واجبنا قبل رمضان
واجبنا قبل رمضان
(23 / 8 / 1433هـ = 13/7/2012م)
الحمد لله الذي أمر بالإعداد، وحث على المسارعة والاستعداد، وحذر من الاستغناء والاستبداد، وألزم باللجوء إليه والطلب منه والاستمداد، والصلاة والسلام على من بشَّر برمضانَ وقصد إلى إبراز محاسنه، ونوَّه بفضله وأرشد إلى مواطنه، وقسم الناس فيه إلى مرحوم ومحروم، وموفَّق قد ظفر فيه بالمغفرة والعتق من النار، ومخذول يبوء بالبعد عن العزيز الغفار، صلى الله عليه وعلى آله المسارعين في الخيرات، وصحابته المتنافسين في تحصيل الأجور ونيل الدرجات، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فأوصيكم عباد الله ونفسي بتقوى الله عز وجل:
أيها الإخوة المؤمنون:
نوَّه الله عز وجل برمضان ولفت النظر إليه وبيَّن مكانته وقدره، وأفاض في بيان أحكامه وآدابه وما ينبغي فيه، وكذلك فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فالله تعالى يقول: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]، والرسول صلى الله عليه وسلم صحَّت عنه أحاديث كثيرة حدَّث بها أصحابه عند قدوم رمضان، من ذلك الحديث الجامع الصحيح المبيِّن للفرص العظيمة، والميادين الرحبة، والمناسبة الكريمة لمن يريد أن يتقرب من الله ويتاجر معه، ويغير من حياته إلى ما يكون أقرب إلى الله عز وجل؛ يقول صلى الله عليه وسلم: ((إذا كان أول ليلة من ليالي رمضان فُتحت أبواب الجنة، فلم يُغلَق منها باب، وغُلِّقت أبواب النار، فلم يُفتَح منها باب، وصُفِّدت الشياطين ومردة الجن، ونادى منادٍ من السماء: يا باغي الخير، أقبل، ويا باغي الشر، أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة))[1].
إنه رمضان شهر القرآن، رمضان شهر الإيمان، رمضان شهر التقوى، رمضان شهر الصيام والقيام، وشهر الجود والإحسان، شهر المراقبة لله الواحد الديان، شهر المغفرة والعتق من النيران، هذا هو رمضان أو هذه بعض مزاياه وبعض فضائله؛ لذا فإنه جدير أن نستعد له، جدير أن نوليه الاهتمام، جدير أن ندخله بهمة المؤمن بفضائله، الطامع في ثمراته وأسراره وهبات الله تعالى.
أيها الإخوة:
حينما شعر الناس على مستوى معيشتهم أن رمضان يختلف عن غيره من الأشهر، وأنهم اعتادوا أن يغيروا فيه من نمط مأكلهم ومشربهم، نجد الاستعدادات الكبيرة والعظيمة؛ التجار يستعدون، وأهل البيوت يستعدون، وأهل المطاعم يستعدون، الكل يستعد ليكون على أفضل حال ويكون أفضل من غيره، يتمتع بما خُصَّ به رمضان من المأكل والمطعم، وهذا نظر قصير، وهمة ليست بالهمة المطلوبة للمؤمن، لكن السعادة الأبدية، والنعيم المقيم، والتجارة الرابحة مع رب العالمين من يستعد لها، إنه يجب علينا أن نفكر من قبل اليوم، لا أقول من اليوم؛ فاليوم متأخر، ولكن يجب علينا من قبل اليوم أن نكون مستعدين، كيف نغنم مكاسب رمضان؟ كيف نحصل على الهبات التي يبذلها الله لعباده في رمضان؟ كيف وكيف؟ لنخرج وقد كُفِّرت الذنوب، وأُعتقنا من النار.
أيها الإخوة المؤمنون:
تحدثنا وتحدث غيرنا عن الاستعداد لاستقبال رمضان في هذه المعاني، ولكن هناك أمورًا أخرى يجب أن ننظر إليها، ووقفاتٍ يجب أن نقِفَها:
من ذلك موضوع الاستعداد لإثبات شهر رمضان: ﴿ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ﴾ [البقرة: 185]، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غُمَّ عليكم، فأكْمِلوا عدة شعبان ثلاثين))[2].
هذا خطاب للأمة كلها، ولكن ينوب عن الأمة حكَّامها، ينوب عن الأمة الجهة الشرعية المتخصصة التي يُناط بها مسألة الأهِلَّة، وإثبات دخول الشهور وخروجه، ومتى يصوم الناس، ومتى يأتي العيد ويثبت ويهل، للأسف الشديد لم يكن الناس على سنة النبي صلى الله عليه وسلم في هذا؛ فقد كان عليه الصلاة والسلام يهتم الاهتمام الكبير؛ حيث كان – كما تروي عائشة وغيرها – يتحرى هلال شعبان من أجل رمضان، لم يجتهد فقط في تحري هلال رمضان، ولكن احتياطًا وللمعرفة الأكيدة بنهاية شعبان؛ كان يتحرى هلال شعبان حتى يبني عليه تحري هلال شهر رمضان، فأين الناس من ذلك؟! أين الدول من ذلك؟ إذا استثنينا دولة أو دولتين أو ثلاث، فإن بقية الدول – للأسف الشديد – كأن الأمر لا يعنيهم، بعضهم يلجأ إلى الحساب الفلكي، وبعضهم يوافق الدولة التي هو مصطلح معها وسياسته موافقة لسياستها فيقلدها، فإن تغيرت السياسة غيَّر الولاء والاتباع، وذهب يبحث عن دولة أخرى ليكون معها، هذا حال الناس وللأسف الشديد، وبلادنا واحدة من تلك الدول المهملة والمضيعة لمسألة التحري لرمضان وللعيد، فيجب عليهم أن يعيِّنوا لَجْنَةً في القضاء الأعلى، أو في وزارة الأوقاف، أو دار الإفتاء، أو أي جهة من الجهات التي يناسب أن تكون مشرفة ومقررة ومحققة لهذا الغرض، ثم يوكل إليها وتنبئ الناس أن يتحروا الهلال في ليلة معينة، ثم علينا ونحن في حضرموت قد اشتهرت مناطق من مناطقنا بتحري هذه الأهلة، ولأنها مناسبة لرؤية الهلال؛ كالشحر والهجرين وأماكن مختلفة، فعليهم أن يتحروا وأن يستمروا في هذا الخلق النبيل والعمل الجليل، ويُدْلُوا بشهاداتهم لدى القاضي إن وُجد القاضي، وإلا لدى العالم الموثوق والمعتمد، أقرب من يكون إليهم من هؤلاء، ثم عليه مسؤولية أن يتابع ذلك، ويبلغه إلى اللجنة العليا لتُقِرَّه وتُعلِم الناس به، إما دخول الهلال، وإما إكمال شعبان ثلاثين، هذه مسألة مهمة جدًّا، ويجب ألَّا تفوت، ويجب ألَّا تضيع حتى لا نعرض الناس للانقسام: فئة تقول: أنا أتابع السعودية، وفئة أخرى تقول: لا أنا أنتظر، وهكذا يحصل الخلاف والشقاق بين الناس.
الوقفة الثانية: في كل عام جديد تنضم ملايين من الشباب إلى البالغين، وقد وجب عليهم الصوم، وهؤلاء كثير، منهم يجهل وأهلهم يجهلون أنه يجب الصوم على كل بالغ، فتجد أنه يبلغ ولا يدري أنه بلغ، أو يدري أنه بلغ ولكنه يُقال له أو يقول لنفسه أو يسول له الشيطان بأنه لم يجب عليك الصيام بعد: “أنت صغير، أنت ضعيف، صحتك لا تتحمل”؛ إلى غير ذلك، فيأكل في رمضان بعد أن وجب عليه الصوم، يجب أن ننتبه إلى هذا الأمر، بل ينبغي ويُستحَب أن نربي أبناءنا وبناتِنا على الصوم منذ أن يطيقوه – ثماني سنين أو عشر سنين – يبدؤون يدرَّبون، ولو لأيام، حتى إذا جاء وقت الجد، ووقت الوجوب، يكونون قد استعدوا وقد تدربوا عليه، فلا يضيقون، ولا يتذمرون، ولا يخونون أنفسهم وأهليهم، فيفطرون في نهار رمضان، يجب أن ننتبه لذلك.
أيها الإخوة:
علامات البلوغ التي من وُجِدت فيه واحدة منها، وجب عليه الصوم كثيرةٌ، لكن أشهرها الاحتلام؛ أن يحتلم الشاب أو الشابة، ويرى أنه يفعل ما يفعل الرجل والمرأة، ويترتب على ذلك إنزال المني، فهذا قد بلغ.
الثاني: أن يصل أحدهما إلى سن الخامسة عشرة، فمن وصل وبلغ إلى سن الخامسة عشرة، فقد وجب عليه الصوم، احتلم أو لم يحتلم، رأى بقية العلامات أو لم يَرَها.
العلامة الثالثة: أن تحيض المرأة أو تحبل؛ لأنها لن تحبل إلا بعد أن تهيأت للحيض، فمن ظهر بها الحبل، أو رأت الحيض، فقد بلغت ولو كان عمرها تسع سنين أو عشر سنين أو نحو ذلك، فإنها بالغة، ويجب عليها الصيام والصلاة وكافة ما يجب على البالغين، هذا أمر مهم يغفُل عنه الكثير، ويتناساه ويتجاهله الكثير من الناس.
الوقفة الثالثة: مكانة رمضان والسر والهبات التي جعلها الله فيه، التغيير الذي يُحدِثه في نفوس المسلمين، تزكية الأرواح والنفوس، وردعهم عن الانحراف، وردهم إلى الاستقامة، هذا أمر معلوم يعلمه المسلم وغير المسلم، ويعلمه من يؤمن برمضان ومن يجحده، ويعلمه من يحب الإسلام ومن يبغض الإسلام ويعاديه؛ ولذلك فإن كلًّا يستعد على حسب ما يهوى، أعداء الإسلام يعلمون من فضل وخصائص وأسرار رمضان ربما أكثر من كثير منا؛ ولذلك يَرَون أن أهل الإسلام إذا استغلوا رمضان الاستغلال الصحيح، صاروا في نهاره وفي ليله على الوجه الذي شرعه الله لهم، وسنَّه لهم رسوله صلى الله عليه وسلم، وقرره العلماء – لَخرجوا بعد رمضان أفضل حال بكثير مما كانوا عليه قبل رمضان، وهذا يغيظ أعداء الإسلام؛ ولهذا فإنهم يعملون بكل جهودهم أن يفسدوا على الناس رمضان، حاولوا أن يصرفوا الناس عن صيام رمضان بالكلية، كما حاول أبو رقيبة في تونس وغيره في بعض الدول أن يقولوا للناس: الأعمال والإنتاج والتنمية أهم من الصوم، فاعملوا، ولو أفطرتم، فما أفلحوا في ذلك قطعًا، اليوم لن يأتوا من هذا الباب؛ لأنهم لا يجربون المجرَّب، ولكنهم سيتركون الناس يصومون، سيتركون جسم الصيام ويعملون على قتل روحه، يعملون على إذهاب وإزالة آثار رمضان؛ صيامه وقيامه وقرآنه وخيره، وكل ما فيه من الخير من أجل أن يدخل الناس رمضان، ويخرجوا من رمضان، دون أن يُحدِث في حياتهم تغيرًا، فيطمئنوا أن هيمنتهم وسيطرتهم وأهدافهم ومآربهم في أمة الإسلام ستبقى كما هي لا تتغير، بينما إذا عاش الناس رمضان على الوجه المطلوب، فإنهم سوف يخرجون عن طاعتهم، ولن يمكِّنوهم من تحقيق مآربهم؛ لذلك نحن لا نستطيع أن نوقفهم عن صنع المخططات والمؤامرات، لكننا نستطيع أن ننصح أنفسنا وأن نعمل بأنفسنا ما ندفع ذلك عنا وعن أهلنا وأمتنا ومجتمعاتنا؛ حتى نعيش رمضان كما يريد الله، لا كما يريد أعداء الله، نعمل على أن نتجنب ما يفعلون، إن أخطر سلاح اليوم يحاربون به الإسلام هو سلاح الإعلام، وإنهم لَيعدون العُدَدَ – سواء في القنوات، أو في المجلات، أو في الإذاعات، أو اليوم في المواقع الإلكترونية بأشكالها المختلفة – لصدِّ أبناء الإسلام عن معيشة رمضان والتعايش معه، فعلينا أن نحذر من ذلك، وعلينا أن نعيش رمضان إذا صمنا، فَلْتَصُمْ أعيننا وأسماعنا وأبصارنا وسائر جوارحنا عن كل ما لا يليق، وإذا أفطرنا، فإن ليالي رمضان ليست لياليَ مجون وليالي مسابقات، وليست ليالي برامج ولا سهرات، أيًّا كان هذا السهر وهذا الكلام، فعلينا أن ننتبه لأنفسنا، وأن نحذر من هذه المخططات، وإن كانوا أحيانًا سيأتون بأمور فيها نفع وفيها فائدة، لكنها لا تزكِّي الأرواح ولا تُذكي العقول، وإنما تقتل الأوقات، وإن استفدنا فوائد لا تؤدي إلى نتيجة، أو تحرمنا من أضعاف مضاعفة من الفوائد والخيرات، فلنحذر ونجعل لياليه ذكرًا، ونجعل لياليه قرآنًا وخيرًا، ولا مانع أن الإنسان بقدر يسير، بدقائق ووقت معقول يستجم ويرتاح، لكن أن نجعل ليلنا كله لَهْوًا ومجونًا كما هو موجود من خطط الإعلاميين – طبعًا الذين لا يريدون الإسلام ويريدون لأهل الإسلام أن ينصرفوا عن رمضان وعن فوائد رمضان – فلننتبه ونحذر من ذلك أيها الإخوة؛ حتى يبقى لنا رمضان، ويؤثر في نفوسنا، ويزكي أرواحنا، ويطهر قلوبنا، ويُذْكي عقولنا؛ فنخرج بعد رمضان أشد قوة لأنفسنا ولأمتنا، لديننا ودنيانا وآخرتنا، نسأل الله أن يحقق ذلك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105]، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم؛ فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد والثناء والصلاة على رسول الله، والوصية بالتقوى:
أيها الإخوة المؤمنون:
شهر رمضان هو شهر التغيير، فيه غيَّر الله حال العالم؛ فهو الذي أُنزِل فيه القرآن، هو الذي أحدث أعظم تغيير في تاريخ البشرية، هذا أمر مستقر معلوم، أمر مسلَّم به عند جميع الأمم، إن القرآن حينما نزل غيَّر الله به حال العالم جميعًا، كيف لا وهو الذي يقول الله عز وجل فيه: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]؟ فهدى الناس إلى التي هي أقوم، وأخرج الله به أناسًا من الظلمات إلى النور، وحتى الذين لم يخرجوا من الظلمات إلى نور الإسلام، فقد خرجوا من كثير من الظلمات إلى نور من أنوار العلم في دنياهم وفي حضارتهم، كل ذلك بفضل القرآن، غيَّر الله به حال الأمم جميعًا، غيَّر الله حال الناس في رمضان، في غزوة بدر يوم الفرقان الذي تغير فيه تاريخ البشرية؛ حيث قُمِعَ الباطل وهُزمت دولته، وظهر نجم الإسلام، وظهرت قوته وسلطانه، غيَّر الله حال الناس بفتح مكة حينما أذهب الله عز وجل عبودية الجاهلية ودولتها، وكُسِرت أصنامها في البيت الحرام على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وزالت دولة الشرك والأوثان والجاهلية في جزيرة العرب إلى يوم القيامة، ثم تبِعها وتواصل هذا التغيير إلى أن أظهر الله دينه على الدين كله ولو كره الكافرون، وسيتم ذلك ويتواصل حتى يكون تحقيق الوعد الكريم الذي وعد الله هذه الأمة به: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 9].
نعم أيها الإخوة:
كبار غزوات الإسلام وفتوحات الإسلام تحقَّقت في رمضان؛ فلذلك يجب أن نعزم على جميع المستويات؛ على مستوى كل فرد منا أن يغير ما بنفسه، أن يغير رمضان حاله، أن يخرج من رمضان على غير الحال التي دخل عليها، وعلى كل أسرة ممثلة بالقائمين عليها من أب وأم أن يعملوا على تغيير حالهم وحال أسرهم، على كل مجتمع صغير في حيٍّ من الأحياء، في قرية من القرى، في مدينة من المدن، وعلى المصلحين والناصحين من أهل تلك القرى والمجتمعات أن يعملوا على إقناع الناس بأن يغيروا من حياتهم، ويغيروا من واقعهم حتى يغير الله ما بنا على المستوى العام جميع الأمة، وعلى رأسها الدول التي تتربع على عروشها وتمسك بأزمتها، عليهم أن يعملوا على أن يغيروا حال الناس وواقع الناس في دينهم ودنياهم، فرمضان شهر التغيير الشامل في كل المجالات إلى ما فيه خير للناس جميعًا، نسأل الله أن يكون هذا الشهر في هذه السنة تغييرًا لحال الأمة إلى ما يُرْضِي الله، إلى الأفضل والأكمل، وهناك مفردات وأجزاء لهذا الخطاب ربما تأتي في خطب لاحقة وأقتصر على هذا لضيق الوقت.
أسأل الله أن يهل علينا رمضان بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام، والتوفيق لِما يحبه ويرضاه، وأن يجعلنا من صُوَّامه وقُوَّامه، ويجعلنا من عتقائه فيه من النار، ويكفر عنا ذنوبنا وسيئاتنا، ويمنحنا من العمل والنوايا والمقاصد ما يبلغنا بها هذه الطموحات، وهذه الأماني، وهذه الدعوات.