المفهوم الخاص لكلمة “الجماعة” المنسوبة تعريفا بالإضافة “لأهل السنة


المفهوم الخاص لكلمة “الجماعة” المنسوبة تعريفًا بالإضافة “لأهل السنة”

 

مفهوم كلمة: “الجماعة” في لفظ: “أهل السنة والجماعة” تعني: جماعة المسلمين؛ حيث أمر الله تعالى المسلمين بالتمسّك بكتابه وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران: 103].

 

ونهى عن الفُرقة والتنازع لما يترتب على ذلك من الخذلان وذهاب القوة؛ قال تعالى: ﴿ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة الأنفال: 46].

 

وتطلق الجماعة على الاجتماع على الحقِّ وعدم التفرُّق:

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ” مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، فَمِيتَتُهُ جَاهِلِيَّةٌ[1].

 

ومثله قوله -صلى الله عليه وسلم-: “مَن أرادَ بَحبوحةَ الجنَّةِ فلَيلزمُ الجماعةَ”[2].

 

قال عبد الله بن مسعود (ت: 32هـ) -رضي الله عنه -: “الجماعة ما وافق الحقولو كنت وحدك”[3].

 

وقال – رضي الله عنه -: “يا أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنهما حبل الله الذي أمر به، وإنما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في الفرقة” [4].

 

وتطلق الجماعة على: مجموع المسلمين وسوادهم الأعظم، الذين هم على السنة إذا اجتمعوا على إمامٍ، أو أَمْرٍ من أمور الدِّين، أو أمر من المصالح الدُّنيوية المباحة.

 

كما ورد في حديثِ حذيفة (ت: 36هـ) – رضي الله عنه- المشهور، وفيه: ” (تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ)”[5].

 

“والصواب أنّ المراد من الخبر بلزوم الجماعة الذين في طاعة من اجتمعوا على تأميره، فمن نكث عن بيعته خرج عن الجماعة”[6].

 

وفي حديث ابن عباس (ت: 68هـ) – رضي الله عنهما -: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَن رَأَى من أمِيرِهِ شيئًا يَكْرَهُهُ فلْيَصْبِرْ عليه، فإِنَّهُ ليس أحدٌ يُفارِقُ الجَماعةَ شِبْرًا فيَموتُ، إِلَّا ماتَ مِيتةً جَاهِلِيَّةً”[7].

 

قال الحافظ ابن حجر(ت: 825هـ) – رحمه الله-:(وقوله (شبرًا) بكسر المعجمة وسكون الموحدة وهي كناية عن معصيته السلطان ومحاربته، قال ابن أبي جمرة (ت: 599هـ) – رحمه الله-:”المراد بالمفارقة السعي في حل عقد البيعة التي حصلت لذلك الأمير ولو بأدنى شيء، فكنَّى عنها بمقدار الشبر؛ لأن الأخذ في ذلك يؤول إلى سفك الدماء بغير حق”[8].

 

إلى أن قال – رحمه الله -: “والمراد بالميتة الجاهلية – وهي بكسر الميم – حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال وليس له إمام مطاع؛ لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرًا بل يموت عاصيًا”[9].

 

وقال أيضًا – رحمه الله-: “في الحديث حجة في ترك الخروج على السلطان ولو جارَ، وقد أجمع الفقهاء على وجوب طاعة السلطان المتغلب والجهاد معه، وأن طاعته خير من الخروج عليه؛ لما في ذلك من حقن الدماء وتسكين الدهماء، وحجتهم هذا الخبر وغيره مما يساعده، ولم يستثنوا من ذلك إلا إذا وقع من السلطان الكفر الصريح، فلا تجوز طاعته في ذلك، بل تجب مجاهدته لمن قدر عليها”[10].

 


[1] رواه مسلم: (1848)، و أحمد: (10333).
[2]صحيح الجامع: (2546).
[3] إعلام الموقعين، لابن القيم: (3/ 397). إعلام الموقعين عن رب العالمين المؤلف: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ) تحقيق: محمد عبد السلام إبراهيم الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1411هـ – 1991م – عدد الأجزاء:4.
[4] المعجم الكبير للطبراني: (8972)؛ المعجم الكبير المؤلف: سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي، أبو القاسم الطبراني (المتوفى: 360هـ) المحقق: حمدي بن عبد المجيد السلفي دار النشر: مكتبة ابن تيمية – القاهرة الطبعة: الثانية عدد الأجزاء:25.
[5] متفق عليه، واللفظ لمسلم: (3444).
[6] فتح الباري: (47/ 13).
[7] رواه البخاري: (7143) واللفظ له، ومسلم: (1849).
[8] فتح الباري: (6/ 17-13).
[9] فتح الباري: (13/ 316).
[10] مجموع الفتاوى (1/ 51).



Source link

أترك تعليقا

مشاركة
مشروعية التوسط في مدة خطبة الجمعة بلا تقصير مخل ولا تطويل ممل
{إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور}