مغني اللبيب بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة


مغني اللبيب بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة

 

عندما وقعت في يدي نسخة (مغني اللبيب)، لابن هشام رحمه الله، التي حقَّقها الأستاذ الدكتور فخر الدين قباوة حفظه الله، قرأت مقدِّمتها، فراعَني ما وصف به عملَ الدكتور عبد اللطيف الخطيب في حاشيته على المغني التي استلَّ أهمَّ ما فيها ممَّا تقدَّم من شروحٍ وحواشٍ على المغني، فكانت بحقٍّ مفيدةً في بيان كثير ممَّا يُشكل من كلام ابن هشام، على ما فيها من تطويل، وأخطاء، وأوهام، حتى وصل الأمر بالدكتور قباوة إلى دعوة الخطيب إلى أن يُخفيَ كتابه، ويجنِّبَ الناس الضَّرر والفساد، وأن يتوبَ إلى الله، عز وجل… إلخ ص21.

 

فعَمَدت مباشرة إلى المواضع التي كنت قد عَلَّمت عليها عند قراءتي النسخة التي حقَّقها الدكتور الخطيب؛ لِما ظهر لي في تلكم المواضع من أوهام وأخطاء، وقصور في تخريج بعض النصوص؛ لأقفَ على التحقيق العلمي الرصين فيها، عند الدكتور قباوة، فتعجَّبتُ من عدم تعرُّضه للغامض منها، بل ومتابعته الخطيب فيها، فكان لا بدَّ من قراءة نسخة الدكتور قباوة كاملة؛ للوقوف على المُوبقات التي دعا الدكتور الخطيب إلى التوبة النَّصوح منها، فلمَّا استكملت قراءة الكتاب تذكَّرت المثل: أسمَعُ جَعْجَعةً ولا أرى طِحْنًا.

•    •    •

وهذا موضعٌ واحد من المواضع التي كنت علَّمت عليها في نسختي من تحقيق الدكتور الخطيب، مع ذكر تعليقات الخطيب عليه، وتعقيبات قباوة عليه، قال ابن هشام في المغني:

(وَمن غَرِيب أَمر التَّاء الاسمية، أَنَّهَا جُردت عَن الخطاب، وَالتُزم فِيهَا لفظُ التَّذْكِير والإفراد فِي أرأيتَكما، وأرأيتَكم، وأرأيتَكَ، وأرأيتَكِ، وأرأيتَكن؛ إِذْ لَو قَالُوا: “أرأيتماكما” جمعُوا بَين خطابين، وَإِذا امْتَنعُوا من اجْتِمَاعهمَا فِي “يَا غلامكم” فَلم يقولوه كَمَا قَالُوا: يَا غلامنا، وَيَا غلامهم، مَعَ أَن الغُلَام طَارِئ عَلَيْهِ الخطاب بِسَبَب النداء، وَأَنه خطاب لاثْنَيْنِ لَا لوَاحِد، فَهَذَا أَجْدَر، وَإِنَّمَا جَازَ واغلامكيه؛ لِأَن المَنْدُوب لَيْسَ بمخاطب فِي الْحَقِيقَة).

 

وتعليقاتُ الدكتور الخطيب على هذا الموضع، وتعقيباتُ الدكتور قباوة عليه، يمكن الكلام عليها، في ثلاثة فصول:

•    •    •

* الفصل الأول: علَّق الدكتور الخطيب على قول ابن هشام: (إِذْ لَو قَالُوا أرأيتماكما)، فقال في الحاشية (1) من ص 214، ج 2: (جاء الضبط في طبعة مبارك بضم التاء، وهو غير الصواب)؛ فضبطها الخطيب بفتح التاء: ” أرأيتَماكما”.

 

وتعقَّبه الدكتور قباوة، فقال في الهامش (9) من ص 167:

(عند المحشِّي: “أرأيتَكما” معلقًا عليه بأن ضم التاء خطأ، مع أنه الصواب في هذا التركيب من الرؤية القلبية، لا بمعنى: أخبرني).

 

قلت: في اعتراض الدكتور قباوة أمران: أحدهما: أن ضم التاء هو الصواب، والآخر: تعليله كون الضم هو الصواب، بأن “أرأيتماكما” في مثال ابن هشام، من الرؤية القلبية؛ أي: أنها على أصل موضوعها؛ ولذلك وضع علامة الاستفهام بعد “أرأيتماكما؟”.

 

* أما الأمرُ الأول – وهو أن ضم التاء هو الصواب – فلا شكَّ أنه الصواب، لكن لا للعلَّة التي ذكرها، بل لعلَّة أُخرى، وهي أن هذه التاء إنما يلتزم فيها الفتح إذا جُرِّدت من الخطاب، واستُغني عن لحاق علامة الفروع بها بلحاقها بالكاف، فإذا فُرض فيها الخطاب، ولحقتها علاماتُ الفروع – كما في مثال ابن هشام، محلِّ النزاع – وجب الرجوعُ بها إلى الأصل، وهو الضم؛ لزوال علَّة لزوم الفتح، كما لا يخفى.

 

* وأما الأمر الثاني – وهو كون “أرأيتماكما” في كلام ابن هشام، من الرؤية القلبية، لا بمعنى: أخبرني – فهو من أخطائه الكثيرة التي تترتَّب عليه أحكامٌ باطلة؛ فقول ابن هشام: (إذ لو قالوا أرأيتماكما…) نصٌّ في أن العرب امتنعوا أن يقولوا: “أرأيتماكما”؛ لاستلزامه الجمعَ بين خطابين، وهو في غاية الوضوح، وهم إنما امتنعوا منه إذا كان بمعنى “أخبرني”؛ وابن هشام إنما نصَّ على امتناعه في معرِض الاحتجاج لأمر التاء العجيب، وهو أنها جُرِّدت عن الخطاب، والتُزم فيها لفظ التَّذكير والإفراد، وهذا الأمر العجيب ممَّا تختصُّ به “أرأيت” إذا كانت بمعنى “أخبرني” بالاتفاق، ولا مدخلَ للرؤية القلبية هنا، كما زعمَه الدكتور قباوة. ونصوصُ العلماء في ذلك أكثرُ من أن تُحصَى، منها قول الفرَّاء:

(المعنى الآخَر: أن تَقُول: أرأيتَكَ، وأنت تريد: “أَخْبِرني”، وتهمزها، وتنصب التاء منها، وتترك الهَمْز إن شئت، وهو أكثرُ كلام العرب، وتترك التاء موحَّدة مفتوحة للواحد والواحدة، والجميع في مؤنثه ومذكَّره، فتقول للمرأة: أرايتَكِ زيدًا هَلْ خرج؟ وللنسوة: أرايتَكُنَّ زيدًا ما فعل؟).

معاني القرآن 1/ 333.

 

وقول أبي حيان:

(وإن ضمّنت “أرأيت” معنى “أخبرني” فصارت لا تدلُّ على الاستفهام ولا تقتضي جوابًا فيجوز أن تتصلَ بها كاف الخطاب. وفي المسألة إذ ذاك ثلاثة مذاهب:

أحدها: مذهب البصريين، وهو أن الفاعل بهذا الفعل هو التاء، وهذا معنى قول المصنِّف: “وليس الإسناد مُزالًا عن التاء”، ويبقى هذا الفاعل مفردًا مذكَّرًا دائمًا، وتظهر علامات الفروع في كاف الخطاب فتقول: أرأيتَكَ، وأرأيتَكِ، وأرأيتَكُما، وأرأيتَكُم، وأرأيتَكُنَّ. وليس لحرف الخطاب موضعٌ من الإعراب؛ لأنها حروف تمحَّضَت للخطاب كما تمحَّضَت في “ذلك”، وفروعه…).

التذييل والتكميل 3/ 202.

 

وقال السَّمين الحلبي مبيِّنًا أنواع “أرأيت”: (وإن كانت العِلْميَّةَ التي ضُمِّنَت معنى «أخبرني» اختصَّتْ بأحكامٍ أُخَرَ… ومنها: أنها تَلْحَقُها التاءُ، فَيُلْتَزَمُ إفرادُها وتذكيرُها، ويُستغنَى عن لَحاق علامة الفروع بها بلَحاقها بالكاف، بخلاف التي لم تُضَمَّن معنى «أخبرني» فإنها تطابق فيها – كما تقدَّم – ما يُراد بها).

الدرُّ المَصون 4/ 615، وما بعدها.

 

وقال السيوطي في الهمع 1/ 302: (تتَّصل هَذِه الكَاف – أَعنِي الحرفية – بأرأيت بِمَعْنى “أَخْبرنِي”، نَحْو أرأيتَكَ – يَا زيدُ – عَمرًا مَا صنع؟ وأرأيتَكِ – يَا هِنْدُ – وأرأيتَكما، وأرأيتَكم، أو أرأيتَكُنَّ، فتَبقى التَّاء مُفْردَة دَائِمًا، ويُغني لحاق عَلَاماتِ الفُرُوع بِالكَاف عَن لحوقها بِالتَّاء).

 

أمَّا إذا كان “أرأيتماكما؟” على أصل موضوعها، من الرؤية القلبية، كما زعمَه الدكتور قباوة، لم يمتنع هذا التركيب، وجاز بالإجماع؛ قال الفرَّاء:

(العرب لها في “أرأيت” لغتان، ومعنيان:

أحدهما: أن يسأل الرجلُ الرجلَ: أرأيتَ زيدًا بعينك؟ فهذه مهموزة. فإذا أوقعتَها عَلَى الرجُل منه قلت: أرأيتَكَ عَلَى غير هَذِه الحال؟ تريدُ: هَلْ رأيتَ نفسَك عَلَى غير هَذِه الحال؟ ثم تُثنَّى، وتُجمَع، فتقول للرجُلين: أرأيتُماكما؟، وللقوم: أَرَأَيْتُموكم؟، وللنسوة: أَرَأَيْتُنَّكُنَّ؟، وللمرأة: أَرَأَيْتِكِ؟، تخفض التاء والكاف، لا يَجوز إلا ذَلِكَ).

معاني القرآن 1/ 333.

 

وقال أبو حيان: (“رأيت” هذه العملية دخل عليها همزة الاستفهام فهي تتعدَّى إلى اثنين فإن استُعملت على أصل موضوعها هذا، جاز أن تتصلَ بها الكاف ضميرًا منصوبًا ويطابق الضميرُ المرفوعُ المنصوبَ في إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث وكان الضمير مفعولًا أولَ وما بعده مفعول ثان. وتعدَّى الفعل المسند إلى الضمير المرفوع المتصل إلى ضميره المنصوب المتصل؛ لأن ذلك جائزٌ في باب “ظننت” وأخواتها فتقول: أرأيتَكَ منطلقًا؟ كما تقول: أَعَلِمْتَك ذاهبًا؟ أي: أعلمتَ نفسَك؟ وأرأيتِكِ ذاهبة؟ وأرأيتُماكُما ذاهبَين؟ وأرأيتُموكُم ذاهبِين؟ وأرأيتُنَّكُنَّ ذاهبات؟).

التذييل والتكميل 3/ 203.

 

ولا أعرفُ خلافًا بين النحاة أن ممَّا تختصُّ به أفعالُ القلوب، غير “هَبْ” و”تعَلَّم”، جواز إعمالها في ضميرين متصلين لمسمًّى واحد، ومنهم ابن هشام في المغني الذي حقَّقه الدكتور قباوة، لا في غيره، قال: (إِذْ لَا يتَعَدَّى فعل الضَّمِير المُتَّصِل إِلَى ضَمِيره المُتَّصِل إِلَّا فِي بَاب ظن، وفقد، وَعدم، نَحْو { فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ } [آل عمران: 188] فِيمَن ضم الباء، وَنَحْو ﴿ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾[العلق: 7]) ص 491. وقال: (لَا يتَعَدَّى فعل المُضمَر المُتَّصِل إِلَى ضَمِيره المُتَّصِل إِلَّا فِي بَاب ظن، نَحْو ﴿ أَن رَآهُ اسْتغنى ﴾ ﴿ فَلَا يحسِبُنَّهم بمفازة ﴾ فِيمَن ضم البَاء) ص660.

 

فاتضح ممَّا تقدَّم أن جعل “أرأيتماكما” الذي نصَّ ابن هشام على أن العرب امتنعَت منه، بمعنى القلبية، كما ادَّعاه الدكتور قباوة، تترتَّبُ عليه أمور:

أحدها: منع ما هو جائز في كلام العرب بالإجماع.

 

الثاني: خرق لإجماع النحاة على جواز أن يقال: “أرأيتماكما؟” بمعنى القلبية.

 

الثالث: إفساد كلام ابن هشام، وتفكيكه، وهو أن يستدلَّ بامتناع “أرأيتماكما؟” القلبية، على إثبات حُكم مختصٍّ بأرأيت التي بمعنى “أخبرني”، وهذا لا ينبغي أن يُحملَ عليه كلام عاقل، بَلهَ إمام فاضل، كابن هشام.

 

الرابع: تقويل ابن هشام ما لم يقُل، وأنه يقول هنا: إنهم امتنعوا من “أرأيتماكما؟” التي بمعنى القلبية، مع إجازته في موضع آخرَ، كما تقدَّم.

•    •    •

* الفصل الثاني: قول ابن هشام: (مَعَ أَن الْغُلَام طَارِئ عَلَيْهِ الخطاب بِسَبَب النداء، وَأَنه خطاب لاثْنَيْنِ لَا لوَاحِد) علَّق عليه الدكتور الخطيب في الهامش ذي الرقم (3) بقوله: (عند الدماميني/240″وأنه خطاب لواحد [وهو الغلام] لا لاثنين [كما في “أريتماكما”] المحكوم بمنعه”. كذا! والصَّواب ما جاء في المخطوطات والمطبوع. والاثنان هما: المنادى، والمضاف إليه) اهـ.

 

وعلَّق الدكتور قباوة في الهامش ذي الرقم (10) من ص 167 على هذا الموضع من المغني، فقال: (كذا، والخطاب هو هنا في الظاهر لواحد كما قال الدماميني، لا لاثنين كما علَّق عليه المحشِّي. فالخطاب للغلام، وذكر أصحاب الغلام هو لتعيينه، فليسوا مخاطَبين، كما هو لتعيين المندوب بعد، وكذلك الحال في: يا غلامَنا، ويا غلامَهم. وانظر حاشية الدسوقي 1/125) اهـ.

 

وهذا من الهوامش الكثيرة التي تدلُّ على أن الدكتور قباوة كان يهجم على التعليق على مسائلَ دقيقة من غير رَويَّة ولا دراسة؛ وفي كلامه أمور:

* أحدها: أنه كان ينبغي أن يصرِّح باعتراضه على ابن هشام؛ لأنه هو القائل: إن الخطاب لاثنين، لا لواحد.

 

* الثاني: أن ما جاء في شرح الدماميني من قوله: (وأنه خطاب لواحد، لا لاثنين) هو من كلام ابن هشام في هذه النصِّ المزعوم، وليس من قول الدماميني، فكان ينبغي نسبتُه لابن هشام، لا للدماميني.

 

* الثالث – وهو واردٌ على الدكتور الخطيب، أيضًا -: أن في الكلام السابق المنسوب للدماميني ما يوجب الشكَّ في صحَّة نسبته إليه، بل يكاد يبلغ مبلغَ الجزم بأنه مُلصَق به؛ لعلَّتين:

1 = أن الشُّمُنِّي قال في منصفه على المغني: (قوله: “فإنه خطاب لاثنين” أحدهما: المنادى، والآخر المضاف إليه) 1/ 241، فدلَّ هذا على أن نصَّ كلام ابن هشام في نسخة الدماميني موافقٌ لكل النسخ، وهو: (فإنه خطاب لاثنين)، وليس (فإنه خطاب لواحد) كما ورد في المطبوع من شرح الدماميني، ودلَّ شرح الشُّمُنِّي لكلام ابن هشام – أيضًا – على أن الدماميني لم يشرحه؛ فإن من منهجه أن يشرحَ ما لم يشرحه الدماميني، كما نصَّ عليه بقوله في المقدِّمة: (وشرح ما لم يشرح بعد من المشكلات)، أمَّا ما شرحه الدماميني، فإن سلمه لم يتعرَّض له، وإلا تعقَّبه، كما يدلُّ على ذلك عدم وجود ذلكم النصِّ في حاشية الدسوقي.

 

2 = أن في المطبوع من شرح الدماميني أمرًا عجيبًا لم يتنبَّه له الخطيب، وتبعَه قباوة؛ وذلك أن الدماميني علَّل قول ابن هشام: (إِذْ لَو قَالُوا: “أرأيتماكما” جمعُوا بَين خطابين)، فقال: (لمخاطب واحد في كلام واحد) 1/ 241، فنصَّ الدماميني على أن المخاطَب في نحو (أريتماكما) واحدٌ، وهذا أمرٌ مجمَع عليه، وفي قوله: (لا لاثنين [كما في “أريتماكما” المحكوم بمنعه]) إثباتٌ لنقيض الكلام الأول، وهو أن الخطاب بأريتماكما لاثنين، ثم إنه بعد سطرين من هذا الكلام الذي نصَّ على أن الخطاب في (يا غلامَكم) لواحد، لا لاثنين، ينصُّ على نقيضه، وأنه خطاب لاثنين لا لواحد، فيقول: (ولقائل أن يقول: إنما امتنَع نحو: يا غلامَك، ويا غلامَكُما، ويا غلامَكُم؛ لاستحالة خطاب المضاف، والمضاف إليه في حالة واحدة) 1/ 241، فنصَّ على أن الخطاب فيه للمضاف، والمضاف إليه، فأنت ترى أنه اجتمعَ في هذا الكلام العجيب الغريب أن المخاطَب بنحو (أرأيتماكما) واحد لا اثنان، ونقيضه وهو: أن المخاطب به اثنان لا واحد، وأن الخطاب بنحو (يا غلامَكُم) لواحد لا لاثنين، ونقيضه وهو: أن الخطاب به لاثنين لا لواحد.

 

وإذا أنعمتَ النظر فيما تقدَّم، جزمتَ بأن ما جاء في المطبوع من شرح الدماميني من قوله: (وأنه خطاب لواحد [وهو الغلام] لا لاثنين [كما في “أريتماكما” المحكوم بمنعه])، لا يمكن أن يكون صحيحًا.

 

* الأمر الرابع: أن كون المخاطَب بمثل “يا غلامَكُم” اثنين لا واحدًا، أمرٌ يُدرَك بالحسِّ، وهو مُجمَع عليه؛ فإن الغلام، وإن كان من قَبيل الغيبة، فقد طرأ عليه الخطابُ بالنداء والإقبال عليه، وهذا يسلِّم به الدكتور قباوة، والضمير المضاف إليه – وهو الكاف – دالٌّ على الخطاب بالوضع، فالمُنازعة في مثل هذا منازعة في البدَهيَّات، وليس ممَّا يقف عنده العقلاء.

 

* الأمر الخامس: أن تسوية الدكتور قباوة بين “يا غلامَكُم”، و”واغُلامكيه”، و”يا غلامَنا”، و”يا غلامَهم”، خَرقٌ لما هو كالمُجمَع عليه من أنها ليست سواءً، وأنه لا يجوز “يا غلامَكُم” على النداء الصِّرف، ويجوز: واغلامكيه، ويا غلامَنا، ويا غلامَهم، وهو منصوصٌ عليه قديمًا وحديثًا، قال المبرِّد:

(اعلم أن إضافة المُنادى إلى الكاف التي تقعُ على المخاطَب مُحال؛ وذلك لأنك إذا قلتَ: يا غُلامَكَ أقبِلْ، فقد نقَضتَ مخاطبةَ المنادى بمخاطبتك الكاف.

 

فإن أضفتَ إلى الهاء صَلَح على معهود؛ كقول القائل، إذ ذكر زيدًا: يا أخاه أقبِل، ويا أباه، ونحو ذلك، وكذلك: يا أخانا، ويا أبانا.

 

فأمَّا في النُّدبة فيجوز: يا غلامك، ويا أخاك؛ لأن المندوبَ غيرُ مخاطَب، وإنما هو مُتفجَّع عليه) المقتضَب 4/ 245.

 

وقال الرَّضِي: (ولا يجوز في النداء المَحْض: يا غلامَك؛ لاستحالة خطاب المضاف، والمضاف إليه معًا في حالة، وأما المندوب فلمَّا لم يكن مخاطبًا في الحقيقة، بل مُتفجَّعًا عليه، جاز: وا غلامَكاه). شرح الكافية 1/ 415.

 

وقال السيوطي: (ولا يُنادى مضافٌ لكاف الخطاب، نحو: يا غلامَكَ؛ لأن المنادى حينئذٍ غيرُ من له الخطاب، فكيف يُنادى من ليس بمخاطَب؟!). الهمع 2/ 46.

 

وقال الصبَّان: (قوله: “والمضاف” أي: لغير ضمير الخطاب، أما المضاف إليه فلا يُنادى فلا يقال: يا غلامَكَ؛ لاستلزامه اجتماعَ النقيضين؛ لاقتضاء النداء خطابَ الغلام، وإضافته إلى ضمير الخطاب عدم خطابه؛ لوجوب تغايُر المتضايفَين، وامتناع اجتماع خطابين لشخصَين في جملة واحدة). حاشية الصبَّان على الأُشْمُوني 1/ 204.

 

* الأمر السادس: قول الدكتور قباوة: وانظر حاشية الدسوقي، يوهم أنه توثيقٌ لما ادَّعاه من أن المخاطَب بمثل: “يا غلامَكُم” واحدٌ، وليس الأمر كذلك، فإن كلام الدسوقي صريحٌ في أن الخطاب في “يا غلامَكُم” لاثنين، لا لواحد.

•    •    •

الفصل الثالث: علَّق الدكتور الخطيب على قول ابن هشام السابق: (فَهَذَا أَجْدَر)، فقال: (أي: أولى بالمنع؛ لأن الخطاب فيه وضعي، لا طارئ، والمخاطَب فيه اثنان، لا واحد). 2/ 214.

 

كذا قال (والمخاطَب فيه اثنان، لا واحد)، فجعل المخاطَب بــ “أرأتماكما” اثنين، لا واحدًا، وهذه مناقضة طريفة، فقد بناه على كلام الدماميني الذي سبقَ أنه صوَّب خلافه، فهو نقضٌ بعد إبرام.

 

ثم إن الدكتور الخطيب إنما أخذ هذا البيان والتعليل من حاشية الدسوقي قطعًا، وإن لم يَعزُه، وقد جاء فيها على الصَّواب، ونصُّه: (أي: أولى بالمنع؛ لأن الخطاب فيه وضعي، لا طارئ، والمخاطَب به واحد، لا اثنان) 1/ 170، فجعل المخاطبَ بأريتماكما واحدًا، لا اثنين.

 

والذي أوقعَ الدكتور الخطيب في هذا الوهم، أنه رأى في كلام ابن هشام السابق قوله: (وَأَنه خطابٌ لاثْنَيْنِ لا لوَاحِد)، فغيَّر كلامَ الدسوقي، وقَلَبَه؛ ليوافقَ كلام ابن هشام، وهذا غريبٌ جدًّا؛ لأن كلام ابن هشام يتعلَّق بقولهم: “يا غلامَكُم”، والخطاب فيه لاثنين، وهو بَدَهي، كما تقدَّم، وكلام الدسوقي يتعلَّق بقولهم: “أرأيتماكما”، والخطاب فيه لواحد، فالجهة منفكَّة.

 

فإن قلت: علِمنا من نصِّ كلام ابن هشام أنه يعني قولهم: “يا غلامَكم”، فمن أين يُعلَم أن كلام الدسوقي في قولهم: “أرأيتماكما”؟!

فالجواب: أنه يُعلَم من قوله: (لأن الخطاب فيه وضعي)، لأن الذي فيه الخطابُ وضعيٌّ هو قولهم: “أرأيتماكما”، أما الخطاب في قولهم: “يا غلام” فطارئ، وهذا بَدَهي، أيضًا.

 

فإن قلت: ألا يجوز أن يكون مرادُ الدكتور الخطيب قولهم: “يا غلامَكم”، والخطاب فيه لاثنين، كما قال؟

فالجواب: أنه يلزم من ذلك أمران:

أحدهما: أن يكون قولهم: “يا غلامَكم” هو الأجدر بالمنع؛ وذلك نقيضُ كلام ابن هشام.

والثاني: أن يكون الخطاب في “يا غلامَكم” وَضعيًّا، ولا قائلَ به.

 

وإنما أوردتُّ هذا للتدليل على أن الدكتور قباوة تابعَ الدكتور الخطيب في أكثرِ المواضع التي كانت فيها أوهامُه وأخطاؤه خفيَّةً دقيقة، أو كان الاستدراكُ فيها يتطلَّب مزيدَ بحث، وفضلَ تنقيب.

•    •    •

ومن ذلك أن ابن هشام نقل عن الشيخ شهاب الدين القَرافي قوله: إنه لا خلافَ في وجوب دخول ما بعد “حتى”، واكتفى الدكتور قباوة بالترجمة للقَرافي – وهو أشهرُ من نارٍ على عَلَم – كما فعل الدكتور الخطيب، ولم يذكر الموضعَ الذي قال فيه القَرافي ذلك، وهو من مهمَّات التحقيق العلمي، وقول القَرافي موجود في شرح تنقيح الفصول، ونصُّه للفائدة: (فائدة: حكاية العلماء الخلافَ في اندراج انتهاء الغاية، ينبغي أن يُحمَل على “إلى” دون “حتى”؛ بسبب تضافُر قول النحاة على أن “حتى” لها شروط: أن يكون ما بعدها من جنس ما قبلها، وداخلًا في حُكمه، وآخر جزء منه، أو متصلًا به، فيه معنى التعظيم أو التحقير. فنصُّوا على اندراج ما بعدها في الحُكم، فما بقي لدخول الخلاف في اندراجه معنًى، بل يندرج ليس إلا، ويُحمَل الخلاف على (إلى)، فإنه ليس فيها نقلٌ يعارضنا). تنقيح الفصول ص 87.

•    •    •

وأكثرُ المواضع التي تعقَّب فيها الدكتور قباوة، الدكتور الخطيب، كان من المواضع الظاهر فيها المأخَذ على الخطيب، وهذا ممَّا لا ينبغي التباهي به. وقد يكون وراء تلكم الأمور الظاهرة أمورٌ خفيَّة، ومآخذُ دقيقة، فلا ينتبهُ لها، ويقتصرُ على المآخذ الجليَّة، ومن أمثلة ذلك ضبطه للآية السابقة من سورة آل عمران ﴿ فَلَا يحسبُنَّهم بمفازة من العَذَاب ﴾ فِيمَن ضم الباء، فقد شكَلَها الخطيب في متن المغني هكذا ﴿ تَحْسَبُنَّهم ﴾ بالتاء، وفتح السين، وضم الباء، فقال الدكتور قباوة: (وعند صاحب المعجم ﴿ فلا تَحْسَبُنَّهم ﴾) ص 491.

 

ولم يزد على ذلك، ولا اعترض على ضبط الدكتور الخطيب؛ لأنه رأى ابن هشام لم ينصَّ إلا على ضم الباء، وقد ضبطها الخطيب بضم الباء مع التاء، وهي قراءة، فيكون صنيعُ الخطيب صحيحًا، وإن كانت القراءة شاذَّة.

 

وخفيَ على الدكتور قباوة أنه يجب تقييدُ قراءة من ضم الباء في ﴿ يحسبُنَّهم ﴾ بأنها بالياء التحتية؛ لأن الاستشهاد بها لا يتمُّ إلا كذلك؛ فعليها تكون واو الجماعة المحذوفة لالتقاء الساكنين، لجماعة الغائبين، والضمير “هم” لجماعة الغائبين، فيكون فعل الضمير المتصل قد تعدَّى إلى ضميره المتصل، أما على تاء الخطاب، فلا يصحُّ الاستشهاد بالآية، ولا ينفع التنصيصُ على ضم الباء وحدَه؛ لأن الواو حينئذٍ تكون لجماعة المخاطَبين، والضمير “هم” للغائبين، فلم يتعدَّ فعلُ الضمير المتصل إلى ضميره المتصل، فتبيَّن أن الخطيب أخطأ في كتابة الآية، وأن خطأه جاء من عدم مراعاة قيد الياء، ومن هذه الجهة يرِدُ الاعتراضُ على ابن هشام نفسه، وأنه كان ينبغي أن يذكرَ قيدَ ياء الغيبة، عندما نصَّ على ضم الباء، والاعتذارُ له بأن مراده مَنْ ضم الباء من السبعة، كما ذكره الشُّمُنِّي 2/ 126، في غاية البعد.

 

ولمَّا خفي على الدكتور قباوة خطأ الدكتور الخطيب، والقصور في عبارة ابن هشام، تابعَهما، واكتفى بوصف ما هو موجود في طبعة الخطيب، وذلك أمر يستطيعه كلُّ واحد.

 

وهاهنا ثلاثة أمور:

أولها: أن الدكتور قباوة ضبط الآية ضبطًا صحيحًا ﴿ يحسِبُنَّهم ﴾، لكنَّه لم يبيِّن قراءةَ من هي؟ فهل كان ذلك اكتفاءً بأن الخطيب قد فعل؟

 

الثاني: أن الدكتور الخطيب خرَّج الآية في الهامش ذي الرقم (1) من ص 96 ج 5، وضبطها على الصحيح بالياء، وضم الباء، ولم يذكر حركةَ السين، فهل اطَّلَع الدكتور قباوة على هذا الهامش، وأخفاه سَترًا لصواب الدكتور الخطيب، أو لم يطَّلع عليه؟

 

الثالث: أن الدكتور قباوة ذكر الدكتور الخطيب بصاحب المعجم، وليس المحشِّي، فهل كان ذلك اعتباطًا، أو كان تدليسًا؛ لإيهام أن هذا الخطأ موجودٌ في معجم القراءات، أيضًا؟ لأن الدكتور الخطيب ذكرها في معجمه بالياء، وضم الباء، فقال: (وقرأ ابن كثر وأبو عمرو… ﴿ فَلَا يحسَبُنَّهم ﴾ بالياء وضم الباء)1 /644، فيتم الاستشهاد بالآية؟

 

نعم، أخطأ الخطيب في وضع الفتحة على السين، والصواب كسرها، كما نصَّ عليه أئمَّة هذا الشأن، منهم ابن مجاهد في السبعة، ص219.

 

وبقي أمر، وهو أن الدكتور الخطيب ذكر في معجمه قراءة ﴿ فلا تَحْسَبُنَّهم ﴾ بالتاء، وضم الباء، وهي القراءة التي ذكرها في متن المغني، كما تقدَّم، فقال: (وقرأ أبو عَمرو والضحَّاك… ﴿ فلا تَحْسَبُنَّهم ﴾ بضم الباء خطابًا للمؤمنين) 1/ 644. ولست أدري من أبو عَمرو هذا؟!؛ لأنه تقدَّم له أن أبا عَمرو الإمام المشهور قرأ بالياء، وضم الباء ﴿ فلا َيحْسبُنَّهم ﴾، وينبغي له أن يحمَد الله على أن الدكتور قباوة لم يقِف على هذا!

•    •    •

وقد كان لاعتداد الأستاذ الدكتور قباوة بنفسه وعلمه، أثرٌ كبير في تعليقاته واعتراضاته، فجاءت هوامشُه في كثير من الأحيان فَطِيرةً غيرَ ناضجة، صادرةً عن غير مراجعة ولا بحث، خاليةً من التعليل والاستدلال، وكأنَّ قوله حُجَّة في ذاته، دليلٌ في نفسه، يوجب على غيره تلقِّيَه بالقَبول والانقياد والتسليم، وارجع إلى الصفحة (33)، وأجِل نظرَك في هوامشها تجِد العَجَب العُجاب، ففي هذه الصفحة ضبط “اشتَهَرت” بالبناء للفاعل، وهو صحيح، بل هو الأكثر، وقال في الهامش (1): (عند المحشِّي: “اشتُهِرت” هنا وفي كثير من المواضع، وهو خطأ شائعٌ بين أوصياء العربية)، ولم يزِد على ذلك. فخطَّأ أوصياءَ العربية – والمُفترَض أنهم نظراؤه – من دون أن يتفضَّل عليهم ببيان علَّة التخطئة، وكأن عليهم أن يسلِّموا له تسليمًا؛ لأنه قاله. ولو كلَّف نفسه، أو أحدَ تلامذته، بحثَ المسألة لوجدَ ابن سِيدَه في المُحكَم، والفِيروزابادي في القاموس قد نصَّا على أن الفعل “اشتهر” يكون متعدِّيًا، ولا زمًا، قال ابن سيده: (الشُّهْرَة: ظهورُ الشيء في شنعة، شَهَرَه يَشْهَرُه شَهْرًا، وشَهَّرَه، واشْتَهَرَه، فاشْتَهَرَ). المُحكَم 4/ 184. وإذا وُجد الفعل المتصرِّف متعدِّيًا، فالفعل المبنيُّ للمفعول تامًّا في اليد، قياسًا مطَّردًا.

 

وفي الصفحة السابقة يقول ابن هشام: إن المُعربين يذكرون في مثل الموصول في قوله -تعالى-: (هُدًى للمتَّقين الذين يؤمنون بالغيب) أن فيه ثلاثةَ أوجه، فيقول الدكتور قباوة في الهامش (4): (والذين: في محلِّ جر صفة للمتَّقين)، فلم يبيِّن الأوجُهَ الثلاثة ما هي؟ ولا أحال إلى الموضع الذي بيَّن فيه ابن هشام هذه الأوجُه، ولا ذكر علَّة اقتصاره على وجه منها، ومثل ذلك وأشدُّ تجده في الهوامش التي بعده.

•    •    •

وقد يصلُ الأمر به إلى أن يخرِقَ إجماع النحاة؛ فقد تعقَّب قول ابن هشام: (وفي كون أنَّ، و”أن” وصلتهما) ص33، فقال في الهامش (13): (كذا، ومثله كثيرٌ في هذا الكتاب، وغيره من كتب النحو والإعراب. و”أنَّ” المجرَّدة ليس لها صلة، بل لها معمولان…)، وهذه جُرأة عظيمة، ومجازفة كبيرة؛ فهل يجهل النحاة أن لــ “أنَّ” معمولين، حتى يستدركَ هذا عليهم؟!، فقد نصُّوا على أن لها معمولين، ونصُّوا مع ذلك على أن ذينكم المعمولين صلة لها، كما نصُّوا على أنَّ “أنْ” المصدرية عاملة في الفعل المضارع، ونصُّوا مع ذلك على أنه صلة لها، فدلَّ هذا على أن الموصول الحرفيَّ يجوز أن يعملَ في صلته، أو في جزء منها؛ لأن الغرض من صلة الموصول الاسمي غيرُ الغرض من صلة الموصول الحرفي، والفروق بين الصلتين كثيرة ليس هذا موضعَ تفصيل الكلام فيها، قال سيبويه: (هذا باب إنَّ وأنَّ. أما “أنَّ” فهي اسم، وما عملت فيه صلةٌ لها، كما أن الفعل صلة لــ “أَنْ” الخفيفة، وتكون أنْ اسمًا). الكتاب 2/ 117، فنصَّ على أن معموليها صلةٌ لها، وقال عباس حسن: (“أنَّ” المشدَّدة النون. وتتكوَّن صلتها من اسمها وخبرها) النحو الوافي 1/ 270، ولو ادَّعى امرؤٌ أن هذا إجماعٌ من النحاة لم يُبعِد.

•    •    •

وقد يصلُ به الأمر إلى حالة غريبة، وهي أن يستدلَّ على صحَّة كلامه واعتراضه في هوامش المغني، بكلامه هو في موضع آخرَ، فقد أعرب ابنُ هشام جملتَي (يشترون الضَّلالة)، و(يريدون أن تضِلُّوا السبيل) من قوله -تعالى-: ﴿ ألم ترَ إلى الذين أوتوا نصيبًا من الكتاب يشترونَ الضَّلالةَ ويُريدونَ أن تَضِلُّوا السَّبيل ﴾ [النساء 44]، بأنهما جُملتا تفسير لمقدَّر؛ إذ المعنى: ألم ترَ إلى قصَّة الذين أوتوا؟. المغني ص488.

 

فردَّ عليه الدكتور قباوة، بقوله في الهامش (12) من الصفحة السابقة: (بل الجملة الأولى حال من “الذين”، والثانية معطوفة عليها. المفصَّل ص 290)، فأحال على المفصَّل، وهو من تأليفه، والذي يُفهَم من هذه الإحالة أحدُ أمرين: إما أن في المفصَّل هذا تفصيلًا يتضمَّن الاستدلالَ على لزوم الإعراب الذي ذكره، وإما أن يكون كلام المفصَّل حُجَّة في نفسه، فرجَعنا إلى المفصَّل، فوجدناه يقول: (وجملة يشترون: في محلِّ نصب حال من الاسم الموصول، عُطفت عليها جملة يريدون، فهي في محلِّ نصب – أيضًا – بالعطف). المفصَّل ص 290، فلم نجد في هذا الكلام زيادةً على ما في الهامش السابق، تتضمَّن بيانَ وجه خطأ إعراب ابن هشام، أو بيان وجه لزوم إعرابه هو، فلم يبقَ إلا أن يكونَ إعراب صاحب المفصَّل – وهو الدكتور قباوة نفسه – حُجَّة بذاته، يوجب رفعَ النزاع، ويكون حكمًا في موضع الخلاف.

•    •    •

وكلُّ هذا وغيره يوجب على طالب العلم ألا يعتمدَ على هوامش الدكتور قباوة، وألا يغترَّ باعتراضاته، وأن يكون منها على حذَر، ثم إن كان ممَّن يستطيع التمييزَ بين غَثِّها وسَمينها، فذاك، وإلا أعرضَ عنها رأسًا، فذلك أسلمُ له، واكتفى من نسخة الدكتور قباوة بأنها ضمَّت نصَّ المغني في مجلَّد واحد.

والله ولي التوفيق.

•    •    •

تنبيهان:

* جاء في الطبوع من شرح الدماميني 1/ 241 (لا لاثنين [كما في “أريتكما” المحكوم بمنعه])، هكذا “أريتكما”، وهو خطأ، والصواب “أريتماكما”؛ لأنه المحكومُ بمنعه في كلام ابن هشام، لا “أريتكما”، فإنه غيرُ محكوم بمنعه، وهو واضح، ولم ينبِّه عليه لا الدكتور الخطيب، ولا الدكتور قباوة، حفظهما الله، ونفع بهما، وجزاهما عن العربية خيرَ الجزاء.

 

* كنت قد كتبتُ هذا أولَ صدور الكتاب بتحقيق الدكتور فخر الدين قباوة حفظه الله، فألحَّ عليَّ بعضُ الإخوة أن أنشرَه؛ لما قد يكون فيه من النفع. والله من وراء القصد.

 

تنبيه الألوكة:

* كلام الشيخ الفاضل كاتبُ المقالة المتصل بنشرة الدكتور عبد اللطيف الخطيب، هو على الطبعة الأولى منها، وقد صدرت الطبعة الثانية منها مصحَّحة ومنقَّحة، وفي مقدِّمتها ردٌّ على ما يراه الخطيب افتراءات من قباوة عليه وعلى نشرته، ثم أخرج الخطيب كتابًا مفردًا بعنوان (ردُّ الأباطيل: مغني اللبيب بين نشرتين) فيه ردود تفصيلية على مآخذ قباوة على عمله في تحقيق المغني.

 

مغني اللبيب طبعة فخر الدين قباوة، وطبعة عبد اللطيف الأولى، وطبعته الثانية المنقَّحة





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
مكتبه السلطان – اربع كتب تقرأهم عشان تطور اللغة الانجليزية!
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك (باللغة البنغالية)