من سلسلة أحاديث رمضان حديث: آية الإيمان حب الأنصار
سلسلة دروس أحاديث رمضان في فضل خير العصور
حديث: آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آيَةُ الإيمانِ حُبُّ الأنْصارِ، وآيَةُ النِّفاقِ بُغْضُ الأنْصارِ[1].
الشرح:
للأنصارِ مَناقبُ عَظيمةٌ وشرَفٌ كبيرٌ، وقدْ أشارَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى فَضلِ الأنصارِ في أكثرَ مِن حَديثٍ، وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لبعضِ فَضائلِهم، فقدْ حثَّ فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم على حُبِّ الأنصارِ، والمرادُ بهم أهلُ المدينةِ وسُكَّانُها التي هاجِرَ إليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فأخْبَرَ صلى الله عليه وسلم أنَّ عَلامةَ كَمالِ إيمانِ الإنسانِ حبُّ الأنصارِ؛ لِمَا كان مِن حُسنِ وَفائِهم بما عاهَدوا اللهَ سُبحانه وتعالَى عليه؛ مِن إيواءِ نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ونَصرِه على أعدائِه زمَنَ الضَّعفِ والعُسرةِ، وحُسنِ جِوارِه، ورُسوخِ صَداقتِهم، وخُلوصِ مَودَّتِهم، فالأنصارُ نصَروا اللهَ ورَسولَه صلى الله عليه وسلم، فمَحبَّتُهم مِن تَمامِ حُبِّ اللهِ ورَسولِه صلى الله عليه وسلم، فمَحبَّةُ المسلمِ للأنصارِ مِن دَلائلِ صِحَّةِ إيمانِه، وصِدْقِه في إسلامِه، ومَن أبْغضَهم استُدِلَّ ببُغضِه لهم على نِفاقِه وفَسادِ سَريرتِه.
وهل يشمل هذا الخبر جملة الصحابة أم الأنصار خاصة؟
الصحيح: أنَّه يشمل كل الصحابة لِما سبق بيانه من مناقبهم وفضلهم، وأنَّ حكم المهاجرين والأنصار واحدٌ.
قال العَينيُّ: المقصودُ من الحديثِ الحَثُّ على حُبِّ الأنصارِ وبيانُ فَضْلِهم؛ لِما كان منهم من إعزازِ الدِّينِ، وبَذْلِ الأموالِ والأنفُسِ، والإيثارِ على أنفُسِهم، والإيواءِ والنَّصرِ، وغيرِ ذلك، قالوا: وهذا جارٍ في أعيانِ الصَّحابةِ، كالخُلَفاءِ وبَقيَّةِ العَشَرةِ، والمهاجِرين، بل في كُلِّ الصَّحابةِ؛ إذ كُلُّ واحدٍ منهم له سابقةٌ وسالِفةٌ وغَناءٌ في الدِّينِ وأثَرٌ حَسَنٌ فيه، فحُبُّهم لذلك المعنى محضُ الإيمانِ، وبغضُهم محضُ النِّفاقِ[2].
وفي الحديثِ: دَلالةٌ على التَّرغيبِ في حُبِّ الصحابة خاصَّة وفي أولياءِ الرَّحمنِ عامَّة، والاعترافِ بفضلِهم، والتَّحذيرِ مِن بُغضِهم ومُعاداتِهم، فمَحبَّةُ صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم مِن الإيمانِ وبغضهم من الكفر أو النفاق.