مهندسة الأجيال بين الأمس واليوم
مهندسة الأجيال بين الأمس واليوم
الإنسانُ صانع الحضارة منذ عصور قديمة، فهو المادة الخام لكل الحضارات، وقد خلق الله عز وجل الإنسان ذكرًا وأنثى، وأعطى للذكر دور الاستخلاف في الأرض، وتعميرها والجهاد فيها، فكيف أدى الرجل دوره بنجاح؟
هي سُكنى الرجل، والرافد المهم من روافد حياته، هي الداعم الذي يأتي بعد بناء المهندسة الأم، وهي الداعم الذي ينتقل فيه الرجل من امرأة لأخرى سكنٍ له؛ قال الله عز وجل: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الروم: 21].
هي التي من سلالتها امرأة صالحة ورجل قوَّام، مهندسة الأجيال التي قطعت أشواطًا كبيرةً لصناعة الأبطال، ليكون لهم أعظمُ دورٍ في تاريخ الإسلام، فها هو عقبة بن الحجاج الذي فتح الأندلس (سنة 116 هجرية)، ومحمد الفاتح الذي فتح القسطنطينية (سنة 1453 هجرية)، وغيرهم من الرجال الأبطال.
فالمرأة هي معلمة الحياة لأطفالها، وهي طباخة تحضر ثلاث وجبات يوميًّا، ومستشارة نفسية تعالج الجروح والمخاوف، ومديرة منزلٍ تُدير اقتصاد العائلة.
وبمرور الزمان وتطوُّر العصور، انتقصوا من دور المرأة العظيم، وجعلوها تفكر في أشياءَ أخرى، فصارت تزاحم الرجل في دوره، وتوجِّه أبناءها نحو طريق الشهرة الزائفة من غناء وتمثيل.
فأصبح مجتمعنا يقدِّر المرأة بناء على ما تكسبه من مال أو ما تحمله من ألقاب (مهندسة، وطبيبة، ومديرة، وبرلمانية…)، فلتعودي لفطرتكِ، ولا تَدَعي المجتمع يشعركِ أنكِ مجرد ربَّة بيت، فكل يوم تقضينه – أيتها المهندسة – في تربية أطفالكِ، هو استثمار في مستقبل الأمة، فعندما تطبخين أنتِ تخلقين جوَّ العائلة، وعندما تنظِّفين البيت، أنتِ تجهزين بيئةً آمِنة لأطفالكِ وتعلمينهم النظام، وعندما تساعدينهم في حلِّ الواجبات أنتِ تزرعين فيهم حبَّ التعلُّم.
فالمرأة في بيتها هي مديرة أصغر مؤسسة تعليمية في العالم، لديها طلاب، ومسؤولة عن كل شيء في هذه المؤسسة، من المناهج إلى التغذية، ومن المنهج النفسي إلى التربية البدنية، تعمل 24 ساعة على مدار أيام الأسبوع، بدون إجازات أو عطل رسمية، ونجاحها يتحقق عندما يأتي طفلها ويقول لها: أنتِ أفضلُ أمٍّ في العالم.
أنتِ لستِ مجرد أمٍّ فقط، بل أنتِ مهندسة المستقبل التي تبني أجيالًا، وتشكِّل عقولًا وقلوبًا ستغير العالم غدًا، فافتخري بأنكِ مهندسة الأجيال.