المراهق اليتيم


المراهق اليتيم

 

اليتيمُ مَن فَقَدَ والده أو والديه قبل سن البلوغ، وقد حفِظ الله حقَّ اليتيم وأوصى عباده عليه؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ ﴾ [النساء: 36]، وحذَّر سبحانه من أكل ماله ظلمًا؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 10].

 

إن المراهقَ اليتيم كغيره من المراهقين يتعرض لكثير من المصاعب التي تَحُول دون استمرار نموِّه ونضجه النفسي والاجتماعي والعاطفي؛ بسبب سوء التوافق الأسري، وما يسوده من خلافات ونزاعات بين أفراد الأسرة، سواء من الأم، أو الإخوة، أو الأقارب، أو حتى من المجتمع، ونوع المعاملة التي يتلقَّاها منهم، إلا أن المراهق اليتيم يزيد عليهم صعوبة بسبب ما فَقَدَهُ من العائل والمربِّي والمسؤول عن تحصيل رزقه، وإطعامه، وكسوته، وتحمُّل أعباء تربيته، وفَقْدُ الأب أو الوالدين خَلَلٌ لا يُجبَر، ولكن بوجود كافل اليتيم الناصح الصالح، الذي يقوم مقام الأب، يكون التخفيف عن اليتيم؛ قال صلى الله عليه وسلم عن كافل اليتيم: ((أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بأُصبُعَيْهِ؛ يعني: السَّبَّابةَ والوسطى))؛ [صحيح الترمذي].

 

تقول أم أحمد: مات زوجي قبل سنتين، ومشكلتي مع ابني البالغ 12 سنة، هو في أشد الحاجة لوالده المتوفَّى، خاصة بعد ظهور علامات البلوغ عليه، فإلى الآن لم أتحدث معه بشأن البلوغ وما يتعلق به من أحكام وآداب شرعية وتربوية؛ لقلة خبرتي فيها، صار يُهمل دراسته، ويتهرب من حضور حلقة التحفيظ بالمسجد، وبدأت أرى عليه سلوكيات سلبية بسبب أصدقائه، تعبِتُ معه، أرشدوني كيف أتعامل معه؟

 

أيها المربي الكريم، إن أهمَّ ما يؤثر في المراهق اليتيم في توافقه الاجتماعي والنفسي سوءُ المعاملة من طرف الأم أو الإخوة أو المسؤول عنه، التي تتعارض مع حاجاته ورغباته كمراهق؛ مما يُشعره أن أمنَهُ الداخليَّ مُهدَّد ليجعله يدخل في دوامة القلق والتوتر والاضطراب، وعدم التركيز في دراسته، وإلى الفشل في إقامة علاقات جيدة مع زملائه، وشعوره بالنقص وفقدان الثقة في نفسه وفي الآخرين.

 

إن المراهق اليتيم في حاجة إلى معاملة إيجابية تساعده على التكيُّف والتوافق مع المواقف والمشاكل التي تواجهه في حياته اليومية؛ ولذا أنصح كل مربٍّ لليتيم بالآتي:

أن تكون معاملة الأم أو المربي متوازنة، بعيدة عن السيطرة، أو الإهمال، أو القهر وكسر الخاطر، أو الدَّلال الزائد.

 

الرِّفق به ورعايته بالمودة والعاطفة الصادقة، التي تعوِّضه ما فَقَدَهُ من مشاعر الحب والحنان، وتخفيف مُصابِهِ من الفَقْدِ.

 

الحفاظ على أمواله واستثمارها وزيادتها، والإنفاق عليه منها بالحسنى، أما إذا كان فقيرًا، فيُنفق عليه من أقاربه الأغنياء والمقتدرين.

 

الحرص على التربية الإيمانية، وبناء العقيدة الصحيحة، من خلال القدوة الصالحة، وقصص السيرة النبوية والسلف الصالح، وحضور مجالس العلماء.

 

تعزيز ثقته بنفسه، بالاعتماد عليه، وبتدريبه، وتحفيزه، وبمشاركته بالأعمال التطوعية.

 

مساعدته على تطوير مهاراته وقدراته ومواهبه، ومساعدته في اتخاذ قراراته وما يتعلق بمستقبله.

 

إدخال البهجة والفرحة إلى قلبه، ومشاركته في بعض البرامج الترفيهية، حتى يتقبل الآخرين ويتقبلوه، ويبعد عنه شعوره بالنقص، ويبعد عن قلبه الكره والحقد والحسد.

 

تشجيعه على الإنجاز، ومساعدته على النجاح والتفوق، حتى يكون قادرًا في المستقبل على الاعتماد على نفسه.

 

الصبر على أخطائه ومشاكله، ومراعاة نفسيته، وما يمر به من مواقفَ، وتوجيهه بالحسنى وبالحكمة، وعدم إحراجه أو توبيخه أمام الآخرين؛ قال تعالى: ﴿ فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ﴾ [الضحى: 9]؛ أي: لا تذلَّه وتنهره وتُهِنْهُ، ولكن أَحسِن إليه وتلطَّفْ به.

 

تجنَّبِ الأحاديث والقصص التي تسبِّب أذًى نفسيًّا وعاطفيًّا لليتيم، سواء ما يتعلق بأسرته، أو وضعه المادي أو الاجتماعي.

 

إعطاؤه الحريةَ للتعبير عن مشاعره ومشاكله، وما يتألم منه، وما يحبه ويكرهه بحرية؛ لأنها تساعد على نموه بطريقة سليمة.

 

تذكَّر الأجرَ المترتب على كفالة اليتيم، والعناية به، وتربيته وإصلاح شؤونه؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ))؛ [رواه البخاري].

 

أسأل الله العظيم أن يُصلح أولادنا، وأن يجعلهم هداة مهتدين على سيرة حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.





Source link

أترك تعليقا

مشاركة
– اخبارك نت
داء المنة على دين الإسلام ودواؤها