إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام


إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام

 

إبراهيم يأتي بإسماعيل إلى مكة.

أم إسماعيل تخاف على ولدها.

أم إسماعيل تبحث عن ماء.

ماء زمزم ينبع.

إبراهيم والمرأة الأولى.

إبراهيم والمرأة الثانية.

الخليل يلتقي بإسماعيل.

بنيان البيت العتيق.

من عبر القصة وفوائدها.

 

هاجر وولدها إسماعيل.

 

لما كان بين ابراهيم وبين أهله ما كان [من أمر الغيرة بين زوجته الحُرة سارة العقيم وبين هاجر أم ولده إسماعيل].، وأمر الله إبراهيم أن يسكن هاجر وابنها أرض الحجاز، جاء إبراهيم صلى الله عليه وسلم بأم إسماعيل [هاجر]. وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت تحت دَوْحَةٍ [شجرة]. فوق زمزم من أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذٍ أحد، وليس بها ماء ووضع عندهما جِرابًا [كيسًا]. فيه تمر وسقاء [قربة]. فيه ماء.

 

“يرجع إبراهيم منطلقًا، فتتبعه أم إسماعيل”.

هاجر: أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟!

“جعلت هاجر تقول ذلك لِإبراهيم مرارًا وهو لا يلتفت إليها!! “.

هاجر: آلله أمرك بهذا؟

إبراهيم: نعم.

هاجر: إذًا لا يضيعنا [الله].!!!

 

“ترجع هاجر وينطلق إبراهيم – عليه الصلاة والسلام -، حتى إذا كان عند الثّنِيّة [مكان بمكة]. حيث لا يرونه يستقبل بوجهه البيت”.

 

إبراهيم [داعيا]: ” ﴿ رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾ [سورة إبراهيم 37].

 

أم إسماعيل تبحث عن الماء:

“جعلت أم إسماعيل تُرضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ولدها، وجعلت تنظر إليه يتَلوَّى، فتنطلق كراهية أن تنظر إلى طفلها وهو يكاد يموت عطشًا. فتجد الصفا أقرب جبل في الأرض يليها، فتقوم عليه، ثم تستقبل الوادي، تنظر هل ترى أحدًا، فلم تر أحدًا، فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها [ثوبها]. ثم تسعى سعي الإنسان المجهود [المُتعَب]. حتى تجاوزت الوادي، ثم تأتي المَروة فتقوم عليها علَّها ترى أحدًا؟ فلا ترى أحدًا؛ وفعلت ذلك سبع مرات”.

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

“فذلك سعيُ الناس بينهما”.

 

ماء زمزم ينبع:

“تُشرف هاجر آخر مرَّة على المروة فتَسْمع صوتًا، فتقول: صَهٍ!! [تريد نفسها]. ثم تسمّعت فسمعت أيضًا”.

 

هاجر [لنفسها].: قد أسمعتَ إن كان عندك غُواث [إغاثةَ فأغِثْ]. فإذا هي بالملَك عند موضع زمزم، يبحث بعقبه [بجناحه]. حتى ظهر الماء؛ فجعلت تُحوِّضُه [تجعله حوضًا].، وتقول بيدها هكذا، وجعلت تغرف من الماء في سقائها وهو يفور بعد ما تغرف، [فتشرب وتُرضْع ولدها]..

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم لكانت زمزم عينًا معينًا”

[تجري على وجه الأرض]..

 

الملَك: لا تخافوا ضَيعةً [هلاكًا].، فإن ههنا بيت الله يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يُضيع أهله.

 

“وكان البيت مرتفعًا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وعن شماله”.

 

نزول جُرْهُم قرب الماء:

“تبقى هاجر وحدها حتى تَمرَّ بها رِفقة مِن جُرْهُم ينزلون أسفل مكة فيرون طائرًا عائقًا [يحوم].، فقالوا: إن هذا الطائر ليدور على ماء، لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء، فأرسلوا جَريًّا [رائدًا]. فإذا هم بالماء؟ فرجعوا فأخبروهم بالماء، فأقبلوا وأم إسماعيل عند الماء.

 

جُرْهُم: أتأذنين لنا أن ننزل عندك؟

هاجر: نعم، ولكن لا حَقَّ لكم بالماء.

جُرْهُم: نعم.

“تنزل جُرْهُم عند هاجر ويرسلون إلى أهليهم فينزلون معهم”.

قال ابن عباس رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم:

“فألفى [وجد]. ذلك الحيُّ أمَّ إسماعيل تحب الأنس).

 

إبراهيم وامرأة إسماعيل الأولى:

“بعد نزول جرهم عند هاجر، شبَّ إسماعيل بينهم، وتعلم العربية منهم وأنفَسَهُمْ [سبقهم]، وأعجبهم حين شبَّ، فلما بلغ أشُده زوَّجوه امرأة منهم، وماتت أم إسماعيل”.

 

“يجيء إبراهيم بعدما تزوج إسماعيل يطالع تركته [يتفقد أسرته]. فلا يجد إسماعيل في البيت بل يجد زوجته”.

 

إبراهيم: أين إسماعيل؟

المرأة: خرج يبتغي لنا [يطلب الرزق].

إبراهيم: كيف عيشكم وحالكم؟

المرأة [في اشمئزاز]: نحن بِشرٍّ!!! نحن في ضيق وشدة، وشكت إليه!!

إبراهيم: إذا جَاء زوجك فاقرئي عليه السلام، وقولي له: يُغيِّر عتبة بابه [1][زوجته]..

“يأتي إسماعيل كأنه آنس شيئًا”.

إسماعيل [مستغربًا].: هل جاءكم أحد؟

 

زوجته [في احتقار].: نعم جاءنا شيخ كذا وكذا، فسألَنا عنك، فأخبرته، وسألني كيف عيشنا فأخبرته أنَّا في جَهد، وشدة!

 

إسماعيل: فهل أوصاك بشيء؟

زوجته: نعم أمرني أن أقرأ عليك السلام،

ويقول: غَيّرْ عتبة بابك!

إسماعيل: ذاك أبي، وقد أمرني أن أُفارقكِ، الحقي بأهلكِ؛ وطلقها.

 

إبراهيم والمرأة الثانية:

“يتزوج إسماعيل من جُرْهُمْ امرأة أُخرى، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله، ثم أتاهم بَعْدُ فلم يجده، فيدخل على امرأته فيسأل عنه”.

 

إبراهيم: أين إسماعيل؟

المرأة: ذهب يبتغي لنا [الطعام من صيد وغيره]..

إبراهيم: كيف عيشكم؟

المرأة: نحن بخير وسعة.

إبراهيم: وما طعامكم وشرابكم؟

المرأة: طعامنا اللحم وشرابنا الماء.

 

إبراهيم: اللهم بارك لهم في اللحم والماء، فإذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام ومُريه [يُثَبِت عتبة بابه]..

 

الرسول صلى الله عليه وسلم: بركة بدعوة إبراهيم صلى الله عليهما وسلم.

“يجيء إسماعيل”.

 

إسماعيل [مستغربًا].: هل أتاكم من أحد؟

 

الزوجة [في فرح].: نعم أتانا شيخ حسن الهيئة، وأثنت عليه، فسألني عنك فأخبرته، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنَّا بخير.

 

إسماعيل: فأوصاكِ بشيء؟

الزوجة: نعم: يقرأ عليك السلام، ويأمرك أن تُثبّتَ عتبة بابك.

إسماعيل: ذاك أبي، وأنت العتبة، أمرني أن أُمسِكَكِ.

 

الخليل يلتقي بإسماعيل:

“يلبث إبراهيم عنهم ما شاء الله، ثم يجيء بعد ذلك وإسماعيل يَبري نبلًا له تحت دوحة [شجرة]. قريبة من زمزم يراه إسماعيل فيقوم إليه ويتعانقان”.

 

بنيان البيت.

إبراهيم: يا إسماعيل إن الله يأمرني بأمر.

إسماعيل: فاصنع ما أمرك الله.

إبراهيم: وتعينني؟

إسماعيل: وأعينك.

 

إبراهيم: فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتًا، وأشار إلى أكمَة [تَلَّة]. مرتفعة على ما حولها.

 

“عند ذلك رفعا القواعد من البيت وجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني، حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر [المقام]. فوضعه له، فقام وهو يبني، وإسماعيل يناوله الحجارة”.

 

إبراهيم واسماعيل: ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].

“انظر القصة في صحيح البخاري 4/ 113”.

 

من فوائد القصة:

1- المؤمن يستسلم لأوامر الله، وُيؤثر طاعتَه ومحبتَه على كل شيء، ولو كان الزوجة الصالحة أو الولد الوحيد:

فإبراهيم يُنفذ أمر الله تعالى حينما أمره أن يحمل زوجته [هاجر]. وولدها الرضيع [إسماعيل]. إلى واد غير ذي زرع، ولا ماء ولا أنيس.

 

2- المرأة الصالحة تستجيب لأمر الله، وطاعة زوجها مع الصبر والإيمان بالله قائله: (إذن لا يضيعنا الله).

 

3- إبراهيم يترك زوجته الوفية، وولده الصغير في الوادي بعد أن زودهم بكيس من التمر، وسقاء فيه ماء، ثم دعا لهم:

﴿ رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ ﴾ [إبراهيم 36].

 

وبذلك يعلمنا إبراهيم عليه السلام أن نجمع بين الدعاء والأخذ بالأسباب.

 

4- أم إسماعيل تبحث عن الماء عندما نفد من عندها، وتأخذ بالأسباب وتسعى بين الصفا والمروة عدة مرات حتى وجدت الماء [زمزم]..

 

5- يجوز للإنسان إذا سمع صوتًا أن يطلب الغوث والعون كما فعلت أم إسماعيل وهذا من مقدور المخلوق أن يفعل ذلك، بخلاف الميت والغائب.

 

6- إن الله اصطفى آل إبراهيم، وجعل من ذريته الأنبياء والمرسلين، فكيف يَرضى إبراهيم لولده إسماعيل بزوجة لا تحيا بروحها، بل تعيش لجسدها، ولا يهمها إلا الطعام والشراب، فتزدري ضيفها أبا زوجها، فتجحد نعمة ربها، وتشكو سوء معيشتها، لذلك أشار ابراهيم على ولده إسماعيل بفراقها، والتخلص منها.

 

7- الزوجة الثانية لإسماعيل صالحة، تحترم ضيفها، وتشكر نعمة ربها، فلذلك يشير إبراهيم على ولده إسماعيل بإمساكها ورعايتها.

 

8- الطاعة والصبر عاقبة محمودة، وذكرى خالدة، فالمكان الموحش الذي نزلت فيه هاجر أم إسماعيل، وهو مجدب يصبح فيما بعد حرمًا آمنًا، وبلدًا مسكونًا، فيه ماء مبارك [زمزم]. تهوي إليه أفئدة الناس، وتأتيه الثمرات، وتقصده الوفود للحج من كل فج عميق، ليستفيدوا في حل مشاكلهم، ويشهدوا المنافع الدنيوية والأخروية.


[1] كناية عن طلاقها، لأن دخول الزوج إلى بيته من طريق عتبته فكنى بها عن تغيير الزوجة، وأن يدخل بزوجة غيرها.





Source link

أترك تعليقا
مشاركة
ندوة نقاشية حول كتاب سمير فرج «شاهد على حرب أكتوبر 1973» – Al Masry Al Youm – المصري اليوم
مناقشة رواية «ابتسامة بوذا» للكاتب شريف صالح فى معرض الكتاب – Al Masry Al Youm – المصري اليوم