مفهوم صفات الرب جل في علاه
مفهوم صِفات الرب جَلَّ في علاه
مفهوم الصِّفة في اللغة:
الصِّفة في اللغة: الصِّفة أصلها وصف، قال ابن فارس: الواو والصاد، والفاء، أصل واحد، هو تحلية الشيء، ووصفته أصفه وصفًا.
والصفة: الأمارة اللازمة للشيء[1].
فالصفة إذًا: ما قام بالموصوف من نعوت، وتارة يراد به الكلام الذي يوصف به الموصوف، وتارة يراد به المعاني التي دل عليها الكلام، كالعلم والقدرة[2].
والصفات لغةً: من الصّفة وهو الحالة التي يكون عليها الشيء من نعته وحليته، وهي عند النحويين الكلمة التي تعطي دلالة على معنى يضاف إلى الاسم لتدل على حالة له وهي النعت، واسم المفعول، واسم الفاعل، والصفة المشبهة، واسم التفضيل[3].
المطلب الثاني: الصِّفات في المفهوم الاصطلاحي:
الصِّفات هي: “ما قام بالذات الإلهية من نعوت الكمال والجمال والجلال الثابتة في الكتاب والسنة مما يميزها عن غيرها من سائر الذوات”[4].
والصِّفة: هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات وهي الأمارة اللازمة بذات الموصوف الذي يعرف بها [5].
والصِّفة: هي ما وقع الوصف مشتقًا منها، وهو دالٌّ عليها، وذلك مثل العلم والقدرة ونحوه” [6].
ويعنى بالوصف هنا الاسم؛ فالعلم صفة، والعالم وصف دال عليها، والقدرة صفة، والقادر وصف دال عليها [7].
والصِّفة: هي الأمور الثابتة اللازمة للذات؛ كقوله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 22-24]، ونظائر ذلك[8].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ) – رحمه الله-: “الصفة والوصف – تارة يراد به الكلام الذي يوصف به الموصوف؛ كقول الصحابي في ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]: أحبها لأنها صفة الرحمن[9]، وتارة يراد به المعاني التي دلَّ عليها الكلام: كالعلم والقدرة، والجهمية والمعتزلة وغيرهم تنكر هذه وتقول: إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، والكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية قد يفرقون بين الصفة والوصف، فيجعلون الوصف هو القول والصفة المعنى القائم بالموصوف، وأما جماهير الناس فيعلمون أن كل واحدٍ من لفظ الصفة والوصف مصدر في الأصل؛ كالوعد والعِدة، والوزن والزِّنة، وأنه يراد به تارة هذا وتارة هذا”[10].
[1] معجم مقاييس اللغة، لابن فارس: 6/ 115، معجم مقاييس اللغة؛ المؤلف: أحمد بن فارس بن زكرياء القزويني الرازي، أبو الحسين (ت 395هـ).
المحقق: عبد السلام محمد هارون، الناشر: دار الفكر، عام النشر: 1399هـ – 1979م.، عدد الأجزاء: 6.
[2] يُنظر: مجموع الفتاوى: 3/ 335. مجموع الفتاوى المؤلف: تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني (ت: 728هـ) المحقق: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم الناشر: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، المدينة النبوية، المملكة العربية السعودية، 1416هـ- 1995م.
[3] تعريف ومعنى صفات الله تعالى “، المعاني لكل رسم معنى، اطّلع عليه بتاريخ 2017-11- 27. بتصرّف.
[4] يُنظر: الصِّفَات، الجمهرة، مَعْلَمَةُ مفردات المحتوى الإسلامي.
[5] التعريفات، الجرجاني: (ص: 133). كتاب التعريفات، المؤلف: علي بن محمد بن علي الزين الشريف الجرجاني (ت: 816هـ)، المحقق: ضبطه وصححه جماعة من العلماء بإشراف الناشر، الناشر: دار الكتب العلمية بيروت – لبنان، الطبعة: الأولى 1403هـ -1983م، عدد الصفحات: 262.
[6] نفس المرجع السابق.
[7] الكليات، للكفوي: (ص: 546).
[8] مدارج السّالكين: (3/ 345-346).
[9] وأصل الحديث: أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بَعَثَ رَجُلًا علَى سَرِيَّةٍ، وكانَ يَقْرَأُ لأصْحَابِهِ في صَلَاتِهِمْ فَيَخْتِمُ بقُلْ هو اللَّهُ أحَدٌ، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذلكَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: سَلُوهُ لأيِّ شيءٍ يَصْنَعُ ذلكَ؟ فَسَأَلُوهُ، فَقالَ: لأنَّهَا صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وأَنَا أُحِبُّ أنْ أقْرَأَ بهَا، فَقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أخْبِرُوهُ أنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ. رواه البخاري: (7375) واللفظ له، ومسلم: (813). من حديث عائشة أم المؤمنين- رضي الله عنها.
[10] مجموع الفتاوى: (3/ 335).