داء المنة على دين الإسلام ودواؤها


داء المنَّة على دين الإسلام ودواؤها

 

أيها المسلم، أيًّا كنت عالمًا أو عاميًّا، لا تحسب أنك إذا فعلت فعلًا لأجل الإسلام من عبادات ومعاملات وأخلاقيات، مهما كان هذا الفعل كبيرًا، فإنك قد مننت على هذا الدين، بل الله تعالى يمنُّ عليك أن وفَّقك الله للعمل لدين الإسلام ونصرته.

 

لقد منَّ قومٌ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الدين وقالوا: لقد أسلم الناس كرهًا ونحن أسلمنا طواعية؛ فأنزل الله في ذلك: ﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الحجرات: 17].

 

وما إن مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان هؤلاء في طليعة المرتدِّين، ثم أسلموا تحت رحمة سيوف جيش الإسلام؛ فلعلها عقوبة المنة التي منُّوها على هذا الدين.

 

أيها المسلم، إن وفَّقك الله لعمل وخدمة هذا الدين، فاعلم أنك أنت المحظوظ وليس الدين محظوظًا بك.

 

ويجب عليك أن تحمد الله على هذه النعمة، وأن تستغفره على التقصير في عملك.

 

فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما بَلَّغ الرسالة وبعدما شهد له الناس في يوم عرفة بالبلاغ المبين، وأنزل عليه ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3] يأمره الله بعدها بالتسبيح والاستغفار في خاتمة رسالته؛ حيث أنزل عليه آخر سورة؛ وهي سورة النصر، أنزلها قبل وفاته بثمانين يومًا، وفي ختامها يأمره ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر: 3].

 

فجمع الله له بين التسبيح والحمد للنعمة التي أنعمها عليه؛ حيث وَفَّقه للبلاغ الكامل المكمل من جميع النواحي، وأمره بالاستغفار بعد كمال مهمته وعدم نقصانها؛ ليكون قدوةً للعاملين لهذا الدين والذين يعتري عملهم نقصان وهفوات وتقصير كثير، فهم من باب أَوْلى يجب أن يستغفروا الله، وأن يخشوا ربَّهم على التقصير في الفرض والواجب عليهم في البذل لهذا الدين كل ما يستطيعون بذله من وقتٍ وأنْفُسٍ ومالٍ وجاهٍ.

 

وتذكَّر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ الله وَحْيَه إليه بأمر، وهو الأمر بالقراءة التي هي أول طريق معرفته بالدين الذي سيبلغه ثم ختمها له بأمر ﴿ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ﴾ [النصر: 3]، وختمها له بأمر له ولأمته بآية ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ﴾ [البقرة: 281].

 

فتأمَّل حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رسالته كانت ما بين “اقرأ” أساسًا وبين “استغفر واتقوا” ختامًا.

 

فهذا دين الأوامر ودخولك فيه للتنفيذ لا للاعتراض أو التأجيل أو التكاسل، ولا تحمل في صحيفتك ذرة من مِنَّةٍ على دين الله تلقى بها الله عز وجل يوم القيامة؛ فاستحضر دائمًا أن دينك دين الأوامر الدائمة في حياتك هذه ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ ﴾ [هود: 112]، ومن يستغنِ فالله أغنى، ومن ترك فقد خسر نفسه، ومن عاند وكابر فقد قصم ظهره، ولا قائمة له بعدها إلا أن يكون من الخاضعين الباذلين وجوههم في طلب مرضاة الله والبُعْد عن سخطه.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
المراهق اليتيم
قراءة في الكتاب المختلق (الفرقان الحق) (PDF)