أزهد الناس في الخير، وأبعد ما يكونون عن الحق
أزهد الناس في الخير، وأبعد ما يكونون عن الحقِّ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 46].
تأمل قول الله تعالى عن اليهود: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ ﴾، وتعجب من حال بعض الناس كيف لا يدرك ما فيه نفعه، وكيف يرضى بالاعوجاج بديلًا عن الاستقامة!
وسبب ذلك أمرانِ:
الأول: انتكاس الفطرة حتى يرى الخير شرًّا والشر خيرًا، والباطل حقًّا والحق باطلًا، والمعروف منكرًا والمنكر معروفًا، ومن كان هذا حاله كان أسوء الناس حالًا؛ لأنها تدل على موت القلب، وانطماس عين بصيرته، ولا يرجى لمن هذا حاله صلاح، وليس له حتى النشور نشور، وإن شئت فاسمع إلى ما قاله قوم لوط عن لوط عليه السلام ومن آمن معه: ﴿ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [النَّمْلِ: 56]، فعدُّوا التطهر عيبًا.
وهذا هو حال اليهود تمامًا، يرون البذاءة والوقاحة والسبَّ حسنًا، والأدب والترفع عن القبيح عيبًا.
والثاني: أنهم قومٌ غلبت عليهم شقوتُهم؛ كما حكى الله تعالى عن أهل النار: ﴿ قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ ﴾ [المؤمنون: 106]، وحقَّت عليهم لعنةُ الله تعالى بكفرهم، فهم أزهدُ الناس في الخير، وأبعد ما يكونون عن الحقِّ.