وظيفة وواجبات المعلم
وظيفة وواجبات المعلم
وظيفة المعلم:
إن وظيفة المعلم لا تقف عند حشو أدمغة الطلاب بالمعلومات فحسب، بل يتجاوزها إلى تربية شاملة تقوم على تصفية العقائد والسلوك، مما ينافي الدين القويم، فعلى المعلم الناجح أن يجعل كلام طلابه وسلوكهم في الفصل مستمدًا من الهدي النبوي الصحيح، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عمران: 31].
وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على أنه كان مربيًا حكيمًا، ومعلمًا، ومرشدًا، وناصحًا، ورؤوفًا، ومحبوبًا، ومخلصًا.
فعلى المعلم أن يتصف بهذه الأوصاف، ولا سيما الإخلاص، فعليه أن يخلص عمله لله، ولا ينظر إلى المال، فإن أعطي ولو قليلًا شكر، وإن لم يُعط صبرَ، وسيرزقه الله تعالى في الدنيا، ويكتب له الأجر في الآخرة.
من واجبات المعلم:
1 – إلقاء السلام: على المعلم إذا دخل الفصل أن يسلم فيقول: “السلام عليكم ورحمة الله وبركاته”، وليعلم أن هذا السلوك الإسلامي العظيم يقوي أواصر المحبة والثقة بين الطلاب بعضهم مع بعض، وبين المعلم والطلاب، ذلك لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أوَلا أدُلكم على شيء إذا فعلتموه تحابَبتم، أفشوا السلام بينكم). “رواه مسلم”.
ولا يغني عن السلام كلمة: صباح الخير أو مساء الخير، ولا بأس بها بعد السلام مع تغيير لها كأن يقول: صبحك الله بالخير، فتحمل معنى الدعاء، ولا بد هنا من التنبيه على شيء مُهم قد وقع فيه كثير من المعلمين -سامحهم الله- تأثرًا بالعادات والتقاليد، وهو تمثل الطلبة قيامًا لمعلمهم زاعمين أن هذا من الأدب المطلوب، وأنه رمز لتوقير المعلم وتبجيله، وقد أخطأوا، فما يسمى خلاف الشرع أدبًا إلا في قاموس المعرضين عن شرع الله، ذلك أن أنس بن مالك -رضي لله عنه- قال: (ما كان شخصٌ أحبَّ إليهم مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له، لما يعلمون مِن كراهيته لذلك)؛ صحيح رواه الترمذي.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم – يحذر الناس من عادة القيام -: (مَن أحب أن يَتمثَّل له الناس قيامًا، فليتبَوَّأ مقعده مِن النار)؛ صحيح، رواه أحمد. ويجوز لصاحب البيت أن يقوم إلى استقبال ضيوفه، أو يقوم إلى معانقة قادم من سفر، لأن الصحابة – رضوان الله عليهم – فعلوه، وهو من إكرام الضيف، والترحيب بالقادم ولا عبرة بقول الشاعر:
قُم للمعلم وَفِّهِ التبجيلا…
لمخالفته قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كره القيام له، وهدَّد من أحبه بدخول النار، عِلمًا بأن الاحترام لا يكون بالقيام، بل يكون بالطاعة، وامتثال الأمر، وإلقاء السلام والمصافحة، وغيرها من الآداب.
2 – من واجب المعلم أن يعلم طلابه الاستعانة بالله، ويعلمهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنت فاستعن بالله)؛ رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
3 – أن يحذر المعلم طلابه من الشرك: وهو صرف العبادة لغير الله: كدعاء الأنبياء والصالحين وغيرهم، عملًا بوصية لقمان لولده التي قال فيها: ﴿ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13].
4 – على المعلم أن يعلم طلابه الصلاة في المدرسة، ويأخذهم إلى المسجد ليصلوا مع الجماعة، ويشرف عليهم بنفسه ليتعلموا آداب المسجد، فيدخلوه بنظام وهدوء، ويبدأ بتعليم الطلاب الوضوء والصلاة منذ السابعة للبنت والصبي على السواء لقوله صلى الله عليه وسلم: (علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعًا، واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرًا، وفرَّقوا بينهم في المضاجع)؛ صحيح رواه البزار وانظر صحيح الجامع.
5 – وعلى المربي أن يعلم طلابه التوكل على الله كما قال موسى لقومه: ﴿ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 84]. وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لو أنكمِ توكلون على الله تعالى حقِّ توكله لرزقكم كما يرزقَ الطير تغدو خِماصًا، وتروح بطانًا)؛ صحيح رواه أحمد والترمذي.
وأن الأخذ بالأسباب واجب، لقوله صلى الله عليه وسلم لصاحب الناقة: (إعقِلْها وتوكل)؛ حسن رواه الترمذي.
6 – على المدرس كذلك أن يغرس روح التضحية والجهاد في سبيل الله ضد أعداء الإسلام من الكفرة، واليهود، والملحدين، وأن يربط أذهان الطلاب بأمجاد سلفهم، وغزوات نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، ويشحذ هِمَمهم على التأسي بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إيمانهم وأخلاقهم.
7 – ثم إن عليه أن يقنع طلبته أن العرب قوم أعزهم الله بالإسلام، فمهما ابتغوا العزة في غيره أذلهم الله كما قال عمر رضي الله عنه.
فلا نصر على الكفار إلا بالرجوع إلى تحكيم كتاب الله، وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم في حياتنا وأمورنا كلها، مع إعداد القوة من الأسلحة الحديثة، والشباب المسلم المدَرب، الذي يكون قد ترَبى على الرجولة وتشبع بالإيمان، والتزم النهج الصحيح، والعقيدة السليمة.
وعليه فيمكننا القول بأن المعلم في استطاعته إذا أخلص في عمله والتزم المنهج الإسلامي في تربيته وتعليمه أن يبني جيلًا قويًا يمكنه دفع عدوان المعتدين، وأن يحمل راية التوحيد ليدك حصون الكفر والشرك، ويُحرر الإنسانية الحائرة، فيُرشدها إلى ربها ويُعرفها بخالقها، ويخلصها مِن الظلم الذي تعيش فيه، لذلك خاطب الله تعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم المعلم الأول والمربي الكبير – بقوله: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإذْنِ رَبِّهِمْ إلى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ [إبراهيم: 1].
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (إنما أنا رحمة مُهداة)؛ صحيح: انظر صحيح الجامع رقم 2245.
فعلى المربي والمعلم أن يجعل قدوته، وقدوة طلابه رسول رب العالمين إلى الناس أجمعين لأن الله وصفه بقوله عز وجل: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
8 – على المعلم أن يحذر طلابه من المبادئ الهدامة: كالشيوعية الملحدة، والماسونية اليهودية، والاشتراكية الماركسية، والعلمانية الخالية مِن الدين، والقومية التي تُفضل غيرَ المسلم العربي على المسلم الأعجمي لقول الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].
ويحذرهم من الدكتاتورية والديمقراطية التي تحكم بغير شرع الله.
تحذير الطلبة من عقوق الوالدين، ووجوب طاعتهما في غير معصية الله:
لقول الله تعالى: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلا إيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَانًا إمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 23 – 24].