من أقوال السلف في محبة الصحابة والتأسي بهم


من أقوال السلف في محبة الصحابة والتأسي بهم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فالصحابة رضي الله عنه أجمعين، أعلام المسلمين، وأئمة الدين، وسادة المتقين، لهم حقوق كثيرة، منها: محبتهم، والتأسي بهم، وللسلف رحمهم الله أقوال في ذلك، يسَّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خيرَ قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، وابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خيرَ قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيِّه يقاتلون على دينه.

وقال: من كان متأسيًا فليتأسَّ بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم كانوا أبرَّ هذه الأمة قلوبًا، وأعمقها علمًا، وأقلها تكلفًا، وأقومها هديًا، وأحسنها حالًا، قوم اختارهم الله لصحبة نبيِّه، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم، واتبعوا آثارهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم.

قال أيوب السختياني رحمه الله: من أحبَّ أبا بكر الصديق فقد أقام الدين، ومن أحبَّ عمر فقد أوضح السبيل، ومن أحبَّ عثمان فقد استنار بنور الدين، ومن أحبَّ علي بن أبي طالب فقد استمسك بالعروة الوثقى، ومن قال الحسنى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقد برئ من النفاق.

قال مالك بن أنس رحمه الله: كان السلف يُعلِّمون أولادهم حب أبي بكر وعمر كما يُعلِّمون السورة من القرآن.

قال شعيب بن حرب رحمه الله: قُلتُ لمالك بن مغول: أوصِني. قال: أوصيك بحب الشيخين أبي بكر وعمر. قلتُ: إن الله أعطى من ذلك خيرًا كثيرًا. قال: أي لكع! والله إني لأرجو لك على حبهما ما أرجو لك على التوحيد.

قال قبيصة بن عتبة رحمه الله: حبُّ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم سنة.

قال محمد علي الحسن رحمه الله: من جهل فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السُّنَّة.

قال القاضي عياض رحمه الله: ومن توقيره وبره توقير أصحابه وبرهم، ومعرفة حقهم، والاقتداء بهم.

قال الإمام المزني رحمه الله: يقال بفضلهم، ويذكرون بمحاسن أفعالهم.ونُخلِص لكل واحد منهم من المحبة بقدر الذي أوجب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من التفضيل.

 

قال الإمام أبو الحسن الأشعري رحمه الله: اعلموا- أرشدكم الله- أن مما أجمعوا رحمة الله عليهم على…أن خير القرون قرن الصحابة، ثم الذين يلونهم على ما قال صلى الله عليه وسلم: ((خيرُكم قرني))، وعلى أن خير الصحابة أهل بدر، وخير بدر العشرة، وخير العشرة الأئمة الأربعة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضوان الله عليهم….وأجمعوا على أن الخيار بعد العشرة في أهل بدر من المهاجرين والأنصار على قدر الهجرة السابقة.

 

قال العلامة يحيى بن أبي الخير العمراني رحمه الله: لو علم الله قرنًا أطهر وأطيب منهم لبعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم، نزل القرآن بلغتهم، وعلموا سبب نزوله ومواضع النزول، وأخذوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة بينهم وبينه، ونقلوا ذلك إلى من بعدهم من علماء التابعين.

 

قال الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الذين شهدوا الوحي والتنزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونصرته، وإقامة دينه، وإظهار حقه، فرضيهم له صحابة، وجعلهم لنا أعلامًا، وقدوة….فكانوا عدول الأمة، وأئمة الهدى، وحجج الدين، ونَقَلة الكتاب والسنة.

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم… ندب الله عز وجل إلى التمسك بهديهم، والجري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بهم، فقال: ﴿ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء: 115].

قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: خيْرُ القرون القرنُ الَّذين رَأَوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وآمَنوا به، ثمَّ الَّذين يَلُونَهم، ثمَّ الَّذين يَلونَهم، وَأفْضَلُ الصحابة الخُلَفاءُ الرَّاشدون المَهْديُّون: أبو بكر ثمَّ عُمر ثمَّ عُثمان ثمَّ عليٌّ رضي الله عنهم أجمعين.

قال الإمام القرطبي رحمه الله: الصحابة كلهم عدول، أولياء الله تعالى وأصفياؤه وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله.

قال الإمام علي بن المديني رحمه الله: إذا رأيت الرجل يحب أبا هريرة، ويدعو له، ويترحم عليه، فارْجُ خيره، واعلم أنه بريء من البدع.

 

قال الإمام البربهاري رحمه الله: إذا رأيت الرجل يُحبُّ أبا هريرة، وأنس بن مالك، وأُسيد بن خضير، فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله.

 

أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ورحمهم أجمعين، هم أهل السنة والجماعة، فمن لم يأخذ عنهم فقد ضَلَّ وابتدع، وكلُّ بدعة ضلالة، والضلالة وأهلها في النار.

قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم.…حبهم سنة، والدعاء لهم قربة…والأخذ بآثارهم فضيلة.

 

قال الإمام ابن بطة العكبري رحمه الله: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر محاسنهم، ونشر فضائلهم، والاقتداء بهديهم، والاقتفاء لآثارهم، وأن الحق في كل ما قالوه، والصواب فيما فعلوه….والترحُّم على جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرهم وكبيرهم وأوَّلهم وآخرهم.

قال الإمام الطحاوي رحمه الله: ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نفرط في حب أحد منهم، ولا نتبرَّأ من أحد منهم، ونبغض من يبغضهم وبغير الخير نذكرهم، ولا نذكرهم إلا بخير، وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان.

 

قال الإمام الصابوني رحمه الله: الأربعة الخلفاء الراشدون الذين نصر الله بهم الدين، وقهر وقسر بمكانهم الملحدين، وقوَّى بمكانهم الإسلام، ورفع في أيامهم للحق الأعلام….فمن أحبهم وتولَّاهم ودعا لهم ورعى حقهم وعرف فضلهم، فاز في الفائزين….ويرى أصحاب الحديث…الترحم على جميعهم، والموالاة لكافتهم، وكذلك يرون تعظيم قدر أزواجه رضي الله عنهن، والدعاء لهن، ومعرفة فضلهن، والإقرار بأنهن أمهات المؤمنين.

 

قال الإمام ابن أبي زمنين رحمه الله: ومن قول أهل السنة أن يعتقد المرء المحبة لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ينشر محاسنهم وفضائلهم…وقد أثنى الله عز وجل في غير موضع من كتابه ثناء أوجب التشريف إليهم بمحبتهم والدعاء لهم.

 

قال العلامة السعدي رحمه الله: ويترتب على الإيمان محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بحسب مراتبهم، وأن لهم من الفضل، والسوابق، والمناقب ما فضلوا فيه على سائر الأمة. ويدينون بمحبتهم، ونشر فضائلهم.

قال العلامة ابن باز رحمه الله: عقيدة أهل السنة والجماعة…محبة الصحابة رضي الله عنهم جميعًا، والترضي عنهم، والإيمان بأنهم أفضل خلق الله بعد الأنبياء، وأن أفضلهم أبو بكر الصديق، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عن الجميع.

 

حبهم دين رضي الله عنهم وأرضاهم؛ لأنهم حملة الشرع لنا، وخير القرون، فحبهم دين، فأهل السنة والجماعة يحبونهم في الله…ويترضون عنهم، ويدعون لهم طاعة لله.

 

قال العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله: نحب الصحابة رضي الله عنهم؛ لسبقهم إلى الإيمان…ولأعمالهم الصالحة، ولجهادهم في حال ضعف الإسلام، ولتمسُّكهم بالدين، ولفضائلهم…نعتقد أن لهم فضلًا، وأن لهم سوابقَ، وأن لهم مناقبَ، فضلوا بها على بقية الأمة، وفضائلهم في القرآن، وكذلك سوابقهم…ونقول: إنهم قدوة لمن بعدهم.

 

ملحق في عدم تصديق ما يذكر عن الصحابة فالكذب فيه كثير:

قال القاضي ابن العربي رحمه الله: الناس إذا لم يجدوا عيبًا لأحدٍ، وغلبهم الحسد عليه، وعداوتهم له، أحدثوا له عيوبًا، فاقلبوا الوصية، ولا تلتفتوا إلا إلى ما صحَّ من الأخبار، واجتنبوا- كما ذكرت لكم- أهل التواريخ، فإنهم ذكروا عن السلف أخبارًا صحيحة يسيرة ليتوسلوا بذلك إلى رواية الأباطيل، فيقذفوا…في قلوب الناس ما لا يرضاه الله تعالى، وليحتقروا السلف ويهونوا الدين، وهو أعزُّ من ذلك، وهم أكرمنا منَّا، فرضي الله عنهم. ومن نظر إلى أفعال الصحابة تبيَّن منها بطلان هذه الهتوك التي يختلقها أهل التواريخ، فيدسونها في قلوب الضعفاء.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: مَا يُنْقَلُ عَنِ الصَّحَابَةِ مِنَ الْمَثَالِبِ فَهُوَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا هُوَ كَذِبٌ، إِمَّا كَذِبٌ كُلُّهُ، وَإِمَّا مُحَرَّفٌ قَدْ دَخَلَهُ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مَا يُخْرِجُهُ إِلَى الذَّمِّ وَالطَّعْنِ، وَأَكْثَرُ الْمَنْقُولِ مِنَ الْمَطَاعِنِ الصَّرِيحَةِ هُوَ مِنْ هَذَا الْبَابِ يَرْوِيهَا الْكَذَّابُونَ الْمَعْرُوفُونَ بِالْكَذِبِ.

 

وقال: ما شجر بين الصحابة…ما يحكى عنهم كثير منه كذب، والصدق منه إن كانوا فيه مجتهدين، فالمجتهد إذا أصاب له أجران، وإذا أخطأ فله أجر، وخطؤه يغفر له.

 

قال الإمام الذهبي رحمه الله: فَأَمَّا مَا تَنْقُلُهُ الرَّافِضَةُ، وَأَهْلُ البِدَعِ فِي كُتُبِهِم فَلا نُعَرِّجُ عَلَيْهِ وَلا كرَامَةَ، فَأَكْثَرُهُ بَاطِلٌ وَكَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ، فَدَأْبُ الرَّوَافِضِ رِوَايَةُ الأَبَاطِيْلِ أَوْ رَدُّ مَا فِي الصِّحَاحِ وَالمسَانِيْدِ، وَمتَى إِفَاقَةُ مَنْ بِهِ سَكْرَان؟!

وقال: تقرر الكف عن كثير مما شجر بين الصحابة وقتالهم رضي الله عنهم أجمعين، وما زال يمر بنا ذلك في الدواوين والكتب والأجزاء، ولكن أكثر ذلك منقطع وضعيف، وبعضه كذب.

قال العلامة العثيمين رحمه الله: نرى في كثير من كتب التاريخ أشياء مشوَّهة إن كان صدقًا، وأشياء كثيرة مزوَّرة مكذوبة، لا سيما فيما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم، مما هم فيه معذورون؛ لأنهم مجتهدون، ومن أصاب منهم له أجران، ومن أخطأ فله أجر، وخطؤه مغفور، فيجب على المرء أن يحذر من مثل هذه الكتب المزورة أو المشوهة بزيادة أو نقص، لا سيما إذا كان يشعر بأن هذا الكتاب مثلًا يُسيء إلى الصحابة رضي الله عنهم في تشويه حياتهم ومجتمعاتهم….وكتب التاريخ قد يكون بعضها متناولًا لهذا الأمر مما يكون دالًّا على القدح في الصحابة إما تصريحًا وإما تلميحًا، فليحذر المؤمن من هذه التواريخ التي تضلُّه.

قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: نحن نتوقف فيما شجر بين الصحابة، ولا نصدق أيضًا ما تناقلته الروافض والنواصب من المثالب والمعائب التي يقدحون بها في الصحابة، ويسبونهم بها.

 

فهذه المثالب الموجودة في كتب الروافض كذب صريح، فإن الروافض قوم لا خلاق لهم، ولا يتحاشون من الأكاذيب؛ ولذلك فإن كتبهم ملأى بالكذب.

 

وهناك مما يروون ما له أصل، ولكنهم يزيدون فيه، ويحرفون الكلم عن مواضعه، حتى ينفون عن صاحب القصة أي مقصد صحيح، فتُروى القصة على غير حقيقتها.

 

قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ: أهل السنة فيما روي من الآثار في كتب التاريخ حكاية لما شجر بين الصحابة… هذه الآثار التي تُروى وفيها مساوئ لهم على ثلاثة أقسام:

القسم الأول: منها ما هو كذب، وهذه معروفة في التواريخ؛ كتاريخ ابن جرير وغيره، فيها بعض المعايب لهم ما هو كذب قطعًا، وهو ما روي عن طريق الكذابين وأشهرهم (أبو مخنف)، في تاريخ الطبري… وكذلك الكلبي، فإن هذين معروفان بالكذب كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره.

 

القسم الثاني: منها أشياء صحيحة حصلت منهم لكن زِيد فيها أشياء، إما من جهة فهم الراوي، أو من جهة ظنه، أو من جهة إيضاحه للحال، وأخطأ في ذلك، ومنها ما نقص منه ما يُفسر به الذي حصل، فإذا كان كذلك فالزيادة والنقصان تغيير لتلك المرويات عن وجهها، فبدل أن تكون تلك المرويات فيها عذر لهم صار بالزيادة والنقصان فيها ذكر شيء يُفهم على أنه من مساوئ الصحابة رضوان الله عليهم.

 

قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب، قد افتراه أعداؤهم ليشوِّهوا سمعتهم كما تفعله الرافضة قبَّحَهم الله.

 

وهذه المساوئ منها ما قد زِيدَ فيه ونقص وغُيِّر عن وجهه الصحيح، ودخله الكذب فهو مُحرَّف لا يُعتمَد عليه؛ لأن فضل الصحابة معلوم، وعدالتهم متيقنة، فلا يترك المعلوم المتيقن لأمر مُحرَّف مشكوك فيه.

 

قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: ما شجر بين الصحابة…ما نقل من المساوئ من تلك الحروب، أو غيرها منها: ما هو كذب، فالأخبار التاريخية كثير منها كذب، وقد يكون أصل الخبر واقعًا، لكن التفصيلات منها ما هو كذب، ومنها ما زِيد فيه ونقص، وغُيِّر عن وجهه.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
📘 قراءة كتاب الطريق الى جهنم أونلاين 2023
Sp5der Official Website Official