هل تريد أن تدخل الجنة من أبوابها الثمانية؟
هل تريد أن تدخل الجنة من أبوابها الثمانية
الحمد لله الذي جعل القرآن هدايةً للمقبلين، وجعل تلاوته بخضوع تُهل دمع الخاشعين، وأنزل فيه من الوعيد ما يهز به أركان الظالمين، وأخبر فيه أن الموت نهايةٌ لعالمين، وأننا بعد الموت للحساب مبعوثون، وأننا سنحاسب عما كنا فاعلين، وسنقف بذل وخضوع بين يدي رب العالمين، ﴿ وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ ﴾ [الفجر: 23]، ﴿ وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ ﴾ [إبراهيم: 49]، ليس هناك فرقٌ بين ملك معظم وإنسان مهين، هذا جزاء من أخلص العمل لله رب العالمين، وهذا عطاء رب الأرباب مالك يوم الدين.
سبحانه من إله عظيم أعز الحق وأخرس المبطلين سبحانه عدد ما دعاه عباده المساكين، سبحانه عدد ما انهمرت دموع المنيبين، سبحانه جواد كريم قوي متين، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده شريك له، وأن محمدًا رسول الله.
سعة أبوابها:
فإن سألتم عباد الله عن سعة الأبواب، فاسمعوا بعد أن تصلوا على الحبيب الأواب صلى الله عليه وسلم؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَهَجَرَ، أَوْ هَجَرَ وَمَكَّةَ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَوْ كَمَا بَيْنَ مَكَّةَ وَبُصْرَى”؛ رواه مسلم، وفي لفظ: “لكما بين مكة وهجر”، أو “كما بين مكة وبصرى”؛ متفق على صحته، وهجر الآن هي قطر والبحرين، وبُصرى هي درعا، وبقياس المسافتين جوًّا، وبخط مستقيم بين مكة وبصرى، وبين مكة وعدد من المناطق في إقليم هجر، تبيَّن أن المسافتين متطابقتان ومتساويتان مقدارًا واحدًا هو 1273 كم، وهكذا شهدت الأقمار الصناعية بصدق ما أخبر به نبي الإسلام عليه الصلاة والسلام عن مقدار عرض باب الجنة، وفي لفظ خارج الصحيح بإسناده: إن ما بين عضادتي الباب لكما بين مكة وهجر.
وعن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فإن الدنيا قد أذنت بصرمٍ وولَّت حَذَّاءَ، ولم يبق منها إلا صُبابة كصبابة الإناء، يصطبها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم، ولقد ذكر لنا أن مصراعين من مصاريع الجنة بينهما مسيرة أربعين سنة، وليأتينَّ عليه يوم وهو كظيظ من الزحام[1].
فهذا موقوف والذي قبله مرفوع، فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذاكر له، كان هذا ما بين باب، فإذا أردت أن تدخل من أبواب الجنة الثمانية التي يدعى منها أولياء، والذين علموا أن الدنيا لن تدوم لأحدٍ قبلهم، ولو دامت لأحد لدامت لمحمد.
تعال لتأخذ الوصفات المحمدية لتسعد السعادة الأبدية في الجنة، فإذا أتيت بتلك الوصفات، فلك الخيار من العزيز الغفار أن تدخل من أيها شئت، إذا أردت أن تدخل من تلك الأبواب فصلِّ على نبيك الأواب.
أولًا: من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق والنار، فعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ)؛ (متفق عليه).
إخوة الإسلام، مَن منا لا يريد الجنة؟ من منا لا يريد أن يدعى من أبواب الجنة الثمانية؟
هذه هي غاية الغايات وأمنية الأمنيات أن يجد المسلم نفسه يوم القيامة يدعى من جميع الأبواب، يُنادى عليه الباب الصلاة: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب الصدقة: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب الجهاد: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب الريان: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب الأيمن: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب الوالد: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب التوبة: هيَّا تعال فتدخل مني.
ينادى عليه الباب الكاظمين الغيظ: هيَّا تعال فتدخل مني.
يا لها من فرحة وغِبطة وسرور، عندما تراهم جميعًا يُنادُون عليك لتدخل من قبلهم، فما الأسباب التي ينال المسلم بها تلك الدرجة؟
ثانيًا: ذكر ما بعد الوضوء:
ذكر لطيف يقوله الإنسان المواظب على فرائض الله، كلمات يقولها المسلم عندما ينتهي من الوضوء، شرع لك النبي صلى الله عليه وسلم الجائز والعطية من رب البرية: من توضأ فأسبغ الوضوء، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوُضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَفِي رِوَايَةٍ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ”؛ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
فإذا قلتها بعد الوضوء، وواظبت عليها فتحت لك أبواب الجنة الثمانية، هل هذه الكلمات ثقيلة عليكم عباد الله؟ هل هذه الكلمات تكلفك مشقة مالية أو بدنية؟ كلَّا عبد الله، فالجنة أقرب إلينا؛ كما جاء في حديث عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ[2]، فلا يحافظ على الوضوء ولا يحافظ عليها إلا مؤمن قد سلك طريق النجاة.
حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ يُونُسَ، ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثنا ابْنُ ثَوْبَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَسَّانُ بْنُ عَطِيَّةَ، أَنَّ أَبَا كَبْشَةَ السَّلُولِيَّ، حَدَّثَهُ، أَنَّهُ، سَمِعَ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمُ الصَّلَاةُ، وَلَا يُحَافِظُ عَلَى الْوُضُوءِ إِلَّا مُؤْمِنٌ»[3].
ثالثًا: من الوصفات التي وصفها لنا سيد الكائنات أن تحافظ على الصلوات الخمس، وأن تجتنب الكبائر:
عن عبداللهِ بن عمرٍو قال: صَعِدَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم المنبرَ فقال: «لاَ أُقْسِمُ، لاَ أُقْسِمُ، لاَ أُقْسِمُ،»، ثمَّ نزل فقال: «[أَبْشِرُوا! أَبْشِرُوا!]، إِنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الكَبَائِرَ، دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ [الجَنَّةِ شَاءَ][4].
أيها الإخوة، في يوم من الأيام صعد نبينا الهمام -صلى الله عليه وسلم- المنبر، ثم قال: لا أقسم، لا أقسم”.
ثم نزل النبي -صلى الله عليه وسلم- ومعنى لا القسم؛ أي أقسم؛ كما قال الله: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ﴾ [القيامة: 1].
فأقسم النبي -صلى الله عليه وسلم- وعندها تشوَّف واشرأَبَّتْ أعناق الصحابة، يريدون أن يعرفوا ما الذي أقسم عليه -صلى الله عليه وسلم- ثم نظر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه، وقال: أبشروا أبشروا، إِنَّهُ مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الخَمْسَ، وَاجْتَنَبَ الكَبَائِرَ، دَخَلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ [الجَنَّةِ شَاءَ].
حافظ على الصلوات الخمس في جماعة، حافظ على وضوئها، حافظ على خشوعها، حافظ على أركانها، وأدِّها كما أداها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو الذي علمنا كما في الحديث، قال أَبُو سُلَيْمَانَ مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْبَرُكُمْ[5].
فهل الذي ينقر الصلاة نقر الديك أو الغراب، لا يذكر الله فيها إلا قليلًا، يستحق أن يدعى من أبواب الجنة الثمانية؟ بل كان حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- إذا وقف في صلاته أتَم صلاته، وأتم ركوعها، لماذا لأنه يقف بين يدي الله، لأن الصلاة ما هي إلا هدية يهديها العبد إلى الرب جل جلال جلاله؛ قال ابن القيم رحمه الله: الصلاة كجارية تُهدى إلى ملك من الملوك، فما الظن بمن يهدي إليه جارية شلاءَ أو عوراءَ أو عمياءَ، أو مقطوعة اليد والرِّجل، أو مريضة، أو دميمة أو قبيحة، حتى يُهدى إليه جارية ميتة بلا روح وجارية قبيحة، فكيف بالصلاة التي يهديها العبد، ويتقرَّب بها إلى ربه تعالى، والله طيب لا يقبل إلا طيبًا، وليس من العمل الطيب: صلاة لا رُوح فيها، كما أنه ليس من العتق الطيب عتقُ عبد لا رُوح فيه[6].
رابعًا: إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها، وحفظت فرجها وأطاعت زوجها: لمسلمة فالمرأة كرمها الإسلام، وجعل لها من الأجر والثواب كما أخبرنا رب الأرباب جل جلاله: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].
فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ خَمْسَهَا وَصَامَتْ شَهْرَهَا وَأَحْصَنَتْ فَرْجَهَا وَأَطَاعَتْ بَعْلَهَا فَلْتَدْخُلْ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَتْ»[7].
ومعنى الحديث أن المرأة إذا قامت بما يجب عليها نحو زوجها، وأدَّت الفروض الواجبة عليها نحو ربها، وتركت ما حرَّم الله عليها، فإن ذلك سببٌ لدخول الجنة بمشيئة الله ورحمته، وسبب من أسباب حصول تلك الدرجة العالية؛ حيث تناجديها الأبواب الثمانية.
خامسًا: من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث فصبر واحتسب:
عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ شُفْعَةَ قَالَ: لَقِيَنِي عُتْبَةُ بْنُ عَبْدٍ السُّلَمِيُّ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، إِلَّا تَلَقَّوْهُ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ، مِنْ أَيِّهَا شَاءَ دَخَلَ»[8].
قال العلامة ابن عثيمين: “الإنسان إذا مات له أولاد صغار لم يبلغوا الحنث – يعني لم يبلغوا – فإنهم يكونون له سترًا من النار بفضل رحمته إياهم.
سادسًا: من أنفق زوجين في سبيل الله:
عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ: قُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا حَدِيثًا سَمِعْتَهُ مَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيهِ انْتِقَاصٌ، وَلَا وَهْمٌ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فِي الْإِسْلَامِ، فَقُبِضُوا، وَلَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمُ الْجَنَّةَ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سيبلِ اللَّهِ بَلَغَ بِهِ الْعَدُوَّ أَصَابَ أَمْ أَخْطَأَ، كَانَ لَهُ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ، وَمَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْو مِنْهَا عُضْوًا مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِنَّ لِلْجَنَّةِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ يُدْخِلُهُ مِنْ أَيٍّ شَاءَ مِنْهَا»[9].
قال العلامة ابن عثيمين: “زوجين صنفين مثل أن ينفق دراهم ودنانير أو دراهم، وأمتعة أو خيلًا وإبلًا، وما أشبه ذلك، قال تعالى: ﴿ وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَةً ﴾ [الواقعة: 7]؛ أي أصنافًا ثلاثة، ثم ذكر الرسول أبواب الجنة وفي قوله: (دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير)، يعني أن الملائكة تدعوه من كل باب، فتقول: هذا خير، هذا خير، هذا خير، وهذا يدل على فضل الإنفاق في سبيل الله، وفيه أيضًا أنه من كان من أهل الصلاة دُعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الصدقة دُعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دُعي من باب الريان”[10].
سابعًا: الشهيد الذى جاهد بنفسه وماله حتى قتل:
فعَن عُتبةَ بن عبدٍ السَّلَميِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم: “الْقَتْلَى ثَلَاثَة: مُؤمن جَاهد نَفسه وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَإِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: فَذَلِكَ الشَّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللَّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ لَا يَفْضُلُهُ النَّبِيُّونَ إِلَّا بِدَرَجَةِ النُّبُوَّةِ وَمُؤْمِنٌ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ: مُمَصْمِصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ إِنَّ السَّيْفَ مَحَّاءٌ لِلْخَطَايَا وَأُدْخِلَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شَاءَ وَمُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَإِذَا لَقِيَ الْعَدُوَّ قَاتَلَ حَتَّى يُقْتَلَ فَذَاكَ فِي النَّارِ إِنَّ السيفَ لَا يمحُو النِّفاقَ؛ (صحيح: المشكاة: 3859).
(ممصمصة: أي مطهرة من دنس الخطايا).
[1] صحيح مسلم (2967).
[2] أخرجه: البخاري 8/134 (6514 )، ومسلم 8/211 ( 2960 ) ( 5 ).
[3] صحيح ابن حبان (3/ 312)«الصحيحة» (115)، «الروض» (177).
[4] المعجم الكبير للطبراني جـ 13، 14 (ص: 6) صحيح الترغيب:1340)
[5] أخرجه: البخاري 1/162 ( 628) ( 631 )، ومسلم 2/134 ( 674 ) ( 292 ) .
[6] مدارج السالكين (1/ 526)
[7] الديلمى (4/234، رقم 6702) (صحيح: المشكاة:3254)
[8] -” أخرجه أحمد (4/183، رقم 17676)، وابن ماجه (1/512، رقم 1604) (حسن: صحيح الترغيب: 1993)
[9] -“(صحيح لغيره: صحيح الترغيب:2002).
[10] -(شرح رياض الصالحين:5/271).