مبطلات الصيام
مبطلات الصيام
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد:
قال تعالى: ﴿ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُو ﴾ [البقرة: 187].
ذكر الله في هذه الآية الكريمة أصول مبطلات الصوم، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في السنة تمام ذلك:
1- الجماع، وهو أعظمها وأكبرها إثمًا، فمتى جامع الصائم بطل صومه فرضًا كان أو نفلًا، ووجبت عليه الكفارة، وفي الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ بِامْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَاسْتَفْتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ صِيَامَ شَهْرَيْنِ؟، قَالَ: لَا، قَالَ: فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا»[1].
2- الأكل والشرب، لقوله تعالى: ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [البقرة: 187]، روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمُ النِّدَاءَ وَالْإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ، فَلَا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ»[2].
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وعندي أن الحديث موجه على أحد وجهين:
الوجه الأول: إما أن يكون المؤذن يؤذن بالتحري، والذي يؤذن بالتحري قد يصيب وقد لا يصيب كالمؤذنين عندنا الآن.
الوجه الثاني: أن يكون ذلك بالتأذين من المؤذن عن يقين ومشاهدته للفجر، ولكن هذا من باب الرخصة، لما كان الإنسان رفع الماء ليشرب تعلقت به نفسه، كان من رحمه الله عز وجل أن يقضي الإنسان حاجته منه، كما لو حضر الطعام والإمام يصلي، فإنك تأكل الطعام ولو فاتتك الصلاة، فتسقط بذلك واجبًا[3].
3- التقيؤ عمدًا وهو إخراج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَرَعَهُ القَيْءُ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَمَنْ اسْتَقَاءَ عَمْدًا فَلْيَقْضِ»[4].
4- خروج دم الحيض والنفاس؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟»[5]، فمتى رأت دم الحيض أو النفاس، فلا يجوز لها إكمال صومها ولو قبل الغروب بلحظة وعليها القضاء[6].
تنبيه:«ينبغي للصائم ألا يكثر من المضمضة والاستنشاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي لقيط بن صبرة رضي الله عنه: «وَبَالِغْ فِي الِاسْتِنْشَاقِ إلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا»[7].
اللهم وفِّقنا لاتباع سنة نبيك، والعمل بما دلنا عليه من الخير والهدى.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
الأسئلة:
1- ما أصول مبطلات الصيام؟ مع ذكر الدليل.
2- إذا تقيأ بغير قصد منه هل يفطر أم لا؟
3- هل يأثم من استقاء عمدًا؟
4- هل تقضي الحائض الصوم والصلاة؟
[1] صحيح البخاري برقم 1937، وصحيح مسلم 1111.
[2] (16/ 368) برقم (10629)، وقال محققوه إسناده صحيح على شرط مسلم.
[3] جلسات رمضانية باختصار (4/ 14).
[4] سنن أبي داود (2380) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وقد اختلف في تصحيحه وتضعيفه وفي وقفه ورفعه وللمزيد انظر: علل الترمذي الكبير (ص119)، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (25/ 221) وغيره.
[5] صحيح البخاري برقم (304) وصحيح مسلم برقم (80).
[6] لمزيد من التفاصيل، انظر مجالس شهر رمضان للشيخ ابن عثيمين رحمه الله (ص64-67) موسوعة الدرر المنتقاة للمؤلف (10/ 363-371) الكلمة رقم (39 ).
[7] سنن أبي داود برقم (2366)، وسنن الترمذي برقم (788)، وقال هذا حديث حسن صحيح.