ناصر عبدالرحمن يكتب: شجرة الصور – كتاب الرأي


1 – قالت:

يا ليته يتجلى فى الصور.. فى البيت وفى الشوارع وفى الأسواق.. يا ليته يتجلى أمامنا إمامنا.. قال الشاعر الأحمدى: وهو الإمام.. وهو الكعبة.. وهو الظاهر فى كل الصور.. وقال الحب: وهل الإنسان إلا مظهرى.. الحب إنسان كامل.. قلبه الود.. الإنسان مصدر النور وسبب كل خير.. النهار حب.. والليل حب.. ونجوم الأزمان حب.. ألم ترَ الحب يتجلى فى الجمَع وفى الأذان وفى الفجر.. ألم ترَ الحب فى البحر والنهر وفى الندى؟.. الحب روح الوردة والأشجار والنخيل.. الحب ابتسامة رضا وطعام الجائع.. وكسوة البردان.. الحب مَعزَّة وكرامة وإحسان.. للحب همس ونداء.. رائحة زكية وفصل الخطاب.. تراه فى الصمت كما تراه فى النغم.. الأنفاس حب.. الطريق مهما طال أو قصر حب.. النزال والموت والمرض حب.. الجمع والفرد والصحبة حب.. الحب يملك ولا يدرك إلا بالحب.

قال الشيخ: الحب بالحب.. قال طفل يبكى إخوته فى غزة: تجلى الحب فى الحرب.. وهل الحب إلا فى الحرب يتجلى؟.. صور الحب فى الحرب غير الصور فى السلم.. صورة الحب فى الحرب.. نور يسكن القلوب.. الحب فى الحرب يتجلى.. يجعل الدموع ونساً.. والفراق سلاماً.. الحب فى الحرب مذاق غير أى مذاق.. الحب فى الحرب يشرق ويداوى.. يجعل الطفلة تنظر وتسكن ويشتد عودها وتتحمل.. الحب فى الحرب يربى الطفل ويمسح الآلام.. الحب فى الحرب يتجلى فى عيون الأطفال.. فى قلوب النساء وفى أحزان الرجال.. الحب فطرة لا يعرفها إلا المساكين.

للحب عنوان مكتوب بأسماء مقدسة.. غزة مقدسة وعكا وبئر سبع.. الخليل والقدس.. جباليا وحيفا وخان يونس.. أم الفحم والطيبة وشفا عمرو.. الحب هضبة المقطم والسويس وسيناء وباقى أحياء مصر.. الحب مرسال ورسول.. الحب سكن وفرش وغطاء وأحضان وعتاب.. الحب يؤنس.. مؤنس ونس.. الحب جامع مانع.. يكشف المستور.. عجيب لا سلطان عليه.. يحكم فيطاع.. يرشد وينير.. حمزة فى العشرين.. ملثم.. قوى نظراته حادة.. لا يترك الصلاة.. دائم الطهارة.. صوته عذب كصوت النبى داوود.. يرتل بالحب سورة يس وسورة النور.

2 – رحماء بينهم:

ودَّع والديه وثلاثة من إخوته الخمسة.. ودع أبناء خالاته.. على باب الجنة ودع أطفال الحى.. لم يعد هناك فرق بين الغبار والرماد والأجساد وبين الموت والحياة ونظرات الفراق.. لم يعد فى الأيام غير خوف وليل.. ولم يعد فى المدينة بيوت ولا شوارع ولا أزقة.. الحارة التى شب وتمرد فيها أصبحت مبثوثة.. صباحه أنفاس وعيناه تسكنهما الآلام.. بالمسافات تعلّم كيف يتعامل مع الألم.. يذهب بين البيوت بالأسرار إلى سراديب الأرض.. يراعى مجموعة من الأسرى.. بينهم فتاة على وجهها الاستسلام والخوف.. ترتجف لا تنطق ولا ترد.. ترفض الطعام والنوم.. يذهب إليها حمزة.. يبتسم إلى عيونها.. نظرة حمزة تسكنها.. سرحت فى نظراته وأطلّت عليه بابتسامة.

كلما يأتى تشرق وتعلن عن القيام والشروق.. وكلما غاب تغيب كالبحر فى الغروب.. تعلقت الأسيرة بحمزة.. بدأت تنطق باسمه، تردد اسم حمزة بصوت وبصمت طاقة الحب لقاء ليس من شيمته الوداع.. أحبته وتبدل حالها.. كأنها فى الجنة بجناحين تطير.. تتحرك بخفة ملاك.. تخدم النساء الأسيرات.. تنشر رائحة الحب التى تتحلق وتفيض.. أيام تجاوزت الأربعين.. يذكرون الانفراج وتبادل الأسرى.. فتبكى خائفة لا تريد فراق حمزة.. وسط النيران.. وهول الهدم والحطام.. تم إعلان اسمها بين الأسماء.. تخرج من سرداب الحب وهى تصرخ فى حيرة: لماذا البعاد؟!.. لا أريد الخروج.. حمزة وزمرته وقرآنه روح وجنة.. حمزة يشق الليل ويضىء.. حمزة حبيبى وأنتم أهل غزة أهل كرم وأهل رباط.. ركبت الميكروباص وسط أسماء وأسماء.. وهى تتعلق بنظرة حمزة.. الذى يودعها من خلف اللثام. 





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
قاسم أمين.. ماذا جاء فى كتابه الشهير عن تربية المرأة؟
شعبان ناجى يكتب: أسوأ المهن والوظائف دائمًا من نصيب الفقراء ومكسورى … – Al Masry Al Youm – المصري اليوم