التصرف السليم مع المتحرش التائب
التصرف السليم مع المتحرش التائب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فتتساءل بعض الأخوات: ما هو الموقف الصحيح من الْمَحْرَم الذي تحرش بإحدى محارمه، ثم تاب هل تسامحه أم لا؟ وهل تثق به أم لا؟ فأقول مستعينًا بالله سبحانه:
أولًا: لتأخذ بظاهر أمره من التوبة والندم، تسامحه ولا تفتِّش عما في قلبه، ولا تشغل نفسها: هل هو صادق أم كاذب؟ فتلك أعمال قلبية لا يعلمها إلا الله سبحانه.
ثانيًا: ما دام حصل منه ما حصل، فلتستمر في أخذ الحذر منه، فلا تمكِّنْه من الخَلوةِ بها، ولا تتبرج أمامه، وليكن لباسها أمامه ساترًا فضفاضًا غيرَ ضيق.
ثالثًا: ألَّا تُلقي باللائمة عليه، وتُزكِّي نفسها، بينما قد يكون لها دور كبير في تهييج شهوته وتحرشه، بلبس ملابس قصيرة، أو شفافة، أو ضيقة أمامه، أو تكشف الصدر… والله عز وجل عندما نهى عن الزنى ما قال: ولا تزنوا، وإنما قال: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]؛ ليعُمَّ النهيُ الزنا وكل ما قد يقرب إليه من نظر وخلوة وتبرج وغير ذلك، فتفقَّدي نفسكِ، ولا تقولي: هذا أخي مَحْرم، ألبَس عنده ما أشاء، هذا خطأ شنيع، وسبب للفتنة وللبلاء؛ فلتحذر أشدَّ الحذر.
رابعًا: وقد شكا إليَّ شابٌّ ما يجده في نفسه من حرج شديد من ملابس أخواته الضيقة داخل البيت؛ مثل البنطلونات، واللبيب بالإشارة يفهم؛ ولذا فعلى الأمهات ألَّا يشترين لبناتهن تلك الملابس، ولو كان لبسها داخل البيت فقط.
خامسًا: قد يحصل من الشاب وقت المراهقة تهيُّج شديد للشهوة؛ بسبب ما في القنوات ووسائل التواصل والشوارع من العُرْيِ والتبرج، ثم تكمل الفتنة بلبس إحدى محارمه ملابسَ تكشف عن أجزاء من الجسم، أو ضيقة، فيوسوس له الشيطان بعمل شنيع مع إحدى محارمه، ثم يندم ويتوب، فعلى أهله ومن تحرش بها الأمور الآتية:
الأول: قبول ندمه، وحسن الظن به.
ثانيًا: تشجيعه وعدم تعييره بماضيه؛ حتى لا يكونوا عونًا للشيطان عليه بالاستمرار في غيِّه.
ثالثًا: وعليهم فورًا تغيير ملابس بناتهم الفاتنة.
سادسًا: ينبغي تذكيره بفضيلة التوبة؛ ومنها قوله سبحانه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53].
سابعًا: على أهله أن ينظروا إليه بالشفقة، وأنه مُبتلًى، فيستروا عليه، ولا يفضحوه أبدًا.
ثامنًا: وألَّا ينسوا أمرًا مهمًّا جدًّا؛ وهو الدعاء الكثير له بصرف الفتن عنه لأنه مُبتلًى مسكين، بحاجة لمن ينقذه من ورطته، وألَّا يدعوا عليه أبدًا؛ لأن دعاء الوالد لولده وعلى ولده مستجاب؛ كما في الحديثين الآتيين:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعةً يُسأَل فيها عطاء، فيستجيب لكم))؛ [رواه مسلم]، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث دعوات يُستجاب لهن لا شكَّ فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد لولده))؛ [رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة”]، ولفظ الإمام أحمد: ((ودعوة الوالد على ولده)).
تاسعًا: إن كان مستعدًّا للزواج، فعلى أهله المبادرة والمساعدة له بتزويجه؛ ليستعف عن الحرام.
حفظكم الله، ورزق الله نساء المسلمين الستر والعفاف، ووفقكم للتوبة الصادقة، وأعاذ أبناءكم وبناتِكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.