من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الله، الواحد، الأحد)
من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الله، الواحد، الأحد)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين؛ أما بعد:
فمن أسماء الله الحسني: (الله، الواحد، الأحد)، وللسلف رحمهم الله أقوالٌ في معاني هذه الأسماء، وبعض الفوائد المتعلقة بها، جمعت بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.
الله جل وعلا:
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: “الله، هو الذي يَأْلَهُهُ كلُّ شيء، ويعبده كلُّ خلق، وقال: اسم الأعظم هو الله، وقال في قوله تعالى: ﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ﴾ [مريم: 65]: معناه: هل تعلم أحدًا يُقال له: الله غيره؟”.
قال الإمام محمد بن يحيى بن منده رحمه الله: “منع الله عز وجل خَلْقَهُ أن يتسمَّى به أحد من خلقه، أو يُدعى باسمه إلهٌ من دونه”.
قال الإمام البغوي رحمه الله: “قوله تعالى: ﴿ اللَّه ﴾ قال الخليل وجماعة: هو اسم عَلَمٍ خاصٌّ لله عز وجل، لا اشتقاق له كأسماء الأعلام للعباد، مثل: زيد، وعمرو، وقال جماعة: هو مشتق، ثم اختلفوا في اشتقاقه”.
قال قوام السُّنَّة الأصبهاني رحمه الله: “من أسماء الله التي وردت في كتاب الله، وفي سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اسمه تعالى: الله؛ قال الله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]، وبين أهل اللغة اختلافٌ: هل هو اسم موضوع أو مشتق؟ فرُويَ عن الخليل أنه اسم علم ليس بمشتق، فلا يجوز حذف الألف واللام منه”.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “الإله، هو المألوه؛ أي: المستحق لأن يُؤلَه أي: يُعبَد، ولا يستحق أن يُؤلَه ويُعبَد إلا الله”.
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: “اسم (الله) دالٌّ على جميع الأسماء الحسنى والصفات العلا… واسم الله دال على كونه مألوهًا معبودًا، تَأْلَهه الخلائق محبة وتعظيمًا وخضوعًا، ومفزعًا إليه في الحوائج والنوائب”.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “(الله) عَلَمٌ على الرب تبارك وتعالى، يُقال: إنه الاسم الأعظم؛ لأنه يُوصَف بجميع الصفات؛ كما قال تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحشر: 22 – 24]، فأجرى الأسماء الباقية كلها صفات له؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، وقال العلامة سليمان بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بنحوه”.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “قال ابن عقيل: كل ما انفرد الله به كـــ(الله، ورحمن، وخالق)، فلا يجوز التسمِّي به”.
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: “(الله) عَلَمٌ على ربنا تبارك وتعالى، ومعناه: الإله، أي: المعبود… إذا عرفت أن معنى (الله) هو الإله، وعرفت أن الإله هو المعبود، ثم دعوت الله، أو ذبحت له، أو نذرت له، فقد عرفت أنه الله، فإن دعوت مخلوقًا طيبًا أو خبيثًا، أو ذبحت له، أو نذرت له، فقد زعمت أنه هو الله”.
قال العلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: “(الله) عَلَمٌ على الرب تبارك وتعالى، ويُقال: إنه الاسم الأعظم؛ لأنه يُوصَف بجميع الصفات”.
قال العلامة عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله: “اسمه (الله) دالٌّ على أنه سبحانه المستحق لأن يُعبَد وحده لا شريك له، بما دلَّ عليه من المعنى الموضوع له، وهو عَلَمِيَّته على ذي الألوهية والعبودية على خَلْقِهِ أجمعين، كما فسره به حبر الأمة ابن عباس، وكلام غيره يدل على ذلك أيضًا”.
قال العلامة السعدي رحمه الله: “هذا الاسم الجليل الجميل هو أعظم الأسماء الحسنى، بل قيل: إنه الاسم الأعظم… الله ذو الألوهية، والألوهية التي هي وصفه هي الوصف العظيم الذي استحق أن يكون به إلهًا، بل استحق ألَّا يشاركه في هذا الوصف العظيم مشارِكٌ بوجه من الوجوه”.
الشيخ حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله: “عَلَمٌ على ذاته تبارك وتعالى، وكل الأسماء الحسنى تُضاف إليه… ومعناه ذو الألوهية التي لا تنبغي إلا له… ولهذا الاسم خصائصُ لا يُحصيها إلا الله عز وجل، وقيل: إنه هو الاسم الأعظم”.
قال العلامة العثيمين رحمه الله: “(الله) عَلَم على ذات الله سبحانه وتعالى، خاص به لا يُسمَّى به غيره، ومعناه: المألوه؛ أي: المعبود محبةً وتعظيمًا”.
قال الشيخ عبدالعزيز السلمان رحمه الله: “المألوه المعبود المستحق لإفراده بالعبادة”.
قال العلامة عبدالله الجبرين رحمه الله: “عَلَمٌ على الرب تبارك وتعالى؛ أي اسم للرب، ولا يُسمَّى به غيره، ويُقال: إنه الاسم الأعظم؛ لأنه يُوصَف بجميع الصفات، ومعناه: ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، وهو مشتق من ألَهَ يَأْلَهُ أُلوهةً بمعنى عبد يعبُد عبادة، فالله إله بمعنى مألوه؛ أي: معبود، وقال بعضهم: إنه تعالى قد حفظ هذا الاسم عن أن يُطلَق على مخلوق من خَلْقِ الله، فلا يُحفَظ ولا يُذكَر من تسمَّى به، أو من سمَّى به مخلوقًا خلقه الله، بل لما سمَّى الله به نفسه، منع غيره أن يتسمَّوا به”.
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: “(الله) عَلَمٌ على الذات المقدسة، ومعناه: ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، مشتق من ألَه يَأْلَه أُلوهة بمعنى: عبد يعبد عبادة، فالله بمعنى مألوه؛ أي: معبود”.
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: “عَلَمٌ على المعبود بحقٍّ، فلا يُسمَّى به إلا من يستحق العبادة وحده دونما سواه، الموصوف بأوصاف الكمال سبحانه وتعالى، أما غيره مما عُبِدَ من الآلهة التي عُبِدت بالباطل والبغي، والظلم والعدوان؛ فإنها يُطلِق عليها البشر (إلهًا) يعني معبودًا، أما الاسم (الله) فهو عَلَمٌ على المعبود بحقٍّ”.
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: “(الله): عَلَمٌ على رب العزة والجلال”.
الواحد الأحد:
قال الإمام ابن منده رحمه الله: “ومن أسماء الله عز وجل: الأحد… قال أهل التأويل: معناه: الواحد الأحد، الموحَّد الذي يُعبَد بالتوحيد، ويُشهَد له بالوحدانية”.
قال قوام السنة الأصبهاني رحمه الله: “الواحد: الذي لم يزل وحده، لم يكن معه آخر، وقيل: هو المنقطع القرين، المعدوم النظير، وأما الأحد، فقال أهل العربية: أصله واحد”.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “لفظ الأحد لم يُوصَف به شيء من الأعيان إلا الله وحده، وإنما يُستعمَل في غير الله في النفي، قال أهل اللغة: تقول: لا أحد في الدار، ولا تَقُل: فيها أحد”.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: “هو الواحد الأحد، الذي لا نظير له، ولا وزير، ولا ندَّ، ولا شبيه، ولا عديل، ولا يُطلَق هذا اللفظ على أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل؛ لأنه الكامل في جميع صفاته وأفعاله.
وقد ذكر هذا المعنى الشيخ عبدالعزيز بن محمد السلمان رحمه الله”.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “﴿ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] اسم من أسماء الله يُسمَّى الله به، ولا يسمى غيره من الأعيان به… والأحد: هو الواحد في إلاهيته وربوبيته.
والأحد هو الواحد؛ قال ابن الجوزي: قاله ابن عباس وأبو عبيدة، وفرَّق قوم بينهما، قال الخطابي: الفرق بين الأحد والواحد: الواحد: هو المتفرد بذاته فلا يضاهيه أحد، والأحد: المتفرد بصفاته ونعوته، فلا يشاركه فيها أحد”.
قال الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: “الأحد الذي لا نظير له”.
قال العلامة السعدي رحمه الله: “﴿ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]؛ أي: الله متفرد بالعظمة والكمال، ومتوحِّد بالجلال والجمال، والمجد والكبرياء”.
قال الشيخ حافظ بن أحمد حكمي رحمه الله: “الذي لا ضد له، ولا ند له، ولا شريك له في إلهيته وربوبيته، ولا متصرف معه في ذرة من ملكوته، ولا شبيه ولا نظير له في شيء من أسمائه وصفاته”.
قال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله: “قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1] دلَّت على نفي الشريك من كل وجه في الذات، وفي الصفات، وفي الأفعال، كما دلَّت على تفرده سبحانه بالعظمة والكمال، والمجد والجلال والكبرياء، ولهذا لا يُطلَق لفظ أحد في الإثبات إلا على الله عز وجل، وهو أبلغ من واحد”.
قال الشيخ فالح بن مهدي آل مهدي رحمه الله: “اسمه الأحد دلَّ أنه مستحق لجميع صفات الكمال وحده”.
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: “سبحانه وتعالى أحدٌ؛ أي: متوحِّد فيما يختص به، في ذاته وأسمائه وأفعاله، ﴿ أَحَدٌ ﴾ لا ثاني، ولا نظير، ولا ند له”.
قال العلامة صالح الفوزان: “أي: واحد لا نظير له ولا وزير، ولا مثيل، ولا شريك”.
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر البراك: “واحد: اسم من أسمائه تعالى جاء في القرآن مقرونًا باسمه القهار: ﴿ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الرعد: 16]، والوحدة تنافي الشريك… فهو منفرد عن الشركاء… فهو واحد في ربوبيته، في أفعاله، فلا خالق ولا رزاق ولا مدبر لهذا الوجود سواه، وهو واحد في إلهيته، فلا إله غيره، ولا شريك له، ولا معبود بحقٍّ سواه، وهو واحد في أسمائه وصفاته، فلا شبيه له في شيء من صفاته وأفعاله”.
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: “لفظ (واحد) من أسماء الله الحسنى؛ كما قال سبحانه وتعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾ [الزمر: 4]، وأيضًا من أسمائه سبحانه وتعالى الأحد؛ كما قال الله سبحانه وتعالى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، وواحد يعني أنه لا شريك له… والصحيح أنه لا فرق بين واحد وأحد، والمتكلمون يفرقون ما بين الواحد والأحد، فيرجعون الواحدية للصفات، والأحدية للأفعال، لكن الصحيح أن اسم الله عز وجل الواحد يرجع إلى أحديته سبحانه وتعالى في الذات، وفي الصفات، وفي الأفعال، وفي الربوبية، والإلهية، والأسماء والصفات.
وقوله: ﴿ أَحَدٌ ﴾ بمعنى: الواحد الذي لم يشركه أحد في وحدانيته، وأحدية الله سبحانه وتعالى يعني: وحدانيته في ربوبيته، وفي إلهيته، وفي أسمائه وصفاته، فهو واحد في ربوبيته لا شريك له، ولا وزير له، ولا معاون له… وهو واحد عز وجل في إلهيته لا شريك له فيها، يعني: في استحقاق العبادة، وهو واحد عز وجل في أسمائه وصفاته، لا مثيل له ولا نظير، ولا كفء ولا سَمِيَّ له في أسمائه وصفاته”.
قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: “﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]؛ يعني: أنه واحد سبحانه”.