ملعون من أتى امرأة في دبرها
حديث: ملعون من أتى امرأة في دُبرها
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ملعون من أتى امرأة في دُبرها؛ رواه أبو داود والنسائي واللفظ له ورجاله ثقات لكن أعل بالإرسال.
المفردات:
عشرة النساء: أي ما يعامل الرجل به زوجته من المداراة وحسن المعاملة، وما تعامل به الزوجة زوجها، وطرق المباشرة بينهما، وما يحق لكل واحد منهما على الآخر ليعيشا عيشة طيبة.
ملعون: أي مطرود من رحمه الله.
من أتى امرأة في دبرها: أي وطئها في دُبرها.
البحث:
قال الحافظ في تلخيص الحبير: قوله: وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ملعون من أتى امرأة في دبرها؛ أحمد وأبو داود وبقية أصحاب السنن من طريق سهيل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد عن أبي هريرة مرفوعًا، لفظ أبي داود والنسائي وابن ماجه: لا ينظر الله يوم القيامة إلى رجل أتى امرأته في دبرها، وأخرجه البزار وقال: الحارث بن مخلد ليس مشهور، وقال ابن القطان: لا يُعرف حالُه، وقد اختلف فيه على سهيل، فرواه إسماعيل بن عياش عنه عن محمد بن المنكدر عن جابر، أخرجه الدارقطني وابن شاهين، ورواه عمر مولى غفرة عن سهيل عن أبيه عن جابر أخرجه ابن عدي وإسناده ضعيف، ولحديث أبي هريرة طريق أخرى أخرجها أحمد والترمذي من طريق حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة عن أبي هريرة بلفظ: من أتى حائضًا، أو امرأة في دبرها، أو كاهنًا فصدقه فيما يقول، فقد كفر بما أُنزل على محمد، قال الترمذي: غريب لا نعرفه إلا من حديث حكيم، وقال البخاري: لا يعرف لأبي تميمة سماع من أبي هريرة وقال البزار: هذا حديث منكر، وحكيم لا يحتج به وما انفرد به، فليس بشيء، وله طريق ثالث أخرجها النسائي من رواية الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال حمزة الكناني الراوي عن النسائي: هذا منكر، ولعل عبدالملك بن محمد الصنعاني سمعه من سعيد بن عبدالعزيز بعد اختلاطه، قال: وهو باطل من حديث الزهري والمحفوظ عن الزهري عن أبي سلمة أنه كان ينهى عن ذلك؛ انتهى.
وعبدالملك قد تكلم فيه دحيم وأبو حاتم وغيرهما، وله طريق رابعة أخرجها النسائي أيضًا من طريق بكر بن خنيس عن ليث عن مجاهد عن أبي هريرة بلفظ: من أتى شيئًا من الرجال أو النساء في الأدبار، فقد كفر، وبكر وليث ضعيفان، وقد رواه الثوري عن ليث بهذا السند موقوفًا، ولفظه: إتيان الرجال والنساء في أدبارهم كفر، وكذا أخرجه أحمد عن إسماعيل عن ليث؛ اهـ، قال البزار: لا أعلم في هذا الباب حديثًا صحيحًا لا في الحظر ولا في الطلاق؛ قال الحافظ: في التلخيص: وكذا روى الحاكم عن الحافظ أبي علي النيسابوري، ومثله عن النسائي، وقاله قبلهما البخاري؛ اهـ، وحكى ابن عبد الحكم عن الشافعي أنه قال: لم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تحريمه ولا في تحليله شيء؛ اهـ، هذا وقد حاول بعض الناس أن يستدل بقوله تعالى: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾ [البقرة: 223] على استباحة ذلك، ويرده ما رواه البخاري ومسلم في سبب نزول الآية؛ إذ هو المبين لتفسيرها، فقد روى البخاري ومسلم واللفظ لمسلم من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: كانت اليهود تقول: إذا أتى الرجل امرأته من دبرها في قبلها كان الولد أحول، فنزل: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾، ولفظ البخاري من حديث جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول، فنزلت: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾، قال الحافظ في تلخيص الحبير: ورواية آدم عن شعبة عن محمد بن المنكدر سمعت جابر بن عبدالله يقول في قوله الله عز وجل: ﴿ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ ﴾، يقول كيف شئتم في الفرج يريد بذلك موضع الولد للحرث، يقول: ائت الحرث كيف شئت؛ اهـ، وسيأتي مزيد بحث لهذا في بحث الحديث السابع من أحاديث هذا الباب إن شاء الله تعالى.