من أقوال السلف في أهمية السؤال وآدابه
من أقوال السلف في أهمية السؤال وآدابه
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فللسؤال أهمية كبرى في طلب العلم، فالأسئلة مفاتيح العلم، قال الإمام الزهري رحمه الله: العلم خزائن، وتفتحُها المسائل، وقال الإمام الباقلاني رحمه الله: العلم قفل، ومفتاحه المسألة.
بل إن السؤال نصف العلم، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: العلم سؤال وجواب.
وطالب العلم يُصيبُ كثيرًا من العلم بالسؤال، قال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: بِمَ أصبتَ هذا العلم؟ قال: بلسان سؤول، وقلب عقول.
للسلف أقوال في أهمية السؤال، يسَّر اللهُ فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها.
السؤال عمَّا ينفع:
• قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا أراد الله بعبده خيرًا سدده، وجعل سؤاله عما يعنيه.
• عن ابن عباس قال: ما رأيتُ قومًا كانوا خيرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم… ما كانوا يسألون إلَّا عمَّا ينفعهم.
السؤال من أجل العمل لا للمِراء والجِدال:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: التفقُّه في الدين، والسؤال عن العلم إنما يحمد إذا كان للعمل، لا للمِراء والجِدال.
ولهذا المعنى كان كثير من الصحابة والتابعين يكرهون السؤال عن الحوادث قبل وقوعها، ولا يجيبون عن ذلك، وكان زيد بن ثابت إذا سُئل عن الشيء، يقول: كان هذا؟ فإن قالوا: لا، قال: دعوه حتى يكون.
حسن السؤال، والتلطُّف فيه:
• قال ميمون بن مهران: حسن المسألة نصف الفقه.
• قال الإمام النووي رحمه الله:
استحباب تلطُّف السائل في عبارته وسؤاله للعالم.
ينبغي للسائل أن يسأل برفق في سؤاله.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن المنير: في قوله: (يُعلِّمكم دينَكم) دلالة على أن السؤال الحسن يُسمَّى علمًا وتعليمًا؛ لأن جبريل لم يصدر منه سوى السؤال، ومع ذلك سمَّاه علمًا، وقد اشتهر قولهم: حُسْن السؤال نصفُ العلم.
• قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: التزام أدب المباحثة من حسن السؤال، فالاستماع، فصحة الفهم للجواب، وإياك إذا حصل الجواب أن تقول: لكن الشيخ فلان قال لي: كذا، أو قال: كذا، فإن هذا وهن في الأدب، وضرب لأهل العلم بعضهم ببعض، فاحذر هذا.
السؤال عما أشكل مما يحتاج إليه الناس:
قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: السؤال له حدود، ما كل شيء يُسأل عنه، إنما يُسأل عمَّا أشكل مما يحتاج إليه الناس من أمور عباداتهم وأمور معاملتهم، السؤال عن هذا محمود ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، أما السؤال عن الأغاليط وعن الأشياء التي لا حاجة للناس بها، وإنما هي من باب التكلُّف وإشغال الوقت والتضليل والتشويش على الناس، فهذا السؤال محرم يجب الكف عنه وتعزيز من يفعل هذا. كما فعل عمر رضي الله عنه بصَبِيغ الذي كان يسأل عن أشياء من متشابه القرآن، ليس للناس حاجة إليها، فضربه عمر، وطرده من المدينة.
• عدم المبادرة إلى السؤال إلا بعدما يفرع المُعلِّم من كلامه:
• قال الخطيب البغدادي رحمه الله: من الأدب إذا روى المُحدِّث حديثًا، فعرض للطالب في خلاله شيء أراد السؤال عنه، ألَّا يسأل عنه في تلك الحال؛ بل يصبر حتى ينهي الراوي حديثَه، ثم يسأل عمَّا عرض له.
• قال ابن الجوزي: متى أشكل شيء من الحديث على الطالب صبر حتى ينتهي الحديث، ثم يستفهم الشيخ بأدبٍ ولُطْفٍ، ولا يقطع عليه وسط الحديث.
• قال العلامة السعدي رحمه الله:
المستمع للعلم ينبغي له أن يتأنَّى ويصبر، حتى يفرغ المُمْلي والمُعلِّم من كلامه، المتصل بعضُه ببعضٍ، فإذا فرغ منه سأل إن كان عنده سؤال، ولا يبادر إلى السؤال وقطع كلام مُلقي العلم؛ فإنه سبب للحرمان.
لا يُبادر المتعلمُ المعلمَ قبل أن يفرغ المعلمُ من المسألة التي شرع فيها، فإذا فرغ منها، سأله عما أشكل عليه، وكذلك إذا كان في أول الكلام ما وجب الرد أو الاستحسان ألَّا يبادر بردِّه أو قبوله قبل الفراغ من ذلك الكلام، ليتبيَّن ما فيه من حقٍّ أو باطلٍ، وليفهمه فهمًا يتمكَّن فيه من الكلام فيه على وجه الصواب.
السؤال عن الأهمِّ:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: يبدأ بالسؤال عن الأهَمِّ.
عدم السؤال عن شيء لا يفيد:
سُئل الإمام أحمد عن يأجوج ومأجوج: أمسلمون هم، فقال للسائب: أحكمت العلم حتى تسأل عن ذا؟
وسُئل عن مسألة فغضب، وقال: خذ ما تنتفع به، وإياك وهذه المسائل المحدثة.
• السؤال يكون عمَّا لا يعلمه الإنسان:
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: صفة سؤال المُتعلِّم هو أن تسأل عمَّا لا تدري، لا عمَّا تدري، فإن السؤال عمَّا تدريه…شغل لكلامك، وقطع لزمانك بما لا فائدة فيه لك ولا لغيرك، وربما أدَّى إلى اكتساب العداوات.
السؤال عما لا يجهله السائل ليُعْلِمَه للسامع:
• قال الإمام النووي رحمه الله: ينبغي لمن حضر مجلس العالم إذا علم بأهل المجلس حاجة إلى مسألة لا يسألون عنها، أن يسأل هو عنها، ليحصل الجواب للجميع.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: يستنبط منه جواز سؤال العالم ما لا يجهله السائل ليعلمه السامع.
• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: جبريل…سأل النبي صلى الله عليه وسلم، وهو في الحقيقة عالم بالجواب؛ لكنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ليُعلم أصحابَه، وهذا فيه التعليم بطريقة السؤال والجواب؛ لأنه أنبه للذهن، فتسأل الطالب أولًا ثم تجيب من أجل أن ينتبه، أما إذا ألقيت عليه العلم ابتداءً، فإنه قد لا ينتبه، فمن طُرُق تعليم العلم النافعة السؤال والجواب.
اجتناب الأسئلة التي تضحك السامع، أو تزري بالمسئول:
قال رجل لابن شبرمة: إني أريد أن أسألك مسألة، قال: إن كانت مسألتك لا تضحك الجليس، ولا تزري بالمسئول، فَسَلْ.
ترقُّب خلوات العالم للسؤال عن أشياء لا يحسن السؤال عنها بحضرة الناس:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ترقَّب خلوات العالم ليسأل عما لعله لو سئل عنه بحضرة الناس أنكره على السائل.
سؤال العالم بدون إزعاجه:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
اشتغال العالم بالطاعة لا يمنع من سؤاله عن العلم ما لم يكن مستغرقًا فيها.
سؤال العالم في حال قيامه ومشيه إذا كان لا يثقل ذلك عليه.
من أدب السائل ألَّا يسأل العالم وهو مشتغل بغيره؛ لأن حق الأول مقدم.
السؤال عمَّا يفوت طالب العلم من العلم في يوم غيبته:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الطالب لا يغفل عن النظر في أمر معاشه ليستعين على طلب العلم، وغيره، مع أخذه بالحزم في السؤال عمَّا يفوته يوم غيبته.
السؤال في الأوقات المُخصَّصة لذلك:
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: من عرض له شيء من المسائل، جاء إلى مجالس أهل العلم التي يجلسون فيها للعلم، والفتوى ليسأل عنها، أمَّا الأوقات الأخرى التي ليست من أوقات جلوس العلماء للعلم والفتوى، فإنها خاصة بهم، لا يشرع أن يطلب العلماء فيها؛ لأن العلماء لهم حوائج خاصة بهم وبأهلهم كغيرهم من الناس؛ ولذلك لم يؤثر عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يطرقون على النبي صلى الله عليه وسلم في غير أوقات مجلس العلم، ولو كان من أجل مسألة شرعية، وقد عاب الله عز وجل على قوم كانوا يرفعون أصواتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج إليهم، وقال: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ ﴾ [الحجرات: 5].
• سؤال العالم عمَّا فعله مخالفًا للمعتاد:
قال الإمام النووي رحمه الله: ينبغي للتابع إذا رأى من المتبوع شيئًا يخالف المعروف، ومن طريقته، والمعتاد من حاله، أن يسأله بلُطْف عنه.
اجتناب الأسئلة التي فيها تعنُّت:
قال الإمام ابن حزم رحمه الله: إياك وسؤال المُتَعَنِّت، ومراجعة المُكابِر الذي يطلب الغلبة بغير علم، فهما خُلُقا سوءٍ، ودليلان على قِلَّة الدين، وكثرة الفضول، وضعف العقل.
السؤال عن مستند الفعل، وعِلَّة الحُكْم:
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
جواز الاستفهام عن عِلَّة الحكم.
فيه سؤال التلميذ شيخه عن مستند فعله.
فائدة:
قال الشيخ رحمه الله: هذا الأخ السائل أشكره على هذا السؤال، وأرجو أن يكون السائلون صريحين كهذا الرجل، يعني كون الإنسان مثلًا يستنكر مني أو من غيري شيئًا، ولا سيَّما الشيء العام، ويخاطبه بالسؤال عن السبب، هذا طيب، وأنا لست بمعصومٍ، فقد أُخطئُ فيُنبِّهني بعض الناس على خطئي، فهذه وجهة النظر؛ حيثُ عدلتُ إلى قولي: “صلى الله عليه وعلى آله وسلم”.
عدم السؤال عمَّا لم يكن:
قال ابن عمر: لا تسألوا عمَّا لم يكن، فإني سمعتُ عمر ينهى أن يُسأل عمَّا لم يكن.
إذا سئل العالم فسكت فلا يُلِحّ عليه:
قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: من الأدب أن سكوت العالم عن الجواب، يوجب على المُتَعَلِّم ترك الإلحاح….إذ المعهود أن سكوت المرء عن الجواب وهو قادر عليه عالم به، دليل على كراهية السؤال.
معرفة المسئول مقصود السائل من سؤاله قبل الإجابة عليه:
قال العلامة السعدي رحمه الله: المسئول ينبغي له أن يستملي سؤال السائل، ويعرف المقصود منه قبل الجواب، فإن ذلك من أسباب إصابة الصواب.
تعليم السائل ما يحتاج إليه قبل أن يجيب عن سؤاله:
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
المفتي إذا سُئل عن شيء، وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل، يستحب أن يذكره له وإن لم يسأله عنه، ويكون من باب النصيحة، لا من الكلام فيما لا معنى له.
المفتي يُجيب السائل بزيادة عمَّا سأل عنه، إذا كان ذلك ممَّا يحتاج إليه السائل.
• قال العلامة السعدي رحمه الله:
إذا سُئل المفتي وكان السائل في حاجة أشد لغير ما سأل عنه، أنه ينبغي أن يعلمه ما يحتاج إليه قبل أن يجيب سؤاله، فإن هذا علامة على نصح المعلم وفطنته، وحسن إرشاده وتعليمه، فإن يوسف لما سأله الفتيان عن الرؤيا، قدَّم لهما قبل تعبيرها، دعوتهما إلى الله وحده لا شريك له.
ينبغي للمسئول أن يدلَّ السائل على أمر ينفعه ممَّا يتعلق بسؤاله، ويرشده إلى الطريق التي ينتفع بها في دينه، ودُنْياه، فإن هذا من كمال نصحه، وفطنته، وحسن إرشاده، فإن يوسف عليه السلام لم يقتصر على تعبير رؤيا الملك؛ بل دلَّهم مع ذلك على ما يصنعون في تلك السنين المخصبات من كثرة الزرع، وكثرة جبايته.
الصفح عمَّا يبدو من جفاء السائل:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ينبغي للمسئول…التواضُع والصفح عمَّا يبدو من جفاء السائل.
• عدم تخجيل السائل:
قال الإمام النووي رحمه الله: يُستحَبُّ لمن طلبت منه حاجة لا يمكنه قضاؤها: أن يسكت سكوتًا يفهم السائلُ منه ذلك، ولا يخجله بالمنع، إلا إذا لم يحصل الفَهْم إلا بصريح المنع، فيصرح.
إحالة المسئول السائل إلى غيره إذا لم يكن لديه علم:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: العالم لا نقص عليه إذا سُئِل عمَّا لا يدري، فوكل الأمر إلى غيره.
إقبال المسئول على السائل:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: فيه استحباب إقبال المسئول على السائل.
عدم الإجابة عن سؤال لم تُسأل عنه:
• عن مجاهد قال لقمان لابنه: إيَّاك إذا سُئل غيرك أن تكون أنت المجيب كأنك أصبت غنيمةً، أو ظفرت بعطيةٍ، فإنك إن فعلت ذلك أزريت بالمسئول وعنَّفت السائل، ودللت السفهاء على سفاهة حلمك وسوء أدبك.
• قال أبو عمرو بن العلاء: ليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك.
فائدة: قال ابن بطة: كنتُ عند أبي عمر الزاهد فسئل عن مسألة، فبادرت أنا فأجبتُ السائل، فالتفَتَ إليَّ، فقال لي: تعرف الفضوليات المنتقبات؟ يعني: أنت فضولي، فأخجلني.
• إجابة التلميذ الصغير إذا لم يعرف الكبير:
قال الإمام النووي رحمه الله: فيه توقير الكبار، لكن إذا لم يعرف الكبار المسألة، فينبغي للصغير الذي يعرفها أن يقولها.
السكوت عن الجواب:
• قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: العالم إذا سُئل عن شيء لا يجب الجواب فيه، أن يسكت، ولا يجيب بـ(نَعَم) ولا بـ(لا)، ورب كلام جوابه السكوت.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
قوله: (ولم يرجع)؛ أي: لم يجبني، وفيه أن السكوت يكون جوابًا.
السكوت عن الجواب لمن يظن به أنه يفهم المراد من مجرد السكوت.
• مراجعة العالم إذا لم يتَّضِح للسائل الجواب:
• قال الإمام ابن حزم رحمه الله: إن أجابك الذي سألتَ بما فيه كفاية لك، فاقطع الكلام، فإن لم يُجبْك بما فيه كفاية، أو أجابك بما لم تفهم، فقل له: لم أفهم، واستزِدْه، فإن لم يزدك بيانًا، وسكت، أو أعاد عليك الكلام الأول ولا مزيد، فأمسك عنه، وإلا حصلت على الشر والعداوة، ولم تحصل على ما تريده من الزيادة.
• قال الإمام النووي رحمه الله:
لا عتب على طالب العلم إذا قال للعالم: أوْضِح لي الجواب، ونحو هذه العبارة.
فيه مراجعة المتعلم العالم…فيما قاله إذا لم يظهر له معناه.
• قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
فيه مراجعة العالم إذا لم يفهم ما يجيب به حتى يتضح.
وفيه جواز استفسار الطالب عمَّا يتردَّد فيه.
مراجعة الطالب شيخه فيما يقوله ممَّا يشكل عليه.
لا تسأل من لا يجيبك:
• قال أبو عمرو بن العلاء: ليس من الأدب أن…تسأل من لا يجيبك.
وفي الختام فإن العلماء الربانيين يفرحون بكثرة الأسئلة، فقد أرسل أحد تلاميذ العلامة السعدي رسالةً إلى الشيخ، فيها مجموعة من الأسئلة، كرَّر فيها اعتذاره من كثرة الأسئلة، فأجابه الشيخ برسالة له، قال فيها: أنا مسرور جدًّا بكثرة أسئلتكم، وممنون منها لأمور:
أولًا: ليس عندي أرغب من البحث في المسائل الدينية، والتعلُّم والتعليم مشافهةً ومكاتبةً.
ثانيًا: تعرف أن الاشتغال بذلك أفضل الأعمال الصالحة، خصوصًا في هذه الأوقات التي قلَّ فيها الراغب، وكاد العلم أن يضمحلَّ، وهو دعامة الدين وأصل الأمور كلها.
ثالثًا: اعلم أن السؤال لمسائل العلم يقع من أحد اثنين:
إمَّا مِنْ مَنْ وقعَتْ له حادثة في دينه أو عبادته أو معاملته من عامِّي أو غيره، وليس له قصد إلا حِلّ ما نزل به، والإفادة عما يعمل به، أو عمَّا عمله، هل وقع على الصحة والسداد، أم على ضد ذلك، فهذا إفتاؤه وإفادته من أفضل الأعمال الصالحة، وهي متعينة، ونتيجة ذلك أن يهتدي بحادثته، فقط بالهداية الشرعية، وليس ثم نتيجة فوق ذلك، ونعم النتيجة.
ولكن أكمل من ذلك وأعظم أن يقع السؤال من طالب علم مسترشد يريد الاستفادة بنفسه والنفع لغيره، فهذا جوابه وإفادته أعظم بكثير من الأول، وأكثر فائدة وثمرة؛ لأنه مع مشاركته الأول في المقصود الذي ذكرنا، يزيد عليه بأنه يتنور فيما أجيب به، ويهتدي بمسألته الخاصة، وينجَرُّ إلى غيرها، ويزيد أن قصده الفائدة والإفادة، وأن العلم الذي حصل له يسعى على بقائه في ذهنه، وفي إيصاله إلى من أراد الله تعالى نَفْعَه من جهته.