى، وأن تحكِّمه في رغباتها ونزواتها، وحركاتها وسكناتها، وسرها وعلانيتها، ونشاطها كله وخلجاتها… فهذا نصر الله في ذوات النفوس، وإن لله شريعةً ومنهاجًا للحياة، تقوم على قواعدَ وموازينَ وقيمٍ وتصور خاص للوجود كله وللحياة، ونصر الله يتحقق بنصرة شريعته ومنهاجه، ومحاولة تحكيمها في الحياة كلها بدون استثناء، فهذا نصر الله في واقع الحياة، فهو نصر مشروط إن هم نصروه في حياتهم، نصرهم الله على أهواء أنفسهم، وعلى أعدائهم وعلى كل ما يضرهم.

           

            3- معية الله لهم وتوفيقه وتَطْمِينه إياهم:

              يقول تعالى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾ [محمد: 35].

              وعدهم الله بأنه معهم، وأنهم هم الغالبون؛ يقول الطبري في تأويل الآية: “عنى بقوله: ﴿ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ ﴾ [محمد: 35] وأنتم الغالبون آخر الأمر، وإن غلبوكم في بعض الأوقات، وقهروكم في بعض الحروب”[6]، معية الله لعباده المخلصين كان وعدًا من الله؛ تطمينًا لقلوبهم، ولزرع قيمة الجهاد في نفوسهم، استخدمت السورة عباراتٍ تمتاز بالرصانة والجمال التعبيري؛ حيث رفع من قدرهم، ومن مكانتهم، وأعطاهم توفيقًا وسدادًا وتعزيزًا لهم، حتى لا يهونوا من أنفسهم إذا لاقوا العدو، فيلهثوا وراء المهادنة والسلم؛ ذكر ابن جرير الطبري: “لا تَهِنْ فتضعُف، فيُرى أنك تدعو إلى السلم وأنت فوقه، وأعز منه”[7].

              “فهذا هو الذي يحذر المؤمنين إياه، ويضع أمامهم مصير الكفار المشاقين للرسول صلى الله عليه وسلم، ليحذروا شبحه من بعيد، وهذا التحذير يَشِي بوجود أفراد من المسلمين كانوا يستثقلون تكاليف الجهاد الطويل، ومشقته الدائمة، وتَهِنُ عزائمهم دونه، ويرغبون في السلم والمهادنة ليستريحوا من مشقة الحروب… فالنفس البشرية والتربية الإسلامية تعالج هذا الوهن وهذه الخواطر الفطرية بوسائلها، وقد نجحت نجاحًا خارقًا، ولكن هذا لا ينفي أن تكون هناك رواسب في بعض النفوس، وبخاصة في ذلك الوقت المبكر من العهد المدني، وهذه الآية بعض العلاج لهذه الرواسب”.

              يقول السعدي رحمه الله: “فهذه الأمور الثلاثة کل منها مقتضٍ للصبر وعدم الوهن کونهم الأعلَين؛ أي قد توفرت لهم أسباب النصر، ووُعِدوا من الله بالوعد الصادق، فإن الإنسان لا يَهِنُ إلا إذا کان أذل من غيره، وأضعف عددًا وعُدَدًا، وقوة داخلية وخارجية، الثاني: أن الله معهم فإنهم مؤمنون، والله مع المؤمنين بالعون والنصر والتأييد، وذلك موجب لقوة قلوبهم، وإقدامهم على عدوهم، الثالث: أن الله لا ينقصهم من أعمالهم شيئًا، بل سيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله خصوصًا عبادة الجهاد… فإذا عرف الإنسان أن الله تعالى لا يضيع عمله وجهاده، أوجب له ذلك النشاط وبذل الجهد فيما يترتب عليه الأجر والثواب، فکيف إذا اجتمعت هذه الأمور الثلاثة، فإن ذلك يوجب النشاط التام، فهذا من ترغيب الله لعباده وتنشيطهم، وتقوية أنفسهم على ما فيه صلاحهم وفلاحهم”.

               

              سادسًا: الثواب الأخروي:

              السور القرآنية بشكل عام لا تخلو من ذكر الأجر والثواب الأخروي، وما قد يحصل عليه الإنسان من جزاء غيبي لا يعلمه، لكنه يبذل كل ما يملك من أجل نَيلِه والحصول عليه، وهنا تكمن جماليات هذا الدين، كيف جعل أصحابه يخلصون ويسلمون، فلا يجدون في أنفسهم شكًّا ولا ريبة بأي وعد من الوعود، وسورة محمد أخذت بحظٍّ وافر في توثيق بعضٍ من الجزاءات الأخروية؛ من أبرزها ما يلي:

                1- تکفير السيئات والذنوب:

                  يقول تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ ﴾ [محمد: 2]، ذكر السعدي أن تكفير السيئات يشمل صغارها وكبارها، وإذا كُفِّرت سيئاتهم، نجَوا من عذاب الدنيا والآخرة[8]؛ يقول القرطبي في تفسيره: “ ﴿ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾ [محمد: 2]: أي ما مضى من سيئاتهم قبل الإيمان”[9]، إن تكفير الذنوب والسيئات التي يقترفها الإنسان طوال حياته من الجزاء الأخروي الذي يترتب عليه الفوز بالجنان، والخلاص من العذاب، ويعني توبة الله على العبد ورضاه عنه.

                    2- الفوز بالجنة:

                      سلطت سورة محمد الضوء على جمال وروعة نعيم الجنة، وما احتوت عليه من أكثر المسرات المحبَّبة إلى قلوب البشر، كان ذلك دافعًا قويًّا للالتزام بالطاعات، واجتناب الموبقات، نستطيع أن نقول: إن سورة محمد قارنت بين مصير المسلم ومصير الكافر في آية واحدة بليغة رصينة، واستعملت أسلوبي الترغيب والترهيب فيها؛ قال تعالى: ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ ﴾ [محمد: 15].

                        3- نيل الأجر الأخروي:

                          من أكثر المرغِّبات والمحفِّزات التي تدعو المسلم لأن يُخْلِصَ نيته، ويسعى إلى تحسين عمله، والاستزادة منه – هو حسن ظنه بأن الله لن يضيِّع تَعَبَه، وسيؤتيه أجر صبره وعمله واجتهاده، هذه نقطة لم يغفُل عنها الصحابة، كما أن سورة محمد طمأنت القلوب وأراحتها في هذه الآية الكريمة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴾ [محمد: 36].

                          إيتاء المؤمنين المتقين أجورهم مکافأة لهم على إيمانهم وتقواهم، وهذا الإيتاء إنما هو ثواب أخروي؛ فهو من الحوافز الأخروية؛ يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ ﴾ [محمد: 36].

                          ختامًا، فإن سورة محمد سورة جليلة القدر، سورة تربوية بكل المقاييس، ربَّت الصحابة على الصبر والإخلاص، والطاعة والانقياد لأمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أصلحت النفوس، وقوَّمت الاعوجاج، كانت بمثابة قواعد أساسية في بداية طريق الجهاد ومراحله التالية؛ حتى يسير الصحابة على نور وهدًى وتفانٍ، ولا يتسلل نفوسهم غلٌّ ولا ضعف ولا هوان، فقد عقدت مقارنات كثيرة بين المؤمنين والكافرين وغيرهم، وبين مآل أعمال الفريقين ومصائرها، فعالجت الضعف المتبقي من آثار الجاهلية في بداية العهد المدني، وقوت إيمانهم بالمحفزات والمحببات وغيرها، وشحنت نفوسهم لكي يرتقوا بأنفسهم، ولا يخشوا أحدًا زادتهم جمالًا وإبداعًا بين الأمم، فكانوا هم الأعلَين.

                          نسأل الله أن يذيقنا حلاوة الإيمان، وأن يزيدنا هدًى وتقوى، وأن يصلح بالنا، ويكفر عنا سيئاتنا، ويتقبل شهداءنا، ويدخلنا الجنة خالدين فيها، آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين.


                          [1] تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي (2/ 645) (698)

                          [2] شرح مشكل الآثار (5/ 384) (2137)

                          [3] كتاب الزهد لعبدالله بن المبارك (ج:1، ص: ٤٧٣).

                          [4] الفوائد لابن القيم (ص: 130).

                          [5] مسند أحمد، ط الرسالة، (28/ 419) (17182).

                          [6] تفسير الطبري = جامع البيان، ت شاكر (22/ 189).

                          [7] تفسير الطبري = جامع البيان، ت شاكر (22/ 189).

                          [8] تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: 784).

                          [9] تفسير القرطبي (16/ 224).





                          Source link

                          أترك تعليقا
                          مشاركة
                          واجنبني وبني أن نعبد الأصنام
                          مكتبه السلطان – كتب صوتية مسموعة – أغنية الجليد والنار 3 – رواية عاصفة السيوف – جورج ر. ر. مارتن