الآثار الاجتماعية لدولة المصدر
الآثار الاجتماعية لدولة المصدر
انتقال العمال من دولة المصدر إلى دولة المستقدم له آثارٌ اجتماعية أخرى، هي موضعُ بحثٍ من علماء الاجتماع وعلماء التربية والنفس وغيرهم، بل إن الأدب قد تدخل – دون معالجة كَمِّيَّة – في معالجة المشكلات الناجمة عن الاغتراب: مع العائلة قليلًا ودون العائلة كثيرًا؛ حيث سبَّب هذا الانتقالُ “اضطرابات وتوترات اجتماعية ونفسية في الدول المصدرة للعمالة والمستوردة لها على حد سواء، مما يؤثر تأثيرًا ملموسًا في مستوى الرفاهية الإنسانية…إن العَلاقات الأسرية للعمال المهاجرين يصيبُها الاضطراب؛ إما بسبب عجز الأسرة عن توفير الموارد اللازمة لأن تسافر مع عائلها، أو عجزها عن الحصول على تصريحٍ لها بالإقامة بالدول المهاجرة إليها، أو بسبب ما تُحدِثه الزيادةُ المفاجئة في الدخل من تغيُّرٍ في المطامح وأنماط السلوك، وكثيرًا ما تجد الزوجاتِ اللاتي يتركهن أزواجُهن بسبب الهجرة، وقد أصبحن يواجِهنَ مسؤولياتٍ جديدة، ويقُمنَ بأدوار جديدة في الأسرة؛ مما يضع عليهن أعباءً لم تكن موجودة قبل الهجرة”[1].
يُضاف إلى هذا وجودُ مشكلات اجتماعية أخرى لا تغيب عن ذهن القارئ، إلا أنها مشكلاتٌ فردية لا ترقى مع وجودها إلى أن تكون ظاهرة، ولكنها تدخل في مفهوم المخالفات التي تسعى إلى الرِّبح السريع على حساب المبادئ والمُثُل التي يؤمن بها المجتمع الإنساني، ومنه المجتمع الخليجي.
هذا إذا كان العامل ذَكَرًا، أما في حال كون العاملِ امرأةً، فإن النظامَ العامَّ في دول المنطقة يؤكد وجودَ مُرافقٍ لها بصفة (مَحْرَم)، وهذا مُطبَّق غالبًا بوضوح في حال المملكة العربية السعودية؛ مما يسهم في استقرار الأسرة، لا سيما مع إمكانية التعاقد من الداخل مع المُرافق، مما يزيد من هذا الاستقرار النسبي، وانتفاء كثير من المحاذير التي عرَّج عليها الدكتور جلال أمين في معالجته للآثار الاجتماعية لانتقال العمال، التي عبَّر عنها بالهجرة[2].
قد لا يكون هذا البعد متحقِّقًا في حال الخدم من النساء، مما يعيدنا إلى ما ذكرتُه أعلاه من وجود مشكلات اجتماعية في دولة المصدر من قبل بعض الأزواج، فيما لا يعود بالمصلحة الظاهرة للزوجة العاملة.
من المهم هنا التوكيدُ أن العاملين في المنطقة من غير المواطنين لا يُعدُّون عمالًا مهاجرين، بل هم عمال مؤقتون مرتبطون بمدى الحاجة إليهم، كما سيأتي نقاشه في وقفة تالية (الوقفة الثلاثون).